عناصر الخطبة
1/الحكم الشرعي في المزاح 2/النهي عن الإكثار في المزاح 3/ ذم الكذب في المزاح 4/الحث على الاقتصاد في المزاح.اهداف الخطبة
اقتباس
فَإِجْرَاءُ الْمُضْحِكَاتِ عَلَى سَبِيلِ السَّخَفِ؛ نِهَايَةُ الْقَبَاحَةِ، وَالْكَذِبُ بِالِإجْمَاعِ حَرَامٌ، وَمِنْ خَوَارِمِ الْمُرُوءَةِ، وَمَهَانَةِ النَّفْسِ، وَقِلَّةِ الْحَيَاءِ وَالدِّينِ. فَتَجِدُ مَنْ يَلْتَفُّ حَوْلَهُمُ النَّاسُ لِيُضْحِكَهُمْ؛ قَدْ تَوَفَّرَتْ فِيهِمْ غَالِبُ الصِّفَاتِ السَّابِقَةِ. فَلَا تَجِدُ مَنْ فِيهِ سِمَةُ الْعِلْمِ، أَوِ الْفَضْلِ، أَوِ الْوَقَارِ؛ يَتَّصِفُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْمَذْمُومَةِ. بَلْ وَغَالِبَيَّتُهُمْ لَا يَحْضُرُونَ تِلْكَ الْمَجَالِسَ الْمَمْقُوتَةَ. وَأَصْحَابُ هَذَا الْكَذِبِ بِالْمِزَاحِ؛ يَتَنَاقَلُ النَّاسُ مَقَاطِعَهُمْ، وَتَنْتَشِرُ بَيْنَ الأَنَامِ أَكَاذِيبُهُمْ،..
الْخطبةُ الأُولَى:
إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.
أمَّا بَعْدُ.. فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ
عِبَادَ اللهِ: اِعْلَمُوا بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْمِزَاحِ الْمُلَاطَفَةُ وَالْمُؤَانَسَةُ، وَإِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الأَنْفُسِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمِزَاحَ كَالْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ؛ فَلَا يَكُونُ كَثِيرًا لَا يُنْتَفَعُ مِنْهُ. وَالْمِزَاحُ فِي الأَصْلِ يُورِثُ قَسْوَةَ القَلْبِ، وَيَشْغَلُ عَنْ ذِكْرِ اللهِ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِاِعْتِدَالٍ؛ وَأَلَّا يُصَاحِبُهُ كَذِبٌ، وَلَا اِبْتِذَالٌ. قَالَ الصَّحَابَةُ لِلرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا، قَالَ: إِنَّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا" (أَخْرَجَهُ التَّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).
فَكَانَ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُمَازِحُ أَصْحَابَهُ، فَلَا يَقُولُ إِلَّا حَقًّا، وَعَدْلًا، وَصِدْقًا. وَمِنْ مِزَاحِهِ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَنَّ رَجُلًا اسْتَحْمَلَهُ فَقَالَ: «إِنِّي حَامِلُكَ عَلَى وَلَدِ النَّاقَةِ» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَصْنَعُ بِوَلَدِ النَّاقَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَهَلْ تَلِدُ الإِبِلَ إِلَّا النُّوقُ؟» (رَوَاهُ أَبُو دَاودَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).
فَهُنَا يُدَاعِبُهُ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَيْثُ فَهِمَ الرَّجُلُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَيُعْطِيهِ وَلَدَ نَاقَةٍ، وَهُوَ صَغِيرٌ لَا يُرْكَبُ، وَإِنَّمَا مَقْصِدُهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ كُلَّ الإِبِلِ صِغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا هِيَ فِي الأَصْلِ أَوْلَادٌ للنَّاقَةِ؛ فَدَاعَبَهُ ُمُدَاعَبَةً لَطِيفَةً. فَهَكَذَا مِزَاحُهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْسَ بِهِ كَذِبٌ، وَيَأْتِي عَفْوِيًّا وَلِيدَ السَّاعَةِ، لَا تَخْطِيطَ مُسَبَّقًا لَهُ. بِعَكْسِ الْمِزَاحِ الْمَذْمُومِ، الَّذِي فِيهِ إِفْرَاطٌ، قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وَلَا تُكْثِرِ الضَّحِكَ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ القَلْبَ" (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ).
وَلِذَا نَهَى رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الضَّحِكِ؛ حَتَّى مِمَّا يَضْحَكُ مِنْهُ بَعْضُ النَّاسِ، مِنْ غَيْرِ مُبَرِّرٍ، فَوَعَظَ أَصْحَابَهُ فِي ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ، وَقَالَ: «لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ»؟ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
وَيَنْبَغِي أَنْ نَحْذَرَ الْكَذِبَ فِي الْمِزَاحِ؛ فَإِنَّ هُنَاكَ مَجَالِسَ يَنْبَغِي الْحَذَرُ مِنْهَا، وَالَّتِي يَحْدُثُ فِيهَا كَذِبٌ فِي الْمِزَاحِ، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ اِسْتِضَافَةِ بَعْضِ الْقَنَوَاتِ، أَوْ بَعْضِ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ لأُنَاسٍ عُرِفُوا بِالْكَذِبِ بِالْمِزَاحِ، مِنْ أَجْلِ إِضْحَاكِهِمْ، فَجَمَعُوا بَيْنَ كَذِبٍ، وَمَوْتِ قَلْبٍ، وَزَادَ عَلَيْهِ إِذَا دَفَعُوا لَهُمْ أَمْوَالًا مُقَابِلَهَا؛ فَعِنْدَئِذٍ يَسْأَلُهُمُ اللهُ: أَيْنَ أَنْفَقْتُمْ أَمْوَالَكُمْ؟
لِي حِيلَةٌ فِيمَنْ يَنِمُّ *** وَلَيْسَ في الْكَذَّابِ حِيلَةْ
مَنْ كَانَ يَخْلُقُ مَا يَقُولُ *** فِحِيلَتِي فِيهِ قَلِيلَةْ
وَقَدْ حَذَّرَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ هَذَا الْكَذِبِ؛ فَقَالَ: «وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ؛ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ، وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ» (رَوَاهُ أَبُو دَاودَ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ).
فَهَذَا الْوَعِيدُ إِيذَانٌ بِهَلَاكِهِ؛ لأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْكَذِبِ الَّذِي هُوَ رَأْسُ كُلِّ مَذْمُومٍ، وَدَافِعِ الْكَذِبِ؛ أَلَا وَهُوَ الضَّحِكُ الَّذِي يُمِيتُ الْقُلُوبَ، وَيَتَحَمَّلُ الْجَمِيعُ الْوِزْرَ وَالإِثْمَ: الْمُضْحِكُ وَالضَّاحِكُ؛ لِتَعَاوُنِهِمْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ؛ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ، لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ، وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّة؛ِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ» (رَوَاهُ أَبُو دَاودَ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ).
فَهَذَا حَثٌّ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى تَرْكِ الْكَذِبِ، وَلَوْ كَانَ مِزَاحًا، وَتَكَفَّلَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمَنْ يَتْرُكُهُ بِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ.
فَإِجْرَاءُ الْمُضْحِكَاتِ عَلَى سَبِيلِ السَّخَفِ؛ نِهَايَةُ الْقَبَاحَةِ، وَالْكَذِبُ بِالِإجْمَاعِ حَرَامٌ، وَمِنْ خَوَارِمِ الْمُرُوءَةِ، وَمَهَانَةِ النَّفْسِ، وَقِلَّةِ الْحَيَاءِ وَالدِّينِ. فَتَجِدُ مَنْ يَلْتَفُّ حَوْلَهُمُ النَّاسُ لِيُضْحِكَهُمْ؛ قَدْ تَوَفَّرَتْ فِيهِمْ غَالِبُ الصِّفَاتِ السَّابِقَةِ. فَلَا تَجِدُ مَنْ فِيهِ سِمَةُ الْعِلْمِ، أَوِ الْفَضْلِ، أَوِ الْوَقَارِ؛ يَتَّصِفُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْمَذْمُومَةِ. بَلْ وَغَالِبَيَّتُهُمْ لَا يَحْضُرُونَ تِلْكَ الْمَجَالِسَ الْمَمْقُوتَةَ.
وَأَصْحَابُ هَذَا الْكَذِبِ بِالْمِزَاحِ؛ يَتَنَاقَلُ النَّاسُ مَقَاطِعَهُمْ، وَتَنْتَشِرُ بَيْنَ الأَنَامِ أَكَاذِيبُهُمْ، وَقَدْ حَذَّرَ النَّبِيُّ مِنْ ذَلِكَ؛ فقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أتاني اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ، - قَالَ: «ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى» قَالَ: " قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ؟ فقالا: إِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).
لَا يَكْذِبُ الْمَرْءُ إِلَّا مِنْ مَهَانَتِهِ *** أَوْ عَادَةِ السُّوءِ أَوْ مِنْ قِلَّةِ الأَدَبِ
لَبَعْضُ جِيفَةِ كَلْبٍ خَيْرُ رَائِحَةٍ *** مِنْ كِذْبَةِ الْمَرْءِ فِي جِدٍّ وَفِي لَعِبِ
فَعَلَيْنَا أَنْ نَتَّقِيَ اللهَ فِي أَنْفُسِنَا، وَأَنْ نَجْتَنِبَ مِثْلَ هَذِهِ الْمَجَالِسِ، وأَنْ نَحْذَرَهَا، وَنُحَذِّرَ مِنْهَا؛ لأَنَّهَا مَجَالِسُ زُورٍ، وكَذِبٍ، وَمَوْتِ قَلْبٍ؛ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ!
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فَاِسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخُطْبةُ الثَّانيةُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.
أمَّا بَعْدُ.. فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى .
عِبَادَ اللهِ: قَدْ يَقُولُ قَائِلٌ: لَكِنْ هُنَاكَ مَنْ يَصْطَحِبُونَ مَعَهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ وَنُزَهِهِمْ، وَأَسْفَارِهِمْ مَنْ يُسَلِّيهِمْ بِشِعْرٍ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ مَنْقُولِهِ، وَقِصَصٍ، وَأَخْبَارَ؛ وَقَدْ يَنَالُ مِنْهُمْ مُقَابِلَ ذَلِكَ بَعْضَ الْمَالِ. فَأَقُولُ: لَا، لَيْسَ هَذَا مِثْلَ ذَاكَ، فَهَذَا عِنْدَهُمْ يُقَدَّرُ وَيُحِتَرَمُ، وَلَا يُضْحَكُ عَلَى خَلْقِهِ، وَلَا عَلَى عَقْلِهِ، بَلْ لَهُ عِنْدَهُمْ – فِي الْغَالِبِ-التَّقْدِيرُ وَالتَّبْجِيلُ. فَهُوَ يُسَلِّيهِمْ وَيُزِيلُ وَحْشَتَهُمْ، وَلَا يَتَسَلَّوْنَ بِهِ، وَلَا يَضْحَكُونَ عَلَيْهِ، وَلَوْ ضَحِكُوا عَلَيْهِ شَخْصِيًّا؛ لَتَرَكَهُمْ، وَلَغَضِبَ مِنْهُمْ، بَيْنَمَا الآخَرُ الْمِسْكِينُ لَيْسَ لَهُ حَوْلٌ وَلَا قُوَّةَ مَعَهُمْ0 رَزَقَنَا اللهُ الْبَصِيرَةً بٍالدِّينِ.
الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ.
اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، ونَسْتَعِيذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ.
رَبَّنَا وآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ .
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
التعليقات