عناصر الخطبة
1/فضل الله على عباده 2/الغاية من مشروعية الصيام 3/الاستمرار على الطاعة بعد رمضان 4/الأعمال المشروعة بعد رمضان 5/حضور المهرجانات التي يقع فيها مخالفات شرعية 6/من أهوال يوم القيامةاهداف الخطبة
اقتباس
التقوى هي المطلوب، والغايةُ العظمى التي يخرج بها المسلم من شهر رمضان المبارك، فالمسلم يخرج من هذا الشهر العظيم، بتربية ربانية دامت ثلاثون يوماً، بين تلاوة للقرآن، ومحافظة على الصلوات، وإخلاص لله -تعالى-، وإنفاق في سبيله، وقيام لليل، ودعاء وتضرع، ودموع وخشوع. يخرج من ذلك المسلم بوازع رباني عن كل معصية ينهاه، وعلى كل طاعة يحضه، إلا أن...
الخطبة الأولى:
الحمد لله...
أما بعد:
أيها المؤمنون: إن من رحمة الله -جل وعلا- أن جعلكم من أهل الطاعة والإحسان خلال شهر رمضان، حيث تذوقَ المسلم فيها لذة الطاعة، والعمل الصالح، وأُنس القرب، والمناجاة، وذلك من فضل الله علينا وعلى الناس، ولكن أكثر الناس لا يشكرون.
فهو سبحانه يسر العبادة، وأعظم ثوابها، وحجب عنا صوارف الدنيا ووساوسها، وكبل فيها أهل الشر والذنوب، ليتيسر للخلق فيها التخلص من أدران الذنوب، والخروجُ من موسم العبادة بالمطلوب.
وما هو المطلوب؟
قال جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ)[البقرة: 183].
فالتقوى هي المطلوب، والغايةُ العظمى التي يخرج بها المسلم من شهر رمضان المبارك، فالمسلم يخرج من هذا الشهر العظيم، بتربية ربانية دامت ثلاثون يوماً، بين تلاوة للقرآن، ومحافظة على الصلوات، وإخلاص لله -تعالى-، وإنفاق في سبيله، وقيام لليل، ودعاء وتضرع، ودموع وخشوع.
يخرج من ذلك المسلم بوازع رباني عن كل معصية ينهاه، وعلى كل طاعة يحضه، إلا أن الناس تختلف أحوالهم في المدة التي يستمر معهم الوازع الديني الرباني.
فمن الناس من يبقى فيه هذا الوازعُ حتى رمضان القادم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ومن الناس من يستمر معه ويضعف شيئاً فشيئا، ويقوى أحيانا أخرى، ومن الناس من لا يدوم معه إلا أيام قلائل فإذا عاد إلى الطعام والشراب، وخالط أشغال الدنيا نسي كثيراً، وأعرض كثيراً، وهذا على خطر عظيم، إن لم يتداركه الرحمن بفضل منه ورحمة.
ومن الناس من آخرُ عهده بتقوى ربه صلاةُ العيد -والعياذ بالله-، فانطلق مسرعاً في الدنيا، ينغمس في شهواتها وملاذها وكأنه خرج من سجن طويل -والعياذ بالله-.
ألا فلنتق الله جميعاً، ولتكن لنا في رسولنا -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة، فلقد كان عليه الصلاة والسلام مع مغفرة ذنوبه ما تقدم منها وما تأخر، إذا عمل عملاً أثبته ولم يدعه أبداً إلا من عذر.
أخرج البخاري ومسلم من حديث عائشة -رضي الله عنها- أنها حكت: "كان عمله -صلى الله عليه وسلم- ديمة".
وأخرج مسلم في صحيحه من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا عمل عملاً أثبته".
وأخرج مسلم في صحيحه من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها".
أيها المسلمون: إن أهم ما يجب على المسلم أن يداوم عليه، هو ما كان فريضةً عليه، وعلى رأسها الصلوات الخمس، وذلك جماعة مع المسلمين في المساجد.
فهي صلة بين العبد وربه، وهي تقرب العبد إلى ربه وإلى الخلق، بل تقربه إلى نفسه، وهي آخر ما يفقد من الدين، فمن ضيع الصلاة فهو ما سواها أضيع، وليس معه من الدين شيء، قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة".
عباد الله: لنتق الله جميعاً ولنستمسك بشرعه القويم، ظاهراً وباطنا، ولا تغرنا الحياة الدنيا، فإنها إلى زوال، والعاقل من قارن بين الأمور وفاضل، وآثر الآخرة على الدنيا.
اللهم تقبل منا عبادتنا، وارزقنا الثبات عليها حتى الممات، واغفر لنا ولجميع المسلمين والمسلمات.
الخطبة الثانية:
أيها المسلمون: اتقوا ربكم، واعلموا أنكم ملاقوه، واعلموا أن أعمالكم محصية، وأنكم مجازون بها غداً يوم تعرضون على الله لا تخفى منكم خافية.
وإن مما يحز في النفس، تهاون بعض المسلمين في عباداتهم بعد رمضان، وهؤلاء القوم يخشى عليهم من الخسران المبين، والعاقبةِ الوخيمة وسوء الخاتمة.
وإن مما يحز في النفس كذلك، ما نراه من المهرجانات التي استغلت من فسقة المجتمع، فانتهكت فيها الأعراض، وضيعت فيها الأخلاق، وعمل فيها ما يسخط الرب -جل وعلا-، أفبهذا تشكر النعم أم به تدفع النقم، والله إن هذا لنذير شر إن لم يتداركنا الله برحمته: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا) [الإسراء: 16].
وإن أمثال هذه المهرجانات يحرم حضورها فضلاً عن المشاركة فيها، ناهيك عمن خلت قلوبهم من الغيرة، فذهبوا بمحارمهم إلى تلك البقاع، للفرجة زعموا!!.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "ليس للإنسان أن يحضر الأماكن التي يشهد فيها المنكرات، ولا يمكنه الإنكار إلا لموجب شرعي، فأما حضوره لمجرد الفرجة وإحضار امرأته تشاهد ذلك، فهذا مما يقدح في عدالته ومروءته إذا أصر عليه".
ومن أمثال ذلك: السفر لدول مجاورة، لمشاهدة ما يغضب الرب، كل بهذا بحجة أنهم في عيد، وهذا من الفرح بالعيد -والعياذ بالله-.
أيها المؤمنون: اعلموا أنكم ستمرون بمراحل عظيمة، وعقبات كؤودة، لا يجوزها إلا المخفون من المعاصي والذنوب، فهل أعددنا لها العدة، ومن العقبات سكرات الموت، وهل أعددنا لضيق القبر عدته، وهل أعددنا لظمأ يوم المحشر عدته، وهل أعددنا لطول الموقف يوم القيامة عدته؟
يوم تنصب الموازين وتتطاير الصحف، وينصب الصراط على متن جهنم ويمر الناس عليه على قدر أعمالهم، فمنهم من يمر كالبرق الخاطف، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كأجاود الخيل، ومنهم من يمر كشد الرجال ومهم من يمشي مشياً، ومنهم من يزحف زحفاً وعلى جنبات الصراط كلاليب تخطف الناس فمخدوش ناج، ومكردس في نار جهنم، وما ربك بظلام للعبيد.
اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على دينك وطاعتك.
اللهم اقبل منا الصيام والقيام، وسائر الأعمال يا كريم.
اللهم ولِ على المسلمين خيارهم، واصرف عنهم أشرارهم.
التعليقات