الكهان الجدد

تركي بن عبدالله الميمان

2022-10-07 - 1444/03/11
التصنيفات: التوحيد
عناصر الخطبة
1/التحذير من الكهان والعرافين 2/أقسام الذهاب للكهان والعرافين 3/الكهان يصدْقون أحيانا موافقة للقدر 4/من مسميات وأشكال الكهان 5/موقفنا من العلم المستقبلي

اقتباس

وَمَنْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُرِيْحَهُ وَيَحْمِلَ عَنْهُ أَنْزَلَ عَلَيْهِ سَكِينَتَهُ، فَاطْمَأَنَّ إِلَى دِيْنِهِ وحُكْمِهِ فَعَلِمَ أَنَّ الإسلامَ هو الدِّينُ الحَقُّ، وأَنَّ اللهَ نَاصِرُهُ وَنَاصِرُ أَهْلِهِ، وأَيْقَنَ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ، وأَنَّ...

الخُطْبَةُ الأُوْلَى:

 

عِبَادَ الله: الرَّغْبَةُ في مَعْرِفَةِ المَجْهُول أَمْرٌ يُثِيرُ الفُضُول، وَقَدْ يُغَطِّي على العُقُول، فَتَنْسَاقُ إلى الكُهَّانِ والعَرَّافِيْن مِمَّنْ يَدَّعُوْنَ الغَيب. وعِلْمُ الغَيْبِ اسْتَأْثَرَ اللهُ بِه، قال تعالى: (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ)[النمل:65].

 

وَمِنْ هُنَا؛ يَنْبَغِي الحَذَرُ مِنَ الكُهَّانِ والعَرَّافِيْن، الَّذِيْنَ يَدَّعُونَ الغَيْبَ بِوَسِيلَةٍ لا تَثْبُتُ حِسًّا ولا عَقْلًا ولا شَرْعًا، وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِك: التَّنْجِيْمُ، والخَطُّ على الرَّمْل، وَقِرَاءَةُ الكَفِّ والفِنْجَان، وَنَحْوِ ذلك.

 

والذَّاهِبُ إلى هَؤلاءِ الكُهَّانِ والعَرَّافِيْن؛ على قِسْمَيْن:

القِسْم الأَوَّل: أَنْ يَذْهَبَ إِلَيْهِمْ ويَسْأَلَهُمْ مِنْ غَيْرِ تَصْدِيق؛ وَإِنَّمَا مِنْ بَابِ الفُضُوْلِ والتَّسْلِيَة! وهذا كَبِيْرَةٌ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوب؛ لِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ؛ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً".

 

القِسْم الثَّانِي: أَنْ يَذْهَبَ إِلَيْهِمْ وَيَسْأَلَهُمْ وَيُصَدِّقَهُمْ؛ وَهَذَا تَكْذِيْبٌ لِلْقُرْآن! قال تعالى: (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا الله)[النمل:65]؛ وقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ فِيمَا يَقُولُ؛ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-".

 

وَأَمَّا صِدْقُ الكُهَّان -أَحْيَانًا- في تَنَبُّؤَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ يَكُوْنُ مِنْ بَابِ مُوَافَقَةِ القَدَر، أَوْ يَكُوْنُ مِنَ الجِنِّ الَّذِي يَسْتَرِقُ السَّمْعَ، ويَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَة؛ فَقَدْ سُئِلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عن الكُهَّان، فقال: "إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِشَيْءٍ"، فقالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقًّا؛ فقال -صلى الله عليه وسلم-: "تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنْ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ فَيُقَرْقِرُهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ كَقَرْقَرَةِ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ!".

 

وَفِي هَذَا العَصْر تَلَبَّسَتِ الكِهَانَةُ بِأَقْنِعَةٍ جَدِيْدَةٍ وَأَسْمَاءٍ عَدِيْدَة؛ كَالْعُلُوْمِ النُّوْرَانِيَّة، والطَّاقَةِ الخَفِيِّة، وَتَحْلِيْلِ الشَّخْصِيَّة مِنْ خِلَالِ مَعْرِفَةِ الاِسْم، أَوْ اللَّوْنِ المُفَضَّل، أو قِرَاءَةِ الأَبْرَاج.

 

ومِنَ الكُهَّانِ الجُدُد: الّذِيْنَ يَزْعُمُونَ أَنَّ نِهَايَةَ العَالَمِ سَتَكُوْنُ في وَقْتِ كَذا وكَذا، وَقَدْ قالَ جِبْرِيْلُ للنبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: فأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ؟، فقال: "مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ!". وإذا كانَ أَشْرَفُ الملائكة، وأَشْرَفُ الرُّسُلِ؛ لا يَعْلَمانِ مَتَى السَّاعَة؛ فَكَيْفَ بِغَيْرِهِمْ، (يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ)[الأعراف:187].

 

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

 

أَمَّا بَعْدُ: فَيَنْبَغِي على المُسْلمِ في تَعَامُلِهِ معَ المَجْهُوْل، والمُسْتَقْبَلِ المَأْمُوْل أَنْ يَتَوَكَّلَ على الله، مَعَ الأَخْذِ بالأَسْبَابِ المَشْرُوْعَةِ والمُبَاحَة، وَأَنْ يَحْذَرَ مِنْ هَؤُلاءِ الكُهَّان؛ وَلَوْ تَلَبَّسُوا بِلِبَاسِ العِلْمِ والدِّيْنِ والطِّب، قالتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: "مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ؛ فَقَدْ كَذَبَ"، ثُمَّ قَرَأَتْ: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا)[لقمان: 34] (رواه البخاري).

 

وَأَمَّا العُلُوْمُ الَّتِي تُدْرَكُ بالعِلْمِ والتَّجْرِبَة؛ فَإِنَّ الإِخْبَارَ عَنْهَا لا يُعْتَبَرُ مِنْ عِلْمِ الغَيْب، ولا مِنَ الكِهَانَة؛ كَمَعْرِفَةِ أَحْوَالِ الطَّقْس، وَوَقْتِ الكُسُوفِ والخُسُوف، ومَعْرِفَةِ جِنْسِ الجَنِين، والقِيَافة، والفِرَاسة، وَنَحْوِهَا مِنَ الأُمُوْرِ الَّتِيْ تُدْرَكُ بالحِسِّ والعِلْمِ والتَّجْرِبَة؛ لا بالظَنِّ والوَهْم، أو الرَّجْمِ بالغَيْب، أو الاِسْتِعَانَةِ بِالشّيَاطِيْن.

 

اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَوَفِّقْ وَلِيَّ عَهْدِهِ لِكُلِّ خَيْر

وَصَلَّىَ اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنِا مُحَمَّد، وآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْن.

 

المرفقات
ot6ff5ptGrW5omgPSfinZV4O6hnCHSl5ZH0l4KSs.doc
K8ZK7yafOWBAlnBTt93xNxykKMmlHI4Fzjf28zwu.pdf
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life