القضية الكشميرية (3)

ناصر بن محمد الأحمد

2015-03-31 - 1436/06/11
عناصر الخطبة
1/مكر بريطانيا بالمسلمين وبعض مؤامراتها ضد قضاياهم 2/العلاقة بين الهندوس واليهود 3/ارتباط الهند بإسرائيل وتاريخ ذلك 4/التشابه بين القضية الكشميرية والفلسطينية 5/أبرز أوجه التشابه بين الهندوسية واليهودية 6/التنبه للتوغل الصهيوني إلى منطقة الخليج عبر البوابة الهندية 7/الحل الأمثل لقضية كشمير
اهداف الخطبة

اقتباس

قامت الهند باعترافها بالكيان الصهيوني على أرض فلسطين عام 48م، لتكون الهند بذلك أول بلد تعترف بدولة إسرائيل، فبعد ثلاثة شهور فقط من إنشاء إسرائيل حظيت بالاعتراف الهندي غير المعلن حينذاك، حيث قال رئيس وزراء الهند آنذاك: "إن قيام دولة إسرائيل أصبح أمراً واقعاً، فلذا من...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله ...

 

أما بعد:

 

بقي لنا في القضية الكشميرية أن نبين العلاقة بين الهندوس واليهود، ومدى ارتباط الهند بإسرائيل في القضية الكشميرية.

 

وقبل هذا لا بد من إيضاح دور بريطانيا في تاريخها الاستعماري وعدوانها على كل ما هو إسلامي:

 

الأول: لليهود في فلسطين، بدأت بوعد "بلفور" الذي أوجد دولتهم ككيان مستقل بعد ذلك عام 48م.

 

أما المؤامرة الثانية؛ فهي: إعطاء القارة الهندية للهندوس، غير أن توفيق الله، ثم صحوة رجال الدعوة الإسلامية آنذاك في الهند حال دون تلك الخطط، واضطروا للاتفاق مع المسلمين على أن تتمتع المناطق ذات الأغلبية المسلمة بالسيادة والاستقلال.

 

ومن هنا قامت دولة باكستان، إلا أن الإنجليز كعادتهم نكثوا بوعدهم بإعطائهم بقاعاً شاسعة للمسلمين.

 

ومن ألاعيب بريطانيا في القضية: أن حولوا غاندي من محام بسيط إلى زعيم لعموم الهند بواسطة نائب الملك الإنجليزي في الهند، وساهمت الزعيمة اليهودية لرابطة الحكم الذاتي بمسرحية إنجليزية مكشوفة بوضع غاندي في السجن مدة، تعظيماً لشأنه، ثم مُكِّن من تخطي عقبات كثيرة في سياق عمله السياسي، مما جعله في عيون الشعب الهندي بطلاً، وانطلت اللعبة البريطانية على كثيرين.

 

وبعد استقلال باكستان أصبح المسلمون وهم أكثر من مائة مليون أقلية في بحر الهندوس والسيخ وغيرهم، وتعرضوا للاضطهاد.

 

ومع ذلك تَزْعم الهند أنها دولة علمانية، وتخدع الدول العربية والإسلامية وهي وثنية هندوسية كما أوضحت ذلك الأيام والأخبار، وساعدهم الإنجليز في النهضة والتقدم التقني مع أنها من أفقر دول العالم ومن أضعفها في دخل الفرد.

 

وأيضاً مما فعلته بريطانيا في القضية الكشميرية: أنها وضعت أساس البرنامج النووي للهند بعد الاستقلال، وشجعت الكوادر الهندية لدراسة ذلك التخصص.

 

ولما أرادت الهند التوسع في برنامجها النووي وجدت في اليهود ضالتها، حيث أنشأت مفاعلاتها النووية في العديد من مدنها.

 

ومعلوم أن العدو الصهيوني يمدها بالخصبات النووية، وكان لكندا دور في دعم برامج الهند النووية أيضاً.

 

ثم ادعت كندا كذباً أنها فوجئت بقيام الهند بالتفجير النووي.

 

وكان للاتحاد السوفييتي السابق دور كبير أيضاً في دخول الهند عالم الفضاء، حينما ساعدها على إطلاق قمرها الصناعي الأول من الأراضي السوفيتية آنذاك في التاسع عشر من نيسان عام 1974م.

 

أيها المسلمون: وأما عن علاقة الهندوسية باليهودية، وارتباط الهند بإسرائيل فعجب وأيّ عجب.

 

إن القليلين ممن يعلمون تاريخ العلاقات الهندية الإسرائيلية، وتفاصيل هذا التعاون بين الجانبين، يعلمون أنها ليست وليدة سنة أو سنتين، وإنما يعود تاريخها لأكثر من نصف قرن من الزمان؛ إليكم شيئاً من هذا التاريخ الأسود:

 

قامت الهند باعترافها بالكيان الصهيوني على أرض فلسطين عام 48م، لتكون الهند بذلك أول بلد تعترف بدولة إسرائيل، فبعد ثلاثة شهور فقط من إنشاء إسرائيل حظيت بالاعتراف الهندي غير المعلن حينذاك، حيث قال رئيس وزراء الهند آنذاك: "إن قيام دولة إسرائيل أصبح أمراً واقعاً، فلذا من البديهي الاعتراف بها دولة مستقلة".

 

ولم تكتف الهند باعترافها الضمني غير المعلن فقط بالكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين، بل عملت على تطوير العلاقات والتعاون مع هذا الكيان المحتل لفلسطين في شتى المجالات والميادين العسكرية والصناعية والاستخباراتية والتجارية والدبلوماسية والثقافية.

 

فأول اتفاق علني تم بينهما في مجال التسلح النووي في عام 62م، حيث قامت بموجبه إسرائيل بإنشاء مفاعل نووي في الهند مقابل حصولها على المواد الخام لليورانيوم اللازمة لمفاعلاتها النووية.

 

وعلى صعيد التعاون الاستخباراتي خلال حرب حزيران بين العرب وإسرائيل عام 67م، قامت المخابرات الهندية بتزويد وإحاطة إسرائيل بمعلومات سرية عن الجيش المصري، وعن أماكن الطائرات المصرية المقاتلة، لتقوم إسرائيل بقصفها في قواعدها قبل إقلاعها وهي جاثمة على الأرض، وذلك عن طريق ضباط التدريب الهنود العاملين في سلاح الطيران المصري حينذاك.

 

وفي عام 1985م التقى رئيس الوزراء الهندي الراحل غاندي نظيره الإسرائيلي، واجتمعا بالرئيس الأمريكي حينها رونالد ريجان وطالباه بوقف تزويد باكستان بطائرات إف 16.

 

وفي عام 1991م تم الاتفاق بين الحكومتين على إرسال 300 من رجال المخابرات الإسرائيلية الموساد للهند لتدريب الهنود على التحكم في الموقف بكشمير المحتلة.

 

وفي مايو عام 93م قام نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي "شمعون بيريز" بزيارة رسمية للهند، وأجرى مباحثات رسمية للتعاون الصناعي في المجال العسكري، ومجال الأسلحة الاستراتيجية الفتاكة والهجومية التكتيكية، ومجال الاقتصاد، ومجال التجارة والثقافة وغيرها.

 

وفي عام 97م زار "وايزمان" رئيس الكيان الصهيوني الهند وأجرى مباحثات رسمية تم بموجبها إمداد إسرائيل للهند بالخبرة والتقنية المتطورة لإقامة مصنع الطائرات الإسرائيلية المقاتلة في الهند، وأيضاً تقوم إسرائيل بتزويد الهند بطائرات إسرائيلية وطائرات صغيرة استطلاعية تطير من غير طيار، وهي في نفس الوقت مزودة بأجهزة متطورة ذات عدسات تعمل إلكترونياً، وتستطيع تصوير المواقع العسكرية وذلك لتمشيط وكشف مواقع المجاهدين في كشمير.

 

وفي إبريل عام 97م أيضاً ضبطت قوات خفر السواحل السريلانكية أربع حاويات قادمة من الهند في طريقها إلى إسرائيل، تحمل ثمانية عشر طناً من مادة فسفورية، وهي مادة كيميائية شديدة المفعول، تستخدم في صناعة غاز مثير للأعصاب، وكانت هذه الحاويات قادمة من بومبي بالهند، في طريقها لحيفا بإسرائيل حسب أوراق الشحن المضبوطة من قبل السلطات السريلانكية.

 

وفي العام نفسه نشرت جريدة هندية تقريراً يوضح أن إسرائيل عرضت على الهند زيادة التعاون العسكري بينهما في مجال الصناعات العسكرية الاستراتيجية والتقنية الحديثة، وخاصة لأنظمة الإنذار المبكر الأواكس، لنظام طائرات الرصد المحلقة للمراقبة، مقابل استخدامها لضرب باكستان عند الضرورة.

 

وفي عام 99م قامت صحيفة إسرائيلية بدراسة لإحصاء مجموع ما بلغ من الكسب الناشئ عن التعاون والتبادل التجاري بين الهند وإسرائيل، حيث بلغ مجموعه أكثر من 700 مليون دولار خلال العام نفسه.

 

والآن يوجد في الهند أكثر من 150 شركة استثمارية إسرائيلية كبيرة تعمل في مجال الاقتصاد والصناعة والاستثمار، ويتوقع أن يتضاعف عددها في السنوات المقبلة.

 

سمحت الهند بفتح سفارة للعدو الصهيوني في بومبي، فكانت حصناً قوياً للتعاون بين الدولتين المعاديتين للإسلام والمسلمين، والغريب في الأمر أنها لم تكن قنصلية بالمعنى المتعارف عليه دولياً، بل كانت مستعمرة كاملة الجهاز، تضم أكثر من مائتي موظف، وكان لها من الإمكانات والسيارات ما يفوق ما لدى السفارات العربية مجتمعة في الهند.

 

لم يكن وجود اليهود في كشمير شيئاً جديداً خاصة للمتابعين، فقد كشفت وكالة الأنباء الباكستانية مؤخراً أن وجود العامل اليهودي قديم من حيث التعاون المعلوماتي، أو الإرهاب أو التدريب.

 

وقد أكدت مصادر المجاهدين في كشمير وجود أكثر من 350 كوماندوس يهودي يتعاونون مع الهند لضرب الانتفاضة الكشميرية، وتطمح إسرائيل من وجودها في هذه المنطقة الهامة إلى ضرب المفاعل النووي الباكستاني الذي تعد المحطة النووية الوحيدة في العالم الإسلامي بعد ما حدث في العراق.

 

والمفاعل الباكستاني هدف يهودي قديم، وتقول المصادر الباكستانية: بأنه غدا هدفاً رسمياً يهودياً منذ عام 86م عندما صرح رئيس هيئة أركان العدو اليهودي بذلك.

 

إن أهم قواعد التعاون بين هذين النظامين العنصريين الهندوسي والصهيوني، يقوم على الاغتصاب الغاشم، والاحتلال الجائر لأراضي المسلمين، وتدنيسهم للمقدسات، وهدمهم للمساجد، والتعدّي على الحرمات، كما يتفق الكيانان الإرهابيان في قمع واضطهاد وقتل المسلمين العزّل في كشمير وفلسطين المحتلتين، ويمارسان أبشع أنواع البطش والقهر والتعذيب والتنكيل والحقد الدفين لقهر المسلمين، وإلحاق كل ألوان الأذى وأشكال العذاب، وأصناف الاضطهاد الوحشي والبربري بحق إخواننا المسلمين في كشمير وفلسطين الأسيرتين.

 

فهم لا يتورعون عن ارتكاب الجرائم الوحشية والحيوانية القذرة والخبيثة، ونهب الممتلكات، واغتصاب الحرائر والنساء الثكالى، وقتل الأحياء والأبرياء.

 

وهي السياسة الدائمة والمتبعة اللاإنسانية المستمرة للطرفين الهندوسي والصهيوني منذ ابتليت كشمير وفلسطين المغتصَبتان بالخضوع لسيطرتهم الجائرة.

 

ومنذ أكثر من خمسين سنة، وإلى أيامنا هذه لا زال الاحتلالان الهندوسي والصهيوني البغيضان يقومان بالاعتداء الوحشي المستمر على شعبي كشمير وفلسطين، وما زالا جاثمين على أرض كشمير وفلسطين المحتلتين، فما الذي سيفعله المسلمون لمواجهة مخاطر هذا الحلف الهندي اليهودي الذي يستهدفهم جميعاً؟.

 

إنها صور لمآسٍ لا وجود لها إلا في الدول المتوحشة، ولا تماثلها إلا جرائم النازية، ومحاكم التفتيش.

 

ويقوم بالإشراف على هذه المآسي والخطط مستشارون إسرائيليون إلى جانب المستشارين الهنود.

 

وقد أكدت مصادر متعددة وجود مثل هؤلاء المستشارين خاصة، وأن التعاون الأمني بين الطرفين على أشده في المجالات الأمنية؛ وتقتفي القوات الهندية أثر القوات اليهودية في تعاملها مع الانتفاضة الفلسطينية من إبعادٍ وطردٍ وتعذيبٍ وإهانةٍ وغيرها.

 

وقد تمكن المجاهدون في كشمير من أسْر مجموعة من عملاء الموساد الإسرائيليين، كما تم في بيشاور اعتقال ثلاثة من اليهود المغاربة الذين يحملون جوازات فرنسية لقيامهم بنشاط تجسسي.

 

أيها المسلمون: ما كان خفياً في الماضي، فقد ظهر خبثه جلياً على الساحة الدولية، بعد أن انكشف ستره، وولى ليله، وطفح كيله، واتضح أمره، وأصبح كضوء الشمس في رابعة النهار، بعد أن كان مختفياً عن الأعين والأنظار مدة طويلة.

 

بارك الله لي ولكم ...

 

أقول ما قلت، فإن كان صواباً فمن الله وحده، وإن كان غير ذلك فمن نفسي والشيطان، والله ورسوله منه بريئان، وأستغفر الله إنه كان غفاراً.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه ...

 

أما بعد:

 

إن القضية الكشميرية أكثر القضايا شبهاً بالقضية الفلسطينية، فهناك قوة احتلال ذات طابع استيطاني، ترفض الاعتراف بحق أهل البلاد الأصليين في الحرية والاستقلال، وهناك قوة تحرر وطني، يقودها المجاهدون لانتزاع حقهم، في تقرير مصيرهم، وإعادة بلدانهم المغتصبة.

 

وهناك إعلان للجهاد من منطلق إسلامي، لاستعادة الحقوق المشروعة للشعبين من القوى الاستعمارية.

 

وهناك ما يمكن أن نطلق عليه: انتظام صفوف قوى الاستكبار المجرمة في مواجهة جهاد المسلمين لاستعادة، أوطانهم المحتلة، فنجد تحالف الهند والكيان الصهيوني وروسيا في مواجهة المجاهدين في كشمير، بينما في فلسطين نجد نفس القوى تتقدمهم جميعاً الولايات المتحدة.

 

أيها المسلمون: هناك سمات بارزة في التشابه بين الهندوسية واليهودية؛ من ذلك:

 

أولاً: اعتقاد الهندوس أنهم شعب الله المختار، والنظر لغيرهم -وخاصة المسلمين- نظرة احتقار وإهانة، وهذه الدعوى معروفة عند اليهود.

 

ثانياً: تقديسهم ليوم السبت، فهم لا يعملون فيه ولا يطبخون إلا ما يعتبرونه إنسانياً كقتل المسلم دون حرج، وأيضاً تقديس اليهود للسبت معروف.

 

ثالثاً: يشتركون مع اليهود في التجارة والمراباة، فالهندوسي يبيع السلعة للمسلم ولغيره، ولكنه لا يشتري منهما؛ لأنهما نجسين في نظره، لكن الدراهم التي يأخذها من البيع لهما ليست نجسة، ومعلوم أن بالهند يهوداً منذ الزمن القديم.

 

رابعاً: هناك رابط واضح بين اليهود والهندوس، وهو العداء للمسلمين، رغم العشرة الطويلة التي جمعت بين المسلمين والهندوس في الهند لاثني عشر قرناً تحت الحكم الإسلامي العادل، آمنين على أرواحهم وممتلكاتهم وأديانهم، ولم يدخل الإسلام أحد منهم إلا عن اقتناع وحب للإسلام.

 

أيها المسلمون: إن هناك أمراً أخطر من سابقه يدعو إلى التنبه لخطر الهندوس الوثنيين، وهو: بُعد التوغل الصهيوني إلى منطقة الخليج عبر البوابة الهندية.

 

هناك حجم مهول من الاختراقات الإسرائيلية الهندية لأجهزة دول المنطقة، وتغلغلها إلى مواطن التأثير، وحجم الاستثمار اليهودي عن طريق البوابة الهندية، وحجم العمالة اليهودية الهندية المليونيرية التي يُخشى أن تكون هي التي تسيطر على 80% من أسواق المنطقة سواء أسواق الذهب، أو الإلكترونيات، أو الأقمشة.

 

إضافة إلى مخاطر ذلك كله على الحالة الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، وكذلك على العمل الإسلامي في المنطقة.

 

صرّح وزير الخارجية الصهيوني في زيارته الأخيرة للهند قائلاً: "إن الكيان الصهيوني والهند معنيتان بمواجهة الخطر الأصولي الإسلامي المشترك، سواء عبر منظمة حماس، أو حركة المقاومة الكشميرية، وإن هناك تنسيقاً كاملاً ومشتركاً بين دلهي وتل أبيب لتبادل المعلومات والخبرات في هذا الجانب".

 

والكلام واضح وصريح ولا يحتاج إلى تعليق.

 

أيها المسلمون: إن الحقيقة التي لا تحتاج إلى إثبات، هي: أن قضايانا لن يحلها أحد سوانا، وأن شرور الهندوس والصهاينة والصليبيين والشيوعيين، واعتداءاتهم على المسلمين لن يقهرها شرعية دولية، ولا قرارات شجب واستنكار وإدانة، وإنما تهزمها راية الجهاد، ووحدة المسلمين، واتفاقهم ضد أعدائهم اقتصادياً ودفاعياً، وتفوقهم التقني والعلمي والعسكري، وقبل ذلك الإيماني.

 

اللهم ...

 

 

المرفقات
القضية الكشميرية (3).doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life