عناصر الخطبة
1/ الطلاب والإجازة 2/ الدور التربوي للآباء 3/ رسائل للمعلمين 4/ همسَاتٌ في آذان الطلاباقتباس
يا بني: إنك تتوجَّه غدًا لقلعة من قلاع العلم؛ فابدأ فيها باسم الله، وعلى بركة الله، ولتَكُن بدايتك جادَّةً، ولا تؤجِّل عمل اليوم إلى الغد؛ فهذا طَبْعُ الكَسول، ومَنْ كانت له بداية محرقة، كانت له نهاية مشرقة، ومَنْ كانت بدايته رماد، فالرماد لا يخلِّف إلا الرماد.
الخطبة الأولى:
الحمد لله مدبِّر الليالي والأيام، ومصرِّف الشهور والأعوام، الملك القدوس السلام، المتفرِّد بالعظمة والبقاء والدَّوام، المتنزِّه عن النقائض ومشابهة الأنام، يرى ما في داخل العروق وبواطن العظام، ويسمع خفيَّ الصوت ولطيف الكلام.
وأشهد أن لا اله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل الأنام، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان على الدوام، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر:18].
أيها المسلمون، أيها الأبناء: مضت أيام الإجازة وانقضت، والأيام إذا انصرفت لا تَعُد، تمتَّع في هذه الإجازة مَنْ تمتَّع، وجدَّد الناس نشاطهم؛ استعدادًا لعامٍ حافلٍ بالجدِّ بإذن الله.
انقضت الإجازة، استفاد مَنِ استفاد، وخسر مَنْ خسر، كم من شابٍّ رأيناه في الإجازة نهل من علوم العلم المختلفة، فذلك يتلو كتاب الله ويحفظه، وآخر قدم على أحاديث السنَّة يحفظها ويسمع شرحها، وثالث ثنى ركبته عند العلماء؛ ينهل من علومهم وفيض أنوارهم، وآخرون التحقوا بدورات تدريبية في العلوم المختلفة.
هذه الإجازة قد ولَّت، وها هي الدراسة قد أقبلت؛ فافتحوا صفحةً جديدةً بيضاءَ، واستغفروا ربَّكم على ما فات.
أيها الآباء والأمهات: أنتم شركاءُ للمدرسة في مسؤوليتها؛ فليست مسؤولية الآباء توفير الدفاتر والأقلام، ولكن دورهم أعظم وأكبر.
اللهَ اللهَ أيها الآباء في أدب أبنائكم! احرصوا على إرضاعهم الأدب قبل العلم؛ فلا قيمة للعلم بدون أدب، فهذه والدة الإمام مالك -رحمه الله ورحمها- لما كان صغيرًا ألبسته أحسن الثياب ثم قالت له: يا بني، اذهب إلى مجالس ربيعة واجلس في مجلسه وخذ من أدبه قبل أن تأخذ من علمه.
فنشأ على الأدب الرفيع أجيال يخلف بعضها بعضًا تعرف للعلماء والمؤدبين قدرهم، حتى يقول الإمام الشافعي -رحمه لله-، وهو تلميذٌ للإمام مالك -: "كنت أصفح -يعني أقلب الورقة- بين يدي مالك -رحمه لله- صفحًا دقيقًا، هيبةً له؛ لئلا يسمع وقعها".
وهذا الربيع بن سليمان -رحمه لله-، وهو من تلاميذ الشافعي، يقول: "والله ما تجرأتُ أن أشرب الماء والشافعي ينظر إليَّ؛ هيبةً له!".
وكان الإمام الحافظ شعبة بن الحجاج -رحمه الله- يقول: "كنتُ إذا سمعتُ من الرجل الحديث؛ كنتُ له عبدًا ما دام حيًّا!".
وكان الإمام أحمد -رحمه الله-، وهو تلميذ للشافعي، يقول لابن الشافعي: "أبوكَ من الخمسة الذين أدعو لهم كلَّ سَحَرٍ".
معاشر الآباء: اللهَ اللهَ في حقوق المعلِّمين والمعلمات! اغرسوا في نفوس أبنائكم حب معلميهم واحترامهم وتقديرهم.
إن من الآباء من يتكلم بكلام فيه إنقاص من قدر المعلم أو المعلمة أمام مسامع الأبناء، فوالله! إن فعل أحدكم هذا؛ ماذا يبقى للقدوة؟ وماذا يبقى للتعليم؟ وماذا يبقى لهيبة العلم والمعلم والتعليم؟!.
لما أساء بعض الآباء في قلة تقديرهم للمعلمين؛ نتج لنا جيل يلعن المعلم، ويضرب المعلم، ويُتلف ممتلكات المعلم.
أترجون أن نعلو على الأمم وهذه أخلاقنا مع مَنْ يعلِّمون أبناءنا؟! قد يكون هناك معلم سيء، ونموذج سيء؛ فلا ينبغي هَتْك ستار الهيبة والاحترام الذي له؛ لأن في إهانة المعلم إهانة للعلم والتعليم.
إذا كان الطالب يأتي للمدرسة وهو ينظر للمعلم على أنه ليس بشيء؛ لما استقر في ذهنه تجاه هذا المعلم، وإذا كان المعلم يرى من سوء أدب طالبه، وسوء أدب والده؛ فأيُّ خيرٍ نرجوه من التعليم؟!.
إن على أولياء الأمور أن يدركوا هذه الحقيقة، وإن الأب الناصح الشفيق إذا رأى ما يزعجه أو ما يلاحظه من خلل؛ فليس له إلا التوجه للمعلم، والإسرار بما في نفسه من ملاحظات ومكاشَفات، أما أن يجلس الأب يلعن المعلم، والأم تلعن المعلمة أمام الأبناء؛ فإني أقولها لكم صريحةً: لا ترجو من التعليم ومن أبنائكم شيئًا!.
يا أيها الآباء: أعينوا أبناءكم على مشاقِّ العلم ومتاعبه؛ فهذا سفيان الثوري العالِم المشهور لمَّا كان صغيرًا، وقد توفي والده وله إخوة، رأى أن يترك العلم والدراسة؛ ليطلب العيش والرزق؛ قالت له أمه -جزاها الله خيرًا-: "أي بني، اطلب العلم؛ أَكْفِكَ بمغزلي"، فانطلقت الأم تغزل وتكافح، وانطلق سفيان يتعلَّم العلم؛ حتى أصبح سفيان من أعلام المسلمين الكبار، وكل ذلك في ميزان تلك المرأة الصالحة.
معاشر الآباء، أيها الآباء: لا تتركوا الحبل على الغارب لأبنائكم؛ يمكثون في الشوارع والأزقَّة ما شاؤوا ومع مَنْ شاؤوا، وفي أي مكانٍ شاؤوا، يتعلمون من الشارع ما يفسد عليهم أخلاقهم ودينهم، فاحفظوا أوقات أبنائكم واضبطوها، وكونوا أعينًا تربِّيهم عن قرب وعن بعد.
إن بعضًا منكم كان آخر عهده بالمدرسة يوم سجَّل ابنه فيها، وبعضهم لا يأتي إلا حين الاستدعاء؛ فيا أيها الوالد، يا وليَّ الأمر، مدارسنا يدرس فيها مئات الطلاب؛ فلا تنتظر أن تقوم المدرسة بكل شيء، فإذا لم تضع يدك بيد مدير المدرسة ومعلِّمها؛ فالخاسر أنتَ وابنكَ.
إن على أولياء الأمور زيارة المدارس مرات ومرات؛ للسؤال والمتابعة والمناقشة، السؤال عن الأدب؛ فكثيرٌ من الأبناء تختلف أخلاقهم في البيت عن المدرسة، وإنَّ الخلل إذا عُرِفَ في أول الوقت سَهُلَ القضاء عليه.
عليكَ أن تعرف جلساء ابنك وذهابه وإيابه، عليك بصحبة ابنك للمسجد والمسجد النبوي والمحاضرات الدينية والثقافية ومجامع الخير، علِّمه مكارم الأخلاق مرةً بعد مرة ويومًا بعد يوم، صوِّب خطأه، واشكر صوابه، واعلم أن تربيته جهاد.
يا أيها الآباء، أقولها لكم؛ فتبَّهوا لما أقوله: أنتم محتاجون لأبنائكم إذا دخلتم قبوركم، فإحسانكم لتربيهم عملٌ صالحٌ مستمرٌ لكم بعد موتكم.
إن الصلاة والصيام والذِّكر والقرآن والأدب والأخلاق، وكلَّ خيرٍ زرعته في أبنائك؛ لهو أُجورٌ لك بعد موتك، والعكس بالعكس؛ فكلّ شرٍّ كنت سببًا في تعليمه لأبنائك من خِلالك، أو من خلال مجلة ساقطة سمحتَ بها، أو فضائيات سمحتَ بها أو أحضرتها، لهي سيئاتٌ تصبُّ في ميزانكَ بعد موتكَ؛ فاختر أيها الأب ما شئتَ.
يقول - عليه الصلاة والسلام -: "ما من عبد يسترعيه الله رعيةً، يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لها؛ إلا حرَّم الله عليه الجنة".
أيها المعلِّمون: يا من حملتم وظيفة الأنبياء في تعليم الناس؛ قال المعلِّم الأول -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله وملائكته لَيُصَلُّونَ على معلِّم الناس الخيرَ".
إن المعلِّم إذا أخلص للأمة ولم يغشَّها؛ فهو يمشي في رحمةٍ ورضا من الله بما يصنع.
أيها المعلمون: أبناؤنا غدًا يأتون بين أيديكم؛ فاللهَ اللهَ في أبناء المسلمين! إنهم أمانةٌ كبيرة، وحِمْلٌ عظيمٌ؛ أعانكم الله عليها.
ألا وإن أحسن ما يعينكم هو الإخلاص لله في أعمالكم؛ فعملٌ بلا إخلاص لا بركة فيه، والإخلاص ما كان في قليلٍ إلا كثَّره، ولا في يسيرٍ إلا باركه.
يا مشاعل النور والرحمة: قدوتكم في التربية والتعليم هو المعلِّم الأول -صلى الله عليه وسلم-، قال معاوية -رضي الله عنه- "فبأبي وأمي، ما رأيتُ معلِّمًا كرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما كرهني، ولا ضربني، ولا شتمني".
وقال أنس -رضي الله عنه-: "ما لمستُ حريرًا ولا ديباجًا ألين من كفِّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولقد صحبته عشر سنين وأنا غلامٌ، ما قال لي يومًا: أفّ، وما قال لي: لم فعلتَ هذا؟ أو: ألا فعلتَ كذا!".
وقال جرير -رضي الله عنه-: "ما لقيتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- إلا تبسَّم في وجهي".
إن المعلم الذي يشتكي من سوء أدب طلابه، هو في الواقع فشل في استمالة قلوب طلابه إليه برفيع أخلاقه، على المعلم اليوم ألا يشتكي من أن جيل اليوم قد تغيَّر، فقولوا لي بربكم أيها المعلمون: ماذا ينفع تضجُّركم وتبرُّمكم وشكواكم من سوء الأوضاع؟! إنما هذا السوء في الأمة يدعوكم لبذل المزيد من الجهد والعمل، وابتكار الوسائل المفيدة النافعة.
عليكم أن تزاحموا الشرَّ الذي يحيط بأبنائنا، ومَنْ أخلص نيَّته لله؛ فان الله يؤيِّده ويسدِّده.
أيها المعلِّم: إذا دخلت فصلَكَ، وأغلقتَ بابَكَ، ونامت عين المدير والمسؤول وأولياء الأمور عنكَ، ولم يبقَ إلا أنت وهم بين يديك؛ فتذكَّر ملائكة الرحمن بين يديك، وأن الله في عليائه مطَّلعٌ عليك.
لا يكن همُّ أحدكم: متى تنتهي الحصة؛ فالحصص ليست فقط دروسا لما هو مسطَّر في الكتب؛ بل إن الجانب التربوي هو شغلك الشاغل.
لا تستخفَّن بنفسكَ؛ فكلمةٌ تقولها بإخلاصٍ؛ يبارِك الله فيها، وينفع بها عشرات السنين.
على المعلِّمين أن يكونوا قدوةً لطلاَّبهم، فليس من المقبول أن تعلِّم طلاَّبَكَ ما أنت تنسفه بأفعالك.
على المعلِّم أن يتمثَّل الإسلام في هيئته وتصرُّفاته، فحوله عشرات الطلاب الذين يرقبون فعله وتصرفاته، ويأخذونه قدوةً لهم.
أيها المعلِّم: "مَنْ دعا إلى هدًى؛ كان له أجرٌ مَنْ عمل به إلى يوم القيامة، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومَنْ دعا إلى ضلالة؛ كان عليه وِزْرُ مَنْ عمل بها إلى يوم القيامة".
فاحرصوا -معاشر المعلِّمين- على تعليم أبنائنا كلَّ خيرٍ وهدًى وفضيلةٍ وأخلاقٍ؛ فهي أبوابٌ عظيمةٌ من الأجور، مفتوحةٌ لكم، لم تُفتح لغيركم؛ فاغتنموها.
أيها المعلِّم: مصادر الشرِّ تغزو اليوم أبناءنا من كل مكان؛ ما بين قنوات مدمِّرة للأخلاق، إلى (إنترنت) لنشر الإباحيَّة، إلى تقليد وذوبان الشخصية في شخصية غربيٍّ كافر، إلى أفكار تتسلل إليهم من هنا وهناك، يحتاجون إلى من يُجْليها لهم بصدقٍ ووضوح.
على المعلِّمين والمعلِّمات اليوم أن يسابقوا الزمن في رفع مستوياتهم العلمية والثقافية، عليكم أن تكونوا قارئين مثقفين واسعي الاطِّلاع، فنحن اليوم في زمن الشبكة العنكبوتية ، فربما يكون طلابكَ أفضل منكَ؛ فلتسبقهم إلى المعرفة، ولتستلم قيادة الدفَّة، بدلاً من أن تجد نفسكَ مُنقادًا مكسورًا مهزومًا.
معاشر المعلِّمين: الرفقَ الرفقَ في الأبناء! ستجدون في أبنائنا تصرُّفاتٍ تنكرونها، وسلوكيَّاتٍ ترفضونها، وأفكارًا تتبرؤون منها؛ فعليكم بمنهج النبي -صلى الله عليه وسلم- في التعليم: البسمة تأسر بها طالبكَ، والحنان تملك به قلبه، والمناقشة الهادئة البعيدة عن التشنُّج والتعصُّب ترفع الغَبَش عن العقول، أطلقوا ألسنة أبنائكم للكلام؛ فان أحسنوا فكافئوهم، وإن أخطؤوا فقوِّموهم بالتي هي أحسن.
وفَّق الله الجميع للخير والفلاح.
أقولُ قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين؛ إنه غفورٌ رحيمٌ.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وصلاةً وسلامًا على عباده الذين أصطفى.
أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله؛ فإنها خير الزاد: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) [البقرة:197].
وكلمةٌ أهمسُ بها في أذن إخواني وأبنائي الطلاب: يا أبنائي، إني لأتألم من أحدكم؛ أجدُهُ حزينَ القلب كسيرَ النفس. لماذا؟ لأن الدراسة غدًا!.
يا بني، ألم تَرَ إلى دول كَفَرَتْ بربِّها، ولم يكن عندها نور الوحيَيْن، قد سَبَقَتْنا في علوم الدنيا التي بها قوام الناس؟ انظر إلى مسجدنا؛ فهذا مصنوع في اليابان، وآخر في أمريكا، وثالث في أوروبا، وآخر في الصين، وأحد أسباب ذلك: أنك تذهب غدًا إلى المدرسة حزينًا!.
هل علمت أن في كل ثانيةٍ -وليس كل دقيقة- اكتشافا وانجازا علميا؟ هؤلاء ما وصلوا لهذا عبثًا، ولكنها سنَّة الحياة: مَنْ جَدّ وَجَد، ومَنْ زرع حصد.
هناك -يا بني- في الغرب؛ انتشر عندهم كتاب الجيب، وهو كتاب صغير تجد الكلَّ يحمله في جيبه؛ ليقرأ فيه في وقت الانتظار والفراغ، خارج البيت والعمل، أتظن أن الغرب هو تلك الكرة والموسيقى والأزياء والرقص واللهو؟!.
لو كانت هذه حياتهم كلهم ما رأيتَ كل هذا! بل هذا ما صدَّروه لكَ لكي تبقى نائمًا غارقًا في شهوتكَ!.
يا بني، إن أول ما نزل القرآن: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) [العلق:1]، وثنَّاها بـ: (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) [العلق:2-3].
أرأيتَ دينَنا؛ كيف يدعوكَ للقراءة والبحث والعلم؟ بل -يا بني- إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول لكَ: "مَنْ سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا؛ سهَّل الله له طريقًا إلى الجنة".
فأخلص نيَّتك -يا بني- في العلم، واطلب العلم لترفع عن نفسك الجهل، واطلب العلم لتنفع غيرك وأمَّتك، واطلب العلم لأجل العلم؛ لأن العلم زينة. إنك ما ترى عالمًا في أي مجال؛ إلا والناس يكنُّون له الاحترام والتبجيل.
لا تطلبوا العلم لأجل الوظيفة؛ فالوظيفة رزقٌ، والرزق بيد الله وحده. واعملوا وجِدُّوا؛ فكلٌّ ميسَّرٌ لما خُلِقَ له.
يا بني: إنك تتوجَّه غدًا لقلعة من قلاع العلم؛ فابدأ فيها باسم الله، وعلى بركة الله، ولتَكُن بدايتك جادَّةً، ولا تؤجِّل عمل اليوم إلى الغد؛ فهذا طَبْعُ الكَسول، ومَنْ كانت له بداية محرقة، كانت له نهاية مشرقة، ومَنْ كانت بدايته رماد، فالرماد لا يخلِّف إلا الرماد.
معاشر الطلاب: عليكم بتقوى الله والصلاة؛ فلا خير فيكم إذا ضيَّعتم الصلاة، تجمَّلوا بالدِّين والأخلاق واحترام المعلِّمين، وحقِّقوا لآبائكم ما يرجونه منكم.
ثم صلُّوا وسلِّموا على البشير النذير، والسراج المنير، سيد الخلق أجمعين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين. اللهم لا تفرِّق جمعنا هذا إلا بذنبٍ مغفور، وعيْبٍ مستور، وعملٍ متقبَّلٍ مبرور.
اللهم أصلح ذريَّاتِنا، واجعلهم -يا إلهي- صالحين مصلحين، هادين مهتدين، مبارَكين أينما كانوا، يا ربَّ العالمين.
اللهم لا تَدَع لنا في مقامنا هذا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرَّجته.
اللهم فرِّج همَّ المهمومين، واقضِ الدَّيْن عن المَدينين، وفُكَّ أسرَ المأسورين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين.
اللهم أصلح وليَّ أمرنا، وخُذْ بناصيته للبرِّ والتقوى، اللهم واجعل له بطانةً صالحةً تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر يا ربَّ العالمين.
(رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة:201]. (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) [الصافات:180].
التعليقات