عناصر الخطبة
1/ كثرة مظاهر السخرية من حجاب المرأة المسلمة والهجوم عليه 2/ أدلة وجوب الحجاب من القرآن والسنة 3/ أقسام رافضي الحجاب والرد عليهم 4/ فضل تربية البنات على الستر والفضيلة 5/ وصايا للآباء في تربية البنات.اهداف الخطبة
اقتباس
يرى دُعَاةُ المدَنِية أنَّ الحجاب مظهر من مظاهر التخلف، وأنه يمنع المرأة من الإبداع والرُّقي، ولكن نقول لهم: لقد تخلت المرأة المسلمة في معظم الدول العربية والإسلامية عن حجابها، وألقته وراء ظهرها، وداسَتْ عليه بأقدامها، وخرجت لتعمل مع الرجل، وشاركته معظم ميادين عمله!! فهل تقدمت هذه الدول بسبب تخلِّي نسائها عن الحجاب؟! وهل لحقت بركب الحضارة والمدنية بسبب اختلاط الرجال بالنساء؟! وهل أصبحت من الدول العظمى في مجلس الأمن؟! وهل تخلصت من مشاكلها الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والأخلاقية؟! ...
الخطبة الأولى:
الحمد لله العظيم شأنه، العزيز سلطانه، نحمده تعالى جعل الحياء شعبة من الإيمان، ومن لا حياء له فناقص إيمانه، ونشكره -عز وجل- أمر المرأة بالحجاب، والتزامِ الآداب، وعليها يقوم أساس البيت وبنيانه، ونعوذ به -تبارك اسمه- أن يحيف رجال زماننا ونسوانه، عن تعاليمه العظيمة، وما جاءت به سنة نبيه وقرآنه، القائل (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام: 153].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، حفظ حق المرأة وأعلى قدرها، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، ما ترك خصلة من الخير إلا ذكرها، ولا خصلة من الشر إلا وحذَّر الأمة عنها وزجرها.
اللهم فصلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه الذين حفظوا للنساء حقوقهن وألزموا المرأة خدرها، وعلى التابعين لهم بإحسان، الخائفين من قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأرُونَ * لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ) [المؤمنون: 64- 65].
أما بعد فيا عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله في السر والعلن.
أيها المسلمون: لقد دأبت الكثيرُ من وسائل الإعلام بين فترةٍ وأخرى على النيلِ والسخرية من حجاب المرأة المسلمة والهجوم عليه، واصفةً إياه بالتخلف والرجعية وعدم مواكبة التطور الذي نشهده؛ حيث إننا نعيش عصر الفضائيات والاتصالات والعولمة وغير ذلك من مظاهر التقدم العلمي والتكنولوجي.
وقد انقسم هؤلاء المبهورون بمدنية الغرب إلى أقسام عدة:
فمنهم من أنكر فرضية الحجاب بالكلية، ومنهم من أنكر غطاء الوجه، وذهب يدعو إلى السفور والاختلاط، ومنهم من تخبَّط فقال: إن الحجاب سجن يجب على المرأة أن تتحرر منه وتشارك الرجل مسيرته التقدمية نحو آفاق المدنية الحديثة!
ومنهم من اتهم الذين يدعون إلى الحجاب ونبذ التبرج والسفور أنهم ينظرون إلى المرأة نظرة جسدية، وهؤلاء جميعاً قد اشتركوا في الجهل والدعوة إلى الضلال، شاءوا أم أبوْا.
عباد الله: إن كلام أولئك المعجبين في الحضارة الغربية إن كلامهم باطل باطل، يبطل أولُه آخرَه، وآخرُه أولَه، قال تعالى: (وَلَتَعرِفَنهُم فِي لَحنِ القَولِ وَاللهُ يَعلَمُ أَعمالَكُم) [محمد: 30]. وأما دعوتهم فمؤامرة مكشوفة على المرأة المسلمة، وعلى الأسرة والمجتمع والأمة بأسرها.
أيها المسلمون: إن الحجاب عبادةٌ من أعظم العبادات، وفريضة من أهم الفرائض؛ لأن الله تعالى أمر به في كتابه، ونهى عن ضده وهو التبرج، وأمر به النبي في سنته ونهى عن ضده، وأجمع العلماء قديماً وحديثاً على وجوبه لم يشذّ عن ذلك منهم أحد، فتخصيص هذه العبادة –عبادة الحجاب– بعصر دون عصر يحتاج إلى دليل، ولا دليل للقائلين بذلك ولذلك فإننا نقول ونكرر القول: "لا جديد في الحجاب".
ولو لم يكن الحجاب مأموراً به في الكتاب والسنة، ولو لم يرد في محاسنه أيُّ دليل شرعي، لكان من المكارم والفضائل التي تُمدح المرأة بالتزامها والمحافظة عليها، فكيف وقد ثبتتْ فرضيَّتُه بالكتاب والسنة والإجماع؟!
ومن أدلة وجوب الحجاب في القرآن قوله تعالى: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 31]، قالت عائشة -رضي الله عنها-: "يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا" (رواه البخاري).
ومن أدلة وجوب الحجاب في القرآن قوله تعالى: (وَالقَوَاعِدُ مِنَ النسَاء اللاتي لاَ يَرجُونَ نِكَاحاً فَلَيسَ عَلَيهِن جُنَاحٌ أَن يَضَعنَ ثِيَابَهُن غَيرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ وَأَن يَستَعفِفنَ خَيرٌ لهُن وَاللهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ) [النور: 60].
وقوله تعالى: (يأَيهَا النبِي قُل لأزواجِكَ وَبَناَتِكَ وَنِسَاء المُؤمِنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِن مِن جَلابِيبِهِن ذلِكَ أَدنَى أَن يُعرَفنَ فَلاَ يُؤذَينَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رحِيماً) [الأحزاب: 59]، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلاليب".
قال الشيخ ابن عثيمين: "وتفسير الصحابي حُجّة، بل قال بعض العلماء: إنه في حكم المرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-".
وقوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلتُمُوهُن مَتَاعاً فاسأَلُوهُن مِن وَرَاء حِجَابٍ ذلِكُم أَطهَرُ لِقُلُوبِكُم وَقلُوبِهِن) [الأحزاب: 53].
عباد الله: وأما أدلة وجوب الحجاب من السنة: فهي كثيرة ومنها: عن ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "المرأةُ عَوْرةٌ، فإذا خَرَجَت استَشْرَفَها الشَيطانُ، وأَقْرَبُ ما تَكُونُ المرأةُ إلى وَجْهِ اللهِ إذا كانَت في قَعْرِ بَيْتِها" (الترمذي وصححه الألباني).
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: يُرْخِينَ شِبْرًا. فَقَالَتْ: إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ؟ قَالَ: فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا، لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ" (وَهذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ).
و عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ" (رواه البخاري).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذا مما يدلّ على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن".
عباد الله: يرى دُعَاةُ المدَنِية أنَّ الحجاب مظهر من مظاهر التخلف، وأنه يمنع المرأة من الإبداع والرُّقي، ولكن نقول لهم: لقد تخلت المرأة المسلمة في معظم الدول العربية والإسلامية عن حجابها، وألقته وراء ظهرها، وداسَتْ عليه بأقدامها، وخرجت لتعمل مع الرجل، وشاركته معظم ميادين عمله!!
فهل تقدمت هذه الدول بسبب تخلِّي نسائها عن الحجاب؟!
وهل لحقت بركب الحضارة والمدنية بسبب اختلاط الرجال بالنساء؟!
وهل أصبحت من الدول العظمى في مجلس الأمن؟!
وهل تخلصت من مشاكلها الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والأخلاقية؟!
الجواب واضح لا يحتاج إلى تفصيل. فلماذا إذاً دعاة المدنية والحضارة يدعون إلى التبرج والسفور والاختلاط؟!
أيها المؤمنون: إن المرأة في هذه البلاد –ولله الحمد– تعمل في كثير من المجالات التي تناسبها، فهناك الطبيبة، والمعلمة،، وأستاذة الجامعة، وغيرهن يؤدين دورهن في نهضة الأمة وبناء أجيالها، لم يمنعهن من ذلك حجابهن وسترهن وحياؤهن وعفتهن. ودون أن تكون سافرة أو متبرجة أو مختلطة بالرجال الأجانب. إن هذه التجربة التي خاضتها المرأة في بلادنا تثبت خطأ مقولة دعاة التبرج والاختلاط.
فاتقوا الله أيها المسلمون، وخذوا على أيدي نسائكم، وامنعوهن مما حرم الله عليهن من السفور والتبرج وإظهار المحاسن والتشبه بأعداء الله من النصارى ومن تشبه بهم، واعلموا أن السكوت عنهن مشاركة لهن في الإثم وتعرضٌ لغضب الله وعموم عقابه، عافانا الله وإياكم من شر ذلك.
واعلموا يا عباد الله أن المستقبل لهذا الدين.. وأن العاقبة للمتقين ولو كره الكارهون. واستغفروا ربكم إنه كان غفارا.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي جعل الرجال قوامين على النساء وأوجب عليهم أن يؤدوا إلى النساء حقوقهن ويقوموا بواجبهن ويراعوا ما عليهم نحوهن من المسؤولية الكبرى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أُنزل عليه: (وقَرنَ فِي بُيُوتِكُن وَلاَ تَبَرَّجنَ تَبَرجَ الجاَهِلِيةِ الأولَى) [الأحزاب: 33]، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهديهم اهتدى وسلم تسليما.
أما بعد فيا عباد الله: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من كانت له ثلاث بنات فصبر عليهن، وسقاهن، وكساهن؛ كنَّ له حجابًا من النار"، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ كُنَّ لَهُ ثَلاثُ بَنَاتٍ يُؤْوِيهِنَّ وَيَرْحَمُهُنَّ وَيَكْفُلُهُنَّ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ الْبَتَّةَ، قَالَ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ كَانَتْ اثْنَتَيْنِ ؟ قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ اثْنَتَيْنِ، قَالَ: فَرَأَى بَعْضُ الْقَوْمِ أَنْ لَوْ قَالُوا لَهُ وَاحِدَةً لَقَالَ وَاحِدَةً" (رواه أحمد بإسناد جيد وقال الألباني: صحيح لغيره).
وأخيرًا أيها الأب الكريم: أعرفت لماذا تدخل الجنة لتربية بناتك بالذات؟ لأنك إن أحسنت تربيتها صانتك وصانت عرضك وشرفك، فأدِّب بناتك ولا تنظر لعبث العابثين الذين يريدون أن ينالوا من فتياتنا وبناتنا، حافظ على بناتك ومن تحت يدك تكن سعيداً في الدارين , واجعل قدوتهن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن.
عباد الله: صلوا وسلموا على رسول الله.......
التعليقات