عناصر الخطبة
1/بعض فضائل النبي صلى الله عليه وسلم 2/الاتباع لسنة النبي صلى الله عليه وسلم هو الاحتفال الحقيقي بمولده 3/المكانة العظمى لنبينا صلى الله عليه وسلم 4/رسالة موجهة للتجار مع بعض النصائح 5/استنكار استخدام سلطات الاحتلال المياه العادمة ضد المصلين الطاهرين 6/رسالة لمراعاة حرمة الدماء 7/رسالة تضامن مع الأسرى والمعتقلين 8/بطلان أي قرار من محكمة إسرائيلية بشأن الأقصى المبارك

اقتباس

الرسالة الثالثة بشأن الأسرى الأبطال القابعين في السجون الإسرائيلية، إننا نطالب أولًا بأن يُعامَلوا معاملة إنسانية، أن يُعامَلوا معاملة أسرى حرب، لا أسرى مجرمينَ، إننا نطالب السلطات المحتلة أن تتعامل مع الصفقة الثانية لتحريرهم إن شاء الله، قولوا: إن شاء الله...

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله، الحمد لله رب العالمين.

 

الحمد لله إِذْ لم يأتني أجَلي *** حتى اكتسيتُ من الإسلام سِربالَا

 

الحمد لله حمد العابدين الشاكرين، ونستغفرك ربنا ونتوب إليك، ونتوكَّل عليك، ونُثني عليكَ الخير كله، أنتَ ربُّنا ونحن عبيدُكَ، نشكرُكَ ولا نَكفُرُكَ، لا ولاءَ إلا إليكَ، سبحانك فأنتَ ملاذُ المؤمنينَ الصادقينَ، حافظُ المسلمينَ المجاهدينَ، مُخزي السماسرة الملعونينَ، والبائعينَ الخائنينَ، هازم الكافرينَ المحتلينَ المتغطرسينَ، ونشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، القائل في سورة الإسراء: (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)[الْإِسْرَاءِ: 81]، وقال في سورة الأحزاب: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا)[الْأَحْزَابِ: 39].

 

اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام، واحفظنا بحفظك الذي لا يضام، واكلأنا بعنايتك في الليل والنهار، في الصحارى والآجام، ونشهد أن سيدنا وقائدنا، وقدوتنا وحبيبنا وشفيعنا محمدًا، عبد الله ونبيه ورسوله، صاحب الذكرى العطرة، ذكرى مولدِكَ يا سيدي يا رسول الله، وأنتَ القائل: "أَنَا ‌أَكْثَرُ ‌الْأَنْبِيَاءِ ‌تَبَعًا ‌يَوْمَ ‌الْقِيَامَةِ وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ"، والقائل من الحديث المطوَّل: "أَنَا ‌سَيِّدُ ‌وَلَدِ ‌آدَمَ ‌يَوْمَ ‌الْقِيَامَةِ ‌وَلَا ‌فَخْرَ، ‌وَبِيَدِي ‌لِوَاءُ ‌الْحَمْدِ وَلَا فَخْرَ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ يَوْمَئِذٍ آدَمَ فَمَنْ سِوَاهُ، إِلَّا تَحْتَ لِوَائِي، ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفَّع"، والقائل في حديث شريف ثالث: "أسعدُ الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه ومن نفسه"، فقولوا أيها المصلون: لا إله إلا الله، قولوها خالصةً من قلوبكم؛ لتناولوا شفاعةَ حبيبكم، محمد -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة، صلى الله عليك يا حبيبي يا رسول الله، وعلى آلك الطيبين الطاهرين المبجَّلين، وصحابتك الغُرّ الميامين المحجَّلين، ومن تبعكم واجتهد اجتهادَكم إلى يوم الدين.

 

أما بعدُ: فيقول الله -عز وجل- في سورة الجمعة: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)[الْجُمُعَةِ: 2]، صدق الله العظيم.

مُحَمَّدٌ أَشْرَفُ الأعْرَابِ والعَجَمِ *** مُحَمَّدٌ خَيْرُ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَمِ

مُحَمَّدٌ تاجُ رُسْلِ اللهِ قاطِبَةً *** مُحَمَّدٌ صادِقُ الأَقْوَالِ والكَلِمِ

مُحَمَّدٌ نُورُهُ الهادِي مِنَ الظُّلَمِ *** مُحَمَّدٌ خَاتِمٌ لِلرُّسْلِ كُلِّهِمِ

 

صلى الله عليك يا حبيبي يا رسول الله.

 

أيها المصلون، أيها المسلمون، يا أبناء أرض الإسراء والمعراج: لقد شهدت مدينة القدس يوم الثلاثاء الماضي، شهدت يومًا مشهودًا من أيام الله، فالله -سبحانه وتعالى- يقول في سورة إبراهيم: (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ)[إِبْرَاهِيمَ: 5]، وسُئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صوم يوم الإثنين فقال: "فيه وُلِدتُ وفيه أُنزِلَ عليَّ".

 

أيها المسلمون، أيها المرابطون، أيتها المرابطات وكلنا مرابطون: نعم في هذا اليوم (الثلاثاء) فَرِحَ الأقصى بزُوَّاره وبأحبابه، فقد زحفَتْ عشراتُ الآلاف، ممَّن استطاعوا الوصول إليه، من أنحاء فلسطين، من البحر إلى النهر، وهذا ما أغاظ الأعداء، فحاولوا أن يعكروا الأجواء على المسلمين، هذا وقد فرح رسولنا الكريم الأكرم، محمد -صلى الله عليه وسلم- وابتهج أيضا بالوفود التي أمَّت المسجد الأقصى المبارك، بالاحتفال والاحتفاء بمولدك يا رسول الله، فلا يكون مبتهجًا أكثر وأكثر إلا بعد أن نُحيي سُنَّتَه، في أقوالنا وأفعالنا وتصرفاتنا، وأن نُبلور جوهرَ الإسلام في عقولنا وقلوبنا، وأن نُجسِّد هذا الدينَ العظيمَ، في واقعنا وفي حياتنا اليومية، وأن نحتكم للقرآن الكريم، وللسنة النبوية المطهَّرة، ويقول سبحانه وتعالى في سورة النساء: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[النِّسَاءِ: 65]، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: "تركتُ فيكم أمرين لن تضلُّوا ما تمسكتُم بهما؛ كتاب الله وسنة رسوله"، فَدِينُنا الإسلاميُّ العظيمُ، هو دينُ العزةِ والكرامةِ، دينُ الرحمةِ والحضارةِ، دينُ الدولةِ والعالميةِ، والحمدُ لله على نعمة الإسلام.

 

أيها المسلمون، يا أبنا أرض فلسطين العزيزة: إن نبينا -صلى الله عليه وسلم- الذي رفَع اللهُ قدرَه، بقوله: (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ)[الشَّرْحِ: 4]، ولم يفلح الصليبيون الحاقدون من الاستهزاء والسخرية به، من خلال الرسومات فيقول عز وجل في سورة الحج: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)[الْحِجْرِ: 95]، نعم، إنه النبي الذي منحه الله الشفاعة وانفرَد بها دون سائر الأنبياء والمرسلين، نعم إنه شفيعنا يوم القيامة، فماذا يقول -عليه الصلاة والسلام-؟ إنه يقول: "أُمَّتِي أُمَّتِي"؛ وذلك حرصًا على الأمة الإسلامية التي هي أكثر الناس عددًا يومَ القيامة، في حين أن كل نبي من الأنبياء يقول: نفسي نفسي، ولكِنْ لا شفاعةَ لمن ينكرون السُّنَّة النبوية المطهَّرة؛ فهم من التافهين الساقطين، لا شفاعة للمُطبِّعينَ المنبطحينَ، لا شفاعةَ للمنسِّقِينَ أمنيًّا المستسلمينَ، لا شفاعةَ للسماسرة المجرمينَ الضالينَ، لا شفاعةَ لبائعي الأراضي الخائنين الملعونين.

 

يا سيدي يا رسول الله: كلما طالعنا سيرتك الشريفة، زاد يقيننا وإيماننا بأنك لم تَيْأَسْ من رَوْحِ اللهِ أبدًا، وأنكَ لم تتخذ سوى الله عونًا وعضدًا، وكلما طالَعْنا سيرتَكَ العطرةَ ثبَت الإيمانُ في قلوبنا، ودبَّ الأملُ في جوانحنا بالنصر والتمكين، فلا يعترينا يأس ولا إحجام، ولا ينالنا خوف ولا استسلام.

 

سيدي صاحب الذكرى: إنك نبي هذه الأمة، ونحن أتباعك، ولن نتخلى عن رسالة الإسلام السامية التي بعثها الله من خلالك، لقد كنتَ يا حبيبي يا رسول الله وما زلت نجمًا ساطعًا تُضيء للعالَم طريقَ الهداية والفَلَاح.

إِنَّ الرسولَ لَنورٌ يُستضاءُ بِهِ *** مُهَنَّدٌ مِنْ سيوفِ اللهِ مسلولُ

 

فسلام الله عليكَ من المؤمنينَ الصابرينَ المحتسبينَ في فلسطينَ، وفي بيت المقدس، ومن المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى المبارك، سلام الله عليكَ يوم مولدك، ويوم بعثتك، ويوم إسرائك إلى هذه الأرض المباركة المقدسة، ويوم انتقالك إلى الرفيق الأعلى.

 

ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فيا فوز المستغفرين.

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد النبي الأمي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما صليتَ على آلِ إبراهيمَ، وبارِكْ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما باركتَ على آل إبراهيمَ، إنكَ حميدٌ مجيدٌ.

 

أيها المصلون: قبل البدء في الخطبة الثانية ألفت نظر المصلين الكرام بالحفاظ على حرمة الأقصى بجميع ساحاته، ومرافقه، بعدم رفع الأصوات والضجيج، وعدم تناول الدخان الذي هو وباء كبير؛ حفظًا على حرمة الأقصى.

 

أيها المصلون، يا أبناء أرض الإسراء والمعراج: أتناول في هذه الخطبة أربع رسائل وبإيجاز.

 

الرسالة الأولى: موجَّهة إلى إخواننا التجار، في مدينة القدس، لنبارك لهم تجارتهم، ولنبارك أموالهم، في الوقت نفسه نطالبهم أن يستمروا في فتح المحلات التجارية إلى ما بعد صلاة العِشاء على أقل تقدير، وبخاصة في هذا الفصل حيث ساعات النهار تتناقص، وساعات الليل تتزايد؛ وذلك حتى تبقى مدينةُ القدس عامرةً بأهلها، فلا مبرر لإغلاق المحلات مبكِّرًا، ثم نطالبكم أن ترحموا المستهلكينَ في الأسعار، سواء في المواد الغذائية أم في الملابس؛ حتى لا يضطر المواطنون إلى التسوق خارجَ مدينة القدس.

 

هذا ونستنكر استخدام سلطات الاحتلال للمياه العادمة، ذات الروائح الكريهة، أثناء ملاحقة الشباب والفتيان والأطفال، في منطقة باب العامود بالقدس؛ مما أدى إلى إلحاق أضرار بالغة ببضائع المحلات التجارية؛ نتيجة رش المياه العادمة في المنطقة، ويتوجب على السلطات المحتلة الكف عن إيذاء الناس، والكف عن الاعتقالات، والكف عن التعرض لأرزاق المواطنين.

 

أيها المصلون، يا أبناء فلسطين العزيزة: الرسالة الثانية بشأن تحريم القتل العمد، وتحريم الثأر، ومع الأسف المؤلم، هناك انتشار للقتل والعمد وللطعن فيما بين الناس، حتى زاد عدد الضحايا عن مائة شخص منذ بداية هذا العام، وهذا يؤدي إلى تمزيق النسيج الاجتماعي، بالإضافة إلى اضطراب في الأمن، وإلى حدوث الخوف والذعر في الناس، ونُحمِّل السلطاتِ المحتلةَ المسئوليةَ الكاملةَ عن عدم ملاحقتهم للقتلة المجرمين.

 

أيها المصلون، يا خير أمة أخرجت للناس: الرسالة الثالثة بشأن الأسرى الأبطال القابعين في السجون الإسرائيلية، إننا نطالب أولًا بأن يُعامَلوا معاملة إنسانية، أن يُعامَلوا معاملة أسرى حرب، لا أسرى مجرمينَ، إننا نطالب السلطات المحتلة أن تتعامل مع الصفقة الثانية لتحريرهم إن شاء الله، قولوا: إن شاء الله، ونقف إلى جانب الأسرى الْمُضرِبينَ، نسأل اللهَ لهم التحريرَ والشفاءَ.

 

أيها المصلون، يا خير أمة أخرجت للناس: الرسالة الرابعة والأخيرة: بشأن المسجد الأقصى المبارك؛ لأن الأقصى لا يزال تُحدِق به مخاطرَ متعددةً، وكان آخرُها ما صدَر عن محكمة الاحتلال بالسماح لليهود بأداء صلوات صامتة في رحاب الأقصى، وهذا قرار باطل؛ لأن المحكمة ليست ذات صلاحية، وليس صاحبة اختصاص، وأن إصدار قرارات تتعلق بالأقصى هي قرارات باطلة؛ لأن الأقصى مرتبط بقرار إلهي رباني من سبع سماوات، فهو أسمى من أن يخضع لقوانين بشرية، ونؤكد للمرة تلو الأخرى بأن الأقصى هو للمسلمين وحدهم، ولا تنازل عن ذرة تراب منه.

 

ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نقول: حماك الله يا أقصى، قولوا: آمين.

 

أيها المصلون: الساعة ساعة استجابة فأمِّنوا من بعدي: اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وفرِّج الكربَ عنَّا، اللهم احمِ المسجدَ الأقصى من كل سوء، اللهم ارحم شهداءنا، وشافِ جرحانا، وأطلِقْ سراحَ أسرانا، اللهم هيِّئ مَنْ يوحِّد المسلمينَ، ويحذو حذوَ صلاح الدين، اللهم إنَّا نسألُكَ توبةً نصوحًا، توبةً قبل الممات، وراحةً عند الممات، ورحمةً ومغفرةً بعد الممات، اللهم انصر الإسلام والمسلمين، وأعلِ بفضلك كلمتَي الحقِّ والدينِ، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.

 

(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 45]

 

المرفقات
J4j3tSy4e1Lxl3xILEsB2o7cl4XEY4Eyf7ykOV1M.doc
HMV18G0fJvYxNrP1RYz1U8BVwzWjzWi2OnBME0T7.pdf
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life