الأمراض والطواعين ابتلاء وعقوبة - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات:

اقتباس

ونحن نعايش هذا الداء ونتخوف منه، لا بد أن يُقذف في روع كل واحد منا، أن له أجلاً قد قُدِّرَ، فلا هو بالذي يتقدم عليه ولا هو بالذي يتأخر عنه، بل ستموت في حينك الذي قدره الله، ولا يغني حذر من قدر كما قيل، كما أن الفرار...

 

تهاجم بلادنا منذ فترة أمراض وأوبئة لم تعرفها الأمة بل لم يعرفها العالم أجمع عبر تاريخه، لم يُكتشف كنهها، ولا اختُرعت أدوية تزيل آثارها المدمرة الفتاكة حتى الآن، بدءًا من أنفلونزا الطيور، ومرورًا بأنفلونزا الخنازير، وانتهاءً بكورونا، ولا تزال الأسرة في بلادنا تعيش في حالة من القلق والخوف والرعب خوفًا من إصابة أحد أفرادها بالمرض أو انتقاله إليه؛ ذلك أن هذا فيروس المرض الأخير -كورونا- سريع التغير، وربما أصاب الإنسان دون أن يكون له عوارض مزعجة أو مختلفة عن غيره من الأمراض.

 

وهذا الداء -وهو مرض كرونا- بتنا في مقدمة الدول التي أصيبت به، فقد أصيب به -بحسب الإحصائيات المعلنة- من أهلنا من هذا البلد ما يربو عن المائتين، وقد توفي قريب من النصف، وفي المؤشرات العالمية يعد وباءً؛ وذلك إن تعدت الوفاة من مرض من الأمراض مائة أو يزيد، ومهما يكن من أمر فإن اخترام هذه الأنفس وبسبب من هذه الأمراض يعد مصيبة وخسارة للمجتمع الصغير الأسرة، وكذلك للمجتمع الكبير الدولة، ولا يخفاكم أن وقوع هذه الأمراض بين الناس يعد مصيبة بالمعنى الشرعي كذلك. قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيْبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيْكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ).

 

وهي من الله القدير –سبحانه-! ليراجع الخلق أنفسهم وما أحدثوا من شرور وآثام، ولا يكاد يسلم البشر وبحسب طبيعتهم من هذه الموبقات، وقد كَثُرَت في هذا الزمان، ولا يؤاخذون بها ماداموا يحدثون التوبة تلو التوبة، كما أنهم لا يؤاخذون بها مادامت سراً، لكن لما أعلنوا بها جاءهم أمر الله من كوارث ومصائب وأمراض، ولا يهلك على الله إلا هالك؛ لذا التواصي بالخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حصانة من تلك المهلكات والجوائح لو علمنا؛ لذا لا بد أن تدركوا وتؤمنوا أن تغير الأحوال من حولنا أو في بلادنا كائن بسبب من تقصيرنا كما في الآية السالف ذكرها: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيْبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيْكُمْ...).

 

ولا يغرنكم ما يقال من بعض المفتونة قلوبهم من أنه ليس لعمل الإنسان أثرٌ في تغيرات الأرض، بل إن له الأثرَ الكبير في ذلك: (ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِ وَالبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، ففسادها بسببك وصلاحها كذلك بسببكم؛ إن أطعتم الله صلح حالكم، وإن عصيتم الله فسدت تلك الحال، وعفو الله فوق ذلك (وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)، وإلا لو عاملنا بما نستحق لم نكن شيئاً مذكوراً؛ لذا أول ما تواجه به هذه النكبات والأوبئة التوبة من العباد لله عما أحدثوا؛ جميعاً وفرادى، ولا يقل أحد -مهما كان صلاحه- بأنه منزه من التقصير، بل كلنا مقصر، والله يعفو ويتكرم سبحانه، فتوبوا إلى الله جميعاً -أيها المؤمنون- لعلكم تفلحون.

 

وهنا التفاتة نحو دولتنا -أعانها الله-، ونحسب أنها لم تقصر، وهي تبذل الجهود من أجل الوطن والمواطن، لكننا نرغب إليها أن تستحث الخطى نحو توعية واعية شاملة تشخص الداء وترسم الدواء، وأن تشكل لجاناً على أعلى المستويات لتحقيق السلامة، وألا تترك الأمور إلى اجتهاد وزير من هنا أو هناك، فهذه الأزمات لو وقعت في دول أخرى لأديرت من أعلى رجالات البلد، فهو أمر ليس بالبسيط، بل يتعلق بأرواح شعب كامل، وفي هذا الظرف الخطير لا زلنا ندير أمورنا بعقلية الرجل الواحد، وخير دليل على ذلك تعيين الوزير الجديد مستشاراً متخصصاً في ذلك المرض، وهذا من بدايته فشل، فالعقل الجمعي في هذه الأمور وممن عايش المصيبة خير من العقل الفردي، كما أن استقطاب الخبرات من الدول الأخرى ذات الخبرة ركيزة مهمة في العمل الإصلاحي.

 

ونحن نعايش هذا الداء ونتخوف منه، لا بد أن يُقذف في روع كل واحد منا، أن له أجلاً قد قُدِّرَ، فلا هو بالذي يتقدم عليه ولا هو بالذي يتأخر عنه، بل ستموت في حينك الذي قدره الله، ولا يغني حذر من قدر كما قيل، كما أن الفرار من البلاد التي وقع فيها الوباء لا يعصمك منه، بل إن الشرع المطهر أبان لنا أنه إذا وقع الطاعون في بلد وأنت فيها فلا تخرج منها، وإن وقع في بلد وأنت خارجها فلا تدخلها، هذه وصية نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، والعالم اليوم يعمل في ضوئها، وفي هذا حد من انتشار الأمراض، وهذا الأمر يعزز لدينا الدافع الذاتي ويشعر الإنسان بمسؤوليته، فإذا أصبت بهذا المرض الخطير، فاعزل نفسك عن الناس من قريب وبعيد، واذهب للتشافي منه؛ لئلا تصيب قريباً أو عزيزاً، وأنت مأجور على ذلك، وإن فعلت غير ذلك فأنت مأزور، وأحب للناس ما تحب لنفسك، ولا عاصم من أمر الله إلا من رحم.

الخطبة الأولى:
الخطبة الثانية:
الخطبة الثالثة:
الخطبة الرابعة:
الخطبة الخامسة:
الخطبة السادسة:
الخطبة السابعة:
الخطبة الثامنة:
الخطبة التاسعة:
الخطبة العاشرة:
العنوان
الأشراط الصغرى للساعة (7) الموت بالأوبئة 2014/05/01 171424 2318 184
الأشراط الصغرى للساعة (7) الموت بالأوبئة

وَمِمَّا أَخْبَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ وُقُوعِهِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ انْتِشَارُ المَوْتِ فِي النَّاسِ، وَكَثْرَةُ مَوْتِ الْفَجْأَةِ؛ وَذَلِكَ يَكُونُ بِالزَّلَازِلِ وَالْبَرَاكِينِ وَالْأَوْبِئَةِ وَالْأَعَاصِيرِ وَالْغَرَقِ، كَمَا يَكُونُ بِالْحُرُوبِ وَالمَلَاحِمِ وَالْفِتَنِ. وَالْإِنْسَانُ هُوَ المُفْسِدُ الْأَعْتَى فِي الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الظُّلْمُ وَالْجَهْلُ، وَأَكْثَرُ فَسَادِ الْأَرْضِ وَمَوْتِ الْبَشَرِ وَالْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ إِنَّمَا كَانَ بِإِفْسَادِ الْإِنْسَانِ، وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ كَثْرَةَ الْهَرْجِ، وَهُوَ الْقَتْلُ...

المرفقات

الصغرى للساعة (7) الموت بالأوبئة

الصغرى للساعة (7) الموت بالأوبئة - مشكولة

المرفقات
بوست043-الأمراض-والطواعين-01.jpg
بوست043-الأمراض-والطواعين-02.jpg
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life