عناصر الخطبة
1/وجوب الإيمان بالملائكة 2/أوصاف الملائكة وأشهر أسمائهم 3/أبرز أعمال الملائكة 4/خطورة إنكار الملائكة والكفر بهم.

اقتباس

وجوب الإيمان بالملائكة ووجودهم وأسماءهم وأعمالهم وغير ذلك مما وصفهم الله في القرآن الكريم أو السّنة المطهرة من غير تشبيه أو تكييف، ومن يكفر بهم فقد كفر بركن من أركان الإيمان، وقد ضل ضلالا بعيداً. ومما ينبغي الحذر منه: وجود الملائكة الرقيب والعتيد والحفظة معنا، تكتب ما تعمل أو تقول؛ فإنهم يسجلون عليك أعمالك...

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

 

وبعد: فإن الحديث في هذه الخطبة عن الركن الثاني من أركان الإيمان الستة؛ ألا وهو الإيمان بالملائكة، والإيمان بهم يجب من حيث أربع أمور، وهي:

 

1- الإيمان بوجودهم وأسمائهم وأعمالهم وأوصافهم، وهو من أركان الإيمان، ولا يجحد في ذلك إلا ملحد أو مكابر؛ لوجود نصوص كثيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية، قال -تعالى-: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا)[النساء:136].

 

ولتعلم أن أعداد الملائكة كثيرة جداً؛ حيث "يدخل البيت المعمور الذي في السماء السابعة كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه"؛ كما أخبر جبريل النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما صعد إلى السماء؛ فيا ترى كم دخل هذا البيت من الملائكة منذ أن خلق الله الدنيا؟!

 

ومما يدل على كثرة الملائكة قول -صلى الله عليه وسلم-: "إنِّي أَرى ما لا ترَوْنَ، وأسمَعُ ما لا تَسمَعونَ، أطَّتِ السماءُ وحُقَّ لها أنْ تَئِطَّ، ما فيها مَوضِعُ أربعِ أصابعَ إلّا عليه مَلَكٌ ساجدٌ، لو عَلِمْتم ما أعلَمُ؛ لضَحِكْتم قَليلاً، ولبَكَيْتم كَثيرًا، ولا تلَذَّذْتم بالنساءِ على الفُرُشاتِ، ولخَرَجْتم على -أو إلى- الصُّعُداتِ تَجْأَرونَ إلى اللهِ"(رواه الترمذي).

 

وقال -صلى الله عليه وسلم- في صحيح مسلم: "يُؤْتى بجَهَنَّمَ يَومَئذٍ لها سَبْعُونَ ألْفَ زِمامٍ، مع كُلِّ زِمامٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَها"، وعددهم ما يقارب أربعة آلاف وسبعمائة مليون ملك، (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)[لقمان:11].

 

2- الإيمان بأسمائهم، ومنهم مَن علّمنا الله أسماءهم؛ كجبريل -عليه السلام- الموكَّل بالوحي: (قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ)[البقرة:97-98].

 

 وجبريل هو من أجلّ وأشرف الملائكة، وميكائيل المسؤول عن إنزال المطر وإنبات النبات، ومعه ملائكة يسوقون الرياح والسحاب كما يشاء الله -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ * يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ)[النور:43-44].

 

ومنهم مالك خازن النار (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ)[الزخرف: 77]، قال ابن عباس -رضي الله عنه-: "مكث أهل النار ينادونه فلا يرد عليهم إلا بعد ألف عام، ويقول لهم: إنكم ماكثون، وصورته كريهة، ولم يضحك قط منذ أن خلق الله النار.

 

ومنهم رضوان خازن الجنة، ومنهم إسرافيل المسؤول عن النفخ في الصور.

 

أما أوصاف الملائكة -عليه السلام- فلهم أجنحة مثنى وثلاث ورباع، فهم مخلوقون من نور كما أخبر -عليه الصلاة والسلام- قال: "خلق الله الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم"؛ أي من طين (رواه مسلم).

 

وأعظم الله خلقهم؛ حيث إن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى جبريل وله ستمائة جناح كل جناح قد سد الأفق، وقد أدخل جبريل أحد أجنحته تحت قرى قوم لوط الخمس، ثم رفعها إلى السماء، ثم قلبها، فما بالكم بحَمَلة العرش؟! قال -صلى الله عليه وسلم-: "أُذِنَ لي أن أُحدِّثَ عن مَلَكٍ مِن ملائكةِ اللهِ، مِن حمَلةِ العَرْشِ: إنَّ ما بين شَحْمةِ أُذُنِهِ إلى عاتقِهِ مسيرةُ سَبعِ مِئةِ عامٍ"(رواه أبو داود وصححه الألباني).

 

فتفكروا -عباد الله- في هذه المخلوقات العظيمة؛ فأين نِسبة خَلقنا منهم، إنها مخلوقات عظيمة، ومع ذلك فهم خاضعون لله خائفون من الله (يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)[النحل:50]، فهل نحن نعظم الله ونخاف من الله (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)[الزمر: 67].

 

نسأل الله أن يجعلنا من المُعظّمين لله العاملين بشرعه الخائفين منه.

 

ونسأل الله أن يرينا الحق حقًّا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

 أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم .

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد صلى الله عليه وآله وصحبه أجمعين.

 

وبعد: فإن الملائكة كما ذكرت مخلوقين من نور، ولا يُوصفون بالذكورية ولا الأنوثة، ولا يأكلون ولا يشربون ولا يتزاوجون، ولا يملون ولا يتعبون: (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ)[الأنبياء:20].

 

ومما ينبغي أن نؤكد عليه في الخطبة هو وجوب الإيمان بالملائكة ووجودهم وأسماءهم وأعمالهم وغير ذلك مما وصفهم الله في القرآن الكريم أو السّنة المطهرة من غير تشبيه أو تكييف، ومن يكفر بهم فقد كفر بركن من أركان الإيمان، وقد ضل ضلالا بعيداً.

 

ومما ينبغي الحذر منه: وجود الملائكة الرقيب والعتيد والحفظة معنا، تكتب ما تعمل أو تقول؛ فإنهم يسجلون عليك أعمالك خيرًا كانت أم شرًّا (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)[ق:18]، ومنهم مَن يحفظ المؤمن من أيّ مكروه (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ)[الرعد:11]، نسأل الله أن يحفظنا بحفظه.

 

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

 

ألا وصلوا على سيدنا محمد كما أمركم الله -عز وجل-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56].

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك.

 

 اللهم لا تدع لنا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرَّجته، ولا دَيْنًا إلا قضيته، ولا عسرًا إلا يسَّرته، ولا مريضًا إلا شفيته.

 

 اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

المرفقات
EWkCKJ1aGJ95YCwuqlzrMnHYh861NdygkpvvSwPT.doc
eP0PyD1z7mpioVyZ37hHQVfmygmJ0emC9FJYXH39.pdf
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life