عناصر الخطبة
1/وقفة تأمل في ضياع الأوقات 2/ من معاصي الشباب في السهر 3/ حال المعلمين والأبوين في التعامل مع هذا الأمر 4/ ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر5 / أهمية الحذر من أن تشغلنا دنيانا عن آخرتنا 6/ أضرار السهراهداف الخطبة
تبيين خطورة ضياع الانتفاع من الإجازة / تخويف الآباء من ترك أبنائهم بدون تربيةاقتباس
إن واقع الأكثرين يندى له الجبين، وتصرفاتهم لا ترضي رب العالمين، سهر على ما لا فائدة فيه، ونوم عما يقرب إلى الله، أوقات تضيع وساعات تهدر، وصلوات تضاع ومساجد تهجر، إقبال على اللهو والدنيا، وغفلة عن المصير والأخرى ( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون * ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون، لاهية قلوبهم )
أما بعد:
فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله في السر والعلن، وطاعته في المنشط والمكره، وذكره في الرخاء والشدة، صححوا إسلامكم وحققوا إيمانكم، وامتثلوا أمر ربكم في كل شأنكم، ولا تدلوا على الله بأعمالكم، فإن ( وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ) [ النحل:53] (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ* وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ) [فاطر:15-17].
أيها المسلمون: لو ألقينا نظرة فاحصة على أحوال الناس في هذه الإجازة، وخصوصًا صغار السن والشباب، ومن عندهم إجازة من الموظفين والعاملين، وتفكرنا في برنامجهم اليومي وماذا يعملون؟ متى ينامون ومتى يصحون؟ وأين يذهبون ومن يصاحبون؟ كيف حالهم مع أوامر الله ونواهيه؟ هل هي تحتل الصدارة بين اهتماماتهم وتعطى الأولوية من شؤونهم؟ أم أنها تأتي في المؤخرة حسب الفراغ والمزاج؟.
إننا لو تفكرنا في ذلك كله بعين البصر والبصيرة - لوجدنا واقعًا يطابق حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ يقول: " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ ".
إن واقع الأكثرين يندى له الجبين، وتصرفاتهم لا ترضي رب العالمين، سهر على ما لا فائدة فيه، ونوم عما يقرب إلى الله، أوقات تضيع وساعات تهدر، وصلوات تضاع ومساجد تهجر، إقبال على اللهو والدنيا، وغفلة عن المصير والأخرى ( اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ) [الأنبياء:1-3].
حالهم كما قال -صلى الله عليه وسلم- فيما صح عنه: " اقتربت الساعة، ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصًا، ولا يزدادون من الله إلا بعدًا ".
لقد أصبح كثير من الشباب يفكرون في كل شيء إلا فيما يقربهم إلى الله، ويرفهون أنفسهم بغير طاعة الله، يسافرون لكل مكان ويذهبون يمنة ويسرة، ويدفعون الغالي والثمين ويتعبون، كل ذلك من أجل إسعاد أنفسهم وشرح صدورهم، وإذهاب غمومهم وتفريج همومهم، وتالله ما في ذلك من عيب ولا منقصة، ولكن المشكلة والمصيبة أن تلك الأجسام التي تتعب في طلب الدنيا والترفيه عن النفوس كثيرًا ما تخون أهلها عند الطاعة وفعل الخير، وعادة ما تخذل أصحابها إذا طلبوها فيما فيه نجاتهم وفوزهم:
يا متعب الجسم كم تسعى لراحته *** أتعبت نفسك فيما فيه خسران
أقبل على النفس فاستكمل فضائلها *** فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
لقد قلب فئام من الشباب سنة الله في الصحو والمبيت، فجعلوا الليل نهارًا والنهار ليلاً، فصاروا يسهرون الليل على حقير الأمور وسافلها، وينامون في النهار عن عظائمها ومعاليها، يسهرون على مشاهدة القنوات الفضائية، ويعكفون على الشبكة العنكبوتية، اعتادوا الجلوس على الأرصفة أو في الشعاب، وألفوا تقطيع الوقت في الذهاب والإياب، شغفوا بالمكالمات والرسائل الهاتفية والمحادثات، في شؤون ساقطة وأمور حقيرة، من ألغاز باردة وأشعار سامجة، وطرائف متكلفة وحب وغزل، إلى ادعاءات كاذبة وافتراءات ملفقة، ورسوم فاحشة وكلام داعر، فإذا أذن المؤذن مناديًا للصلاة داعيًا إلى الفلاح، أحس أحدهم أنه كان ساهرًا طوال ليله، وأن التعب والإرهاق قد أخذ منه كل مأخذ، وأنه الآن بحاجة إلى النوم؛ ليريح جسمه وأعصابه، وليس في مقدوره أن يصبر ولو دقائق يؤدي فيها الصلاة، لا مع الجماعة في المسجد كالرجال، ولا وحده في البيت كما تصلي النساء، فيدخل غرفته ويوقظ مكيفها ويطفئ أنوارها؛ لينام هو ناعم البال هنيًا، تاركًا صلاة الفجر وراءه ظهريًا.
ويظل على هذه الحال المزرية طوال النهار، تمر به صلاة الظهر فلا يحس بها، وتناديه صلاة العصر فلا يسمع مناديها، وتصيح به صلاة المغرب فيتصامم عنها، فإذا صحا بعد المغرب أو قرب العشاء، فإن كان فيه بقية من خير وحياء، جمع ما فاته من صلوات، ينقرها كنقر الغراب دم الجيفة، ظنًا منه أن ذلك يغني عنه من الله شيئًا، وإن كان من الذين استحكمت غفلتهم وهزلت عقيدتهم، قام كالحمار له نهيق أو كالتيس له نبيب، لا يبحث إلا عن أكل يسد به جوعه، أو شرب يطفئ سعار عطشه، فيملأ بطنه من نعم ربه الذي طالما نسيه وعصاه، ثم يخرج ليمارس عاداته الشيطانية ويقضي شهواته الإبليسية؛ سهرًا ولعبًا، ولهوًا وعبثًا، وغناء ومجونًا، سعيًا فيما لا يرضي الله، وإيذاءً لعباد الله، وبحثًا عن الأشرار لاقتناص الأغرار، ويظل على لهوه ولعبه طول ليله، في سهو مهلك وغفلة مميتة، لا يوقظه منهما إلا أذان الفجر وداعي الخير، ليعود إلى نهار نوم وخمول جديد.
هذه -باختصار شديد- هي حال جل شبابنا وطلابنا في الإجازة إلا من رحم الله، بل إنها وللأسف، حال بعض معلمينا الأعزاء، الذين بدلاً من أن يأخذوا بأيدي الشباب إلى ما ينفعهم ويقربهم إلى الله، ويشغلوا أوقات فراغهم بما يحقق لهم أمنهم وأمن أمتهم ومجتمعهم، أقول إنهم بدلاً من ذلك استبدلوا الأدنى بالذي هو خير، فهبطوا بأنفسهم إلى مستوى هؤلاء النشء الذين لا يَعون بواطن الأمور، فوافقوهم على السهر معهم وقضاء الوقت فيما لا ينفع عند الله، وأعانوهم على شغله بما لا تحمد عقباه.
وأسوأ من هؤلاء المعلمين الضعفاء حالاً وأعظم جرمًا وجريرة، ذلك الأب المهمل الغافل، المشغول بطلب الدنيا ومكابدتها، المغرق في جمع الأموال وتنميتها، قد اهتم بكل شيء إلا إصلاح نفسه وولده الإصلاح الحقيقي.
للدوام من اهتمامه نصيب، وللأصدقاء من وقته جزء كبير، ولحضور الولائم والدعوات عنده قدر عظيم، قد جعل من بيته مشروع تسمين ومكان ترفيه، فملأه بما لذ وطاب من طعام وشراب، وهيأه بما جد من فرش وتكييف وملابس، وجلب فيه الحاجات والكماليات، ثم توج ذلك بأجهزة اللهو والباطل؛ ليتفرغ هو بعد ذلك لأعماله ومواعيده، تاركًا ذلك البيت وأهله يموج بعضهم في بعض، يصلي من شاء ويتركها من شاء، يذكر الله من شاء وينساه من شاء، لا رقيب ولا حسيب، ولا داعي ولا مجيب.
والأم المسكينة المغلوبة على أمرها، صاحت بالأولاد وأيقظتهم، وأمرتهم ونهتهم، فلما لم تجد ممتثلاً ولا مجيبًا، ولا وليًا ولا رقيبًا - استسلمت لهذا الواقع المؤلم ورضخت له، ثم ما لبثت أن شاركت فيه رغمًا عنها، فأصبح البيت كدولة بلا رئيس أو كإدارة بلا مدير، سيماه الفوضى وعدم التقدير، وشعاره التمرد والعصيان، لا آمر بمعروف ينتصح بنصحه، ولا ناهي عن منكر يخشى من غضبه لله.
ونسي القوم -أو تناسوا- في غمرة هذه الحياة المادية الصاخبة، أن سبب هلاك بني إسرائيل ولعنهم، أنهم كانوا لا يأمرون بالمعروف ولا يتناهون عن المنكر؛ فقد روى الترمذي وأبو داود -واللفظ له- عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل، أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع به، فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد وهو على حاله، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض " ثم قال: " ( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون * ترى كثيرًا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرًا منهم فاسقون ) " ثم قال -صلى الله عليه وسلم-: " كلا والله، لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولَتَأْطُرنه على الحق أطرًا، ولَتَقْصُرنه على الحق قصرًا، أوْ لَيَضْرِبنّ الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم ليلعننكم كما لعنهم ".
ألا فاتقوا الله -عباد الله- شيبًا وشبابًا، وقوموا بأمره معلمين وطلابًا، واستعينوا بالصبر والصلاة، تعاونوا على البر والتقوى وطاعة الله، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ومعصية الرسول، عودوا إلى رشدكم صغارًا وكبارًا، وتوبوا إلى ربكم؛ إنه كان للأوابين غفارًا، واعبدوا ربكم حتى يأتيكم اليقين، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
واعلموا أن المرء وإن كان في إجازة من أعمال الدنيا أو الدراسة، فإنه لا يجوز له بحال ترك عمل الآخرة والاستعداد لما بعد الموت، أما أن يضبط المرء نفسه ويُكيِّف وقته في أثناء الدوام الرسمي؛ خوفًا من الناس وطلبًا للدنيا، ثم إذا جاءت العطلة والإجازة، حطم كل الحواجز وتعدى الحدود، فإن هذا ليس من الإيمان وتقوى الله في شيء، ولا هو من شكر نعمته على الإسلام في قليل ولا كثير، لكن كثيرًا من الناس لا يعلمون، لا يعلمون أن نعمة الإسلام هي أفضل نعمة وأغلى منحة، وأن الله -جل وعلا- فضلهم بها على كثير ممن خلق تفضيلاً، واصطفاهم من بين سائر البشر وجعلهم مسلمين، لا بحول منهم ولا قوة، ولكن بفضل منه ومنة، ولو أنهم تفكروا فيمن حولهم من أمم الأرض في سائر البلاد، لوجدوا أكثرهم غارقين في الكفر والإلحاد، مع أنهم على مستوى عال من الذكاء وقوة التفكير، ولكنهم لما لم يرد الله بهم خيرًا وتوفيقًا، جعل صدورهم ضيقة وأضلهم عن سواء السبيل.
ألا فاحمدوا الله -أيها المسلمون- على نعمة الإسلام ومنحة الإيمان واليقين، وحافظوا على دينكم وعضوا عليه بالنواجذ في كل وقت وحين، واحذروا فعل المنافقين المكذبين، وخذوا على أيدي سفهائكم من البنات والبنين، وإياكم أن تأخذكم رأفة بالعاصين، فإنهم اليوم لكم أبناء، وغدًا سيكونون أعداء ( َا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) [التغابن:14].
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اركَعُوا وَاسجُدُوا وَاعبُدُوا رَبَّكُم وَافعَلُوا الخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ. وَجَاهِدُوا في اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجتَبَاكُم وَمَا جَعَلَ عَلَيكُم في الدِّينِ مِن حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُم إِبرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسلِمينَ مِن قَبلُ وَفي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيكُم وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَولاكُم فَنِعمَ المَولى وَنِعمَ النَّصِيرُ ) [الحج:77-78].
الخطبة الثانية:
أما بعد: فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله في كل حال، وتذكر الموت وخاتمة العمر والمآل، فإن الدنيا زائلة وليست برأس مال ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) [الحشر:18:19].
أيها المسلمون: إن مشكلة سهر الأولاد الليل كله على أشياء حقيرة تافهة، ثم نومهم عن صلاة الفجر، ثم عن طلب الرزق والمعاش، بل عن سائر الصلوات في بعض الأحيان، أقول إن هذه المشكلة العظيمة الكبيرة، تتطلب منا أن نهتم بها آباءً ومربين، ورجال أمن ومسؤولين؛ بحثًا عن أسبابها والدوافع التي تدعو إليها، ومن ثم التفكير بجدية في وضع الحلول المناسبة والعلاج الناجع؛ للقضاء عليها، والتخلص من سلبياتها وأضرارها؛ لأن تلك المشكلة لها أضرار عظيمة جسيمة، ليست على هؤلاء الشباب فقط، بل تمتد إلى أسرهم ومجتمعاتهم، ووطنهم وأمتهم؛ قلة في البركة، ونقصًا في الأنفس والأموال والأرزاق، وتعطيلاً للطاقات والإمكانيات، ونشرًا للبطالة والكسل، وتعودًا على سفاسف الأمور وإلْفاً لها، وضعفًا عن المعالي وإحجامًا عنها، مما يؤدي إلى احتراف هؤلاء الشباب للسرقة وبيع المخدرات والمسكرات، والبحث عن المال من أي وجه -ولو كان محرمًا- وعزوفهم عن الزواج إلى الزنا واللواط، وتركهم مجالس الرجال والأخيار، ومصاحبتهم الفسقة والفجار، وتلك أمور مشاهدة ظاهرة للعيان، لا يحتاج من يتكلم فيها إلى استشهاد أو ذكر برهان.
ألا فاتقوا الله -أيها الآباء والأولياء- في أولادكم ومن تعولون، فإنكم عليهم مؤتمنون، وعند الله عن هذه الأمانة مسؤولون، وعلى تفريطكم وتهاونكم نادمون، وإن هذه القنوات والأجهزة المدمرة للعقول والأخلاق، وتلك السيارات التي يجوب الشباب عليها الشوارع ويؤذون بها الناس في حركات مزرية، والأموال التي ملأت جيوبهم وأنفقوها في شراء ما لا يرضي الله، وتلك الغرف المهيئة المكيفة التي تعينهم على ترك الصلاة واتباع الشهوات - أقول إن تلك الأمور التي هيأت للشباب معصية الخالق -تبارك وتعالى- وجعلتهم يسهرون الليل وينامون عن الصلاة..
إنها -والله- لمن عند آبائهم لا من عند غيرهم، فهم الذين هيؤوا لهم أسباب الفساد والانحراف، ومهدوا لهم السبل؛ ليتهاونوا بشعائر الله وحرماته، أفيلامون بعد ذلك على ما يحصل منهم، أما -والله- إنه لا لوم عليهم ولا تثريب، حيث نشؤوا في أجواء لا تساعدهم على طاعة الله، وخرجوا في ظروف لا تعينهم على تقوى الله..
الأعداء يعدون المخططات لإخراجهم من دينهم، وفصلهم عن أخلاقهم وقيمهم ومبادئهم، والآباء في غفلة شنيعة عما يراد بهم، بل هم -والله- خير من يهيئ لهم سبل الفساد ويمهد لهم طرق الغواية؛ بإهمالهم وعدم تربيتهم التربية الصحيحة.
ألا فاتقوا الله -أيها المسلمون- حق التقوى، فإنه لا يعجز كل أب أن يأخذ على يد أبنائه ويمنعهم من السهر على ما لا ينفعهم، ويكف عن عباد الله عدوانهم وأذاهم، ويوجههم إلى ما ينفعهم في دنياهم وأخراهم، ولو فعل كل أب ما عليه واتقى الله ما استطاع - لوجد ثمرة اجتهاده صلاح أولاده، ولو تعاون الناس في ذلك وتآزروا - لنفع الله بهم وبأولادهم الأمة، ولخرجوا أجيالاً صالحة مصلحة، تنفع أنفسها وترقى بأمتها إلى درجات الفلاح.
التعليقات