عناصر الخطبة
1/أهمية الإيمان والتوحيد وفضل تحققهما وآثاره 2/ العمل بدين الإسلام والشكر من أهم عوامل الأمن والاستقراراقتباس
شكرُ نعمة الأمن والمحافظة عليها يتحقق في مواجهة عدوانُ المعتدين وعملُ المفسدين بالنصحِ لأئمةِ المسلمين وعامتِهم، والدعاء لهم، وبالتعاونِ لصدِ كلِ إفسادٍ يستهدفُ هدمَ جدارِ أمننا ويحطمُ أخلاقَنا وعقيدتَنا.
الخطبة الأولى:
الحمد لله، كتب العزة للمسلمين بالإسلام، وأشكره على جزيل الفضل والإنعام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فاتقوا الله -أيها المؤمنون- وتزودوا فإن خير الزاد التقوى؛ (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).
التوحيدُ أساسُ الملةِ ووحدةُ الامة، وبه اجتمعت الكلمة؛ (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ)، (وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ).
بتوحِيد علّام الغيوبِ، وترسيخ العقيدة في القلوبِ، واجتماع الكلمة، ونبذ كل شائعة، تأمن الأرواحُ، وتطمأن النفوس، وتتعافى البلادُ والعباد من البلاءِ والتشرذمِ والافتراق؛ (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)؛ فمن وحد ربه اهتدى قلبه، ومن اهتدى قلبه عرف طريقه وخاف ربه، فلم يروع مسلما، ولم يسفك دما، ولم يأخذ على أحدٍ حقا..
وإذا تزعزع التوحيدُ في النفوسِ، واضطربت العقيدة في القلوبِ، ماجت الأهواءُ، واختلفت الآراءُ، فتزعزع الأمنُ وحل البلاءُ، وانحل التلاحم والتراحم؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ*وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)، وحبلُ اللهِ هو دينه القويم، وشرعه المتين، سماه حَبْلاً؛ لأَنه يربط المسلمين بعضهم ببعض، رباطًا وثيقًا، كما تربط الأشياءُ بالحبل؛ (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).
والأمنُ بين العبادِ وفي البلادِ، ليس نافلةً من القولِ، بل هو أساسٌ لرغد العيشِ، وتحقيقٌ للتوحيد والإيمان؛ قال اللهُ على لسانِ إمامِ الحنفاءِ الخليل -عليه الصلاة السلام-: (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ).
لا أمنَ مع الشرك والفرقة، ولا عيشَ مع الخوف، فليس لخائفٍ عيشٌ، وليس لمشركٍ وباغ أمن..
أذقنى طعم الأمن أو سل حقيقة *** علىّ، فإن قامت ففصّل بنانيا
فمن قام بأمرِ ربه، واتبعَ سنةَ نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وأطاعَ بالمعروفِ ولاة أمره؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)؛ فمن قام بذلك كما أُمِر، أبدله اللَّهُ بحرِّ الخوف بَرْدَ الأمن، فلا يلتفت وراءهُ مخافةً، ولا يخشى أمامه آفةً، قال عليه الصلاة والسلام: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا"(أخرجه الترمذي).
وإذا اختلَ ميزانُ الإيمانِ في النفوس، واضطرب الأمنُ والسكينةُ في الأوطانِ والدور، هالَه في النومِ طيفٌ، وإذا انتبَهَ راعه سَيفٌ، طار قلبُه بجناحِ الوجَل، وتصوَّر له قرب الأَجَل، لا سماءٌ تُظلُهُ، ولا أرضٌ تُقِلُهُ، لا يجدُ في الأرضِ نفقاً، ولا في السماء مُرْتَقًى، كادت نفسُه تطيح، وروحُه تسري بها الريح.
إنّا لنُرخِصُ يومَ الرّوعِ أنفسنا *** ولو نُسامُ بها في الأمنِ أغْلَينا
بيضٌ مفارقُنا تغلي مراجلنــا *** نأسو بأموالنا آثار أيدينا
وجماعُ الأمرِ في الاستقامةِ ولزومِ الجماعة، فإن يد الله مع الجماعة؛ (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
استغفر الله لي ولكم وللمسلمين والمسلمات فاستغفروه إن ربنا لغفور شكور
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله وكفى، والصلاة والسلام على عبده المصطَفى، وعلى آله وصحبه ومَن اجتبى... أما بعد:
العملُ بدين الإسلامِ القويم، ومنهجِه السليم، والقيام بشعيرة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هو سرُ وحدتِنا وتآلفِنا وأمنِنا ورخائِنا؛ (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا). (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ).
شكرُ نعمة الأمن والمحافظة عليها يتحقق في مواجهة عدوانُ المعتدين وعملُ المفسدين بالنصحِ لأئمةِ المسلمين وعامتِهم، والدعاء لهم، وبالتعاونِ لصدِ كلِ إفسادٍ يستهدفُ هدمَ جدارِ أمننا ويحطمُ أخلاقَنا وعقيدتَنا.
وأن كلَ إخلالٍ بهذه الثوابتِ وتقصيرٍ في هذه المبادئ ينشأُ عنه خللٌ في الرخاءِ والأمنِ والنماء؛ (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ).
تربيةُ الأسرةِ والمجتمعِ على الشكرِ لنعمة الأمن والأمان، واجبُ المُنعم، وركيزةُ أمانٍ لبقاء النعم (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)، والشكرُ وإن قلَ فهو ثمنٌ لكلِ نوالٍ وإن جلّ..
اللهم زدنا من خيرك وبرك وإحسانك واجعلنا لنعمك شاكرين ولأوامرك ونواهيك ممتثلين.
اللهم آمنا في دورنا وأصلح ووفق ولاة أمورنا، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، وأدم الأمن والإيمان والاستقرار في ربوعنا..
اللهم انصر المرابطين على حدود بلادنا..
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد..
التعليقات