عناصر الخطبة
1/معنى اسم الله (المحيط) 2/الآثار الإيمانية لاسم الله (المحيط) 3/أثر معرفة أسماء الله الحسنى على العبد.اقتباس
فَهُوَ الَّذِيْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا، وَهُوَ الْمُحِيطُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى الْفِرَارِ مِنْهُ، وَلَا الْخُرُوجِ مِنْ سُلْطَانِهِ، وَهَذِهِ صِفَةٌ لَيْسَتْ حَقًّا إلَّا للهِ -تَعَالَى-، عَلِمَهَا الْقَاصِي وَالدَّانِي؛ لِأَنَّ اللهَ لَهُ كَمَالُ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ، وَانْتِفاءُ الْعَجْزِ وَالنوم والسنة عَنْهُ -جَلَّ وَعَلَا- فَهُوَ -سُبْحَانَهُ- مُحِيطٌ بِالْعَالَمِ كُلِّهِ عِلْمًا وَقُدْرَةً وَرحمةً وَقَهْرًا...
الخطبة الأولى: إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُـحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى, وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ. عِبادَ اللهِ: حَدِيثُنَا الْيَوْمَ عَنِ اسْمِ اللَّهِ (الْمُحِيطِ), هَذَا الِاسْمُ الْحَسَنُ الْعَظِيمُ الَّذِي وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ ثَمانِي مَرَّاتٍ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ -تَعَالَى-: (إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)[آل عمران: 120]، وَقَوْلُهُ -تَعَالَى-: (وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا)[النساء: 126]؛ فَاللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- مُحِيطٌ بِالْأَشْيَاءِ كُلِّهَا؛ وتَحْتَ قُدْرَتِهِ، لَا يُمْكِنُ لِشَيْءٍ مِنْهَا الْخُرُوجُ عَنْ علمه وإِرَادَتِهِ. فَهُوَ الَّذِيْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا، وَهُوَ الْمُحِيطُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى الْفِرَارِ مِنْهُ، وَلَا الْخُرُوجِ مِنْ سُلْطَانِهِ، وَهَذِهِ صِفَةٌ لَيْسَتْ حَقًّا إلَّا للهِ -تَعَالَى-، عَلِمَهَا الْقَاصِي وَالدَّانِي؛ لِأَنَّ اللهَ لَهُ كَمَالُ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ، وَانْتِفاءُ الْعَجْزِ وَالنوم والسنة عَنْهُ -جَلَّ وَعَلَا- فَهُوَ -سُبْحَانَهُ- مُحِيطٌ بِالْعَالَمِ كُلِّهِ عِلْمًا وَقُدْرَةً وَرحمةً وَقَهْرًا. عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ لِمَعْرِفَةِ الِاسْمِ الْعَظِيمِ للهِ الْمُحِيطِ آثَارًا حَمِيدَةً، مِنْهَا: أولاً: أَنْ يَعْلَمَ الْعَبْدُ عِلْمًا يَقِينًا بِأَنَّ اللهَ مُحِيطٌ بِعِبَادِهِ، لَا يَقْدِرُونَ عَلَى قُوَّتِهِ أَوِ الْفِرَارِ مِنْهُ، فَكُلُّ مَنْ خِفْتَهُ فَرَرْتَ مِنْهُ إلَّا اللهَ الْمُحِيطَ إِذَا خِفْتَهُ فَرَرْتَ إِلَيْهِ؛ قَالَ -تَعَالَى-: (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ)[الذاريات: 50]، وَقَالَ -تَعَالَى-: (وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)[التوبة: 118], فَلَا يَسْتَطِيعُ أحَدٌ أَنْ يَهْرُبَ مِنْ أَمْرِ اللهِ وَلَا قَدَرِهِ النَّافِذِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحِيطُ بِنَا، لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ حُكْمِهِ، وَلَا نُفُوذَ لَهُ عَنْ حُكْمِهِ, فَفِرُّوا إِلَى اللهِ تَجِدُوا الْخَيْرَ وَالسَّعَةَ وَالسَّعَادَةَ. ثَانِيًا: أَنْ يَعْلَمَ الْعَبْدُ عِلْمَ الْيَقِينِ أَنَّ اللهَ مُحِيطٌ بِهِ, فيَعْلَمُ الْعَبْدُ عِلْمَ الْيَقِينِ أَنَّ اللهَ مُحِيطٌ بِهِ، ويَعْلَمُ سِرَّهُ وَنَجْوَاهُ، صَغِيرَه وَكَبِيرَهُ، عَلانِيَّتَهُ وَسِرَّه, ظاهِرَهُ وَباطِنَهُ. ثالثًا: وَمِنْ ثِمارِهِ أيضًا: أَنْ يَبْتَعِدَ الْعَبْدُ عَنْ ظُلْمِ غَيْرِهِ مَهْمَا بَلَغَتْ قُدْرَتُهُ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ إحَاطَةَ اللهِ بِهِ وَقُدْرَتَهُ عَلَيْهِ أعْظَمُ مِنْ إحَاطَةِ الظَّالِمِ بِالْمَظْلُومِ وقدرته عليه, فَهُوَ عَبْدٌ, فمَهْمَا بَلَغَ ظُلْمُهُ وَطُغْيَانُهُ فَهُوَ أَمَام قُوَةِ الله وَإِحَاطَتِهِ لا شَيْء, فَتَفَكَّرْ قبل وُقُوعِكَ فِي الظُّلْمِ إحَاطَةَ اللهِ بِكَ. رابعًا: مِنْ ثِمارِهَا أَنْ تَبْقَى الرَّاحَةُ وَالِاطْمِئْنانُ فِي رُوحِ الْعَبْدِ بِأَنَّ اللهَ مُحِيطٌ بِكُلِّ مَا يَحْدُثُ فِي الْكَوْنِ مِمَّا لَا يَرْضَاهُ، وَأَنَّهُ وَقَعَ بِعِلْمِهِ وَإِذْنِهِ وَقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَإحَاطَتِهِ، وَمَا عَلَيْهِ إلَّا فِعْلُ الْأَسْبَابِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ. جَعَلَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ خَافَهُ وَاتَّقَاهُ, وأَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. الخُطبَةُ الثَّانِيَةُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً. أمَّا بَعْدُ: فَاِتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. عِبَادَ اللهِ: إِنَّ عِلْمَ الْعَبْدِ بِأَنَّ اللهَ مُحِيطٌ بِهِ يَجْعَلُ أَصْحَابَ الْقُلُوبِ الْحَيَّةِ عَلَى حَذَرٍ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي؛ فَإِنَّ اللهَ يُحِيطُ بِهِمْ وَيَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ، وَيَجْعَلُ الْإِنْسانَ يَكُفُّ عَنِ الْمَعْصِيَةِ خَوْفًا مِنَ اللهِ, فَمَعْرِفَةُ اسْمِ الْمُحِيطِ تَفْتَحُ بَابَ التَّوْبَةِ وَالْأَوْبَةِ لِلْعَبْدِ. إِنَّ مَعْرِفَةَ أَسْماءِ اللَّهِ مِنْ أَعْظَمِ الْأُمُورِ الْمُقَرِّبَةِ إِلَى اللهِ, إِنَّ مَعْرِفَةَ أَسْمَاءِ اللَّهِ تُغَيِّرُ مِنْ حالِ الْمُسْلِمِ إِلَى الْأَحْسَنِ وَالْأَفْضَلِ، وَأَثَرُهَا عَلَى الْعَبْدِ وَاضِحٌ وَجَلِيٌّ، وَكَمْ غَيَّرَ اسْمٌ مِنْ أَسْماءِ اللَّهِ حَالَ مُسْلِمٍ مِنْ حَسَنٍ إِلَى أَحْسَنَ, فَعَلَيْنَا عِنْدَ قِرَاءَتِنَا لِأَسْماءِ اللَّهِ الحسنى أَنْ نَتَعَلَّمَهَا وَنَتَدَبَّرَها، وَنَعْمَلَ بِمُقْتَضَاهَا، وَنَسْعَى لِتَحْقِيقِ المطلوب منا نحوها. الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ, حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ. اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، ونَسْتَعِيذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ .وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
التعليقات