عناصر الخطبة
1/عظمة الشريعة الإسلامية 2/وصية الشريعة بالأولاد وخاصة النساء 3/من مظاهر تكريم الإسلام للمرأة 4/من تشريعات الإسلام لحفظ المرأةاقتباس
أَكْرَمَتِ الشَّرِيْعَةُ المَرْأَةَ في أَحْلَكِ مَواطِنِ ضَعْفِها، حِيْنَ حَلَّتْ بِها مُصِيْبَةُ فَقْدِها لِبَعْلِها فَتَرَمَّلَتْ، فَقَدَتْ قَوَّاماً عَلِيْها كَانْ يَسْعَى في مَصَالحِها، فَفُتَّ عَضُدُها وتَضَاعَفَ ضَعْفُها، وقَلَّتْ حِيْلَتُها عَظُمَتْ مُصِيْبَتُها، فَجَاءَتِ الشَّرِيْعَةُ مُشْرِعَةً أَوْسَعَ أَبْوَابَ الجَزَاءِ لِمَنْ أَحْسَنَ إِليها...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71]؛ أَمَّا بَعْدُ:
أَيُّها المُسْلِمُون: فِيْ ظِلالِ الكِتَابِ طَابَ مُقامٌ، وعَلى هَدِيْ الرَّسُولِ سَارَ الرِّكابُ، شَرِيْعَةٌ بالعَدْلِ قَامَتْ فاسْتَقَامَ سَبِيْلُها، فَما زَالَ يَعْلُو دَرْبُها وَدَلِيْلُها، شَرِيْعَةُ الله دِيْنُ قَوِيمٌ، مَنْ اسْتَمْسَكَ بِدِيْنِ اللهِ فَازَ، ومَنْ اعْتَصَمَ بِكِتابِهِ أَبْصَرَ، ومَنْ اسْتَقامَ على الصراطِ نَجا، شَرِيْعَةٌ حَفِظَتْ لِكُلِّ ذِيْ حَقٍّ حَقَّه، فَما أَدْرَكَ امرؤٌ حَقَّهُ بِأَوْفَى وأَقْوَى مِنْ شَرِيْعَةِ الله، شَرِيْعَةٌ أُحْكِمَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيْمٍ خَبِيْر.
أَظْهَرَ الله لِعِبادَهُ سَبِيْلَ الفَلاحِ وأَرْشَدَهُم إِلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَهُم باتِّبَاعِهِ وَوَصَّاهُم بالثَّباتِ عَلَيْهِ: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[الأنعام: 153]، وَوَصِيَّةُ اللهِ لِعِبَادِهِ هِيَ مِنْ تَمامِ رَحْمَتِهِ بِهم، فَلا أَرْحَمَ بالعِبادِ مِنْ رَبِهِم، ولا أَرْأَفَ بِهِم مِنْه، هُوَ -سُبْحانَهُ- أَرْحَمُ بِعِبادِهِ مِنْ آبائِهِم وأُمَّهاتِهِم؛ لِذلِكَ قَالَ -سُبْحانَهُ-: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ)[النساء: 11]، أَيْ: يُوْصِيْكُم -أَيْها الآباءْ والأُمَّهاتُ- في أَولادِكُم؛ قَالَ السَّعْدِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "أَيْ: أَوْلَادُكُمْ عِنْدَكُمْ وَدَائِعُ قَدْ وَصَّاكُمُ اللهُ عَلَيْهِمْ؛ لِتَقُومُوا بِمَصَالِحِهِم الدِّيِنْيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ، فَتُعَلِّمُوْنَهُمْ وَتُؤَدِّبُوْنَهُم، وَتَكُفُّوْنَهُمْ عَنْ المَفَاسِدِ، وَتَأَمُرُوْنَهُم بِطَاعَةِ اللهِ وَمُلازَمَةِ التَّقْوَى عَلَى الدَّوَامِ ، فَالأَوْلادُ عِنْدَ وَالدِيْهِمْ مُوْصَىَ بِهِمْ، فَإِمَّا أَنْ يَقُوْمُوا بِتِلْكَ الوَصِيَّةِ وَإِمَّا أَنْ يُضَيِّعُوْهَا؛ فَيَسْتَحِقُّوا بِذَلِكَ الوَعِيْدَ وَالعِقَاب"، ثُمَّ قَالَ -رَحِمَهُ الله-: "وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللهَ -تَعَالَى- أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ الوَالِدَيْنِ، حَيْثُ أَوْصَى الوَالِدَيْنِ بأَولادِهِم مَعَ كَمالِ شَفَقَتِهِم عَليهم".
ذَلِكُمْ هُوَ رَبُّكُمُ الرَّحِيْمِ، وذَلِكُمْ هوَ دِيْنُهُ القَوِيْم، وتِلْكُمْ هِيَ شَرِيْعَتُهُ التي ارْتَضَاها لَكُم؛ (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)[المائدة: 50]، وكَما جَاءَتِ الوَصِيَّةُ بِالأَوْلادِ -والأَوْلادُ: لَفظٌ يُطْلَقُ على الذُّكُورِ والإِناثِ- فَقَدْ جَاءَتِ الوَصِيَّةُ خَاصَّةً بِشأَنِ النِّساءِ؛ لِضَعْفِهِنَّ وقِلَّةِ حِيْلَتِهِنَّ، ولِـحاجَتِهِنَّ لِلْقِيامِ على ِشُؤُونِهِنَّ، فَعَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ -رَضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَال: "واسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا"(متفق عليه)، اقْبَلُوا مَا أُوْصِيْكُم بِه تِجاهَ النِّساءِ، اعْمَلُوا مَعَهُنَّ خَيْراً، ابْذُلُوا ما فِيهِ خَيرٌ لَهُنَّ، لا تُسِيئُوا إِليْهِنَّ ولا تَجْهَلُوا عَلَيْهِنَّ، وتَجاوَزُوا عمَّا بَدَرَ مِنْهُنَّ.
وإِنَّ شَرِيْعَةً تُوْصِيْ بِالنِّساءِ خَيْراً، لَنْ يَسْبِقَهَا إِلى ما فِيْهِ صَلاحُ المرأَةِ مُسابِقٌ، ولَنْ يَغْلِبَهَا إِلى مَا فِيْهِ حِفْظُ حُقُوقِها مُغَالِبٌ، شَرِيْعَةٌ أَوْصَتْ بالنِّساءِ خَيْراً وأَبانَتْ لَهُنَّ سَبِيْلَ سَعادَتِهِنَّ، سَتَبْقَى هِيَ الأَكْمَلُ والأَوْفَى، والأَحقُّ والأَسْمَى، فَمَنْ استَقَامَ مِنَ النِّسَاءِ علَى شَرِيْعَةِ اللهِ؛ نَالَتْ أَكْرَمَ مَقامٍ يَلِيْقُ بِها، ومَنْ رَغِبَتْ عَن التَّمَسُّكِ بِشَرِيْعَةِ اللهِ، وتَجاوَزَتْ حُدودَ ما أُحِلَّ اللهُ لَها؛ اقْتَحَمَتْ عَقَبَةً كَأْدَاءَ لا قِبَلَ لَها بِها.
أَكْرَمَتِ الشَّرِيْعَةُ المَرْأَةَ في كُلِّ مَرْحَلَةٍ مِنْ مَرَاحِلِ حَياتِها، أَكْرَمَتْها حِيْنَ اسْتَهَلَّتْ صَارِخَةً عِنْدَ وِلادَتِها، فَأَماطَتْ عَنْ والِدِها لِثامَ جَاهِلِيَةِ كَانَ يَتَقَنَّعُ بِه، يَتَوَارَى مِن القَومِ مِنْ سُوءٍ ما بُشِّرَ بِه؛ (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)[النحل: 58 - 59].
أَكْرَمَتِ الشَّرِيْعَةُ المَرْأَةَ حِيْنَ كَانَتْ صَبِيَّةً تَتَقَلَّبُ في أَحْضانِ والِدَيْها، فَجاءَتِ البِشارَةُ لِمَنِ ابْتُلِيَ مِنَ البَنَاتِ بِشَيءٍ، أَي: مَنْ وُهِبَ مِن البَناتِ شَيئاً لِيُبْتَلَى ويُخْتَبَرَ بِهِ، فَإِنْ قَامَ بالإِحْسانِ إِليها، وبِـحُسْنِ تَرْبِيَتِها، وبِالصَّبْرِ عَلى مُلازَمَةِ ما يُصْلِحُها ويَسْتُرُها؛ كَانَتْ تِلْكَ البِنْتُ سِتْراً لَهُ النَار، سِتْراً بِسِتْرٍ وإِحْساناً بإِحْسان، وهَلْ جَزاءُ الإِحْسانِ إِلا الإِحْسان، عَنْ عَائِشَةَ -رَضي الله عنها-أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَال: "مَنِ ابْتُلِيَ مِنَ البَنَاتِ بِشَيءٍ، فأحْسَنَ إلَيْهِنَّ؛ كُنَّ له سِتْرًا مِنَ النَّارِ"(متفق عليه)، وَمَنْ أَخَلَّ بالرِّعايَةِ، وتَهاوَنَ بِالأَمانَةَ، وفَرَّطَ في التَرْبِيَةِ؛ فَقَدْ هَتَكَ سِتْراً بَيْنَهُ وبَيْنَ النَّار.
وأَكْرَمَتِ الشَّرِيْعَةُ المَرْأَةَ حِيْنَ صَارَتْ زَوْجَةً تَنْعَمُ بالحَياةِ تَحْتَ قِوَامَةِ زَوْجِهَا، فَهِيَ في ظِلالِ الزَّوْجِ تُذْرَى وتُحْفَظُ، هُوَ عَلَيِّها قَوَّمٌ مُوَلَّى، يَرْعَى مَصَالِحَهَا ويَحْمِيْ عِرْضَها، ويَجْلِبُ قُوْتَها ويُنْفِقُ عَلِيْها، يُقِيْمُ سَيْرَها ويُحْسِنُ مُعاشَرَتَها، يَأَمُرُها بِما فِيْهِ صَلاحُها، يَنْهاها عَمَّا فيهِ فَسادُها، فَقِوَامَةُ الزَّوْجِ عَلِيْها هُوَ مِنْ إِكْرامِ اللهِ لَها؛ (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)[النساء: 34]، فَالصَّالحَةُ مِنَ النِّساءِ مَنْ اسْتَجابَتْ لِحُكمِ اللهِ وامْتَثَلَتْ أَمْرَه، واسْتَقامَتْ على دِيْنِه واهْتَدَتْ بِهُداه، تُدْرِكُ بِذلِكَ سَعادَةَ الدُّنيا والآخِرَة.
وأَكْرَمَتِ الشَّرِيْعَةُ المَرْأَةَ، حِيْنَ صَارَتْ أُمَّاً، فَما أَدْرَكَ إِنْسانٌ عَظِيْمَ حَقٍّ، كَمَا أَدْرَكَت الأَمُّ على أَوْلادِها؛ (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)[الإسراء: 23]، (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)[لقمان: 14]؛ قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: "أُمُّكَ"؛ قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "أُمُّكَ"؛ قَالَ: ثُمَّ مَنْ قَال: "أُمُّكَ"؛ قَالَ: ثُم مَنْ؟ قَالَ: "أَبُوْكَ"(مُتَّفَقٌ عليه).
ثُمَّ أَكْرَمَتِ الشَّرِيْعَةُ المَرْأَةَ في أَحْلَكِ مَواطِنِ ضَعْفِها، حِيْنَ حَلَّتْ بِها مُصِيْبَةُ فَقْدِها لِبَعْلِها فَتَرَمَّلَتْ، فَقَدَتْ قَوَّاماً عَلِيْها كَانْ يَسْعَى في مَصَالحِها، فَفُتَّ عَضُدُها وتَضَاعَفَ ضَعْفُها، وقَلَّتْ حِيْلَتُها عَظُمَتْ مُصِيْبَتُها، فَجَاءَتِ الشَّرِيْعَةُ مُشْرِعَةً أَوْسَعَ أَبْوَابَ الجَزَاءِ لِمَنْ أَحْسَنَ إِليها، عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ -رَضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَال: "السَّاعِيْ عَلَى الأَرْمَلَةِ والمِسْكِينِ، كَالمُجَاهِدِ فِيْ سَبِيْلِ الله"، وَأَحْسَبُهُ قَالَ: "وَكَالقَائِمِ الذِيْ لا يَفْتُرُ، وَكَالصَّائِمِ الذِيْ لا يُفْطِرُ"(مُتَّفَقٌ عليه).
تِلْكُمْ هِيَ المَرأَةُ، وذَلِكُمْ هُوَ إِكْرامُ اللهِ لَها؛ (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)[المائدة: 50].
أقول هذا، وأستغفِر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ رَبِّ العَالمين، وأَشْهَدُ أَن لا إله إلا اللهُ ولي الصالحين، وأَشْهَدُ أَنَّ محمداً رسول رب العالمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليماً.
أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- لعلكم ترحمون.
أيها المسلمون: خُوطِبَتِ المَرأَةُ في القُرآنِ بِما يُخاطَبُ بِه الرَّجُلُ، فَهِيَ مَأَمُورَةٌ مَنْهِيَّةٌ، مُكَلَّفَةٌ مُحاسَبَةٌ، مَوعُودَةٌ على إِحسَانِها بالحُسْنَى، وعلى إِساءَتِها بِالعِقاب؛ (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ)[غافر: 40].
أَكْرَمُ النِّساءِ أَتْقاُهُنَّ للهِ، وأَشْرَفُهُنَّ أَحْفَظُهُنَّ لأَمْرِ اللهِ، جُنُوحُ الْمَرْأَةِ عَنْ أَوامِرِ اللهِ، واسْتِهَانَتُها بِالوُقُوْفِ عِنْدَ حُدُوْدِه جُرأَةٌ تُجَرْجِرُ بِها أَذيالَ خَيْبَةٍ تُلازِمُها، وخَسارةٌ تُكابِدُ بِها أهْوَالَ حِسابٍ تُقَابِلُه.
اعْتِراضُ المرْأَةِ عَلى حُكْمٍ مِنْ أَحكامِ اللهِ، بِمَحْضِ رَأَيٍ، أَو بِفَرْطِ هَوى، انْتِكاسَةٌ تَتَرَدَّى بِها إِلى مَهاوِي الرَّدَى؛ (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا)[الأحزاب: 36].
قَرَارُ المَرأَةِ في بَيتِها شَرِيْعَةٌ إِلهِيةٌ لا خِيارَ لِلْمَرأَةِ أَمَامَهَا؛ (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)[الأحزاب: 33]، وتَبَرُّجَها وسُفُورَها واسْتِعْرَاضَها بَجَمَالِها، مَعْصِيَةٌ تُحاسَبُ أَمامَ اللهِ عَلِيْها (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ)[الأحزاب: 33].
حِجَابُ المَرأَةِ خِمَارٌ تُغَطِّيْ بِهِ وجْههَا، وجِلْبابٌ تَسْتُرُ بِهِ جَسَدِها، شَرِيْعَةٌ إِلهِيةٌ لا خِيارَ للمَرأَةِ أَمَامَها؛ (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)[النور: 31]، (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)[الأحزاب: 59].
إِظْهارُ المَرأَةِ لِشَيءٍ مِنْ زيْنَتِها أَمامَ الرِّجالِ إِثْمٌ وجِنَايَةٌ، ومَعْصِيَةٌ ومُنْكَر؛ (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ)[النور: 31].
مُخالَطَةُ المَرْأَةِ للرِّجَالِ ومُخالَطَةُ الرِّجَالِ لَها، اقْتِحامٌ للمُنْكَرِ مِنْ أَوْسَعِ أَبْوابِهِ، وَوُلُوجٌ لِلفِتْنَةِ مِنْ أَخْطَرِ أَبْوابِها؛ (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ)[الأحزاب: 53].
خَضُوعُ المَرأَةِ بِالقَوْلِ أَمامَ الرِّجَال جُنُوحٌ عَن التَّقُوَى، وانْحِرافٌ عَن العِفَّة؛ (إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا)[الأحزاب: 32].
اسْتِكانَةُ المَرأَةِ لِزَوْجِها وانْقِيادُها لِقِوامَتِه، وإِقْرارُها بِفَضْلِه واعْتِرافُها بِمَكانَتِه، مَكانَةٌ تَرْتَقِيْ بِها فِي مَنازِلِ العُبُودِيَّةِ للهِ رَبِّ العَالَمِيْن؛ (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)[النساء: 34].
وإِنَّ قِوامَةَ الرَّجُلِ لَتُبْقِيْ الأُسْرَةَ في أَقَوَى مَبانِيْها، وإِنَّ انْسِلالَ الرَّجُلِ عَنْ مَقامِ القِوامَةِ، ورُكُونَهُ في مُؤَخِرَةِ الرَّكْبِ خُنُوعٌ لا يَلِيْقُ بِمَقامِ الكَرِيْمِ مِنَ الرِّجال، وإِنَّ قَوَّاماً لا يُحْسِنُ حَزْماً في مَوْضِعِ الحَزْمِ، ولا يُحْسِنٌ حَسْماً في مَوْضِعِ الحَسْمِ، ولا يُحْسِنُ أَمْراً في مَوضِعِ الأَمْرِ، ولا يُحْسِنُ نَهْياً في مَوْضِعِ النَهِيِّ لَمُفْتَقِدٌ لِمَعْنَى القِوامَة؛ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)[التحريم: 6].
وهَلْ كانَتْ وِقَايَتُهُم مِن النارِ، إِلا بِحِمايَتِهِم مِنْ أَسْبابِ دُخُولِها؛ بِـحَمْلِهِم عَلَى فعلِ الخَيرِ وإِرْشادِهمِ إليه، وزَجْرِهم عَنْ فعلِ المُنْكرِ، وتَحذِيرِهِم مِنْه؛ (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)[الفرقان: 74].
اللهمَّ نَور قُلُوبنا، وأَصْلح أعْمالنا، وأخْلص مَقاصِدَنا، وأحسن ختامنا.
التعليقات