عناصر الخطبة
1/وجوب الإخلاص لرب العالمين 2/تحريم الإسلام للغش في كل مجال 3/على المسلم أن يطهر قلبه من كل غش وخداع 4/ثلاث رسائل للناجحين وسكان مدينة القدس وبخصوص المسجد الأقصىاقتباس
أنتَ -أيها المسلم- طَهِّرْ قلبَكَ من شوائب النفاق والرياء والغش والخداع والغدر، عَمِّرْ قلبَكَ بالإيمان والتقوى والإخلاص، في القول والعمل، كن متجهًا إلى الله، خالِق الكون والإنسان والحياة، كُنْ مخلصًا لله وحدَه، ملتزِمًا بأحكامه ليأخذ...
الخطبة الأولى:
الحمدُ لله ربِّ العالَمِينَ.
الحمد لله إذ لم يأتني أجلي *** حتى اكتسيتُ من الإسلام سربالَا
الحمد لله، رَضِينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- نبيًّا ورسولًا، نحمدك ربنا حمدًا يليق بمقامكَ وجلالكَ وعظيم سلطانكَ، ونشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ، أنتَ وحدَكَ قرارُكَ الفصلُ، وحُكمُكَ العدلُ، وأمرُكَ المطاعُ، أَمَرْتَنا بالإخلاص والصدق في القول والعمل، القائل: (قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا في اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ)[الْبَقَرَةِ: 139].
إلهي على صراطك قد يممتُ إقبالي *** فأنتَ مولايَ في حِلِّي وتِرحَالِي
ربِّي بغيركَ ما أشركتُ في نُسُكِي *** ولا كَفَرْتُ بأقوالي وأفعالي
آمنتُ أنكَ ربِّي واحدٌ أحدٌ *** عليكَ معقودةٌ في العَفْوِ آمَالِي
اللهُمَّ احرُسْنا بعينكَ التي لا تنامُ، واحفظنا بعزكَ الذي لا يُضام، واكلأنا بعنايتِكَ في الليل والنهار، في الصحاري والآجام، اللهُمَّ أَنزِلْ رحمتَكَ على أهلِنا في غزة العزة، وكُنْ لهم سندًا ومُعينًا، اللهُمَّ فرِّجْ كربَهم، واجبُر كسرَهم، واحفظ أرواحهم، واحقن دماءهم، اللهُمَّ إن أطفالهم جياع فأطعمهم، اللهُمَّ إن أطفالهم عطشى فاسقهم، اللهُمَّ إن أطفالهم عراة فاكسهم، اللهُمَّ إن أطفالهم مرضى فشافهم، يا ربَّ العالمينَ.
ونشهد أن سيدنا وقائدنا، وحبيبنا وشفيعنا محمدًا، عبد الله ونبيه ورسوله، القائل: "طوبى للمخلصين، أولئك مصابيح الْهُدَى، تنجلي عنهم كل فتنة ظلماء"، صلى الله عليك يا حبيبي يا رسول الله، ونحن في بَيْت الْمَقدسِ وأكناف بَيْت الْمَقدسِ نصلي عليك، وعلى آلك الطاهرين المبجلين، وصحابتك الغر الميامين المحجلين، ومن تبعكم وجاهد جهادكم إلى يوم الدين.
أما بعدُ: فقد روى الصحابي الجليل عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن رجلًا أتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- وقال له: "يا رسولَ اللهِ، إني أقف الموقف أريد به وجه الله، وأريد أن يُرى موطني"، فلم يَرُدَّ عليه رسولُ اللهِ شيئًا، حتى نزلتِ الآيةُ الكريمةُ: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)[الْكَهْفِ: 110]، صدق الله العظيم.
أيها المصلون، أيها المسلمون: هذه الآية الكريمة هي آخِرُ آيةٍ من سورة الكهف، وهي مكيةٌ، وتُشير إلى أن الإنسان الذي يعمل لقاءَ ربه -سبحانه وتعالى- يوم البعث والحساب يتوجب عليه أن يعمل عملًا صالحًا خالصًا لوجه الله، لا يشرك بعبادة ربه أحدًا.
أيها المصلون، يا أحباب رسول الله: إن ديننا الإسلامي العظيم قد جعل قَبول الأعمال مرتبطًا بالإخلاص، ولا يعتدُّ بأي عمل إلا إذا كان عن نية طيبة خالصة لوجهه الكريم؛ فقد روى الصحابي الجليل، سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قائلًا: "سمعتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقول: إنما الأعمال بالنيات، وإنَّما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرتُه إلى الله ورسوله فهجرتُه إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرتُه إلى دُنيا يُصِيبُها، أو امرأةٍ يَنكِحُها، فهجرتُه إلى ما هاجَر إليه".
أيها المصلون، يا أبناء أرض الإسراء والمعراج: إن من لوازم الإخلاص تحريم الغش؛ لقول رسولنا -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ حمَل علينا السلاحَ فليس منَّا، ومَنْ غشَّنا فليس مِنَّا"، وفي رواية: "ليس مِنَّا مَنْ غَشَّ"، هذا الحديث الشريف يُفِيد تعميمَ الغشِّ بشكلٍ عامٍّ، وفي جميع المجالات، وهناك -أيها المسلمون- أحاديث نبوية شريفة تتعلَّق بالحاكم الغاشّ، وهذا الغشُّ أخطرُ أنواع الخداع، ويقول رسولُنا الكريم الأكرم محمد -صلى الله عليه وسلم-: "ما مِنْ عبدٍ يَستَرعِيهِ اللهُ رعيةً فيموتُ يومَ يموتُ وهو غاشٌّ لرعيتِه إلا حرَّم اللهُ عليه الجنةَ"، وفي حديث نبوي شريف آخَر: "ما مِنْ عبدٍ يَسترعِيهِ اللهُ رعيةً فلم يُحِطْها بنصيحتِه إلَّا لم يَجِدْ رائحةَ الجنةِ"، فكيف -يا مسلمون- فيمن يُيَتِّم الأطفالَ، وكيف فيمن يُرَمِّلُ الزوجاتِ، وكيف فيمن يُثْكِلُ الأمهاتِ؟ كيف فيمن يَهدِم البيوتَ والمساجدَ والمستشفياتِ؟ فإن الله -عز وجل- سينتقم منه في الدنيا والآخرة؟ فالويل للحاكم الغاش حين يقف بين الله؛ (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)[الشُّعَرَاءِ: 88-89].
أيها المصلون، يا خير أمة أخرجت للناس: لقد اتصف سلفُكم الصالحُ بالتقوى والإخلاص، في القول والعمل، وحرَّم على نفسه الغشَّ والخداعَ، والنفاقَ والغدرَ، فأنتَ -أيها المسلم- طَهِّرْ قلبَكَ من شوائب النفاق والرياء والغش والخداع والغدر، عَمِّرْ قلبَكَ بالإيمان والتقوى والإخلاص، في القول والعمل، كن متجهًا إلى الله، خالِق الكون والإنسان والحياة، كُنْ مخلصًا لله وحدَه، ملتزِمًا بأحكامه ليأخذ الله العلي القدير خالق الكون والسماوات والأرضين بأيدينا إلى شاطئ العزة والنصر والأمن والأمان، جاء في الحديث النبوي الشريف: "طوبى للمخلصين، أولئك مصابيح الْهُدَى، تنجلي عنهم كل فتنة ظلماء" صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ادعوا اللهَ وأنتُم موقنون بالإجابة، فيا فوزَ المستغفرينَ.
الخطبة الثانية:
أيها المصلون: قبل البَدْء بالخطبة فإنَّ أهل بَيْت الْمَقدسِ وأكناف بَيْت الْمَقدسِ، ومِنْ على منبر المسجد الأقصى المبارَك، يحتسبونَ عندَ اللهِ الشهيدَ إسماعيلَ هَنِيَّةَ، نسألُ اللهَ -عز وجل- له الرحمةَ، وأن يُسكِنَه فسيحَ جناته، مع النبيينَ والصديقينَ والشهداءِ والصالحينَ، وحَسُنَ أولئك رفيقًا، هذا وستقام صلاةُ الغائب عن روحه وعن سائر الشهداء ولمن حضر من سائر المسلمين.
الحمد لله رب العالمينَ، والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد النبي الأمي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهُمَّ صل على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، كما صليتَ على سيدنا إبراهيم، وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارِكْ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمدًا، كما باركتَ على سيدنا إبراهيم، وآل سيدنا إبراهيم، في العالمين إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ.
أيها المصلون: أتناول في هذه الخطبة ثلاث رسائل وبإيجاز: الرسالة الأولى: نوجهها إلى الناجحين والناجحات في امتحان التوجيهي لهذا العام، فنقدم لهم التهاني والتبريكات، ولذويهم، وللآباء والأمهات، ولشعبنا الفلسطيني بشكلٍ عامٍّ، ونتمنى لهم التوفيق في دراستهم الجامعيَّة، ونشكر كل من التزم بالموقف الإجماعي ولم يستخدم المفرقعات، ولا الفتاشات، وذلك مراعاة لمشاعر إخواننا في غزة والجولان وطولكرم وجنين وقلقيلية، وفي سائر الوطن الغالي، ونقول لم ينجح في التوجيهي هذا العام: ألَّا ييأس، بل يحاول المرة تلو الأخرى، ويتوجب على الآباء والأمهات أن يأخذوا بأيدي أبنائهم وبناتهم.
أيها المصلون: الرسالة الثانية نوجهها لإخواننا الكرام في مدينة القدس، بأن يحرصوا على أداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارَك؛ فالأصل في المسلم أن يلبي نداء الله -سبحانه وتعالى-، لأداء الصلاة، ثم بعد ذلك يلبي دعوات الأعراس والأفراح، فيتوجب على الجميع أن يكيفوا مواعيد أعراسهم بما لا يتضارب مع موعد المسجد الأقصى المبارَك، وهذا هو الأصل وليس العكس، هذا ونشكر كل من كانت حفلة الأعراس لديه مختصَرة، دون بهرجة، ودون صخب، ودون اللجوء إلى التواصُل الاجتماعيّ، وذلك مراعاة لأسر الشهداء ولوضع المنكوبين والمشردين في غزة وفي غيرها، اللهُمَّ هل بلغت؟ اللهُمَّ فاشهد.
أيها المصلون، أيها الأقصويون: الرسالة الثالثة والأخيرة بشأن المسجد الأقصى المبارَك، والذي لا يزال مستهدفًا من قبل الجماعات اليهودية المتطرفة والمحرضة، هذا ونرفض التصريحات العدوانية التي صدرت مؤخَّرًا عن أحد المسؤولين المتطرفين في السلطات المحتلة، هذه التصريحات التي تدعو إلى تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى المبارَك، بهدف فرض السيادة عليه، هكذا يحاولون يائسين، وكأنهم لم يأخذوا درسًا بما حصل أثناء البوابات الإلكترونيَّة.
أيها المصلون، أيها الأقصاويون: إزاء ذلك فإنَّنا لنؤكد للمرة تلو الأخرى، وللقاصي والداني بأن الأقصى أَسْمَى من أن يخضع للمفاوضات، ولا للمساومات ولا لقرارات المحاكم، ولا يملك أي مسلم في العالم أن يتنازل عن ذرة تراب منه، فهو للمسلمين وحدهم، وهو -أي الأقصى- لا يقبل القسمة على اثنين، والله حافظ على أمر المسلمين، هذا قرار الله من فوق سبع سماوات، والله على ما نقول وكيل، وبهذه المناسبة لا يسعنا في هذا المقام إلا أن نقول: حماك الله يا أقصى، قولوا: آمين.
أيها المصلون: الساعةُ ساعةُ استجابةٍ، فأمِّنوا مِنْ بعدي: اللهمَّ آمِنَّا في أوطاننا، وفَرِّج الكربَ عنَّا، اللهمَّ احمِ المسجدَ الأقصى من كل سوء واجعله عامرًا بالمسلمين، اللهمَّ تقبَّل صلاتنا وقيامنا وصيامنا وصالح أعمالنا، اللهمَّ يا الله يا أمل الحائرين، ويا نصير المستضعَفين، ندعوك بكل اليقين، إعلاء شأن المسلمين بالنصر والعز والتمكين، اللهمَّ ارحم شهداءنا، وشافِ جرحانا، وأطلِق سراحَ أسرانا.
اللهُمَّ إنَّا نعوذ بك من الهم والحزن، ونعوذ بك من العجز والكسل، ونعوذ بك من الجبن والبخل، ونعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، اللهمَّ إنَّا نسألك توبة نصوحًا، توبة قبل الممات، وراحة عن الممات، ورحمة ومغفرة بعد الممات، اللهمَّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، اللهُمَّ هيئ من يوحد المسلمين، ويحذو حذو صلاح الدين، اللهُمَّ اغفر لأمهاتنا وآبائنا، وللمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، اللهُمَّ انصر الإسلام والمسلمين، وأعل بفضلك كلمتي الحق والدين، وَصَلَّى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأَقِمِ الصلاةَ؛ (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 45].
التعليقات