عناصر الخطبة
1/ تعصب بالبابا وكذبهم ودجله 2/الدين المحرف 3/مجازر النصارى ضد المسلمين 4/سرعة انتشار الإسلام في أوربا 5/الاستمرار على الطاعات بعد رمضان
اهداف الخطبة

اقتباس

لقد أصدر البابا الرابع قراره المعروف بإباحة تعذيب المسلمين بلا رجعة، حتى وإن ارتدوا عن دينهم، وأقروا باعتناق المسحية. نعم، لقد كان التعذيب يجري بلا قواعد، ولما تفاقم الأمر أصدر الباب الخامس الذي جاء بعده قراره بإنشاء محاكم التفتيش لهذا الغرض، حتى يغدق التعذيب، ويكون...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].

 

أما بعد:

 

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

ألا ما أقبح الافتراء إذا خرج من فم الكبير المبجل؛ لأن الدنمركيين الذين سخروا من النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كانوا سفهاء من سفلة القوم، وجهلائهم، وما بال كبيرهم ينضم إلى القائمة، فجأة أثناء محاضرته في جامعة إحدى الجامعات الألمانية ليأتي بنص تاريخي من الإمبراطور البيزنطي، واسع العلم كما وصفه، وبين فارسي متعلم حول مسألة المسيحية والإسلام، وفيها يقول الإمبراطور: "فقط أرني ما الذي أتى به محمد وجاء به جديد عندها ستجد فقط أنه شرير وعدواني، كأمره نشر الدين الذي نادى به بالسيف" ثم مضى ذلك البابا ليشرح تفصيلا لماذا نشر الإيمان بالعنف أمر منافي للعقل والمنطق؟

 

أقول: المفتري صاحب هوى وتعصب، وإلا لماذا لم ينتقد كنيسته الكاثوليكية التي أصرت على تنصير الناس بالقوة فهي أقرب له، لكن، لا، لا يذكر محاكم التفتيش التي نشطت بقوة خاصة في القرنين الخامس عشر والسادس عشر تحت سلطة الملك لويس التاسع ملك فرنسا.

 

ليس بالسيف كما يفتري على نبينا -صلى الله عليه وسلم- أنه أرغم الناس على الدين بالسيف، لا، بل بالسجن والتعذيب، حتى الاذعان، أو القتل.

 

كانت تلك المحاكم التي أقامها أجداده لترغم على النصرانية تحرق المتهمين أحياءا بصورة جماعية في مواكب الموت، وأحيانا تحرق عائلات بأكملها بأطفالها ونسائها، بل إنها كانت تحاكم حتى الموتى، فتنبش قبورهم.

 

ولقد أصدر البابا الرابع قراره المعروف بإباحة تعذيب المسلمين بلا رجعة، حتى وإن ارتدوا عن دينهم، وأقروا باعتناق المسحية..

 

نعم، لقد كان التعذيب يجري بلا قواعد، ولما تفاقم الأمر أصدر الباب الخامس الذي جاء بعده قراره بإنشاء محاكم التفتيش لهذا الغرض، حتى يغدق التعذيب، ويكون مراقبا من قبل بعض القساوسة.

 

تعذيب من أجل المعتقد، وليذكر هذه الحقائق التاريخية في مكتبة الفاتيكان نفسها لمن حديثه عن إرغام الناس على المعتقد بالقوة، بل تجاوزها، متهجما على الاسلام، وعلى نبي الإسلام، بحقد وتعصب أعمى.

 

إن الظلم يعمي صاحبه عن الحق، والتعصب يحمل على الكذب والافتراء، وهو شأن النصارى واليهود من قديم الزمان وحتى اليوم.

 

فدينهم المحرف أفسد أخلاقهم بخلاف الإسلام، فهو دين لم يحرف -ولله الحمد- وإن حرفت الدنيا والأهواء كثيرا من المسلمين، إلا أن الدين ذاته لا يصرف الناس على الحق، دين ثابت محفوظ بأصوله من رب العالمين، دين يدعو إلى القسط والعدل، حتى مع الأعداء: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) [المائدة: 8].

 

إن دين الإسلام لا يجبر المرء على تغيير عقيدته بالقوة والسيف، كيف يدعي هذا، فالله -تعالى- يقول: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) [البقرة: 256] ولكن الذي كان يرغم الناس على تغيير المعتقد الكنيسة الكاثوليكية نفسها، كما ذكرت آنفا.

 

وإن محمدا -صلى الله عليه وسلم - لم يأت بما هو شرير وغير إنساني، بل جاء بالرحمة والعدل والشفقة، ليس على البشر فحسب، بل حتى على البهائم والجمادات.

 

ولذلك كان خلفاؤه الراشدون الذين رباهم صلى الله عليه وسلم على عينه يمشون على نهجه في الرحمة؛ ففي سنن البيهقي -رضي الله عنه- بعث يزيد بن أبي سفيان إلى الشام فمشى معه يشيعه، فقال يزيد بن أبي سفيان لأبي بكر: إني أكره أن تكون أنت ماشيا وأنا راكب، فقال أبوبكر -رضي الله عنه-: إنك خرجت غازيا في وجه الله، وإني أحتسب في مشيي هذا معك، ثم أوصاه كما يوصيه نبيه من قبل، فقال: لا تقتلوا صبيا، ولا امرأة، ولا شيخا كبيرا، ولا مريضا، ولا راهبا، ولا تقطعوا مثمرا، ولا تخربوا عامرا، ولا تذبحوا بعيرة، ولا بقرة، إلا لمأكل.

 

أما النصارى الصليبون الكاثوليك فكيف كان نهجهم؟ وكيف كانت أخلاقهم التي يعرفها هذا المفتري الذي جاء ببهتانه العظيم؟

 

لما وصلوا إلى المسلمين في الشام صبوا غضبهم، فأهلكوا الزرع والضرع، وأحرقوا الأخضر واليابس، وعاثوا في الأرض الفساد، وقتلوا الرجال العزل، والشيوخ والنساء والأطفال، ومثلوا، وانتهكوا من الحرمات ما شاء لهم، هواهم أن يفعلوا ذلك.

 

وخاضت خيول الصليبين في رمال وجثث النساء والأطفال الملتجئين لساحات المسجد الأقصى، حيث قتل في ساحاته أكثر من سبعين ألفا من السكان، كما يذكر ابن الأثير، وغيره من المؤرخين.

 

ولم يسلم من مجازرهم حتى الكهنة النصارى الذين احتموا بالمسجد الأقصى مع المسلمين، فذبحوهم معهم.

 

هذه المجازر الفظيعة تمت في يوم واحد 492هـ، حتى إن المؤرخين النصارى أمثال "ويلم" اشمئز من تصوير ما حدث من مجاز طبيعة في ذلك اليوم الرهيب.

 

إن كل ما جاء بكل ما هو شرير وغير إنساني، هم جنود كنيستك أيها الأفاك الأثيم، لكن البابا السادس عشر الذي يمثل قيم التسامح النصراني المزعوم، يتناسى هذا التاريخ المخزي كله، ويتهجم على الإسلام بما ليس فيه في تعصب صليبي صريح، فإذا كان هذا أدينهم وأعقلهم، فيكف بمن دونه؟!

 

أما اليوم، فهل خانت البابا الذاكرة، فلم يذكر جموعا من التنصيرين تجوب كردستان العراق، قال عنها الرئيس الأمريكي: إنها حرب صليبية، وهل نسي أن قوات الاحتلال الاسبانية التي توجهت إلى العراق في 2003 حملت على متن هرقل بعدما وافقت حكومة أسبانيا الكاثوليكية على ارتداء شارة مرسوم عليها صليب القديس "جون" الملقب بقاتل المسلمين الذي قاد حملات الاستيلاء على الأندلس، وسفك دماء أهلها، في مجزرة الصليب المروعة المعروفة.

 

وقد دار الجدل حول مدى الخطورة في الإقدام على إظهار هذا الرمز في بلاد المسلمين في العراق المحتلة، كما علقت على ذلك الصحيفة البريطانية.

 

ما الذي حدا بالبابا بأن يخوض في مشارف التاريخ، ويجتهد في التواصل مع الإمبراطور البيزنطي الذي استشهد بعبارته الحاقدة، إلا ليصل الماضي الصليبي غير المشرف بحاضر صليبي آخر، لا يخف عنه إجراما.

 

أما كان الأولى للبابا أن يعاين المشهد الأوروبي الآن الحالي، يعاينه ليحكم على انتشار الإسلام في القارة، العجيب، ففي مقابل فشل تنصيري ذريع للفاتيكان وصحفه، وإذاعاته وجمعياته، وأمواله الضخمة في العالم تحميه آلات العدوان، وجيوش الاحتلال، والحضارة التقنية بكل بهرجها، لكن يقابلهم في قلب أوروبا من دعاة موحدين هبوا لينشروا الخير، فيدخل الناس في دين الله أفواجا، ليحقق الإسلام أكبر معدل انتشار دين في أوروبا، بل والعالم برمته، من دون أن تنطلق رصاصة مسلمة واحدة في أوروبا، ومن غير أن يستل الدعاة سيوفا في بلدان العالم الغربي.

 

أما يخجل البابا أن يتحدث عن السيوف والاسلام يعلو في أوروبا ذاته بأعلى معدل انتشار، لماذا يحارب الاسلام إذاً؟ إنه الكفر، الكفر، وهل يهذب الكفر الأخلاق أم يفسدها؟!

 

أسأل الله -تعالى- أن يصلح حال الأمة، وأن يعيد إليها مجدها وعزها ليصمت بعد ذلك كل خسيس مفتري كاذب.

 

أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وإمام المتقين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

أما بعد:

 

فأسأل الله -تعالى- أن يبلغني وإياكم شهر رمضان، اللهم بلغنا شهر رمضان، واكتب لنا فيه خير الأعمال.

 

إن من أكبر مكاسب المؤمن أن يحظى بصيام رمضان، من أكبر مكاسبه في الدنيا والآخرة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"[رواه البخاري].

 

كيف نستقبل شهر الله الكريم، نستقبله بأن نعقد العزم الصادق على اغتنامه، وعمارة أوقاته بالأعمال الصالحة، فمن صدق الله صدقه الله، وأعانه على الطاعة، ويسر له سبل الخير، نستقبله بأن نتعلم مسائل الصوم وأحكامه قبل مجيئه، ليكون صومنا صحيحا مقبولا، نستقبله بالعزم على ترك الآثام والسيئات، والتوبة الصادقة من جميع الذنوب، والاقلاع عنها، وعدم العودة إليها، فهو شهر التوبة، فمن لم يتب فيه فمتى يتوب؟

 

نستقبله بأن نغير مفهوم الإكثار من الأكل في غير رمضان، ونتعامل مع ليله بإكثار العبادة لا بإكثار الأكل، ولا نفسد عبادة النهار بمعاصي الليل، فهذا تناقض لا يقره دين الله، بل حث على الاستقامة والثبات على الحق، نستقبله بأن نحذر من مفسدات القلب، فضائيات الفتنة والآثام، أن يكون لنا مع القرآن في رمضان شأن آخر.

 

أيها الأخوة: هكذا نستقبله، فهو الشهر الذي نزل فيه القرآن، يجب أن يكون للقرآن معنا في رمضان شأن آخر، فهذا الشهر كان ينزل فيه جبريل، فيلقى النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل ليلة من رمضان ليدارسه القرآن.

 

فطوبى لمن تعاهد القرآن وتدبره، وطوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثير، وطوبى لمن صدقت نيته وحسنت همته، قال صلى الله عليه وسلم: "إذا كانت أول ليلة من رمضان فتحت أبواب الجنة، فلم يغلق منها باب، وغلقت أبواب جهنم فلم يفتح منها باب، وصفدت الشياطين، وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة" [أخرجه البخاري ومسلم].

 

رمضان شهر العبادة والطاعات، شهر العفة والنقاء، والطهر والصفاء، رمضان شهر التوبة والصيام، والصلاة والقيام، رمضان شهر الجود والقرآن والاحسان، شهر التهجد والتراويح، والأذكار والتسابيح، له في قلوب الصالحين بهجة، وفي قلوب العباد فرحة.

 

فأسأل الله -تعالى- أن يبلغنا شهر رمضان، ويكتبنا فيه من العتقاء من النيران.

 

اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، الأحياء منهم والميتين.

 

 

 

 

المرفقات
أفاك الفاتيكان.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life