عناصر الخطبة
1/ غفلة مطبقة 2 / حقيقة المحبة والاتباع 3 / دلائل حب الأمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم 4 / كثرة آلام وأحزان إخواننا في سوريا وغيرها 5 / ضرورة التناصر بين المؤمنين 6 / مصيبة خذلان المسلمين 7/ الدعاء للمظلومين وعلى من ظلمهماهداف الخطبة
اقتباس
ونحن نواصل التطواف في رياض الحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم تتجلى لنا الحقائق المنبهة التي تقول لنا بلسان الحال والمقال: إنه يجب علينا أن نعيد بناء نفوسنا وفق سيرة المحتفَى به في كل وقت وأن النبي العدنان سيدُنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل القضايا وفي كل الشئون التي نعيشها والتي نراها من حولنا. إن أمتنا وهي تعيش ما تعيشه اليوم من أحداث وما ينزل بها من مصائب مطالبة وعلى كل المستويات بأن تعيد النظر في علاقتها برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا ما تقتضيه دعاوى الشوق ويدعو إلى قانون الحب ..
الحمد لله المتفرد باسمه الأسمى والمختص بالملك الأعز الأحمى الذي ليس من دونه منتهى، ولا ورائه مرمى، الظاهر لا تخيلاً ووهمًا، الباطن تقدسًا لا عدمًا.. وسع كل شيء رحمة وعلمًا، وأسبغ على أوليائه نعمًا، وبعث فيهم رسولاً من أنفسهم أنفثهم عربًا وعجمًا، وأذكاهم محتدًا ومنما، وأشدهم بهم رأفة ورحمة حاشاه ربه عيبًا ووصمًا، وذكاه روحًا وجسمًا، وأتاه حكمة وحكمًا، فآمن به وصدقه من جعل الله له في مغنم السعادة قسمًا، وكذب به وصدف عنه من كتب الله عليه الشقاء حتمًا، ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى.. صلى الله عليه صلاة تنمو وتنمى وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا..
معاشر الصالحين: في غفلة مستحكمة طبقت الآفاق، وعمت الأرجاء، مردها إلى القلوب التي أظلمت بسبب تراكم الذنوب، الذنوب التي محت أو شوّشت على مستقبلات النور حتى أصبح أصحاب هذه القلوب لا ينظرون إلا من خلال الأهواء والشبهات والشهوات.
لا يحسون بمعاناة ولا يستمعون لصيحات وحتى إن سمعوا فهم لا يسمعون، يقول ربنا: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ).
في زمن هذه صفاته وتلك سماته وقسماته يكون الناس أحوج ما يكونون إلى صوت البصائر الموقظة والمواعظ المنبهة والسِّيَر المحركة التي تربط المسلمين بالأصول، وتدفع عنهم ما يراد بهم من ثقافة الزبول والسفول والأفول..
وهذه البصائر الموقظة والمواعظ المنبهة لن يجدها قاصدها ولن ينالها طالبها إذا هو لم يتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إمامًا وهاديًا وقدوة وأسوة، ولن ينالها إلا يوم يتحرر من الهوى ويتقيد بالسنة، إلا يوم يترك الابتداع ويستبدله بالاتباع، إلا يوم يعلم أن مقياس المحبة ودليل صدقها الأرقى والأسمى هو الاتباع..
وبدل أن يوقد الشموع يذرف الدموع على تفريطه وتضييعه لحق الإمام المتبوع صلى الله عليه وسلم.
يقول ربنا حاسمًا مسألة الحب: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
إننا -أيها الأحباب- ونحن نواصل التطواف في رياض الحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم تتجلى لنا الحقائق المنبهة التي تقول لنا بلسان الحال والمقال: إنه يجب علينا أن نعيد بناء نفوسنا وفق سيرة المحتفَى به في كل وقت وأن النبي العدنان سيدُنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل القضايا وفي كل الشئون التي نعيشها والتي نراها من حولنا.
إن أمتنا وهي تعيش ما تعيشه اليوم من أحداث وما ينزل بها من مصائب مطالبة وعلى كل المستويات بأن تعيد النظر في علاقتها برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا ما تقتضيه دعاوى الشوق، وهذا ما يدعو إلى قانون الحب..
وإن لم تتعامل الأمة على هذا الأساس فقد تنسب إلى الادعاء..
والدعاوى ما لم يقيموا عليها *** بينات أصحابها أدعياء
فما هي دلائل حب الأمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وما هي علامات هذا الحب؟ وما مدى وفاء الأمة لميراث ثلاث وعشرين سنة هي عمر النبوة قضاها النبي صلى الله عليه وسلم يرسّخ القواعد ويثبت العبادات ويتمم الأخلاق ويبني الإنسان..
وكيف هو وفاء الأمة للقرآن المنزل على رسولها صلى الله عليه وسلم ابتداءً من أول من نزل منه متمثلاً في الدعوة والعلم والمعرفة اللذان تمثلهما كلمة اقرأ، وانتهاءً عند مطلب التقوى الذي يمثله آخر ما نزل: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ).
وبين الأول والآخر أحكام وأوامر ونواهٍ وعِبَر وعظات وقصص ووعد ووعيد، وما مدى وفاء الأمة لفاتحة الكتاب والتي لا تصح صلاة مسلم دون قراءتها في إشارة إلى أن الصلة بالله لا تتم إلا بتحقيق معانيها حمدًا لله في الابتداء باعتباره مستحقًّا للحمد من كل الوجود وتوحيدًا للوجهة في العبادة (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) وتوحيدًا لجهة طلب الاستعانة (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، وتذكيرًا بمخالفة المغضوب عليهم من الضالين من اليهود والنصارى.
أين الأمة اليوم من هذه المعاني التي جاء بها كتابها والتي مثَّلها ودعا إليها نبيها صلى الله عليه وسلم؟
إن الحب -أيها الأحباب- ليس دعوى باللسان ولا هيام بالوجدان إلا أن يصاحبه الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والسير على هداه وتحقيق منهجه في الحياة، وإن الإيمان ليس كلمات تقال ولا مشاعر تجيش ولا شعائر تقام، ولكنه طاعة لله والرسول وعمل بمنهج الله الذي يحمله الرسول صلى الله عليه وسلم (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ).
قال الإمام ابن كثير رحمه الله عند هذه الآية، هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في نفس الأمر؛ حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأعماله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» ا هـ رحمه الله.
هذه الأمور الذي ذكرنا تطرح علينا سؤالاً في ظل ما نعيشه من آلام وأحزان ونحن نشاهد بأعيننا ونسمع بأذاننا معاناة إخوان لنا في الديانة والعروبة، إخوان لنا يعانون ويصرخون ويستنجدون ويستغيثون فلا مغيث، إخوان لنا يحاولون استنهاض همم خارت بفعل الشهوات وحب الذات والتعلق باللذات..
نعم نرى معاناتهم ويعلم الله أن قلوبنا تتقطع آلامًا وحسرة عليهم ومما يزيد حسرتنا أن ما يتعرضون له من صنوف الإبادة يتم على يدي من يُفترض فيه أن يكون بهم رحيمًا، فإذا هو سفاكً لدمائهم قاتل لأطفالهم هادم لمساجدهم...إنه الخزي والعار.
هل سمعتم -أيها الأحباب- عن حاكم يقصف شعبه بالصواريخ والقذائف والدبابات والطائرات!! إنها الحسرة والمرارة.. والمرارة الأكبر أن يتخلى عنهم المسلمون ويسلموهم لمن يبيدهم.. والله إن الكلمات تعجز عن وصف الآلام والأحزان والاندهاش.
هل حب الكراسي يصنع هذه المآسي؟! هل حب السلطة يوقع المسلمين في هذه الورطة؟ هل التعلق بالمناصب يجلب بالمسلمين كل هذه المصائب؟
إن الدنيا بأجمعها بما فيها هذه العروش الزائفة لا تساوي عند الله قطرة دم من مسلم تُسفك ظلمًا وقهرًا، يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لزوال الدنيا بأجمعها أهون عند الله من قتل امرئ مسلم».
إذاً ونحن نواصل السياحة في رياض الحبيب صلى الله عليه وسلم نتساءل: أين نحن من نبينا في مسألة الإخاء والتناصر؟ سؤال ينبغي أن يُطرح على الأمة جميعها، وعلى كل المستويات: قمة وقاعدة.
ماذا فعلت أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وماذا قدمت للمسلمين في سوريا وهم يُذبحون ويُقتلون ويُروَّعون؟ فأين الإخاء الذي رسَّخه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا إليه بمقاله وحاله؟ وأين مقتضيات هذا الإخاء ومن أعظمها قضية التناصر؟
سؤال لا بد أن يُطرح لنقف على حقيقة الانتساب إلى شريف الجناب صلى الله عليه وسلم.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عظيم يبين فيه كيف يجب أن يكون المسلمين في إخائهم وتناصرهم ضاربًا مثلاً من أروع الأمثلة يقول عليه الصلاة والسلام: «مثل المؤمنين في تَوَادّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» رواه البخاري ومسلم.
هذا الجسد الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي اليوم منه أعضاء، فهل تداعى سائر الجسد لهذه الأعضاء، يشتكي منه عضو عزيز في بلاد عزيزة أثنى عليها رسول الله وأثنى على أهلها ودعا لهم بالبركة.
بلاد دُفن فيها كثير من الصحابة والتابعين وخصوصًا حمص التي تضم جسد الصحابي الجليل خالد بن الوليد.
هذه المدينة تشتكي اليوم وتستغيث وتتعرض أهلها للقتل والذبح، أُسَر تُذبح وأعراض تُنتهك ولا حول ولا قوة إلا بالله..
فهل نشاركهم -أيها الأحباب- ولو وجدانيًّا، وهذا أقل ما يمكن أن نحس ونحن نحضن أطفالنا بمعاناة أطفالهم.
هل نحس ونحن نتحلق حول موائد الأكل هل نحس بجوعهم؟ هل نشعر ونحن نحس بالبرد من معاناتهم؟ هل نشعر بذلك كله أم الأمر لا يعنينا !!!
جعلني الله وإياكم ممن ذُكِّر فنفعته الذكرى وأخلص لله عمله سرًّا وجهرًا، والحمد لله رب العالمين..
الخطبة الثانية:
الحمد لله ناصر المظلومين ومؤيد المستضعفين ومجيب دعوة المضطرين ومهلك الظالمين الذي أهلك عاد الأولى وثمود فما أبقى وقوم نوح من قبل، إنهم كانوا هم أظلم وأطغى. والصلاة والسلام على إمام الأنبياء وسيد الأتقياء سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
معاشر الصالحين: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسِّخًا قضية الأخوة ومبينًا مقتضياتها يقول: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كُربة فرج الله عنه كربة من كُربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة» رواه البخاري ومسلم.
بدأ صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بقضية الأخوة؛ باعتبارها الأصل، ثم بيّن مقتضيات هذه الأخوة «المسلم أخو المسلم» ابتداءً «لا يظلمه ولا يسلمه» لا يظلمه في أي حق من حقوقه، ولا يسلمه لمن يظلمه، لا يتركه عرضة للظالمين وهدفًا للمعتدين، فكيف تتعامل الأمة اليوم على ضوء هذا الحديث في قضية سوريا.
يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله» رواه الإمام أحمد.
وهذا الحديث يتماشى مع الحديث الأول مع اختلاف اللفظ في الحديث الأول «ولا يسلمه» وهنا قال: «ولا يخذله» بمعنى أن تركه لمن يظلمه هو خذلان له، وهو الحاصل اليوم في سوريا.
ويقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا»، وشبّك بين أصابعه. رواه البخاري ومسلم.
هذه هي الأخوة كما يراها ويدعو إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه مقتضياتها التي تثبت أو تنهي صحة ادعائها ووجودها.
من مقتضيات هذه الأخوة كذلك التناصر، والتناصر لغة مصدر قولهم: "تناصر القوم إن نصر بعضهم بعضًا"، وفي الاصطلاح يُراد به أن يقدم كل مسلم العون لأخيه ليدفع عنه الظلم إن كان مظلومًا، ويرده عن ظلمه إن كان ظالمًا.
يقول تعالى: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) عن جابر وأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من امرئ يخذل مسلمًا في موطن يُنتقص فيه من عرضه ويُنتهك فيه من حرمته إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلمًا في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته» رواه الطبراني والإسناد حسن.
فالأمر دين إن خذلت أخاك اليوم خذلك الله في موقف تكون محتاجًا فيه للنصرة، وكما يدين المرء يُدان، والأيام دُول، فنصرتك لأخيك هي في الحقيقة نصرة لك.
وعن سهل بن حنيف رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أُذِلّ عنده مؤمن فلم ينصره وهو يقدر على أن ينصره أذله الله عز وجل على رؤوس الخلائق يوم القيامة» رواه الإمام أحمد.
والحديث هذا يخاطب القادرين على النصرة ممن هم في مراكز القرار والذين فُتحت لهم أبواب النصرة ماديًّا ومعنويًّا وغير ذلك..
وفي الحديث وعيد شديد يهز القلوب ويحرك النفوس، فالذي يتخلف عن نصرة أخيه مع وجود القدرة يذله الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق وفي ذلك من التشنيع والإذلال ما لا يخفى.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: جاء رجل مستصرخًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: جارية له يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم «ويحك ما لك»؟ قال شرًّا؛ أبصر لسيده جاريةً له فغار – أي غار سيده - فجب مذاكيره – أي قطع خصيتيه – فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليَّ بالرجل» يعني هذا الذي فعل الفعل، فطُلب فلم يقدر عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذهب فأنت حر»، فقال يا رسول الله على من نصرتي قال: «على كل مؤمن» أو قال: «كل مسلم». رواه أبو داوود وحسنه الألباني.
هذا رجل تعرض للون من ألوان الظلم على يدي سيده، فجعل صلى الله عليه وسلم نصرته في عنق كل مؤمن، فكيف بهؤلاء الذين يبادون ويقتلون على مرأى ومسمع من العالم.
إذاً في ظلال ما سمعنا من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسألة الأخوة وقضية التناصر يكون لزامًا علينا جميعا أن نعمل بمقتضياتها حبًّا وطاعة لله ورسوله، ودليل صدق على الأخوة التي لا تثبت بمجرد الأقوال ولكنها بناء يُبنى بالأفعال كلٌّ من موضعه ومركزه..
فالذين يملكون القرار اليوم في أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم مطالبون بالوقوف صفًّا واحدًا من أجل نصرة هؤلاء المظلومين.
أما عامة المسلمين فمن أعظم الأسباب التي يملكونها اليوم "الدعاء" الدعاء في كل وقت وحين، يقول العلماء: "إذا انقطعت الأسباب كان الدعاء بنفسه سببًا".
الدعاء بأن يفرج الله كربة المظلومين ويهلك الظالمين، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة؛ عند رأسه ملك موكّل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل» رواه مسلم.
كل مسلم مطالب بالدعاء بإخلاص وتوجه في سجوده وفي كل الأوقات التي يرجى فيها الاستجابة بعد الأذان وعقب الصلوات المكتوبة، وفي ساعة الجمعة، وفي الثلث الأخير من الليل؛ لأن ارتباط المسلمين يفرض ذلك.
إن نمط العيش اليوم وضغوطات الحياة اليومية، وما يستورد من أفكار دخيلة على المسلمين تجعل مسألة الأخوة الإسلامية في مهب الريح، مما أدى إلى ضعف الروح الجماعية لتحل محلها الفردية، وهذا ما يريده أعداء الأمة نسف الروح الجماعية عند المسلمين والتي هي مصدر قوتهم وسبيل مناعتهم.
فربنا جل وعلا عندما يخاطب المؤمنين لا يخاطب جهات دون أخرى ولا فئة دون أخرى، ولكنه يخاطب كل من آمن بالله ربًّا، والنبي صلى الله عليه وسلم كذلك عندما يخاطب المؤمنين يخاطبهم جميعًا أينما كانوا وحيثما وجدوا.
أما نظرية نفسي نفسي والتي هي سائدة اليوم عند أغلب المسلمين، فهي من نتاج الاستعمار الذي فرّق بين المسلمين وشغلهم بقضايا مفتعلة حتى لا تتحد صفوفهم ويتوحد همهم.
قال تعالى (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) فالمسلم لا يبنى فرضًا إلا في جماعة، ولا يتصور الإسلام قائمًا إلا في محيط جماعة منظمة ذات ارتباط وذات نظام وذات هدف جماعي منوط بالوقت ذاته بكل فرض فيها هو إقامة هذا المنهج الإلهي الذي يمثله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إقامته في الضمير وفي العمل، مع إقامته في الأرض، وهو لا يقوم في الأرض إلا في مجتمع يعيش ويتحرك ويعمل وينتج في حدود ذلك المنهج الإلهي.
هذا الفكر الجماعي يكون من ثماره المشاركة الفعلية والوجدانية، وهو ما يجب على المسلمين إيذاء إخوانهم في سوريا.
من يملك الفعل يفعل ما يغيث به إخوانه، ومن لا يملك يشارك على مستوى الوجدان وهذا أقل شيء.
أما أن إخوانك يذبحون ويعذبون وأنت منشغل بالكرة أو بالأهواء أو بهذه الواردات الفكرية التي ترد علينا من الغرب من قبيل ما يسمى بعيد الحب، والذي يستعد الكثير من المسلمين بالاحتفال به.
أي حب وأي ورد وأي احتفال !! وما علاقتنا بشيء لا أصل له في ديننا الذي هو سر عزنا ومظهر أُخوتنا وسبيل نصرتنا.
وإن ضعفت الأسباب وأغلقت الأبواب وتواطأ المكر وتحالف الكفر، فارفع يداك إلى من بيده مفاتيح الأمور، ومن بيده مقاليد السماوات والأرض، ارفع يداك إلى الله شاعرًا بمعاناة إخوانك مستغيثًا بربك فتلكم ضرورة الدين، وتلكم حقيقة الانتساب إلى رحابه، وليس دون ذلك إلا الانفراط والضياع.
اللهم أغث إخواننا في سوريا..
التعليقات