أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة

محمد بن حسين حداد الجزائري

2022-10-06 - 1444/03/10
التصنيفات: مقالات في الوعي

اقتباس

فرض على المستطيع الحجَّ مرّةً واحدة في عمرِهِ، وجعَل موسمَ العشرِ مشتركًا بين السّائرينَ والقاعدين؛ فمَن عجَزَ عن الحجِّ في عامٍ؛ قدَرَ في العشرِ على عملٍ يَعْمَلُهُ في بيتِهِ يكونُ أفضلَ مِن الجهادِ الّذي هو أفضلُ مِن الحجِّ

بسم الله والحمد لله وحده، والصّلاة والسّلام على من لا نبي بعده؛ أمّا بعد.

 

فإنّ ممّا يستوجب على العبد حمد ربِّه، أنْ يمدّ الله له في عمرِه فيبلّغه مواسم الخيرات، ليفتح له أبوابها ويعرض عليه بركاتها، فيجتهد ويسابق في جنّة عرضها كعرض السّموات والأرض، (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ)(1).

 

وقد حَبانا الله دون كثيرٍ ما بين مُوسَّدٍ الثَّرى، وضالٍّ زاهدٍ في الأخرى، بأنْ بلّغنا شهر ذي الحِجّة الحرام، وأوائل أيّامِه العَشر، الأيّام الّتي وردت النّصوص والآثار والأقوال، في الحديث حول فضائلها وخصائصها وشرفِها.

 

فهي الأيّام الّتي أقسم الله -سبحانه- بها(2) بقوله: (وَالفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ)(3).

 

وهي أفضل أيّام الدّهر، حيث قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فيها: "أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ العَشْرِ"(4).

 

وهي الأيّام المعلومات الّتي أشار الله -تعالى- إلى فضلها بقوله: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَاللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)(5).

 

وهي الأيّام الّتي رغّب فيها النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- إلى العمل الصّالح بقوله: "مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العَشْرِ". فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ: وَلاَ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: وَلاَ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ"(6).

 

وهي الأيّام الّتي فيها فريضة الحجّ، الّتي هي الرّكن الخامس مِن أركان الإسلام.

 

وهي الأيّام الّتي فيها يوم عَرَفَة، الّذي ورد فيه قول نبيّنا -صلّى الله عليه وسلّم-: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ. وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ المَلاَئِكَةَ. فَيَقُولُ: مَا أَرادَ هَؤُلاَءِ؟"(7).

 

وهي الأيّام الّتي فيها يوم النّحر، وهو يوم العاشر مِن ذي الحجّة الّذي رُوي فيه قوله -عليه الصّلاة والسّلام: "إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ القَرِّ"(8).

 

وهي الأيّام الّتي تجتمع فيها أُمّهات العبادات(9).

 

لكلّ هذا؛ أدرك سلفنا الصّالح ومَن تبعهم بإحسان، قيمة هذه الأيّام، فتنافسوا على الخير والعمل الصّالح فيها تنافُسًا عظيمًا، وكان سعيد بن جبير -رحمه الله- "إذا دخل أيّامُ العَشْرِ اجتهد اجتهادًا شديدًا، حتّى ما يكاد يقدر عليه"(10).

 

وممّا لا شكّ فيه، أنّ عبادةَ الله -تعالى- والتقرّبَ إليه بالطّاعات القولية والفعلية، مطلوبةٌ مِن المسلم في كلّ وقتٍ وحين، إلاّ أنّها تتأكّد في بعض الأوقات والمناسبات، الّتي منها هذه الأيّام مِن شهر ذي الحجّة، فأحببتُ أن أذكّر نفسي أوّلاً، ثمّ إخواني وأخواتي -جميعا- ثانيًا، بما أشارت إليه بعض آيات القرآن الكريم والأحاديث النّبوية إلى بعض تلك العبادات، على سبيل التّخصيص لبعضها والتّأكيد لأخرى؛ عُمدتي في ذلك أقوال علماء الأمّة.

 

ومِن تلك الأعمال والعبادات ما يلي:

01/ شكر اللهِ على هذه النِّعمة:

 

فقبل كلّ شيء، علينا أن نشكر الله -تعالى- على أنْ بلَّغنا هذه العَشر الّتي هي مِن أفضل أيّام الدّهر؛ فإنّ شكرَه -سبحانه- على نعمه مِن أسباب زيادة الخير والتّوفيق إليه؛ قال -عزّ وجلّ -: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)(11).

 

قال الإمام القرطبي: "(لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) أي: لئن وحَّدتم وأطعتم لأزيدنّكم ممَا يجب الشّكر عليه، وهي نعمي. وقال الرّبيع: المعنى: لئن شكرتُم إنعامي لأزيدنّكم من فضلي. الحسن: لئن شكرتُم نعمتي لأزيدنّكم من طاعتي. ابن عبّاس: لئن وَحَّدْتُم وأطعتُم لأزيدنَّكم من الثّواب. والمعنى متقارب في هذه الأقوال، والآية نصٌّ في أنَّ الشّكر سببُ المزيد"(12).

 

02/ التّوبة إلى الله:

كلّنا نُخطئ ونُذنب، ولا شكّ أنّ اللّبيبَ منّا، الحريصَ على طاعة ربّه، والمجتهدَ لمرضاته، يعلم يقينًا أنّ مِن طاعة الله -عزّ وجلّ- اجتناب معاصيه في جميع الأوقات والأحوال، والأشهر الحُرم خاصّة -وذو الحجّة منها- يتأكّد فيها الحذر مِن المعاصي كما يتأكّد الحِرص على الطّاعات، فإنّه كما تُضاعَف الحسنات في مِثل هذه الأيّام، تُضاعف السّيئات أيضا؛ ومعاذ الله أنْ يكون حالنا كمَن خَلطَ عملاً صالحًا وآخر سيّئا؛ قال الله -تعالى -: (إِنّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيّمُ، فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)(13).

 

فعلى المسلم استقبال هذه الأيّام بالتّوبة والإقلاع عن جميع الذّنوب والمعاصي، حتّى يترتّب على أعماله المغفرة والرّحمة والتّوفيق، وإذا كانت الطّاعات سببا في القرب والودّ، فإنّ المعاصي سبب في البعد والطّرد، فكانت التّوبة الصّادقة النّصوح متأكّدة في هذه الأيّام، كما أنّها واجبة في كلّ وقتٍ ومِن كلّ ذنبٍ، ولكنّها في مثل هذه المواسم والمناسبات آكد وأوجب، وأرجى أن تُقبل ويُوفّق صاحبها للهداية والاستقامة؛ فإنّه إذا اجتمع للمسلم توبةٌ نصوح مع أعمالٍ فاضلة في أزمنةٍ مباركة، فذلك عنوانٌ لصلاحِه وفلاحه ورضا ربِّه عنه، قال الله -تعالى: (يَا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ، نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(14)، وقال -عَزّ مِن قائل-: (فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ)(15)، وقال -سبحانه: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى)(16).

 

03/ الاجتهاد في العمل الصّالح مُطلقًا:

نَدَبَت الأحاديث النّبوية إلى العمل الصّالح مطلقاً في هذه الأيام، مِنها ما ذكرتُه في مقدّمة كلامي، مِن قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: "مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العَشْرِ". فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ: وَلاَ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: وَلاَ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ"(17).

 

فكلّ العبادات والطّاعات مقصودة بمثل هذا الحـديث، وهو ما تُشير إليه جملة مِن الحديث -نفسه- في قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: "العمل الصّالح"، ففي التّعريف بـ (أل) الجنسيّة نستفيد العموم وعدم الخُصوص، وفي هذا إشارةٌ وترغيبٌ إلى الإكثار مِن الأعمال الصّالحةِ بأنواعها، سواء كانت واجبةً فيُحافظُ عليها، أم نافلةً فيُكثر مِنها: كصلاة النّافلة، وقيام اللّيل، وصيام النّهار، وتلاوة القرآن، والصّدقة، وإفشاء السّلام، وإطعام الطّعام، والإصلاح بين النّاس، والإحسان إلى الجيران، وإكرام الضّيف، وإماطة الأذى عن الطريق، وزيارة المرضى، وقضاء حوائج النّاس، والصّلاة على النّبي -صلى الله عليه وسلّم- وإسباغ الوضوء، والدّلالة على الخير، والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وسلامة الصّدر وترك الشّحناء، وتعليم الأولاد والبنات.

 

أمّا ما ورد ذكرُه مِن فضائل بعض الأعمال في أحاديث أخرى بخصوصِها، فهو مِن قبيل موافِقِ العام الّذي يوافقُه ولا يُخصّصه.

 

وقد جاء في فضل الإكثار مِن النّوافل حديث قدسي عظيم، ففي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه -قوله: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم: "إنّ الله قال: مَنْ عادَى لي وَليًّا فَقَدْ آذَنْتُه بِالحرب. ما تقرَّبَ إليَّ عبدي بشيءٍ أحبّ إلي مما افتَرَضته عليه. وما يزال عبدي يتقرّب إليَّ بالنّوافل حتّى أُحبّه، فإذا أحبَبته كنت سمعَه الّذي يسمع به وبصرَه الّذي يبصر به ويدَه الّتي يبطِش بها ورجله الّتي يمشي بها، وإنْ سألني لأعطينَه، ولئن استعاذ بي لأعيذَنه"(18).

 

04/ الصّلاة:

الصّلاة مِن أجلِّ الأعمال في هذه الأيّام، وأعظمها أجرًا وأكثرها فضلاً.

 

وذلك أوّلاً: لدخول الصّلاة في عموم الاجتهاد في العمل الصّالح كما قدَّمت.

 

وثانيًا: لما تنطوي عليه هذه العبادة مِن ذِكرٍ لله -تعالى- وقرآن ودعاء، وهي جميعها مطلوبة في بعض الأحاديث كما سيأتي.

 

فيتأكّد علينا المحافظة على هذه العبادة الصِّلة بيننا وبين ربّنا -عزّ وجلّ- أمّا المكتوب مِنها، فالمحافظة عليه فرضٌ واجبٌ في كلّ حين، وأمّا نَفلها، فالمستحبّ الإكثار مِن الصّلوات المسنونة بكلِّ أنواعها قدر المستطاع، مِن صلاة الرّواتب، وقيام اللّيل، والضّحى.

 

فإنّ صلاة النّوافل ينجبر بها ما نقص من الفرائض، وهي مِن أسباب رفع الدّرجات، ومحو السّيئات، وإجابة الدّعوات؛ وسعِد مَن نال حظًّا مِن قول نبيّنا -صلى الله عليه وسلّم وقد تَقدَّم- فيما يرويه عن ربّه: "وما يزال عبدي يتقرّب إليَّ بالنّوافل حتّى أُحبَّه"(19)، وأيّ حبّ أعظم، وأجمل وأسعد، وأبقى وأطيب، مِن حبِّ الله لعبده المؤمن؟!

 

05/ الحجّ والعمرة:

الحجّ والعُمرة هما مِن أفضل ما يُعمل في الأيّام العشر؛ بل مِن خصائص هذه الأيّام مشروعية الحجّ فيها؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه -أنّ رسولَ الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ، لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الجَنَّةُ"(20).قال النّووي -رحمه الله-: ""والحجّ المبرور ليس له جزاءٌ إلاّ الجنّة" الأصحّ الأشهر أنّ (المبرور) هو الّذي لا يُخالطُه إثم، مأخوذ من البرّ وهو الطّاعة، وقيل: هو المقبول، ومن علامة القبول أن يرجع خيرًا ممّا كان، ولا يعاود المعاصي، وقيل: هو الّذي لا رياء فيه، وقيل: الّذي لا يعقبه معصية، وهما داخلان فيما قبلهما. ومعنى: "ليس له جزاء إلا الجنة" أنّه لا يُقْتَصَر لصاحبه من الجزاء على تكفير بعض ذنوبه، بل لا بدّ أن يدخل الجنّة، والله أعلم"(21).

 

والحجّ كما هو معلوم، واجبٌ على المستطيع مرّة في العمر؛ قال –تعالى-: (فِيهِ آيَاتٌ بَيّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ، وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا، وَللهِ عَلَى النّاسِ حِجّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً، وَمَن كَفَرَ فَإِنّ الله غَنِيّ عَنِ الْعَالَمِينَ)(22).

 

ولْيَبْشِر مَن لم يستطعِ الحجّ بفرصةِ نيلِه ثوابًا أعظم من ثوابِ الحجّ، إذا حسُن مقصده وصلُح عملُه، قال ابن رجب الحنبلي -رحمه الله-: "لمّا كان الله سبحانه قد وضع في نفوس المؤمنين حنينًا إلى مشاهدةِ بيتِه الحرام، وليس كلُّ أحدٍ قادرًا على مشاهدتِه في كلِّ عام؛ فرض على المستطيع الحجَّ مرّةً واحدة في عمرِهِ، وجعَل موسمَ العشرِ مشتركًا بين السّائرينَ والقاعدين؛ فمَن عجَزَ عن الحجِّ في عامٍ؛ قدَرَ في العشرِ على عملٍ يَعْمَلُهُ في بيتِهِ يكونُ أفضلَ مِن الجهادِ الّذي هو أفضلُ مِن الحجِّ"(23).

 

أمّا العُمرة، فهي عبادةٌ عظيمة -أيضا- يجوز أداؤها في كلّ أيّام السّنة -كما ذكر غير واحِدٍ من الأئمّة- والأيّام العشر مِن ذي الحجّة منها؛ بل كانت عمرة نبيّنا -عليه الصّلاة والسّلام -في أشهر الحجّ.(24)

 

06/ الصّيام:

الصّيام مِن أفضل الأعمال الصّالحة الّتي وردت النّصوص الكثيرة في بيان فضله، وقد أضافه الله إلى نفسه لعِظم شأنه وعلوّ قدره؛ فقال -سبحانه وتعالى- في الحديث القدسي: "كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدمَ له، إلاّ الصّومُ. فإنّه لي وأنا أجزي به"(25).

 

وعليه فيُسنّ للمسلم أن يصوم التّسع الأوائل مِن ذي الحجة، لأنّ النّبي -صلى الله عليه وسلّم- حثّ على العمل الصّالح فيها -أوّلاً- وكان يصومـها -ثانيًا- فعن بعض أزواج النّبي -صلى الله عليه وسلـم-: "أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم كان يصومُ يومَ عاشوراءَ، وتسعًا مِن ذي الحِجّة، وثلاثَةَ أيّامٍ مِن الشّهرِ؛ أوَّلَ اثْنين مِن الشَّهرِ؛ وخَمِيسَيْنِ"(26).

 

قال الإمام ابن رجب: "وممّن كان يصومُ العشرَ(27) عبدُ الله بن عمرَ. وقد تقدّم عنِ الحَسَن وابنِ سيرينَ وقَتادَةَ ذكرُ فضلِ صيامِه، وهو قولُ أكثرِ العلماءِ أو كثيرٍ منهم"(28)؛ بل نصّ بعض الأئمّة على استحباب صيامِ هذه الأيّام استحبابًا شديدًا(29).

 

وأمّا إذا عجز أحدٌ عن صيام التِّسع، فلا يعجز عن صيام ثلاثة أيام مِنها -مِن أوّلها أو وسطها أو آخرها- فإنّ صيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر سنّة مُتّبعة؛ فإنْ شُغلت النّفس وضعفت الهِمّة عن هذا كلّه، فلا ينبغي أنْ ينشغلنّ أحدٌ أو يضعفنّ عن صيام يوم عرفة، والحديث عنه في الموضوع التّالي.

 

07/ صيام عرفة:

قد جاءت في فضل يوم عرفة أحاديث؛ مِنها ما ورد عن عَائِشَة -رضي الله عنها- أنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلّم- قَالَ: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ. وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلائِكَةَ. فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلاءِ؟"(30). قال النوويّ: "هذا الحديث ظاهِر الدَّلالة في فضل يوم عَرفة، وهو كذلك"(31).

 

وعن عمرَ بنِ الخطّاب "أنّ رجلاً من اليهود قال له: يا أميرَ المؤمنين، آيةٌ في كتابِكم تقرؤونَها لو علينا معشَرَ اليهودِ نَزلَت لاتّخذْنا ذلك اليومَ عيدًا. قال: أيُّ آيةٍ؟ قال: (اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا)(32) قال عمرُ: قد عرَفْنا ذلك اليومَ والمكانَ الّذي نَزَلَتْ فيه على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: وهو قائمٌ بِعرَفَةَ، يومَ جُمعة"(33).

 

أمّا صيام هذا اليوم -يوم عرفة- فيكفيه فضلاً ما رواه أَبو قَتَادَةَ اْلأنْصَارِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- "سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالبَاقِيَة(34")(35).

 

08/ الذِّكر:

هذه الأيّام؛ أيّام ذِكرٍ لله -سبحانه وتعالى- بجميع أنواعه: مِن قراءةِ قرآنٍ، وتكبيرٍ، وتسبيحٍ، وتهليلٍ، وتحميدٍ، ودعاءٍ، واستغفارٍ؛ قال الله -عزّ وجلّ- في آية الحجّ: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)(36)، ونقل البخاري في صحيحه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في تفسير (الأيّام المعلومات)، قوله: "(وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ): أيّامُ العشر. والأيّامُ المعدودات: أيّامُ التّشريق"(37).

 

وقد أكّدت السنّة النّبوية على الذّكر والإكثار منه في هذه الأيّام، في حديث عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما -عن النّبي -صلى الله عليه وسلّم- قال: "ما مِن أيّامٍ أعظمُ عند الله ولا أحبُّ إليه العمل فيهنَّ مِن هذه الأيّام العشْر، فأكثروا فيهنَّ مِن التّهليل والتّكبير والتّحميد"(38)؛ وما أمر نبيّنا -عليه الصّلاة والسّلام- بالإكثار مِن التّهليل والتّكبير والتّحميد في هذه الأيّام المباركة دون غيرها من الأذكار، إلاّ لأنّها من آكد العبادات والشّعائر فيها.

 

وأمّا بقية الأذكار الّتي أشرتُ إليها فمستحبّة أيضا، لدخولها في عموم معنى الذِّكر كما قال علماؤنا، وقد نُقل عن سلف الأمّة -رضي الله عنهم- أنّهم كانوا يلهجون بذكر الله من أوّل دخول العشر، ويُعلنون ذلك في بيوتهم ومساجدهم وأسواقهم وأماكن أعمالهم، يفعلون ذلك على كلّ أحوالهم.

 

ويتأكّد هذا الذِّكر أكثر في يوم عرفة، قال الإمام النّووي -رحمه الله-: "واعلم أنّه يُستحبُّ الإِكثار مِن الأذكار في هذه العشر زيادةً على غيره، ويُستحب ذلك في يوم عرفة أكثر من باقي العشر"(39).

 

09/ تلاوة القرآن:

تلاوة كتاب الله -تعالى -مِن أخصّ الأذكار وأعظمها، تتنزّل بسببها السكينة، وتَحفُّ قارئَ الكتابِ ملائكةُ الله -عزّ وجلّ.

 

فلْيُقبِلْ أهل القرآنِ على تلاوةِ كتابِ ربِّهِم في هذه الأيّام المباركة، ولا يخفى ما للقرآنِ مِن فضلٍ عظيم على كثيرٍ مِن الأعمال -تلاوةً وحفظاً وتدبّراً وعملاً به- ويكفي في ذلك قولُه -تعالى: (إِنّ الّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصّلاَةَ وَأَنْفَقُوا مِمّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لنْ تَبُورَ * لِيُوَفّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِن فَضْلِهِ، إِنّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ)(40)، وفي حديث عبد الله بن مسعود -رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللهِ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، والحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لاَ أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلاَمٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ"(41).

 

10/ التّكبير:

التّكبيرُ وإنْ كان مِن جملة الذّكر الّذي سبق الحديث عنه، إلاّ أنّني أحببتُ أن أعقد له هنا عنوانًا خاصًّا، لورود ذِكره في النّصوص والآثار المتعلّقة بالأيّام العشر أكثر مِن غيره مِن الأذكار، ولم يسبق لي أنْ قرأتُ كلاما يُلخِّص موضوع التّكبير في الأيّام العشر، أحسن ممّا قرأتُه لفضيلة الشّيخ الدّكتور عبد العزيز بن فوزان الفوزان، لذلك ولِغِناه، اكتفيتُ بتقييده هنا كاملاً، دون إضافةِ شيء.

 

قال -حفظه الله ونفعنا بعلمه-: "والإكثارُ مِن التّكبيرِ والجهرِ به من الشّعائر الّتي يشابه بها المقيمون حجّاج بيت الله الحرام.

 

وقد أصبح التّكبير في هذا الزّمن من السّنن المهجورة، ولا سيما في أوّل العشر فلا تكاد تسمعه إلا مِن القليل. فحرِيٌّ بالمسلمين أنْ يحيوا هذه السنّة فيفوزوا بأجر العمل، وأجر إحياء سنّة تكاد تندثر.

 

وأمّا صفة التّكبير، فليس له صفة يجب الالتزام بها، والأمر في ذلك واسع، والمقصود هو كثرة الذّكر على أيّ صفة مشروعة.

 

وقد ورد عن السّلف صفات متعدّدة، والمنقول عن أكثرهم أنّهم كانوا يقولون: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. وعن بعضهم: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، وعن بعضهم: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.

 

وبالإضافة إلى التّكبير المطلق الّذي يبتدئ مِن أوّل ذي الحجة إلى غروب الشّمس مِن اليوم الثّالث عشر، فإنّه يُشرع كذلك التّكبير المقيَّد بأدبار الصّلوات بعد السّلام، وهو يبتدئ بالنّسبة لغير الحجّاج مِن فجر يوم عرفة إلى صلاة العصر مِن آخر أيّام التّشريق. وبالنّسبة للحجّاج مِن صلاة الظّهر يوم النّحر إلى صلاة العصر مِن آخر أيّام التّشريق. وهذا هو أصحّ الأقوال الّذي عليه جمهور السّلف والفقهاء قديماً وحديثاً.

 

وظاهر النّصوص أنّ التّكبير المقيّد شاملٌ للمقيم والمسافر، والجماعة والمنفرد، والصّلاة المفروضة والنّافلة. والمسبوق ببعض الصّلاة يكبّر إذا فرغ من قضاء ما فاته؛ لأنّ التّكبير ذِكرٌ مشروع بعد السّلام"(42).

 

11/ الدّعاء:

الدّعاء هو مخّ العبادة، مَن وُفّق إلى دعاء الله وحده، فقد بُلّغ منزلةً عظيمة، ووُفِّق إلى خيرٍ كثير، فكيف إذا وافق دعاء العبد ربَّه هذه الأيّام المباركة وهو مجتهدٌ صائم، لا شكّ أنّه سيُفتَحُ له بابُ أسبابِ إجابةِ دعائِه على مصراعيه؛ بل كيف إذا وافق دعاؤُه يومَ عرفة، وما أدراك ما دعاءُ يومِ عرفة.

 

عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ"(43)؛ قال ابن عبد البرّ معلِّقًا على هذا الحديث: "وفيه مِن الفقه، أنّ دعاء يوم عرفة أفضل مِن غيره، وفي ذلك دليلٌ على فضل يوم عرفة على غيره"(44)، ثمّ قال -رحمه الله: "وفي الحديث أيضًا، دليل على أنّ دعاء يوم عرفة مُجاب كلّه في الأغلب"(45).

 

فلْيحرِص المسلم على الإكثارِ مِن الدّعاء في هذه الأيّام المباركة، لاسيما سؤاله ربَّه -سبحانه- أنْ يعتقه مِن النّار، فقد قال النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- في حديث سبق ذِكره: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ. وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلائِكَةَ. فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلاءِ؟"(46).

 

12/ قيام اللّيل:

لا شكّ أنّ قيام اللّيلِ عبادةٌ عظيمةٌ جليلة، يكفي عن وصفِ عظمةِ شأنِها وجلالةِ قدرها قوله -تعـالى- في أهل القيام: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ أَنَاءَ اللّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ، قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ، إِنَّمَا يَتَذَكّرُ أُولُو الألْبَابِ)(47)، ومع دخولِ القيّامِ في عمومِ العمل الصّالح - كما ذكرتُ في شأن بعض العبادات- فقد نُقل عن بعض العلماء تنصيصهم على استحباب قيام ليالي العشر الأوائل مِن ذي الحجّة، مِنهم الإمام الإمام ابن رجب الحنبلي(48)، ورُوي عن سعيد بن جبير قوله: "لا تُطْفِئُوا سرجَكُم لياليَ العشرِ"(49).

 

وينسحبُ فضل الأيّامِ العشر على لياليها، وإن لم يثبُتْ في فضلِ هذه الأخيرة شيءٌ خاصّ، فـ"الأيّامُ إذا أُطلِقَتْ دخلتْ فيها اللّيالي تبعًا، وكذلك اللّيالي تدخُلُ أيّامُها تبعًا.

 

وقد أقسَمَ الله تعالى بلياليهِ فقال تعالى: (وَالفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ)(50)، وهذا يدلُّ على فضيلَةِ لياليهِ أيضًا"(51).

 

13/ التّضحية:

الأُضحيةُ سنّةٌ سنّها لنا أبونا إبراهيم -عليه الصّلاة والسّلام- حين فدى اللهُ ولدَه بذِبحٍ عظيم، وهي مِن خيْرِ القُربات في هذه الأيّام، يُغنينا اشتهارُها لدى النّاسِ علمًا وعملاً عن سردِ النّصوص حولها، حتّى إنّ مِن العلماء مَن قال بأنّها واجبة على الموسِر، والجمهور على أنّها سنّة مؤكّدة.

 

وممّا ورَدَ في فضلِ الأُضحية، ما رَوته عائشة -رضي الله عنها -أنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم -قال: "مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهُ لَيَأتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِقُرُونِها وَأَشْعَارِها وَأَظْلاَفِهَا وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا"(52).

 

فينبغي على المستطيعِ الحِرصُ على هذه السنّة، مع تعلّمِ آدابِها وأحكامِها.

 

ولا يحزَنَنّ مَن لم يستطِعْ شراءَ أضحيةٍ لحاجتِه أو فقرِه، إذ يكفيه شرفًا وأجرًا أنْ ضحّى عنه خيرُ البريّة -صلّى الله عليه وسلّم- فعن عائشة وأبي هريرة -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- "كَانَ إذا أرادَ أنْ يُضحِّيَ اشْترى كَبْشَينِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَينِ أَقرَنَيْنِ أملَحَينِ مَوجُوءَيْن، فذَبَحَ أحدَهُما عن أُمَّتِهِ لِمَن شَهِدَ للهِ بالتَّوحيدِ وشهِدَ لهُ بالبَلاغِ، وذَبَحَ الآخَرَ عن محمَّدٍ وعن آلِ محمَّدٍ صلّى الله عليه وسلّم"(53).

 

14/ عدم أخذ شيء مِن الشَّعر والظِّفر بالنّسبة للمضحّي:

قال نبيّنا -صلى الله عليه وسلّم-: "مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ، فَإِذَا أُهِلَّ هِلاَلُ ذِي الحِجّةِ، فَلاَ يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلاَ مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا، حَتَّى يُضَحِّي"(54)؛وفي لفظ(55) آخر: "إِذَا رَأَيْتُمْ هِلاَلَ ذِي الحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ"(56).

 

والحديث قد ضمّن بلَفظيْه نَهيٌ وأَمرٌ: فاللّفظ الأوّل فيه النّهي عن أخذ شيءٍ من الشَّعر أو الظّفر قبل التّضحية، واللّفظ الثّاني فيه الأمر بالإمساك عن أخذ ذلك، وكِلا اللّفظين يؤكّد على العمل بهذه السنّة؛ قال النّووي: "واختلف العلماء فيمن دخلت عليه عشر ذي الحجّة وأراد أن يضحّي، فقال سعيد بن المسيّب وربيعة وأحمد وإسحاق وداود وبعض أصحاب الشّافعي: إنّه يحرم عليه أخذ شيء من شعره وأظفاره حتّى يضحّي في وقت الأضحية، وقال الشّافعي وأصحابه: هو مكروه كراهة تنزيه وليس بحرام، وقال أبو حنيفة: لا يُكره، وقال مالك في رواية: لا يُكره وفي رواية يُكره، وفي رواية يحرم في التطوّع دون الواجب"(57).

 

أمّا الحِكمة مِن ذلك، فقد قال بعض العلماء: أنّه لمّا شابه المضحّي المحْرِمَ في بعض أعمال النّسك -وهو التقرّب إلى الله بذَبْح القربان- أُعطِيَ بعض أحكامه، وقيل: أنّ الحِكمة في ذلك أن يبقى المضحِّي كامل الأجزاء ليُعتَق مِن النّار.(58)*

 

15/ استغلال يوم العيد في الخيرات:

يومُ عيدِ الأضحى هو أفضلُ أيّامِ السّنة على الإطلاق، لحديث عبد الله بن قُرْطٍ -رضي الله عنه -عن النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "إِنَّ أَعْظَمَ الأيَّامِ عِنْدَ اللهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ"(59).

 

فالجدير بالمسلم أنْ يستغلّ هذا اليوم العظيم في التقرّب إلى الله بمختلف العبادات؛ والّتي مِنها ما سيأتي ذكرُه.

 

16/ الخروج إلى صلاة العيد:

على المسلم المبادرة إلى أداء صلاة العيد حيث تُصلّى، ولْيَحرِص على الاستماع إلى خطبة العيد، فمِن الغُبن أن يحرِم العبدُ نفسَه مِن شهود هذا الخير العظيم، ذلك لأنّ هذا اليوم -يوم النّحر- هو أعظم الأيّام عند الله -كما تقدّم- ولم يُستثنى النّساء مِن شُهود الصّلاة فيه؛ بل حثّهنّ الرّسول -عليه الصّلاة والسّلام- على ذلك، فعن أمِّ عَطِيّةَ -رضي الله عنها- قالت:"أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلَّم، أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الفِطْرِ وَالأَضْحَى، العَوَاتِقَ وَالحُيَّضَ وَذَوَاتِ الخُدُورِ، فَأَمَّا الحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاَةَ وَيَشْهَدْنَ الخَيْرَ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِحْدَانَا لاَ يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ، قَالَ: لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا"(60).

 

17/ صِلة الأرحام:

صِلة الرّحم مِن الأمور الواجبة حُكمًا، والعظيمة أجرًا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أفْشُوا السَّلاَمَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وصِلُوا الأرحامَ، وصلُّوا باللَّيلِ والنَّاسُ نِيَامٌ، تدخُلُوا الجنَّةَ بسَلام"(61)، وقال -عليه الصّلاة والسّلام-: "الرَّحِمُ مُعلَّقَةٌ بالعَرْشِ تَقولُ: مَن وَصَلَني وصَلَهُ اللهُ، وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللهُ"(62).

 

ولا شكّ أنّ أعرافَنا وعاداتنا جارية بالتّزاور والتّواصل بين ذوي الرّحم في هذه الأيّام، وفي يوم العيد منها خاصّة؛ فلْيستدِم كلٌّ منّا على ما بدأه واعتاد عليه، ثمّ لْيوصي غيرَه ولْيُربّي أبناءه على ذلك.

 

18/ الصّدقة:

الصّدقة في وقت الحاجة والشدّة أفضل مِن بعض العبادات التطوّعية الخاصّة في هذه الأيّام وغيرها، وعلّل ذلك علماؤنا بأنّ العبادة التطوّعية الخاصّة نفعُها قاصرٌ على صاحبها، أمّا الصّدقة على المحاويج مِن الجِياع والفقراء والمساكين فنفعُه متعدّي، وما كان نفعُه متعدّيًا أفضل ممّا كان نفعه قاصرًا.

 

ويكفي المتصدِّقَ والمعطي والمحسن إلى الآخرين أجرًا، أنّ فِعلَه استجابةٌ لنداء الإيمان في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ، وَالكَافِرُونَ هُمُ الظّالِمُونَ)(63)، ويكفيه فضلاً قولُه - سبحانه: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ)(64).

 

وأمّا مَن لم يجدْ ما يتصدّق به؛ فلْيَبْشِرْ بما وَرد عن نبيّنا - صلى الله عليه وسلّم -مِن طريق سعيد بن أبي بُردة عن أبيه عن جدّه أنّه قال: "على كلّ مُسلمٍ صدقةٌ". فقالوا: يا نبي اللهِ فمَن لم يجد؟ قال: "يعملُ بيدِهِ فينفَعُ نفسَهُ ويتصدَّقُ". قالوا: فإنْ لم يَجِدْ؟ قال: "يُعِينُ ذا الحاجةِ المَلهوفَ". قالوا: فإنْ لم يَجدْ؟ قال: "فلْيَعملْ بالمعروفِ، وليُمسِكْ عنِ الشرِّ، فإنّها له صدقةٌ"(65).

 

19/ التّذكير بقصّة إبراهيم وما تضمَّنته مِن مواقِف إيمانيّة:

فإنّ آخر هذه الأيّام المباركة قد ارتبط بحدثٍ إيمانيٍّ وتاريخيٍّ عظيم(66)، كان بطله الأوّل خليل الله إبراهيم -عليه السّلام - فمِن شكرِ نِعم الله -سبحانه -أن يُعطَى للحدث أهمّية كبيرة، فيُذكَّر النّاس بقصّة هذا النّبي العظيم، وما اتّصل بها من معانيّ التّوحيد اتّصالاً وثيقًا، وكذلك يُربّى النّاشئة عليها.

 

فدعوةُ إبراهيم -عليه السّلام -لأبيه آزر، وصبره على أذاه ومقابلة إساءته بالإحسان.

 

وحوارُه مع قومِه عبّاد الأصنام، وتعريفهم بربّه -سبحانه -وتذكيرهِم باليوم الآخر، ثمّ انتصارِه عليهم بالحجّة والبرهان.

 

وموقفُه مع الملك الطّاغية النّمرود، ومحاجّـته له وثباته أمامه.

 

ومقابلتُه لعبدة الكواكب بلسان الحقّ ولغة العقل.

 

وفراقُه مع زوجِه هاجر ومعها رضيعها، وعظمة توكّله على الله -عزّ وجلّ -بعدما تركها في أرضٍ عديمة الزّرع والماء.

 

ومِحنتُه العظيمة في قصّة إقدامِه على ذبح ابنه وحبيبِه طاعةً لربّه -تعالى.

 

وغيرها مِن المواقف الإيمانية الّتي كان صاحبها هذا النّبي الّذي قال الله -سبحانه -فيه: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَاللَّذِينَ مَعَهُ)(67)؛ تلك القصّة الغنيّة بالدّروس والعِبرِ، كشأنِ قَصص سائر الأنبياء -عمومًا: (وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ، وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الحَقُّ وَمَوْعِضَةٌ وَذِكْرَى لِلمُؤْمِنِينَ)(68).

 

فلْنستغلّ هذه الأيّام في تذكير النّاس بها، وتربيّتهم على معانيها الجليلة.

 

20/ التفكّر في وِحدانية الله -عزّ وجلّ-:

علينا جميعا ونحن نجتهد في هذه الأيّام، استشعار عظمة الله -عزّ وجلّ -وتفضّله علينا، فكلّ ما نقومُ به مِن أعمالٍ ونؤدّيه مِن عباداتٍ، هو بفضلِه وتوفيقه، وما كنّا لنصنع شيئًا لولاه -سبحانه- لذلك علينا بالتفكُّرِ في معاني وِحدانية خالقِنا وإلهِنا، ربِّ العالمين، الرّحمنِ الرّحيم، ملك يوم الدّين؛ فنستحضرُها في ما وُفّقنا إليه مِن طاعاتٍ وعبادات.

 

فصلاةٌ تُبذل له وحده.

 

وصيامٌ له وهو يجزي به.

 

وحجٌّ بأفئدةٍ هَوَت إلى البيت العتيقِ وما قَصَدَت إلاّ ربَّ البيت.

 

وتضحيةٌ هي توحيدٌ مُذكِّرٌ بأبي الموحّدين إبراهيم - عليه السّلام.

 

وصدقةٌ يُرادُ بها وجهه وجنّته.

 

وتكبيرٌ مُعلِنٌ أنّ عظمة الله لا تضاهيها عظمة.

 

وتحميدٌ يُعترف مِن خلاله بتفرّد الله -سبحانه- بأحسنِ الأسماءِ وأجملِها، وأعلى الصّفات وأكملِها، وسَعةِ رزقِه وإنعامه.

 

والتّهليل يُلخّص ذلك كلَّه، قال الله - تبارك وتعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوّلُ الْمُسْلِمِين)(69).

 

هذا ما تيسّر لي كتابتُه وجمعُه في موضوعِ العملِ في العشر الأوائل مِن ذي الحجّة، قد اجتهدتُ للتّذكيرِ بأفضل ما ورد فيه، وأصوَبِ ما جاء حوله؛ أسأل الله -عزّ وجلّ- لي ولإخواني وأخواتي -جميعًا- بمناسبة حلول هذه الأيّام المباركة، التّوفيق إلى بذل الخيرات، والاجتهاد في الباقيات الصّالحات، وأنْ ييسّر لنا أسباب الفوز بجنّة عرضها الأرض والسّموات، وأسأله الغفور التوّاب، السّدادَ والإخلاصَ والصّواب، وحُسنَ الخاتمةِ والمغفرةَ والثّواب، في القول والعمل.

 

وأطلُب مِن كلِّ مَن قرأ رسالتي -منشورةً على الانترنت أو مطبوعةً على الورق- الدّعاءَ لي ولوالدَيَّ ولكلِّ من له عليّ فضل، والاشتراكَ معي في الخيرِ بنشر الرّسالة في مناسبتها على الأقارب والأصحاب، ولي منّي إليهم -مُقدَّما- المحبّة في الله، والسّلام مع رحمته الله وبركاته ومغفرته.

 

وسبحانك اللّهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلاّ أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

 

--------------------

(1) سورة المطفّفين: الآية 26.

(2) ولاشك أنّ قسمَ الله -تعالى- بها يُنبئُ عن شرفها وفضلها وعظمتها؛ أمّا نحن فلا نقسم بها لأنّنا قد نُهينا عن ذلك.

قال الشّيخ العلاّمة محمّد بن صالح العثيمين: "وأمّا قوله تعالى: (والشّمس وضحاها)، وقوله: (لا أقسم بهذا البلد)، وقوله: (واللّيل إذا يغشى)، وما أشبه ذلك من المخلوقات الّتي أقسم الله بها؛ فالجواب عنه من وجهين:

الأوّل: أنّ هذا من فعل الله والله لا يُسأل عمّا يفعل، وله أن يُقسم سبحانه بما شاء من خلقه، وهو سائل غير مسؤول وحاكم غير محكوم عليه.

الثّاني: أنّ قسَمَ الله بهذه الآيات دليل على عظمته وكمال قدرته وحكمته؛ فيكون القسم بها الدّال على تعظيمها ورفع شأنها متضمّنا للثّناء على الله -عزّ وجلّ -بما تقتضيه من الدّلالة على عظمته". (مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشّيخ محمّد بن صالح العثيمين): 10/ 797، 798.

(3) سورة الفجر: الآيتان 1، 2.

قال الإمام الطّبري: "وقولُه: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ). اختلَف أهلُ التّأويل في هذه اللّيالي، أيُّ ليالٍ هي؛ فقال بعضهم: هي ليالي عشرٍ ذي الحِجّةِ". (جامع البيان عن تأويل آي القرآن): 24/ 345.

(4) رواه البزّار عن جابر -رضي الله عنه- وصحّحه الألباني في (صحيح الجامع الصّغير وزيادته): رقم 1133.

(5) سورة الحجّ: الآيتان 27، 28.

ونقل البخاري في صحيحه عن ابن عباس -رضي الله عنه- قوله في هذه الأيام أنّها: أَيَّامُ الْعَشْرِ؛ وسيأتي تخريج الأثر.

(6) أخرجه التّرمذي -واللّفظ له- في (الجامع الكبير): أبواب الصّوم، باب ما جاء في العمل في أيّام العشر، رقم 757؛ وأبو داود في (سننه): كتاب الصّوم، باب في صوم العشر، رقم 2438؛ وابن ماجة في (سننه): أبواب الصّيام، باب صوم العشر، رقم 1727.

(7) رواه مسلم في (صحيحه): كتاب الحجّ، باب في فضل الحجّ والعمرة ويوم عرفة، رقم 1348.

(8) رواه أبو داود من حديث عبد الله بن قُرط -رضي الله عنه- في (سننه): كتاب المناسك، باب في الهدي إذا عطب قبل أن يبلغ، رقم 1765.

(9) قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: "والّذي يظهر أنّ السّبب في امتياز عشر ذي الحجّة لمكان اجتماع أمّهات العبادة فيه، وهي الصّلاة والصّيام والصّدقة والحجّ، ولا يتأتى ذلك في غيره". (فتح الباري شرح صحيح البخاري): 2/460.

(10) رواه الدّارمي والبيهقي، كما في (صحيح التّرغيب والتّرهيب): رقم 1148.

(11) سورة إبراهيم: الآية 7.

(12) في كتابه (الجامع لأحكام القرآن): 12/ 108، 109.

(13) سورة التّوبة: الآية 36.

(14) سورة التّحريم: الآية 8.

(15) سورة القصص: الآية 67.

(16) سورة طه: الآية 82.

(17) سبق تخريجه.

(18) رواه البخاري في (صحيحه): كتاب الرّقائق، باب باب التّواضع، رقم 6502.

(19) رواه البخاري في (صحيحه): كتاب الرّقائق، باب التّواضع، رقم 6502.

(20) رواه البخاري في (صحيحه): كتاب العمرة، باب العُمرة. وجوب العُمرةِ وفضلُها، رقم 1773؛ ومسلم في (صحيحه): كتاب الحجّ، باب في فضل الحجّ والعمرة ويوم عرفة، رقم 1349.

(21) في كتابه: (صحيح مسلم بشرح النّووي): 9/ 168، 169.

(22) سورة آل عمران: الآية 97.

(23) في كتابه (لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف): 601، 602.

(24) قال الشّيخ العثيمين: "العمرة تُباح في كلّ وقت حتّى في يوم عيد النّحر، وفي يوم عرفة، وفي أيّام التّشريق". (الشّرح الممتِع على زاد المستقنِع): 7/ 376.

(25) رواه البخاري -واللفظ له- في (صحيحه): كتاب اللّباس، باب ما يُذكَرُ في المسْك، رقم 5927؛ ومسلم في (صحيحه): كتاب الصّوم، باب فضل الصّيام والعمرة ويوم عرفة، رقم 1151؛ كلاهما من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه.

(26) رواه أبو داود في (سننه): كتاب الصّوم، باب في صوم العشر، رقم 2437؛ والنّسائي -واللّفظ له- في (سننه): كتاب الصّوم، باب فضل الصّيام والعمرة ويوم عرفة، رقم 2372؛ وصحّحه الألباني في (صحيح سنن أبي داود) رقم 2106.

(27) "وكان ابن سيرينَ يكرَه أن يُقالَ: صام العشرَ؛ لأنّه يوهِمُ دخولَ يومِ النّحر فيه، وإنّما يُقال صامَ التِّسعَ، ولكنَّ الصّيام أضيف إلى العشرِ فالمرادُ صيامُ ما يجوزُ صومُه منه". (لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف): 584.

(28) في كتابه (لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف): 583، 584.

(29) قال الإمام النّووي: "فليس في صوم هذه التّسعة كراهة، بل هي مستحبّة استحبابًا شديدًا، لا سيما التّاسع منها وهو يوم عرفة". (صحيح مسلم بشرح النّووي): 8/ 102.

(30) رواه مسلم في (صحيحه): كتاب الحجّ، باب فضل الحجّ والعمرة ويوم عرفة، رقم 1348.

(31) (صحيح مسلم بشرح النّووي): 9/ 166.

(32) سورة المائدة: الآية 3.

(33) رواه البخاري في (صحيحه): كتاب الإيمان، باب زيادةِ الإيمانِ ونُقصانِه، رقم 45.

(34) قال المباركفوري: "قال النّووي: قالوا المراد بالذّنوب الصّغائر، وإن لم تكن الصّغائر يُرجى تخفيف الكبائر، فإن لم تكن رُفعت الدّرجات. وقال القاري في المرقاة: قال الإمام الحرمين: المكفّر الصّغائر. وقال القاضي عياض: وهو مذهب أهل السنّة والجماعة، وأمّا الكبائر فلا يكفّرها إلاّ التّوبة أو رحمة الله. فإن قيل: كيف يكون أن يكفّر السّنة الّتي بعده مع أنّه ليس للرّجل ذنب في نلك السّنة؟ قيل: معناه أن يحفظه الله تعالى من الذّنوب فيها، وقيل يعطيه من الرّحمة والثّواب قدرًا يكون ككفّارة السّنة الماضية والسّنة القابلة إذا جاءت واتّفقت له ذنوب". (تحفة الأحوذي بشرح جامع التّرمذي): 3/ 453.

(35) رواه مسلم في (صحيحه): كتاب الصّيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس، رقم 1162.

وفي رواية: "صيامُ يومِ عرفَة، أحتسبُ على اللهِ أنْ يُكفِّرَ السّنةَ الّتي قبله. والسّنة الّتي بعدَه". رواه مسلم في (صحيحه): كتاب الصّيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس، رقم 1162؛ من حديث أبي قتادة الأنصاريّ -رضي الله عنه.

(36) سورة الحجّ: الآية 28.

(37) رواه البخاري في (صحيحه): كتاب العيدين، باب فضل العملِ في أيّام التّشريق، في أوّل الباب.

(38) رواه أحمد في (مسنده): كتاب الصّيام، 5/ 367، رقم 6154؛ وصحّحه أحمد شاكر.

(39) (الأذكار): ص147.

(40) سورة فاطر: الآية 29، 30.

(41) رواه التّرمذي في (سننه): وقال: "حديث حسنٌ صحيحٌ غريب". أبواب فضائل القرآن، باب ما جاء فيمن قرأ حرفًا من القرآنِ مالهُ من الأجْر، رقم 2910؛ وحسّنه الألباني في (صحيح سنن التّرمذي): 3/ 472.

(42) من مقال للشّيخ بعنوان: (موسم التّجارة الرّابحة).

(43) رواه التّرمذي في (سننه): أبواب الدّعوات، باب في دعاء يوم عرفة، رقم 3585؛ وحسّنه الألباني في (صحيح سنن التّرمذي): 3/ 472.

(44) في كتابه (التّمهيد): 6/ 41.

(45) في كتابه (التّمهيد): 6/ 41.

(46) سبق تخريجه.

(47) سورة الزّمر: الآية 8.

(48) كما في كتابه (لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف): ص585.

(49) في كتابه (لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف): ص585.

(50) سورة المطفّفين: الآية 26.

(51) (لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف): ص592.

(52) رواه التّرمذي -واللفظ له- في (سننه): أبواب الأضاحي، باب ما جاء في فضلِ الأضحِيّة، رقم 1493، وقال: "هذا حديث حسن غريب"؛ وابن ماجة في (سننه): أبواب الأضاحي، باب ثواب الأضحِيّة، رقم 3126؛ قال الألباني في تحقيق مشكاة المصابيح (1/ 462): "فيه أبو المثنى سليمان بن يزيد، وهو واهٍ كما قال المنذري (2/ 101) والذّهبي في "التّلخيص" (4/ 222)". (صحيح سنن التّرمذي): 3/ 472.

(53) رواه ابن ماجة في (سننه): أبواب الأضاحي، باب أضاحيّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، رقم 3122؛ صحّحه الألباني في (صحيح سنن ابن ماجة): 3/ 82، رقم 2548.

(54) رواه مسلم من حديث أمّ سلمة -رضي الله عنها -في (صحيحه): كتاب الأضاحي، باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجّة، وهو مريد التّضحية، أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئا، رقم 1977.

(55) وقد ورد الحديث في نفس الباب بألفاظ أخرى.

(56) رواه مسلم من حديث أمّ سلمة  -رضي الله عنها- (صحيحه): كتاب الأضاحي، باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجّة، وهو مريد التّضحية، أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئا، رقم 1977.

(57) (صحيح مسلم بشرح النّووي): 13/ 200، 201.

(58) انظر: (صحيح مسلم بشرح النّووي): 13/ 201.

* مَن اشترى أضحية بعد مُضي أيّام مِن أوّل ذي الحجّة أمسك مِن وقت عزمه على التّضحية، ومن عزم عليها في أوّل الأيّام ثمّ تأخّر شراؤه، أمسك مِن أوّلها؛ والنّهي عن الأخذ من البشرة والشّعر والظّفر يخصّ المضحّي وحده (صاحب الأضحية)، ولا يتناول المُضحَّى عنهم كالزّوجة والأولاد ونحوهم، إلاّ إذا كان لأحدهم أضحيّة تخصّه؛ لأنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- كان يضحّي عن آل محمد -رضي الله عنهم- ولم يُنقل عنه أنه نهاهم عن الأخذ أو أمرهم بالإمساك.

(59) رواه أبو داود في (سننه): كتاب المناسك، باب في الهدي إذا عطب قبل أن يبلغ، رقم 1765؛ قال الألباني في (صحيح سنن أبي داود): "إسناده صحيح، وقد صحّحه ابن حبّان والحاكم". 6/ 14، رقم 1549.

(60) رواه البخاري في (صحيحه): كتاب العيدين، باب خروج النّساء والحُيّضِ إلى المصلّى، رقم 974؛ وباب إذا لم يكن لها جلبابٌ في العيد، رقم 980؛ وباب اعتِزالِ الحُيَّضِ المصلّى، رقم 981؛ ومسلم -واللّفظ له- في (صحيحه): كتاب العيدين، باب ذكر إباحة خروج النّساء في العيدين إلى المصلّى وشهود الخطبة، مفارقات للرّجال، رقم 890.

(61) رواه ابن ماجة في (سننه): من حديث عبد الله بن سلام -رضي الله عنه: أبواب الأطعمة، باب إطعام الطّعام، رقم 3251؛ وصحّحه الألباني في (صحيح سنن ابن ماجة): 3/ 115، رقم 2648.

(62) رواه مسلم في (صحيحه): من حديث عائشة -رضي الله عنها: كتاب البرّ والصّلة والآداب، باب صلة الرّحم، وتحريم قطيعتها، رقم 2555.

(63) سورة البقرة: الآية 254.

(64) سورة الحديد: الآية 11.

(65) رواه البخاري في (صحيحه): كتاب الزّكاة، باب على كلِّ مسلمٍ صدقة، فمن لم يَجِدْ فلْيعملْ بالمعروف رقم 1445.

(66) ألا وهو إقدام إبراهيم على التّضحية بابنه إسماعيل -عليهما السّلام -طاعةً لربّه بعد رؤيا رآها إبراهيم -ورُؤيا الأنبياء وحي- قبل أن يفديه الله -عزّ وجلّ -بذِبح عظيم.

(67) سورة الممتحنة: الآية 4.

(68) سورة هود: الآية 120.

(69) سورة الأنعام: الآيتان 162، 163.

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات