لماذا يخجل بعض المسلمين بدينهم؟

محمد الأمين مقراوي الوغليسي - عضو الفريق العلمي

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: مقالات

اقتباس

ظل الكثير من عوام المسلمين في العقود الأخيرة يخجلون بشكل كبير من بعض الشعائر الإسلامية التي جاء بها الإسلام، وواظب عليها النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولم يكتف الكثير منهم بذلك، بل راح يُلبس هذا الخجل حججا لا تقنع حتى صبيان المسلمين؛ حيث دأب الكثير منهم على...

لم تكن الهزيمة النفسية والشعور بالخذلان وسط المسلمين إلا نتيجة حتمية لابتعادهم عن دينهم العظيم؛ الذي سيظل المصدر الأول والأخير للعزة والشهامة التي تجعل المسلم إنسانا رائدا، وسيدا في هذه الحياة.

 

ولم يكن أحد يتصور أن المسلم الذي ينتمي إلى خير أمة سيحتقر نفسه ودينه إرضاءً لأعداء الإسلام، الذين لن يرضوا إلا بسلخ المسلم عن دينه: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) [البقرة: 120].

 

ولم يكن يتصور أحد أن يصل المسلم إلى أن يحدث أعداء الإسلام عن نبذه للكثير من الأحكام الشرعية، والمصطلحات، فالكثيرون اليوم يعترضون على مصطلحات؛ مثل: الجزية، وأهل الذمة، ودار الإسلام، ودار الحرب، أو دار الكفر.

 

والكثير منهم صار ينادي بتغيير المناهج، وحذف الكثير من الآيات القرآنية من المناهج الدراسية، بدعوى احتوائها على مضامين تحرض على العنف.

 

كما نذكر هنا مجادلة الكثير ممن لم يفهم حقيقة الإنسان والكون والدين -ولم يتعمق في فهم حقيقة الاستقرار في المجتمعات البشرية، وأهمية الدين في تحقيق النسيج المتناغم المتناسق بين مختلف فئات المجتمع المسلم- في حكم الردة، وهذا واحد من أخطر المواضيع التي تدل على انهزامية الكثير من المسلمين وخاصة المصنفين ضمن دائرة الدعاة الجدد أو المثقفين، بزعم أن الترويج لسماحة الإسلام لدى الصهاينة والصليبيين -الذين دمروا الأرض والحياة مرتين خلال القرن العشرين، وأسقطوا عشرات الحكومات، ودمروا دولا ومجتمعات- سوف يحقق رضاهم عنا، مع أن القرآن يؤكد أن هؤلاء لن يرضوا عن أهل الإسلام إلا إذا صاروا مسخا لا صله له بالإسلام.

 

والحديث في تغيير المصطلحات القرآنية مثل: الجزية، الردة، الفاسق، الفاجر، الكافر، أهل الكتاب، يحتاج مساحات كبيرة، لكن مختصر القول هو: أن الكثير ممن قادوا مثل هذه الحملات لم يحققوا شيئا في الأخير، لم يرضوا الكفار، ولم يغيروا واقع المسلمين، بل وفي الأخير انطفأت دعواتهم، والسبب أن الغفلة التي غطّت عيون هؤلاء -حتى وإن كان بعضهم صادقا وذا رصيد جيد في خدمة المسلمين- يرجع إلى الفترة الحالية التي تعيشها الأمة الإسلامية، والتي تتميز بالضعف والهوان، فمحاولة هؤلاء التمرد على سنن الضعف، وفقه الضعف جعلتهم يخرجون بهذه الأحكام الغريبة والشاذة عن روح الشريعة الإسلامية، وعلوها وقدسيتها.

 

خلاصة القول: أن الخجل النخبوي هنا -وهو أبشع من الخجل العامي الذي عليه بعض عامة المسلمين، والذين قد يعذرون في ذلك؛ لأنهم من عامة أهل الإسلام- لم يكن إلا وبالا على أصحابه وبعض المسلمين؛ لأنه لم يحقق النتيجة التي أرادها أصحابه، لكن بالمقابل فتح الباب على مصراعيه للشانئين والمتربصين بالإسلام والمسلمين، فظهرت دعاوى كثيرة في مختلف الدول المسلمة، تنادي بمحاكمة الإمام البخاري، وتجريد صحيح البخاري من قدسيته الإسلامية، التي اتفق عليها المسلمون عبر تاريخهم، كما فتحت الباب للكثير من الرويبضات للنيل والطعن في صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفتحت الباب للكثير من الحاقدين -الذين كانوا لا يجرؤون قبل ظهور هذا الخجل النخبوي الانبطاحي على الطعن في الإسلام علانية- للمطالبة بإحراق كتب السنة، ومنع كتب التاريخ الإسلامي، وطالب بعضهم بكل خبث حذف (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) [الفاتحة: 7] بزعم احتواء هذه الآية على تحريض على القتل ضد اليهود والنصارى.

 

ولم يتوقف الأمر على هذه المطالب، بل وصل إلى حد تهديد وجود جامع الأزهر، بعد اتهامه بشيطنة الآخر، واعتماده مناهج دراسية تدعو للعنف، والتحق الأقباط في مصر بهذه الحملة، وصاروا ينعتون جامع الأزهر بمصدر الإرهاب والخراب.

 

والحقيقة التي يجب أن تقال هنا: هي أن "أنصاف الدعاة" الذين قادوا هذه الحملات في البداية، لم يكتفوا بترويجها على عامة المسلمين، بل كان العديد منهم يجعل محور لقاءاته مع الشخصيات الرسمية والشهيرة يدور حول هذه المواضيع، ظنا منهم أن ذلك سيحبب إليهم الإسلام، ويجعلهم ينصرونه، وجهلا منهم أن هؤلاء الذين يعادون الإسلام لا يعادونه عن جهل؛ بقدر ما يعادونه حقدا واستكبارا؛ لأنهم يقطع عليهم طريق الشهوات الخاصة والعامة، ويقف حاجزا بينهم وبين جعل الإباحية منهج حياة للمسلمين.

 

المهم هنا هو أن هؤلاء "أنصاف الدعاة" وكتاباتهم كانت سببا في تجرئة سفهاء المسلمين في السلطة، وفي المجتمع على الطعن في الإسلام، والتعدي على مقدساته، ومحاولة النيل من أركانه، وقد ابتدأ ذلك بالخجل من بعض ما في الإسلام، بسبب الروح الانهزامية التي أوهنت اعتزازهم بالإسلام أمام المسلمين.

 

السطحية العلمية وجنايتها على المسلمين:

الحقيقة أن إضرار هؤلاء  باستقرار الإسلام بحمل هذه الدعاوى ونشرها؛ لا يختلف عن تخريب الخوارج للصفاء الذي كانت تعيشه المدينة النبوية، والمنهج المشترك بين الخوارج وبين "أنصاف الدعاة" يكمن في الاغتراف من الإسلام بسطحية، ويلخص ذلك قول النبي ­-عليه الصلاة والسلام-: "يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية"، وفعلا عند التحقيق في أصالة علم هؤلاء المتفيقهة، أو المشوشين على المسلمين نجد أن الواحد فيهم لم يبلغ درجة الاجتهاد، بل لا يبلغ حتى أن يوصف بالعالم فضلا عن أن يصل إلى رتبة الفقيه، ومع ذلك يتجرأ على مسائل لا يحق له أن يخوض فيها علميا وتنظيميا، فعلميا هذا من حق الراسخين في العلم، من الصادقين الذين لم يبدلوا ولم يبيعوا دينهم ومبادئهم، وتنظيميا من حق الاجتهاد الجماعي وحده الخوض في مثل هذه المسائل.

 

ومما تجدر الإشارة إليه: أن الكثير من هؤلاء وصل إلى هذه النتائج المشوشة على الإسلام بعد اعتقاده بإسلامية المواطنة والديمقراطية والمدنية بمفهومها الذي يحدده النظام العالمي الفرعوني، معتقدا أن الأسلمة أمر سهل يسير، وأن مخرجاته مضمونة.

 

إذًا المنطلقات الخاطئة كانت ستؤدي منطقيا إلى نتائج خاطئة، والانطلاق من جزئي لبناء نظريات وأحكام كلية أحد خوارم مناهج النظر الإسلامية.

 

من مظاهر الروح الانهزامية لدى عوام المسلمين:

ظل الكثير من عوام المسلمين في العقود الأخيرة يخجلون بشكل كبير من بعض الشعائر الإسلامية التي جاء بها الإسلام، وواظب عليها النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يكتف الكثير منهم بذلك، بل راح يُلبس هذا الخجل حججا لا تقنع حتى صبيان المسلمين، حيث دأب الكثير منهم على وصف بعض شعائر الهدي الظاهر مثل: اللباس، وطريقة الأكل، واللحية، والحجاب، وغيرها؛ بأنها مسائل سطحية، أو أنها من المسائل التي تقع ضمن دائرة القشور؛ مع أن الدين كله من عند الله -سبحانه وتعالى-، فكيف يصف المخلوق ما جاء عن الخالق بأنه قشور؟ وما هو المعيار الذي صار يستند عليه المسلم -الذي يركب هذا المركب الخطير- في تصنيفه لشعائر الإسلام إلى سطحية وجوهرية؟

 

في الحقيقة لا يحتاج الجواب إلى بذل طاقة ووسع في البحث، فمرد هذا التصنيف أمران:

الجهل بحقيقة الإسلام، واتباع الهوى، ولا يخرج الأمر عن ذلك غالبا.

 

ومن مظاهر ذلك: أن غالبية الشباب المسلم كان يخجل من إعفاء لحيته، بأي شكل كان، حتى بتزيينها وجعلها مناسبة لذوقه، وكان أهم سبب في خجلهم هذا أن الذي تناولها هو الإسلام، وما دام الإسلام يوصف بالتخلف، ويوصف الملتزمون به بالرجعية والأصولية والتطرف والإرهاب، وما دام وجودها علامة على عدم التحضر، بل وباعتبارها مانعة من جذب الفتيات عند الكثير منهم، فقد عادوها، واستهزؤوا بها وبمن كان يحملها أو يدعو إليها باعتبارها هديا نبويا ظاهرا.

 

اليوم هؤلاء الشباب أنفسهم يتسابقون للظهور باللحية، وبأحسن شكل، فما الذي غيرهم؟

 

الذي غيرهم هو الروح الانهزامية والانبطاح أمام الآخر، فعندما صار نجوم كرة القدم والرياضة والغناء يظهرون باللحية، صار هؤلاء المنهزمون نفسيا يظهرون بها.

 

كان يكفي أن يظهر إذًا فلان لاعب برازيلي أو برتغالي أو حتى عربي ليتغير شكل الشاب المسلم، وليشعر بالراحة؛ لأن المجتمع لم يعد يرى اللحية خاصة بالمستقيمين، بل أصبحت موضة، وصارت الفتيات لا تبدي امتعاضهن منها، بالتالي ليس هناك تهديد يهدد مجال المعاكسات ومشتقاتها.

 

كان يكفي إذًا أن يظهر المغني الأمريكي أو الكندي أو الممثل التركي بلحية ليصبح العربي المسلم لا يشعر بأي حرج وهو يتمظهر بها.

 

على الخلاف المعروف والشهير في بعض مسائل اللباس، إلا أن الكثير من المسلمين كان يستهزئ بالضوابط الشرعية التي شرعها الإسلام في اللباس؛ لجعل المسلم يحترم نفسه، ويتحلى بالجدية والرجولة، والذوق الجمالي، وكان حتى لباس الكثير من المستقيمين من المسلمين في مختلف بقاع العالم الإسلامي عرضة للسخرية والاستهزاء.

 

لكن تمر الأيام ليلبس الكثير من هؤلاء ملابس لم يتخيل العقلاء أنه سيأتي اليوم الذي يتوجه فيه التاجر المسلم لشراء الملابس الممزقة، والملابس المكشوفة، ليبيعها لجماهير الشباب المسلم، المتعطش لكل ما هو غربي وشرقي، ولكل ما هو مناقض للقيم الإسلامية.

 

كان الحزام بالنسبة للمسلمين العرب بل ولكل المسلمين علامة من علامات الرجولة والحزم، وكان المسلم يغضب في مطارات الدول التي كانت في البداية تفرض على المسافر نزع حزامه، الحزام الذي ظل يمثل في التاريخ الإسلامي علامة على الرجولة، حتى تغير الحال، ولم يكتف الكثير من بني جلدتنا بالتخلي عن الحزام، بل صار الكثير منهم في مختلف دول العالم الإسلامي يلبسون سراويل أو بنطلونات مفضوحة هابطة، في صورة تختصر الرداءة التي وصل إليها المسلم، والسفالة التي غرق فيها، وخراب الذوق، وكل ذلك باسم تقليد الغرب، والتمدن، والحرية الشخصية، وباسم اتباع أقوال كتاب علمانيين أو مرضى نفسيا يروجون لهذه الثقافة العدمية المنحطة.

 

أما النساء فلم يعد يخفى ما تفعله الكثير من المسلمات في الصيف على شواطئ البحار، عندما تنزعن حجاب الحياء لتلبسن لباس البحر الفاضح، حتى لا تسبح بالحجاب الذي قد يجلب لها سخرية الفاسقات.

 

وهنا أيضا يجب الإشارة إلى تخلي بعض المسلمات عن حجابهن في بلاد الكفر، هربا من الانهزامية والانبطاح، وبعضهن ومع معرفتها أن فعلهن مرفوض شرعا، إلا أنهن تحاولن شرعنته، تارة باسم الخوف على أنفسهن من اعتداءات اليمين المتطرف، وتارة باسم البحث عن عمل، مع العلم أن بعضهن كن مقيمات في دول تمنحهن حرية المعتقد والمظهر والعمل، ومع غرقهن في السفالة تتوجه فئة منهن إلى تحريض الفتيات المسلمات على خلع ملابس الفضيلة، والاقتداء بهن، تحت دعوى رفض التشدد، والمجتمع الذكوري، وأن الشرف لا يقاس بقطعة قماش، وكأن الحرية تقاس بالتعري، أو كأن معيار التحضر هو الخلاعة والسفالة.

 

وبقدر الانهزامية التي تسكن نفس المسلم يكون انبطاحه، وهنا أتذكر قصة لأحد الكتاب يروي قصة مسلمة عربية، أرادت العمل كعارضة أزياء، لكنها رفضت أن تؤخذ لها صور بملابس أكثر خلاعة، فقال لها المصور بعد أن صدته "يا متخلفة يا بنت الفلاح"، فكانت ردة فعلها أن فعلت أكثر مما طلب، وهي قص تلخص لنا حال الكثير من المسلمين والمسلمات الذين تخلوا عن حيائهم ومبادئهم خوفا من أن يعيّروا وينعتوا بالتخلف والرجعية.

 

أما تسريحات الشعر فذلك شيء آخر، فقد أصبحت التقليعات الصهيونية والنصرانية والبوذية محط اهتمام وتقليد الشباب المسلم، حتى صار أضحوكة بين الناس، ومن سافر إلى أوروبا انتبه إلى أن هذه الملابس الحقيرة، وهذه التسريحات والتقليعات السخيفة والتافهة لم تصل إلى أن تكون ظاهرة اجتماعية، بل هي تصرفات فردية للشباب الأوروبي الفاشل، بينما هنا نجد الشباب المسلم على اختلاف مستوياته يقلد هذه التسريحات والملابس.

 

وهناك ظاهرة أخرى تستحق الالتفات إليها، وهي ظاهرة الانفلات الأخلاقي في حفلات الأعراس، حيث يتخلى الكثير من المسلمين عن قيمهم الحاكمة لمثل هذه المناسبات، فبعضهم يرضى بأن تتم في أجواء لا تختلف عن أجواء الملاهي، وبعضهم يسقط في حمأة التبذير الشيطاني والإسراف؛ حتى لا يعيره الناس، وحتى ينجو من أن يلاحقه الاحتقار الاجتماعي، وبعضهم يطبق نفس العادات الغربية، وكل ذلك حتى يظهر أنه متمدن متقدم، وكأن التقدم في الفساد.

 

المسلم والإعاقة النفسية:

إذًا نحن نعيش أزمة حقيقية تشير إلى أن الشباب المسلم منهزم نفسيا، فارغ روحيا، لا يعي حقيقة الإسلام، ويمتلك رصيدا من العوائق النفسية التي تقف حائلا بينه وبين تطبيق مجمل ما جاءت به الشريعة الإسلامية من أحكام ونواهي، وهنا نتحدث عن الدين ككل، أو عن الرسالة الخاتمة عموما، سواء أكان ذلك متعلقا بالعبادات أو المعاملات، أو بمسائل الهدي الظاهر مثل اللباس والشعر وما شابهها.

 

نحتاج اليوم إلى فتح مئات الحوارات والبرامج، والمقالات التي تتحدث عن هذه الظاهرة الخطيرة، التي تعد مؤشرا حاسما عن مستوى السخافة التي غرق فيها المسلمون؛ والتي ما هي إلا نتاج عن روح الانهزام التي عششت في النفوس، وأربكت العقول.

 

وهنا لابد إلى أن نشير إلى أمر مهم، هو: يجب التوقف عن توجيه اللوم للمصلحين، واعتبارهم سبب كل هذا، واتهام خطابهم بالسطحية بشكل مطلق وغير منضبط، صحيح أن لبعضهم مسؤولية في هذا الموضوع، لكن هذه الأزمة هي نتاج البعد عن الإسلام على مستوى السياسة والاقتصاد والثقافة، ونتيجة لتبني منظومات وضعية مناقضة للهوية الإسلامية للمسلمين، وفاشلة لعدة اعتبارات، منها: أن من يروجون لها لا يمثلون المسلمين،ـ فالتيار العلماني لم يفد المسلمين لا في السياسة ولا في الاقتصاد، ولا في الرياضة ولا في الثقافة، وبالمقابل خرب ذوقهم، بنشر ثقافات ضحلة غريبة وشاذة عن البيئة الإسلامية، تحت مزاعم كثيرة، تخفي حقيقة الأمراض النفسية التي تسكن العلمانيين والليبيراليين وأمثالهم.

 

بالتالي يجب أن نفهم أن ما يحدث هو نتيجة تغييب للإسلام كمنظومة حياة كاملة متكاملة، وإحلال منظومة حياة مترهلة فاشلة، لا تقود إلا إلى الفشل.

 

إذًا العمل على إصلاح هذا الوضع برمته ليس مسؤولية فئة دون فئة، بل هو مسؤولية جميع الصالحين والمصلحين داخل المجتمع، وفي كل المستويات، دون استثناء.

 

وختاما؛ ولأن الموضوع عام ويتناول شرائح اجتماعية مختلفة في المجتمع المسلم، فإن مسؤولية الخطباء في إعادة تقويم ما انحرف من سلوكيات المسلمين؛ بسبب خجلهم بدينهم، وسيطرة الروح الانهزامية على حياتهم، تبقى مسؤولية عظيمة.

 

وهذا الموضوع من المواضيع الهامة التي يجب على الخطباء تخصيص مواضيع خطابية متنوعة، بشرط معالجتها معالجة عميقة، فلا تنفع المعالجة المستعجلة المتعجلة.

 

ولا يجب التهوين من هذه الظواهر الناتجة عن الانبطاح والانهزامية، مثل ظاهرة اللباس، فقد اعتبر عقلاء علماء الاجتماع الغربيين اللباس روح الأمة، وأحد المؤشرات على سلامتها النفسية والاجتماعية، وإنما كان التمثيل بهذه الظواهر هنا؛ للحاجة إلى الاستدلال على الروح الانهزامية التي باتت تفتك بالشخصية المسلمة على كافة المستويات، وللتدليل أيضا على ما يفعله الخجل بالإسلام وأحكامه الربانية العظيمة بالمسلمين؛ وعليه يجب علينا جميعا إعطاء هذا الموضوع حقه ومستحقه من الدراسة والبحث والنقد، واستعمال مختلف الطرق والوسائل والأساليب لتصحيحه وإصلاحه.

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات