المهمات في صفات القدوات من القرآن الكريم (1-3)

أيمن الشعبان

2022-10-06 - 1444/03/10
التصنيفات: مقالات في الوعي

اقتباس

اتباع هدي النبي -عليه الصلاة والسلام-: فهو أعظم قائد ناجح وأفضل قدوة يُقتفى أثره، لما اتصف به من مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات، حتى زكّاه الله في كل شيء بقوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم:4]، ويقول سبحانه: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [الأحزاب:21]، هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي التَّأَسِّي بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَحْوَالِهِ [3].

 

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وبعد:

فهذه همسات تربوية وخواطر قرآنية من هداية كلام رب البرية؛ عبارة عن فوائد وإرشادات مقتضبة، ووصايا وتوجيهات مختصرة، وبرقيات عاجلة، تنير الطريق وترسم المعالم، مستقاة من أخلاق الكبار وصفات العظماء، من الأنبياء والأصفياء، لصناعة وإيجاد قُدوات عملية ونماذج ربانية.

 

1-الإخلاص: سلامة المقصد صفة مهمة من صفات الكبار والقدوات، فما صعد إلى السماء أعز من الإخلاص، فهو سلعة المتقين وغنيمة المخبتين، وقد أمر الله –سبحانه- أعظم قائد -صلى الله عليه وسلم- بتحقيق الإخلاص قال عز وجل: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ )[الزمر:11].

 

2-العلم: هو صفة أصيلة ملازمة للقائد والقدوة والمربي الناجح، قال سبحانه عن النبي القدوة موسى -عليه السلام-: (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا) [القصص:14]، وقال سبحانه عن القائدَين المَلِكَين النبيين داود وسليمان عليهما السلام: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا) [النمل:15].

 

3-التوكل على الله: وحسن الالتجاء إليه هو سبيل الأنبياء والمرسلين، وطريق القدوات والمربين، قال سبحانه عن نبي الله هود عليه السلام: (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ) [هود:56]، وقال سبحانه آمرا نبيه -عليه الصلاة والسلام-: (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) [التوبة:129].

 

4-الثقة بالله: سر التوكل واليقين الراسخ والإيمان الصادق والاعتماد الكامل، بأن الله لا يخلف وعده ولا رادّ لقضائه، قال سبحانه: (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ) [الأنفال:62]، أي: كافيك ما يؤذيك، وهو القائم بمصالحك ومهماتك، فقد سبق لك من كفايته لك ونصره ما يطمئن به قلبك[1].

 

تنبيه: ينتشر ويُستخدم مصطلح: (الثقة بالنفس) في أروقة التنمية البشرية بكثرة، حتى بات من المُسَلَّمَات، وهذا من الأخطاء التي يفضل استبدالها بما هو أصوب من حيث المبنى والمعنى، فقد علّمنا -عليه الصلاة والسلام- كما في دعاء المكروب (ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين).

 

وعندما سُئل الشيخ محمد بن إبراهيم عن هذا المصطلح قال: لا تجب ولا تجوز الثقة بالنفس[2].

 

5-اتباع هدي النبي -عليه الصلاة والسلام-: فهو أعظم قائد ناجح وأفضل قدوة يُقتفى أثره، لما اتصف به من مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات، حتى زكّاه الله في كل شيء بقوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم:4]، ويقول سبحانه: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [الأحزاب:21]، هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي التَّأَسِّي بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَحْوَالِهِ [3].

 

6-الخوف من الله: تجعل القدوة والرمز لا يخطو خطوة إلا في مرضاة الله، قال سبحانه: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ) [الأحزاب:39]، والخشية منه وحده التي تقتضي فعل كل مأمور، وترك كل محظور، دل ذلك على أنه لا نقص فيه بوجه [4].

 

7-الصبر الجميل: من أهم صفات وأخلاقيات الكبار، فالقائد الناجح يتحلى بأعلى درجات الصبر وأفضله، قال سبحانه آمراً نبينا -عليه الصلاة والسلام-: (فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا) [المعارج:5]، وقال سبحانه عن أيوب: (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا) [ص:44]، وقال عز وجل عن يعقوب: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) [يوسف:18]، وَالصَّبْرُ الْجَمِيلُ الَّذِي لَا شَكْوَى فِيهِ وَلَا جَزَعَ [5].

 

8-الأمل: فالقدوة العملية يبث روح الأمل، ويشجع أتباعه وفريق عمله، ويعيش على تجديد الأمل في النفوس، رغم الظروف الصعبة، قال الله –سبحانه- عن يعقوب -عليه السلام-: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) [يوسف:83]، فمع توالي المصائب إلا أنه لا يزال يتطلع ويتفاءل بالاجتماع مع بنيه!، وقيل: لولا الأمل ما بنى بانٍ بنيانا.

 

9-العمل بالعلم: من أظهر صفات القدوات، بل هي معيار مهم للرمز والقائد الناجح، فلابد أن يكون أول العاملين بما يعلم ويمتثل اللوائح والأنظمة والقوانين في مؤسسته، قال سبحانه عن شعيب -عليه السلام-: (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عنه) [هود:88]، وقال عز وجل عن يعقوب -عليه السلام-: (وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ) [يوسف:68]، قال قتادة: عَامِلٌ بِمَا عَلِمَ [6].

 

10-الصدق: بأنواعه مع الله ومع النفس ومع الناس، والمصداقية الشاملة حجر أساس وركيزة مهمة لنجاح القدوة، قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة:119]، في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، الذين أقوالهم صدق، وأعمالهم، وأحوالهم لا تكون إلا صدقا [7].

 

4-ربيع الآخر – 1438هـ

2/1/2017م

 

---------

[1] تفسير السعدي ص325.

[2] فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم (1/170).

[3] تفسير ابن كثير (6/391).

[4] تفسير السعدي ص666.

[5] تفسير البغوي (2/480).

[6] صحيح البخاري (6/75).

[7] تفسير السعدي ص355.

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات