خطبة الجمعة ودورها في المجتمع

محمد الزبن

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات: مقالات في الوعي

اقتباس

وإن من المسؤولية على الخطيب مثله مثل أئمة مساجد الفروض أن يحافظ على الصلاة بالجماعة، ولا يتخلف عن جماعته، ولا يتأخر عنهم ويشق عليهم، وأن يتخولهم بالموعظة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتخول أصحابه بالموعظة من حين لآخر، وخصوصاً عندما تحصل مناسبة أو تنبيه على خطأ.

 

 

 

 

يوم الجمعة هو أفضل أيام الأسبوع وقد ثبت فضله في أحاديث كثيرة لذا فإن مكانة هذا اليوم عظيمة في الإسلام وفي نفوس المسلمين فهو ملتقاهم ومؤتمرهم الأسبوعي حيث يحضرون إلى المسجد لاستماع الخطيب والاستفادة من توجيهاته وكل ما يخصهم في أمور دينهم ودنياهم لذا فإن الخطيب الذي يلامس مشاكل المجتمع ويعايش الواقع يكون أثراً كبيراً في المجتمع وحول خطبة الجمعة وأهميتها تحدث بعض أصحاب الفضيلة عن هذا الموضوع المهم: الشيخ عبد الرحمن آل رقيب (رئيس المحاكم المساعد بالمنطقة الشرقية) تحدث قائلاً: يقول الله -جل وعلا-: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) َ[فصلت:23]، فالإمام يتبوأ مكانةً عظيمةً لما يناط به من أمانة الخطابة مسئولية الكلمة لذلك كان لابد للخطيب أن يتحلى بأمور ومنها:

1-أن يكون قدوةً صالحةً في أخلاقه وتعامله وتواصله مع المجتمع.

 

2-تقديرعظم المسئولية والأمانة فالخطابة ليست بالأمر الهين فهي من شيبت العظماء من هذه الأمة (شيبتني المنابر) فالخطابة أمانة ومسئولية يجب مراعاتها من خلال ما يقدمه الخطيب للناس.

 

3-ينبغي للخطيب أن يراعي الحال القائمة فإذا كان هناك حدث معين لزم تنبيه الناس وتوعيتهم وتحذيرهم من الفتن كما هو الحال في وقتنا الحاضر فالبلاد تمر بظروف فالواجب على الخطباء أن يبينوا عظم الأمور وحكم الله فيها.

 

الشيخ محمد الزبن (رئيس ديوان المظالم) بالمنطقة الشرقية تحدث عن الموضوع قائلاً: "ينبغي على الخطيب مراعاة أمور مهمة تتعلق بالخطبة ومنها:

1-وحدة الموضوع وترابطه وعدم تشتيت الناس فبعض الخطباء يطرح أكثر من موضوع في الخطبة مما يشتت أذهان الناس.

 

2-مراعاة أحوال الناس الخاصة والعامة وهذا عنصر تتعلق به أمور كثيرةً من مراعاة الوقت، ومراعاة المستوى الفردي للجماعة، ومنها الأحوال النفسية والمرضية وغير ذلك.

 

3-العناية بالاستشهاد من الكتاب والسنة فهذا مما يدعم الخطبة ويقويها.

 

4-العناية في اختيار المواضيع المناسبة وتلمس حاجة الناس وكذلك التنوع في الطرح.

 

5-البعد عن المواضيع التي تثير الخلاف وتشتت القلوب وتفرق الجمع.

 

هذه بعض الأمور المهمة التي تتعلق بالخطابة.

أما الشيخ عبدالله اللحيدان (مدير فرع وزارة الشئون الإسلامية بالمنطقة الشرقية) فتحدث قائلاً: إن مسؤولية خطيب الجمعة تنقسم إلى عدة أقسام لست بالمستطرد تجاهها إلا أنني أؤكد أنها لا تخفاكم سواءً منها ما يتعلق بتنمية مدارك الخطيب العلمية المؤهلة له لارتقاء درجات المنبر والمعينة له على الوفاء بمتطلبات وقفته الشرعية من العلم بالقرآن والسنة وما أثر على الصحابة والسلف –الصالح- مع علم الحال والواقع للمجتمع المعاش، ومن مسؤوليته في التثبت في النقل ومن النقل وفيما يخدم المصلحة العامة وما يبني الثقة بالولاة والتفاف الرعية حول الرعاة ومسؤوليته في إحياء القيم الإسلامية ونشر الصلاح ودحر الفساد.

 

أيها الأحبة لست بالمضخم للأمور ولكن لابد للمعالج أن يعي المرض ولابد للمرض من تشخيص ليصف الطبيب الدواء المناسب إن اعتلال الأمة يزداد ومما يزيد في ذلك بعد المعالجين عن منابت الأدوية ومختبراتها والخطيب هو أهم المعالجين في المجتمع، هل تعلمون أن في المملكة وحدها أكثر من أحد عشر ألف جامع ولو جعلنا المتوسط لمن يحضر من الناس لهذه الجوامع مائتين وخمسين لوجدنا أنفسنا أمام فئة عظيمة من المجتمع ألزمها الشرع ليس للحضور فحسب بل الإنصات ومن مس الحصى فقد لغي إمعاناً في تحقيق هذا الإنصات.

 

إن أصل الأدوية الشافية الكافية (القرآن والسنة)؛ لذا فعلى الخطيب ألا يغفل عن تأصيل خطبته والتركيز فيها على ثوابت الدين وأركانه وليحذر مما يقوله البعض لماذا التركيز على العقيدة ونحن في مجتمع ليس بالمشرك؛ فلقد حفظت سورة (ق) من في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من كثرة ما يقرأ بها على المنبر في خطبة الجمعة كما في مسلم وسورة (ق) هي ذات السمة الإيمانية وأصول العقيدة يقول ابن القيم -رحمه الله-: "وكذلك كانت خطبه -صلى الله عليه وسلم- إنما هي تقرير لأصول الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه وذكر الجنة والنار وما أعده الله لأوليائه وأهل طاعته، وما أعد لأعدائه وأهل معصيته فيملأ القلوب من خطبته إيماناً وتوحيداً ومعرفةً بالله وأيامه.. إلى أن قال: ومن تأمل خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- وخطب أصحابه وجدها كفيلة ببيان الهدى والتوحيد وذكر صفات الرب -جل جلاله- وأصول الإيمان الكلية والدعوة إلى الله وذكر آلائه -تعالى- التي تحببه إلى خلقه".

 

ولقد وقع البعض منا فيما يخالف فأدخل نظرياته ووجهات نظره فيما يسميه تحليل الواقع وسبر غور الأحداث حتى تفرق الناس حوله بعد أن كانت الأصول تجمعهم أو تجمعوا على غير هدى وخرجوا بترهات المحطات بعد أن كان قال الله وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفيدهم ويغنيهم.

 

ولقد تجاوز البعض في قناته المنبرية الساعة الإخبارية خلاف ما صح عن الرسول –الكريم- من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة فقهه فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة وإن من البيان لسحراً". رواه مسلم، ومعلوم ما كان يقرأ به رسول الله في صلاة الجمعة.

 

وإن من المسؤولية على الخطيب مثله مثل أئمة مساجد الفروض أن يحافظ على الصلاة بالجماعة، ولا يتخلف عن جماعته، ولا يتأخر عنهم ويشق عليهم، وأن يتخولهم بالموعظة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتخول أصحابه بالموعظة من حين لآخر، وخصوصاً عندما تحصل مناسبة أو تنبيه على خطأ.

 

وأن يتفقد أحوال المجتمع المحيط بالمسجد ويناصح المتخلفين عن الصلاة ويعظهم ويذكرهم، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتفقد أصحابه وحضورهم للصلاة، وكان ينهى عن التأخر ويقول: "تقدموا فأتموا بي، وليأتم بكم من خلفكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله". رواه الإمام مسلم في صحيحه 325/1 من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه.

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات