خبيئة العمل
1432/02/27
6٬266
503
95
أَمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُم -أَيُّهَا النَّاسُ- وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة: 119].
أَيُّهَا المُسلِمُونَ: إِنَّ مِن نِعَمِ اللهِ الَّتي يَجِبُ عَلَى العَبدِ شُكرُهَا وَحِفظُهَا، أَن يُوَفِّقَهُ لِلالتِزَامِ بِالسُّنَّةِ في الظَّاهِرِ، وَيُيَسِّرَ لَهُ الاستِقَامَةَ عَلَى الأَوَامِرِ الشَّرعِيَّةِ في العَلَنِ، وَيَرزُقَهُ مِنَ الحَيَاءِ مَا يَمنَعُهُ مِنَ الإِسَاءَةِ أَمَامَ النَّاسِ وَالمُجَاهَرَةِ بِذَنبِهِ: "وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ"، وَ"إِنَّ مِمَّا أَدرَكَ النَّاسُ مِن كَلامِ النُّبُوَّةِ الأُولى إِذَا لم تَستَحيِ فَاصنَعْ مَا شِئتَ".
غَيرَ أَنَّ المَحَكَّ الدَّقِيقَ الَّذِي يُجَلِّي حَقِيقَةَ تِلكَ الاستِقَامَةِ العَلَنِيَّةِ وَيُمَحِّصُهَا، وَالاختِبَارَ الصَّعبَ الَّذِي يَتَحَطَّمُ عَلَيهِ مَا قَد يَشُوبُهَا مِن تَكَلُّفٍ وَتَصَنُّعٍ، إِنَّمَا يَكُونُ بِعِبَادَاتِ السِّرِّ المَحضَةِ، الَّتي تَكُونُ في الخَلوَةِ وَالخَفَاءِ، حِينَ لا يَرَى العَبدَ أَحَدٌ غَيرُ رَبِّهِ، وَلا يَطَّلِعُ عَلَى عَمَلِهِ إِلاَّ مَولاهُ؛ ذَلِكَ أَنَّ عُبُودِيَّةَ القَلبِ وَاجِبَةٌ في كُلِّ وَقتٍ وَحِينٍ، وَهِيَ أَعظَمُ مِن عُبُودِيَّةِ الجَ .....