الأمانة – خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-10 - 1444/03/14
التصنيفات:

اقتباس

لقد قصرت أفهام الكثيرين عن معنى الأمانة فحصروها في حفظ الودائع المالية والمادية فحسب، وضيقوا بهذا الفهم واسعا.. في حين إنها ليست إلا لونًا من ألوان الأمانة التي تتعدد وتتجدد؛ فالقيام بالواجب أمانة، وترك...

لم تزل الأمانة تتناقص على مدى الزمان منذ عهد النبوة الأول إلى عصرنا هذا، فبين استئمان مشركي مكة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أموالهم رغم محاربتهم المحمومة له ولدعوته، وبين الخيانات المعاصرة التي طفحت بها صحف الجرائد والمجلات؛ يظهر البون الشاسع بين الحالين، وتَبِينُ الهوة الشاسعة بين ما ينبغي أن يكون وبين ما هو كائن بالفعل.. فالواقع -رغم ما فيه من بقع ضوء باهرة- إلا أنه لا يزال مثقلاً بكثير من جراح الخيانة.

 

إنها الأمانة العظمى بمفهومها الواسع الذي أرادها الله لها وأرادها رسوله -صلى الله عليه وسلم- وهي ضد الخيانة بمفهومها الواسع الذي نهى الله ورسوله عنها؛ لتكون الأمانة في كل ما افترض الله على العباد في الدين والأعراض والأموال والعقول والأنفس والمعارف والعلوم والولاية والحكم والشهادة والقضاء والأسرار والحواس الخمس ونحو ذلك.. فهي -كما قال القرطبي رحمه الله-: "تعم جميع وظائف الدين".

 

إنه لا يمكن أن يكون الأمين أمينًا إلا إذا كان عافًّا عمَّا ليس له به حق.. مؤدِّيا ما يجب عليه من حقٍّ لغيره.. حريصًا على حفظ ما استُؤمِن عليه غير مفرِّطٍ به؛ فإن من اجتمعت فيه هذه الركائز فهو في دائرة المفلحين الذين قال الله -جل وعلا- عنهم: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)[المؤمنون:1].. إلى أن قال: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)[المؤمنون:7].

 

الأمانة لم تكن بدْعًا من التشريع الإسلامي المحمدي فحسب، بل هي من أبرز أخلاق الرسل والأنبياء -عليهم أفضل الصلاة والسلام-؛ فهذا نوحٌ وهودٌ وصالح ولوطٌ وشعيب.. كل واحدٍ منهم قد قال لقومه: (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ)[الشعراء:162]، ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- ما كان يُعْرَف في قومه إلا بالصادق الأمين، وقد جعل الباري -جل شأنه- هذه الصفة للروح الأمين جبريل -عليه السلام- في قوله: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ)[الشعراء:193].

 

لقد قصرت أفهام الكثيرين عن معنى الأمانة فحصروها في حفظ الودائع المالية والمادية فحسب، وضيقوا بهذا الفهم واسعا.. في حين إنها ليست إلا لونًا من ألوان الأمانة التي تتعدد وتتجدد؛ فالقيام بالواجب أمانة، وترك المنهي أمانة، والأمر بالمعروف أمانة، والنهي عن المنكر أمانة، والحكم أمانة، ورعاية حقوق الأمة أمانة، والعلم أمانة، وحماية الدين والذب عن حياضه أمانه، وصيانة أرض الوطن المسلم وحماية ممتلكات المجتمع أمانة..

 

فكل أمانةٍ من هذه الأمانات تتحقق بإقامة مصلحتها ودرأ مفسدتها وعدم خذلان الأمة فيها: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا)[النساء:107].

 

وإذا نظرنا إلى كلمة الأمانة فإننا سنجد فيها معنى الأمان والاطمئنان.. فكأن الأمن والطمأنينة والراحة والاستقرار مرهونةٌ كلها بتحقيق الأمانة على وجهها الصحيح؛ فلا يمكن أن يأمن ظالمٌ ولا يهدأ عاص ولا يسعد خوَّان ولا يفلح منافق ولا يصل متلفت..

 

وفي حين أن القرآن الكريم قد ذُكِرت فيه الأمانة في مواضع كثيرة فإنه في الوقت نفسه قد جاء التحذير من ضدها.. وهي (الخيانة).. فقال الله -جل شأنه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)[الأنفال:27]، وقال سبحانه: (... وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ)[يوسف:52].

 

وكفى بالخيانة شرًّا وقبحًا ومقتًا أنها سببٌ في دخول جهنم وبئس المصير من خلال ما ضرب الله لنا مثلًا بامرأتين من نساء الأنبياء والرسل، و(ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ)[التحريم:10].. أي خانتاهما في الدين، وكانتا تدلان أقوامهما بمن يؤمن مع أزواجهما.

 

وفي مختاراتنا لهذا الأسبوع انتقينا لخطبائنا الكرام مجموعة من الخطب المختارة حول الأمانة، ومدى اتساع مفهومها وعدم اقتصاره على حفظ الأمانات، نذكر من خلالها فضل الأمانة، ومحاولين رصد نماذج طيبة من أمانة سلفنا الصالحين، ومقارنة ما كانوا عليه بما وصل إليه حال الأمة اليوم من تضييع للأمانات ومحاولين وضع العلاجات لغياب الأمانة في واقعنا الأليم.

العنوان

الأمانة مكانتها وحقيقتها وأثرها في الأمة

2009/12/28 13473 2031 157

سعود بن ابراهيم الشريم

صفة الأمانة صفةٌ مطلقة لا تخضع للنسبية والتعددية للفرد الواحد؛ فلا يمكن أن يكون المرء خائناً أميناً في الوقت ذاته، ولا يمكن أن تتطرق الخيانة إليه بوجهٍ من الوجوه حتى في مقام تحصيل حقه ومبادلة المثل بالمثل .. ذلك أن الخيانة لا تحتمل المحمدة البتة ..

المرفقات

931


العنوان

من هدايات السنة النبوية (10) نزول الأمانة ورفعها

2010/03/11 10113 1662 59

الشيخ د إبراهيم بن محمد الحقيل

وفي حديث عظيم نحتاج إلى استذكاره وتدارسه، ومعرفة ما حواه من العلم والهدى في زمن انتُهكت فيه الحرمات، واتُبعت الأهواء وحُرفت أحكام الشريعة ومعاني النصوص، وتسابق أهل الجهل والهوى إلى إرضاء الناس من دون الله عز وجل، نعوذ بالله تعالى من الضلال والخذلان. هذا الحديث الذي نحتاج إلى العلم به في هذا الزمن هو حديث الإخبار عن الأمانة في نزولها واستقرارها ..

المرفقات

هدايات السنة النبوية (10) نزول الأمانة ورفعها

هدايات السنة النبوية (10) نزول الأمانة ورفعها - مشكولة


العنوان

مكانة الأمانة والحث على أدائها

2010/11/29 10898 1240 75

عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر

الأمانة شأنُها عظيم، ومكانتُها من الدين جليلَةٌ، والواجبُ على عباد الله أن يَرْعَوا للأمانة حقَّها، وأن يعرِفُوا لها مكانتها، وأن يعتنُوا بها غاية العناية، ويهتمُّوا بها غاية الاهتمام، وقد تكاثرت الأدلة في كتاب الله، والأحاديثُ في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، في تعظيم الأمانة، وتَعلِيَةِ شأنها، ورَفْعِ قدْرِها...

المرفقات

الأمانة والحث على أدائها


العنوان

الأمانة... شرف أدائها وخطر خيانتها

2009/10/20 12659 2136 104

عبدالله بن صالح القصير

فقد أمرتم بأداء الأمانة -معشر المؤمنين-، ونهيتم عن الخيانة؛ فلا تكونوا من الخائنين، وإنما حملكم الله الأمانة؛ إذ كنتم لها مؤهلين، وعليها قادرين، لما ركب فيكم -سبحانه- من العقول التي بها تفقهون، والبصائر التي بها تبصرون، فأدوا أماناتكم تكونوا ممن ..

المرفقات

784


العنوان

العنوان

الأمانة: فضائلها ومجالاتها

2013/05/06 13742 908 64

عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ

ومن مجالات الأمانة -أخي المسلم- المحافظة على القيم والأخلاق التي دعا الإسلام إليها، فإن محمدا -صلى الله عليه وسلم- بعث ليتمم مكارم الأخلاق؛ فالمحافظة على أخلاق الإسلام وقيمه وفضائله من الأمانات المؤتمن عليها المسلمون؛ لينشروا دين الله، ويبينوا ..

المرفقات

فضائلها ومجالاتها


العنوان

صور مشرقة لأمناء عظماء

2013/07/10 6996 1222 81

الشيخ أحمد بن ناصر الطيار

انظروا إلى النزاهةِ والأمانة الْعُمريَّة، الذي تُجبى إليه كنوز كسرى وقيصر، وتُنفَقُ على جميع المسلمين, وهو لم يأخذ درهماً واحداً لحجِّه وعمرته وأعماله الخاصة به، إنما يأخذ ما حُدِّد له من مُرتَّبٍ من الدولة، فإذا بقي طعامٌ زائدٌ عن حاجته ردَّه إلى بيت مال الْمسلمين؛ فأيُّ أمانةٍ وعدالةٍ هذه يا أمَّة الإسلام؟!

المرفقات

الأمانة وصور مشرقة من أمانة نبينا وخلفائه الراشدين


العنوان

إنا عرضنا الأمانة

2008/11/24 18158 2499 162

علي عبد الرحمن الحذيفي

إن حِملاً ثقيلاً وواجبًا كبيرا وأمرًا خطيرا عُرِض على الكون سمائه وأرضه وجباله، فوجلت من حمله، وأبت من القيام به؛ خوفاً من عذاب الله -تعالى-، وعُرضت هذه الأمانة على آدم -عليه السلام-، فحمَلها واستقلّ بها؛ (إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) أي: الإنسان المفرّط المضيّع للأمانة هو الظلومُ الجهول؛ لا ..

المرفقات

168


المرفقات
إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات