عرفة

2022-10-06 - 1444/03/10

التعريف

التعريف:

"قال ابن سيده : وينفصلان بتحديد لا يليق بهذا المكان ، عرفه يعرفه عرفة وعرفانا وعرفانا ومعرفة واعترفه ، ورجل عروف وعروفة : عارف يعرف الأمور ولا ينكر أحدا رآه مرة ، والهاء في عروفة للمبالغة ، والعريف والعارف بمعنى ؛ مثل عليم وعالم"(لسان العرب:9-239).

 

"عرفات: موضع بمكة، وقيل: سمي عرفة لأن الناس يتعارفون به، وقيل: سمي عرفة لأن جبريل، عليه السلام، طاف بإبراهيم، عليه السلام، فكان يريه المشاهد فيقول له: أعرفت أعرفت؟ فيقول إبراهيم: عرفت عرفت، وقيل: لأن آدم صلى الله على نبينا وعليه وسلم، لما هبط من الجنة وكان من فراقه حواء ما كان فلقيها في ذلك الموضع عرفها وعرفته"(لسان العرب:9-243).

 

"عرفات: بسيط من الأرض، فسيح، أفيح، مدكوك بالرمل الأسفع الدمث، وهي من مشاعر الحج، واقعة في الحل خارج حدود الحرم معلومة الحدود بسلاسل الجبال شرقاً، وأنصاب مبنية من جهاتها الثلاث الأخرى، وتقع عن مكة شرقاً وبينهما نحو عشرين كيلا"(جبل إلال بعرفات؛ للشيخ بكر أبو زيد).

العناصر

1- مكانة يوم عرفة 2- فضائل يوم عرفة 3- أعمال يوم عرفة للحاج 4- أعمال يوم عرفة لغير الحاج 5- معالم من خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في عرفة 6- حال النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة 7- أحوال الصحابة والسلف في يوم عرفة 8- دروس وعبر من مشهد عرفات  

الايات

1- قال الله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ * لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ)[البقرة:197-198].   2- قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا)[المائدة:3].   3- قال الله -عز وجل-: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ)[التوبة:39]، وعرفة أحد أيام الأشهر الحرم.   4- قال الله - عز وجل- : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ..)[الحج:27-28]، وعرفة أحد الأيام المعلومات.   5- قال الله -عز وجل-: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ)[الفجر:2]، وعرفة من الليال العشر.  

الاحاديث

1- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنه-ا قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من يومٍ أكثرَ من أن يُعتِقَ اللهُ فيهِ عبدًا من النارِ، من يومِ عرفةَ، وإنَّهُ ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكةُ. فيقول: ما أراد هؤلاءِ؟"(رواه مسلم:1348).   2- عن عبدالله بن عمرو -رضي اللهُ تعالَى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللهَ -عزَ وجلَّ- يباهي ملائكتَهُ عشيةَ عرفةَ بأهلِ عرفةَ فيقولُ: انظروا إلى عبادي أتوني شُعثا غُبرا"(رواه أحمد:١٢-٤٢، وابن حبان في صحيحه ٣٨٥٢، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح).   3- عن عبدالله بن عمر -رضي اللهُ تعالَى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ".. وأما وقوفُك بعرفةَ؛ فإنَّ اللهَ -عزَ وجلَّ- ينزلُ إلى السماءِ الدنيا فيباهي بهم الملائكةَ، فيقولُ: هؤلاءِ عبادي جاؤوني شُعثًا غُبرًا من كلِّ فجٍّ عميقٍ، يرجون رحمتي ويخافون عذابي ولم يروني، فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثلُ رملِ عالجٍ أو مثلُ أيامِ الدنيا أو مثلُ قطرِ السماءِ ذنوبًا غسلها اللهُ عنك"(أخرجه الطبراني في «الكبير»:١٢-٤٢٦ واللفظ له، وعبد الرزاق:٥-١٤، وحسنه الألباني في صحيح الجامع:1360).   4- عن طلحة بن عبيدالله بن كريز -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما رُئِيَ الشَّيطانُ يومًا هو فيه أَصْغَرُ، ولا أَحقَرُ، ولا أَدْحَرُ، ولا أَغْيَظُ منه في يومِ عَرفةَ؛ وما ذلكَ إلَّا لِمَا رأَى مِن تَنَزُّلِ الرَّحمةِ، وتَجاوُزِ اللهِ عنِ الذُّنوبِ العِظَامِ، إلَّا ما رأَى يومَ بَدْرٍ". قيل: وما رأَى يومَ بَدْرٍ يا رسولَ اللهِ؟ فقال: "أمَا أنَّه رأَى جِبريلَ يَزَعُ الملائكةَ هكذا"(رواه ابن عبدالبر في التمهيد:١-١١٥، والبيهقي في فضائل الأوقات، وقالا: مرسل حسن، وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب:٧٣٩، وقال ابن حجر في قوة الحجاج:٤٢: "مرسل، وقد روي موصولاً").   5- عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: أن رجلًا مِن اليهودِ قال له: يا أميرَ المؤمنين، آيةٌ في كتابِكم تَقْرَؤُونها، لو علينا معشرَ اليهود نزَلَتْ لاتخَذْنا ذلك اليومَ عيدًا. قال: "أيُّ آيةٍ؟" قال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) قال عمرُ: "قد عَرَفْنَا ذلك اليومَ، والمكانَ الذي نَزَلَتْ فيه على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو قائمٌ بعرفةَ يومَ جمعةٍ"(أخرجه البخاري:٤٥ واللفظ له، ومسلم:٣٠١٧).   6- عن بلال بن رباح -رضي الله عنه- قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا بلالُ أسكِتِ النَّاسَ أو أنصتِ النَّاس"، ثمَّ قالَ: "إنَّ اللَّهَ تطوَّلَ عليْكم في جَمعِكم هذا فوَهبَ مسيئَكم لِمحسنِكم وأعطى محسنَكُم ما سألَ ادفعوا باسمِ اللَّهِ"(أخرجه ابن ماجه:٣٠٢٤، وصححه الألباني).   7- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: وقف النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعرفاتٍ وقد كادت الشمسُ أن تغربَ فقال: "يا بلالُ أنصتْ ليَ الناسَ" فقام بلالٌ فقال: أنصتوا لرسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فأنصتَ الناسُ فقال: "معاشرَ الناسِ أتاني جبريلُ آنفًا فأقرأني من ربي السلامَ وقال: إنَّ اللهَ -عزَ وجلَّ- غفر لأهلِ عرفاتٍ وأهلِ المشعرِ الحرامِ وضمن عنهم التَّبِعاتِ". فقام عمرُ بنُ الخطابِ -رضي الله عنه- فقال: يا رسولَ اللهِ هذا لنا خاصَّةً؟ قال: "هذا لكم ولمن أتى بعدكم إلى يومِ القيامةِ" فقال عمرُ بنُ الخطابِ: كثُر خيرُ اللهِ وطاب. (أخرجه ابن المبارك كما في «الترغيب والترهيب»٢-١٣١، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» ٢-١٩٦ باختلاف يسير، وصححه الألباني لغيره في صحيح الترغيب:١١٥١).   8- عن عامر بن واثلة أبي الطفيل قال: قال ابنُ عباسٍ -رضي اللهُ تعالَى عنهما-: "هل تدري لما سُمِّيتْ عرفةَ قلتُ: لا قال: إنَّ جبريلُ قال لإبراهيمَ: عرَفتَ، قال يونسُ: هل عرَفتَ قال: نعم، قال ابنُ عباسٍ: فمِن ثمَّ سُمِّيتْ عرفةَ"(رواه أحمد:٤-٢٤٧، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح).   9- عن عبدالرحمن بن يعمر الديلي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الحجُّ عرفةَ فمَن أدرك ليلةَ عرفةَ قبل طلوعِ الفجرِ من ليلةِ جمعٍ فقد تمَّ حجُّهُ"( أخرجه أبو داود:١٩٤٩، والنسائي:٣٠١٦ ، وصححه الألباني).   10- عن جبير بن مطعم -رضي الله عنه- قال: أضللتُ بعيرًا لي، فذهبتُ أطلبه يومَ عرفةَ، فرأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى الله ُعليه وسلَّمَ واقفًا مع الناس ِبعرفةَ، فقلتُ: واللهِ إنَّ هذا لمن الحُمسِ؛ فما شأنُه ههنا؟! وكانت قريشٌ تُعَدُّ من الحُمُسِ (رواه البخاري:١٦٦٤، ومسلم:١٢٢٠، واللفظ له).   11- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنه-ا قالت: كانَ الناسُ يطوفونَ في الجاهليةِ عراةً إلا الحُمْسَ، والحُمْسُ قريشٌ ومَا ولدَتْ، وكانتْ الحُمْسُ يحتَسِبُونَ على الناسِ، يُعْطِي الرجُلُ الرجُلَ الثيَابَ يطوفُ فيهَا، وتُعْطِي المرأةُ المرأَةَ الثيابَ تطوفُ فيهَا، فمَنْ لم يُعْطِهِ الحُمْسُ طافَ بالبيتِ عُريَانًا، وكانَ يُفيضُ جماعةُ الناسِ من عرفاتٍ، ويُفِيضُ الحُمْسُ من جَمْعٍ. قالَ: وأخْبرَنِي أبِي، عن عائشةَ -رضي الله عنه-ا: أنَّ هذه الآيةَ نزلتْ في الحُمْسِ: (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ). قالَ: كانوا يُفِيضُونَ من جَمْعٍ، فدَفَعوا إلى عَرَفَاتٍ (رواه البخاري:١٦٦٥، ومسلم:1219).   12- قال جابر -رضي الله عنه- في سياق حديثه عن يوم عرفة: "ثم مكث قليلًا حتى طلعتِ الشمسُ، وأمر بقُبَّةٍ من شعرٍ تضربُ له بنَمِرةٍ، فسار رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ولا تشكُّ قريشٌ إلا أنه واقفٌ عند المشعرِ الحرامِ، كما كانت قريشٌ تصنع في الجاهليةِ، فأجاز رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أتى عرفةَ، فوجد القُبَّةَ قد ضُربتْ له بنَمِرةٍ، فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمسُ أمر بالقصواءِ، فرحلتْ له، فأتي بطنَ الوادي، فخطب الناسَ وقال : إنَّ دماءَكم وأموالَكم حرامٌ عليكم، كحرمةِ يومِكم هذا، في شهرِكم هذا، في بلدِكم هذا، ألا كلُّ شيءٍ من أمرِ الجاهلية ِتحت قدميَّ موضوعٌ، ودماءُ الجاهليةِ موضوعةٌ، وإنَّ أولَ دمٍ أضعُ من دمائِنا دمُ ابن ِربيعةَ بنِ الحارثِ، كان مُسترضَعًا في بني سعدٍ فقتلَتْه هُذيلٌ، وربا الجاهليةِ موضوعٌ، وأولُ ربًا أضعُ رِبانا، ربا عباسٍ بنِ عبدِالمطلبِ، فإنه موضوعٌ كلُّه، فاتقوا اللهَ في النِّساءِ، فإنكم أخذتموهن بأمانِ اللهِ، واستحللتُم فروجهنَّ بكلمةِ اللهِ، ولكم عليهنَّ أن لا يُوطئنَ فُرُشَكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غيرَ مُبَرِّحٍ، ولهنَّ عليكم رزقُهن وكسوتُهنَّ بالمعروفِ، وقد تركتُ فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتُم به، كتابَ اللهِ، وأنتم تُسألون عني، فما أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك قد بلغتَ وأدَّيتَ ونصحتَ، فقال بإصبعِه السبَّابةِ ، يرفعُها إلى السماءِ وينكتُها إلى الناسِ اللهمَّ ! اشهدْ اللهمَّ ! اشهد ثلاث مراتٍ، ثم أذَّن، ثم أقام فصلَّى الظهرَ، ثم أقام فصلَّى العصرَ، ولم يُصلِّ بينهما شيئًا، ثم ركب رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، حتى أتى الموقفَ، فجعل بطنَ ناقتهِ القصواءَ إلى الصخراتِ وجعل حبلَ المشاةِ بين يدَيه واستقبل القبلةَ فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمسُ وذهبت الصفرةُ قليلًا حتى غاب القرصُ"(رواه مسلم:1218).   13- عن أسامة بن زيد -رضي اللهُ تعالَى عنهما- قال: "كنتُ رديفَ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعرفاتٍ، فرفعَ يديْهِ يدعو، فمالت بِهِ ناقتُهُ فسقطَ خطامُها، فتناولَ الخطامَ بإحدى يديْهِ وَهوَ رافعٌ يدَهُ الأخرى"( أخرجه النسائي:٣٠١١ واللفظ له، وأحمد:٢١٨٢١، وصححه الألباني).   14- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ، وخيرُ ما قلتُ أَنا والنَّبيُّونَ من قبلي: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ ولَهُ الحمدُ وَهوَ على كلِّ شَيءٍ قديرٌ"(أخرجه الترمذي:٣٥٨٥، وحسنه الألباني).   15- عن عبدالله بن عمرو -رضي اللهُ تعالَى عنهما- قال: "كان أكثَرَ دعاءِ رَسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- يومَ عَرفةَ: لا إله إلَّا اللهُ وَحْدَه لا شريكَ له، له المُلكُ وله الحَمدُ، وهو على شيءٍ قَديرٌ"(أخرجه الترمذي:٣٥٨٥، وأحمد:٦٩٦١، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٣-٢٥٥): رجاله موثقون).   16- عن عكرمة مولى ابن عباس قال: دخلتُ على أبي هُرَيْرةَ -رضي الله عنه- في بَيتِهِ فسألتُهُ عن صَومِ يومِ عرفةَ بعرفاتٍ فقالَ: نَهَى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عن صَومِ يومِ عرفةَ بعرفاتٍ (رواه أحمد: ١٥-١٨٠، وصححه أحمد شاكر).   17- عن أبي قتادة الأنصاري -رضي الله عنه- قال: أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- سُئلَ عن صومِ يومِ عرفةَ؟ فقال "يُكفِّرُ السنةَ الماضيةَ والباقيةَ"(رواه مسلم:١١٦٢).   18- "صيامُ يومِ عرفةَ، أَحتسبُ على اللهِ أن يُكفِّرَ السنةَ التي قبلَه . والسنةَ التي بعده"(رواه مسلم:١١٦٢).   19- عن لبابة بنت الحارث أم الفضل -رضي الله عنه-ا قالت: أنَّ ناسًا اختَلَفُوا عندَهَا، يومَ عرَفَةَ، في صوْمِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالَ بعضُهُمْ: هوَ صائِمٌ، وقال بعضُهُمْ: ليسَ بصَائِمٍ، فأَرسَلَتْ إليهِ بقَدَحِ لبَنٍ، وهوَ واقفٌ على بعيرِهِ، فشَربَهُ (رواه البخاري:١٦٦١، ومسلم:١١٢٣).   20- عن ابن شهاب قال : أخبرني سالم أنَّ الحَجَّاجَ بنَ يوسفَ، عامَ نزَل بابنِ الزُّبَيرِ -رضي اللهُ تعالَى عنهما-، سَأل عبدَ اللهِ -رضي الله عنه-: كيفَ تَصنَعُ في الموقِفِ يومَ عَرَفَةَ؟ فقال سالمٌ: إن كنتَ تُريدُ السُّنَّةَ فهَجِّرْ بالصلاةِ يومَ عَرَفَةَ . فقال عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ: صدَق، إنهم كانوا يَجمَعونَ بينَ الظهرِ والعصرِ في السُّنَّةِ . فقُلْتُ لسالمٍ: أفَعَلَ ذلك رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال سالمٌ: وهل تَتَّبِعونَ في ذلك إلا سُنَّتَه (رواه البخاري معلقا:١٦٦٢).   21- عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: قال رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-: "يومُ عرفةَ ويومُ النحرِ وأيامُ التشريقِ عيدنا أهلَ الإسلامِ، وهيّ أيامُ أكلٍ وشربٍ"(أخرجه أبو داود:٢٤١٩، والترمذي:٧٧٣، والنسائي:٣٠٠٤، وصححه الألباني).   22- عن ابنُ عمرَ -رضي اللهُ تعالَى عنهما- أنه سئل عن صَومِ يومِ عرفةَ فقالَ: "حَجَجتُ معَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فلم يَصُمهُ، ومعَ أبي بَكْرٍ فلم يَصُمهُ، ومعَ عمرَ فلم يَصُمهُ، ومعَ عُثمانَ فلم يَصُمهُ، وأَنا لا أصومُهُ، ولا آمُرُ بِهِ، ولا أَنهى عنهُ"(أخرجه الترمذي:٧٥١، وصححه الألباني).   23- عن نبيط بن شريط الأشجعي -رضي الله عنه- قال: "رأيتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يخطبُ يومَ عرفةَ، على جملٍ أحمرَ"(أخرجه النسائي:٣٠٠٨، واللفظ له، وأحمد:١٨٧٤٥، وصححه الألباني).   24- عن عبدالله بن عباس -رضي اللهُ تعالَى عنهما- قال: قال: رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أخذَ اللَّهُ الميثاقَ من ظَهْرِ آدمَ بنُعمانَ - يعني عرفةَ - فأخرجَ مِن صلبِهِ كلَّ ذرِّيَّةٍ ذرأَها، فنثرَهُم بينَ يديهِ كالذَّرِّ، ثمَّ كلَّمَهُم قبلًا قالَ: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ)"(رواه أحمد:٤-١٥١، وصححه الألباني).   25- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اليوم الموعود يوم القيامة واليوم المشهود يوم عرفة والشاهد يوم الجمعة وما طلعت الشمس ولا غربت على يوم أفضل منه فيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يدعو الله بخير إلا استجاب الله له ولا يستعيذ من شيء إلا أعاذه الله منه"(أخرجه الترمذي:٣٣٣٩، وحسنه الألباني).   26- عن عليٍّ وابنِ مسعودٍ -رضي اللهُ تعالَى عنهما- قالا: "أنَّهُ -أي التَّكْبِيرُ- مِن صُبْحِ يومِ عرفةَ إلى آخرِ أيامِ مِنًى"(رواه العيني في عمدة القاري:٦-٤٢٥، وصححه ابن حجر في فتح الباري:٢-٥٣٦، والألباني في تمام المنة:٣٥٦).   27- عن عبدالله بن عباس -رضي اللهُ تعالَى عنهما- قال كان فلانٌ رَدِيفَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- يومَ عرفةَ قال: فجعلَ الفتى يُلاحِظُ النساءَ وينظرُ إليهنَّ قال: وجعلَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَصرفُ وجهَهُ بيدِه من خلفهِ مرارًا قال: وجعلَ الفتى يُلاحِظُ إليهنَّ قال: فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "ابنَ أخي إنَّ هذا يومٌ من مَلَكَ فيهِ سَمْعَهُ وبَصَرَه ولسانَهُ غُفِرَ لهُ"(رواه أحمد:٥-١٧، وضعَّفه الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة:٥٩٦٠، والشيخ شعيب الأرناؤوط في تحقيق المسند، لكنْ صحّحه -أو صحَّحَ إسنادَه- جمعٌ من الحفاظ، منهم: المنذريُّ، والدمياطي، والبوصيري، وأحمدُ شاكر رحمهم الله تعالى).      

الاثار

1- روى ابن أبي الدنيا بإسناده عن علي -رضي الله عنه- قال: "ليس في الأرض يوم إلا لله فيه عتقاء من النار وليس يوم أكثر فيه عتقا للرقاب من يوم عرفة فأكثر فيه أن تقول: اللهم أعتق رقبتي من النار وأوسع لي من الرزق الحلال واصرف عني فسقة الجن والإنس فإنه عامة دعائي اليوم"(لطائف المعارف؛ لابن رجب:284). 2- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي اللهُ تعالَى عنهما- قَالَ: "مَا مِنْ يَوْمٍ إِلَّا وَلَيْلَتُهُ قَبْلَهُ إِلَّا يَوْمُ عَرَفَةَ ، فَإِنَّ لَيْلَتَهُ بَعْدَهُ"(المجالسة وجواهر العلم للدينوري:547).   3- عن نافع مولى ابن عمر -رضي اللهُ تعالَى عنهما- أن ابن عمر كان يقول: "من لم يقف بعرفة من ليلة مزدلفة من قبل أن يطلع الفجر فقد فاته الحج، ومن وقف بعرفة من ليلة المزدلفة من قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج"(أخرجه مالك في الموطأ:1-390، وصححه عبدالقادر الأرناؤوط في جامع الأصول).   4- عن عكرمة أن ابن عباس -رضي اللهُ تعالَى عنهما- قال: "من وقف بعرفات بليل فقد أدرك الحج إن اتقى وبرّ"(ينظر المصنف لابن أبي شيبة:4-306).   5- سأل رجل عليا -رضي الله عنه-- عن الغسل قال: "اغتسل كل يوم إن شئت"، فقال: لا، الغسل الذي هو الغسل ؟ قال: "يوم الجمعة ، ويوم عرفة ، ويوم النحر ، ويوم الفطر"(الأم:1-385، قال صاحب شفاء العي بتخريج مسند الشافعي: سنده صحيح:1-119).   6- عن سعيد بن جبير قال: كنتُ معَ ابنِ عبَّاسٍ -رضي اللهُ تعالَى عنهما- بعرفاتٍ، فقالَ: "ما لي لا أسمعُ النَّاسَ يلبُّونَ؟" قلتُ: يخافونَ مِن معاويةَ، فخرجَ ابنُ عبَّاسٍ، من فُسطاطِهِ، فقالَ: "لبَّيكَ اللَّهمَّ لبَّيكَ، لبَّيكَ فإنَّهم قد ترَكوا السُّنَّةَ من بُغضِ عليٍّ"(رواه النسائي:٣٠٠٦، وصححه الألباني).   7- خطب عمر بن عبد العزيز بعرفة فقال: "إنكم قد جئتم من القريب والبعيد وأنضيتم الظهر وأخلقتم الثياب وليس السابق اليوم من سبقت دابته وراحلته وإنما السابق اليوم من غفر له"(التمهيد؛ لابن عبدالبر:1-129).   8- كان ابن عمر -رضي اللهُ تعالَى عنهما- يرفع صوته عشية عرفة يقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيئ قدير اللهم اهدنا بالهدى وزينا بالتقوى واغفر لنا في الآخرة والأولى" ثم يخفض صوته ثم يقول: "اللهم إني أسألك من فضلك وعطائك رزقا طيبا مباركا اللهم أنت أمرت بالدعاء وقضيت على نفسك بالإجابة رب وأنت لا يخلف وعدك ولا يكذب عهدك اللهم ما أحببت من خير فحببه إلينا ويسره لنا وما كرهت من شر فكرهه إلينا وجنبناه ولا تنزع منا الإسلام بعد إذ أعطيته لنا يا أرحم الراحمين"(أخرجه ابن شيبة: 7-107، والطبراني:878، وقال ابن تيمية في شرح العمدة (٢-٥٠٩): إسناده جيد).      

القصص

1- كان حكيم بن حزام -رضي الله عنه- يقف بعرفة ومعه مائة بدنة مقلدة، ومائة رقبة -أي من العبيد الأرقاء- فيعتق رقيقه، فيضج الناس بالبكاء والدعاء، ويقولون: ربنا هذا عبدك قد أعتق عبيده، ونحن عبيدك فأعتقنا من النار(لطائف المعارف لابن رجب:284).   2- جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاث على ركبتيه وعيناه تهملان فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالا؟ قال: "الذي يطن أن الله لا يغفر لهم"(لطائف المعارف لابن رجب:287).   3- روي عن الفضيل بن عياض أنه نظر إلى الناس وتسبيحهم وبكائهم عشية عرفة فقال: "أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل فسألوه دانقا يعني سدس درهم أكان يردهم؟" قالوا: لا، قال: "والله للمغفرة عند الله أهون من إجابة رجل لهم بدانق"(لطائف المعارف لابن رجب:288).   4- وقف مطرف بن عبد الله بن الشخير وبكر المزني بعرفة فقال أحدهم: "اللهم لا ترد أهل الموقف من أجلي"(لطائف المعارف لابن رجب:285)   5- قال الآخر: "ما أشرفه من موقف وأرجاه لأهله لولا أني فيهم"(لطائف المعارف لابن رجب:285).   6- وقف الفضيل بعرفة والناس يدعون وهو يبكي بكاء الثكلى المحترقة قد حال البكاء بينه وبين الدعاء فلما كادت الشمس أن تغرب رفع رأسه إلى السماء وقال: واسوأتاه منك وإن عفوت"(لطائف المعارف لابن رجب:285).   7- قال الفضيل أيضا لشعيب بن حرب بالموسم: "إن كنت تظن أنه شهد الموقف أحد شرا مني ومنك فبئس ما ظننت"(لطائف المعارف لابن رجب:285).   8- كان أبو عبيدة الخواص قد غلب عليه الشوق والقلق حتى يضرب على صدره في الطريق ويقول: "واشوقاه إلى من يراني ولا أراه"، وكان بعد ما كبر يأخذ بلحيته ويقول: "يا رب قد كبرت فاعتقني".   9- قال محمد بن الفضل بن عطية البخاري: كنا بعرفات والمسلمون في الدعاء والتضرع إلى الله تعالى: فلما وجبت الشمس دفعنا من عرفات، فقال فقال لي كرتي: يا أبا عبدالله ما تُرى يصنع الله بهؤلاء القوم؟ قال قلت: أرجو قال: ترجو ترجو!! فعظم ذلك، حتى خشيت أني قد أسقطت ، ثم قال: والله لو أن هؤلاء ذهبوا إلى شر خلق الله لشفعوا فكيف أرحم الراحمين ؟! لا . بل الله غفر لهم (مجموع رسائل للحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي:ص176).   10- روي أن سفيان الثوري وقف بعرفة فرأى فيها قومًا من أهل الكبائر والفجور معروفين، فخطر على قلبه: أترى أن هؤلاء يغفر لهم؟ فنام. فقيل له: في المنام يا أبا عبدالله، عفونا أكبر من ذنوبهم قد غفرنا لهم كلهم (جزء في فضل يوم عرفة؛ لمحمد ابن ناصر الدين الدمشقي:57).   11- سئل الثوري حين دفع الناس من عرفة إلى المزدلفة عن أخسر الناس صفقة، وهو يعرض بالظلمة وأهل الفسق فقال: "أخسر الناس صفقة من ظن أن الله لا يغفر لهؤلاء"(هداية السالك؛ لابن جماعة:ص1019).   12- يروى عن علي بن موفق قال حججت سنة فلما كان ليلة عرفة نمت بمنى في مسجد الخيف فرأيت في المنام كأن ملكين قد نزلا من السماء عليهما ثياب خضر فنادى أحدهما صاحبه يا عبد الله فقال الآخر لبيك يا عبد الله قال أتدري كم حج بيت ربنا عز و جل في هذه السنة ؟ قال لا أدري قال حج بيت ربنا ستمائة ألف ! أفتدري كم قبل منهم ؟ قال لا قال ستة أنفس قال ثم ارتفعا في الهواء فغابا عني فانتبهت فزعا واغتممت غما شديدا وأهمني أمري فقلت إذا قبل حج ستة أنفس فأين أكون أنا في ستة أنفس فلما أفضت من عرفة قمت عند المشعر الحرام فجعلت أفكر في كثرة الخلق وفي قلة من قبل منهم فحملني النوم فإذا الشخصان قد نزلا على هيئتهما فنادى أحدهما صاحبه وأعاد الكلام بعينه ثم قال أتدري ماذا حكم ربنا عز و جل في هذه الليلة قال لا قال فإنه وهب لكل واحد من الستة مائة ألف قال فانتبهت وبي من السرور ما الله به عالم (هداية السالك؛ لابن جماعة:ص1154).    

الاشعار

1- قال ابن القيم رحمه الله: وراحوا إلى التعريف يرجون رحمة *** ومغفرة ممن يجود ويكرم فلله ذاك الموقف الأعظم الذي *** كموقف يوم العرض بل ذاك أعظم ويدن به الجبار جل جلاله *** يباهي بهم أملاكه فهو أكرم يقول عبادي قد أتوني محبة *** وإني بهم بر أجود وأرحم وأشهدكم أني غفرت ذنوبهم *** وأعطيتهم ما أملوه وأُنعم فبشراكم يا أهل ذا الموقف الذي *** به يغفر الله الذنوب ويرحم فكم من عتيق فيه كُمَّل عتقه *** وآخرَ يُستسعى وربك أرحم وما رُؤي الشيطان أحقر في الورى *** وأدحر منه عندها فهو ألوم وذاك لأمر قد رآه فغاظه *** فأقبل يحثُ الترب عنه ويلطم لما عاينت عيناه من رحمة أتت *** ومغفرة من عند ذي العرش تُقسم بنى ما بنى حتى إذا ظن أنه لهم *** تمكن من بنيانه فهو محكم أتى الله بنيانا له من أساسه *** فخر عليه ساقطا يتهدم وكم قدْرُ ما يعلوا البناء وينتهي لهم *** إذا كان يبنيه وذو العرش يهدم (القصيدة الميمية)   2- رؤي أبو عبيدة الخواص رحمه الله بعرفة وهو يقول: سبحان من لو سجدنا بالعيون له *** على حمى الشوك والمحمى من الإبر لم نبلغ العشر من معاشر نعمته *** ولا العشير ولا عشرا من العشر هو الرفيع فلا الأبصار تدركه *** سبحانه من مليك نافذ القدر سبحان من هو أنسى إذا خلوت به *** في جوف ليلي وفي الظلماء والسحر أنت الحبيب وأنت الحب يا أملي *** من لي سواك ومن أرجوه يا ذخر (لطائف المعارف لابن رجب:287)   3- قال الرياشي: رأيت أحمد بن المعذل في الموقف في يوم شديد الحر، وقد ضحى للشمس، فقلت له: يا أبا الفضل إن هذا أمر قد اختلف فيه فلو أخذت بالتوسعة فأنشأ يقول: ضحيت له كي أستظل بظله *** إذا الظل أضحى في القيامة قالصا فوا أسفا إن كان سعيك خائبا *** ووا أسفا إن كان حظك ناقصا (مثير العزم الساكن:1-258).   4- قال أحدهم: ويلوح لي ما بين زمزم والصفـا *** عند المقام سمعت صوت منادي ويقول لي يا نائما جـد السُـرى *** عرفات تجلو كل قلب صـادي من نال من عرفات نظرة ساعة *** نال السرور ونال كل مـرادي حدهمأ   5- قال الإمام ابن الأمير الصنعاني رحمه الله تعالى: وفي يومنا سرنا إلى الجبل الذي *** من البعد جئناه لما قد وجدناه فلا حج إلا أن نكون بأرضه *** وقوفاً وهذا في الصحيح رويناه إليه ابتدرنا قاصدين إلهنا *** فلولاه ما كنا لحج سلكناه وسرنا إليه قاصدين وقوفنا *** عليه ومن كل الجهات أتيناه على علميه للوقوف دلالة فلا *** زالتا تحمى وتصرف أرجاه وبينهما جزنا إليه بزحمة *** فياطيبها ليس الزحام رجعناه ولما رأينا تعالى عجيجنا  *** نلبي وبالتهليل مما ملكناه وفيه نزلنا بكرة بذنوبنا *** وما كان من ثقل المعاصي حملناه وبعد زوال الشمس كان وقوفنا *** إلى الليل نأتي والدعاء أطالناه فكم حامد كم ذاكر ومسبح *** وكم مذنب يشكو لمولاه بلواه فكم خاضع كم خاشع متبلد *** وكم سائل مدت إلى الله كفاه وساوى عزيز بالوقوف ذليلنا *** وكم ثوب عز في الوقوف لبسناه ورب دعانا ناظر لخضوعنا *** خبير عليم بالذي قد أردناه ولما رأى تلك الدموع التي جرت *** وطول خشوع مع خضوع خضعناه فدلا علينا بالمكان وبالرضا *** وباهى بنا الأملاك حين وقفناه وقال انظروا شعثا وغبراً جسومهم*** أجرنا أغثنا يا إلهاً دعوناه وقد هجروا أموالهم وديارهم *** وأولادهم والكل يرفع شكواه إلي فإني ربهم ومليكهم لمن *** يشتكي المملوك إلا لمولاه ألا فاشهدوا أني غفرت ذنوبهم *** ألا فانسخوا ما كان عنهم نسخناه فقد بدلت فيك المساوي محاسناً *** وذلك وعد من لدنا وعدناه فيا صاحبي من مثلنا في مقامنا *** ومن ذا الذي قد نال ما نحن نلناه على عرفات قد وقفنا بموقف *** به الذنب مغفور وفيه محوناه وقد أقبل الباري علينا بفضله *** وقال ابشروا فالعفو فيكم نثرناه وعيش ضمنا كل تابعة جرت *** عليكم وأما حقنا فوهبناه أقلناكم من كل ما قد جنيتموا *** وما كان من عذر لدينا عذرناه فيا من أتى يا من عصى لو رأيتنا *** وأوزارنا ترمى ويرحمنا الله وددت بأن لو كنت بين رحالنا *** وترجو رحيماً كلنا يترجاه وقفنا لديه سائلين من الخطا *** وغفراننا من ربنا قد طلبناه أمرنا بحسن الظن والله حثنا *** عليه وهذا في الحديث رويناه عليه اتكلنا واطمأنت قلوبنا *** لما عنده من وسع عفو عرفناه فطوبى لمن ذاك المقام مقامه *** وبشراه في يوم التغابن بشراه ترى موقفاً فيه الخزائن فتحت *** ووالى علينا الله منها عطاياه فصالح مهجوراً وقرب مبعداً *** وذاك مقام الصلح للصلح قمناه ودار علينا الكأس بالفضل والرضا *** سقينا شراباً مثله ما سقيناه فإن شئت تسقى ما سقينا على الحمى *** فقلل وما واقصد مقاماً قصدناه وفيه نصبنا للرحيل صفوفنا *** فقال كفيتم عفونا قد بسطناه وأعتقنا كلاً وأهدر ما مضى *** فقال لنا كل العتاب طويناه فإبليس مغموم لكثرة ما يرى *** من العتق محكوراً ذليلاً دحرناه على رأسه يحثو التراب منادياً *** بأعوانه ويلاهم ذا اليوم ويلاه وأظهر منا حسرة وندامة *** وكل بناء قد بناه هدمناه تركناه يبكي بعد ما كان ضاحكاً *** فكم مذنب من كأسه قد سللناه وكم أمل لله يوم وقوفنا *** وكم من أسير للمعاصي فككناه وكم قد رفعنا للإله مطالباً *** ولا أحداً ممن نحب نسيناه وخصصت الآباء والأهل بالدعا *** وكم صاحب بان وناءٍ ذكرناه كذا فعل الحجاج هاتيك عادة *** وما فعل الحجاج فيه فعلنا وظل إلى وقت الغروب وقوفنا *** وقيل ادفعوا فالكل منكم قبلناه (ذكرى الحج وبركاته؛ للصنعاني)   6- قال الشيخ ناصر الزهراني: ضجت خدودي من لظى عبرات *** لمـا وقفت عـلى ثرى عرفات وتيبست شــــفتي وتــــاهــت أحرفي *** وجلاً وكادت تنطفي كلماتي لمـــــــا ذكرت الموت في أهـواله *** وذكرت هول النزع والسكرات وذكرت بالجمع الغفير مواقفا *** أخرى بيوم الحشر والحسرات ومضى لهيب الخوف يحرق مهجتي *** والنفس تبكي سالف الغدرات ورفعت كفي والدموع كأنها *** سيل تدفق من ذُرى السرواتي يا رب تبت إليك فقبل توبتي *** وجعل مكان السيء الحسنات فسمعت من عمق الضمير منادياً *** دع ما مضى وقضى وقم للآتي واعلم بأن الله أرحم راحم *** وسيدمغ الآحادِ بالعشرات (إبهاج الحاج:ص151).      

متفرقات

1- قال النووي رحمه الله: "واعلم أنه ليس من عرفات وادي عرنة ولا نمرة ولا المسجد المسمى مسجد إبراهيم ويقال له أيضًا مسجد عرفة، بل هذه المواضع خارجة عن عرفات على طرفها الغربي مما يلي مزدلفة وهذا نص الشافعي"(متن الإيضاح في المناسك؛ للإمام النووي:94). 2- قال ابن القيم رحمه الله: "ولهذا كان لوقفة عرفة يوم الجمعة مزية على سائر الأيام من وجوه عديدة : أحدها: اجتماع اليومين الذين هما افضل الأيام. الثاني: انه اليوم الذي فيه ساعة محققة الإجابة واكثر الأقوال أنها الساعة الأخيرة من بعد العصر وأهل الموقف كلهم اذاك وقفوا للدعاء والتضرع. الثالث: موافقته ليوم وقف الرسول صلى الله عليه وسلم. الرابع: ان فيه اجتماع الخلائق من أقطار الأرض للخطبة وصلاة الجمعة ويوافق ذلك اجتماع أهل عرفة يوم عرفة بعرفة فيحصل من اجتماع المسلمين في مساجدهم وموقفهم والدعاء والتضرع ما لا يحصل في يوم سواه الخامس: ان يوم الجمعة يوم عيد ويوم عرفة عيد لأهل عرفة. السادس: أنه موافق ليوم إكمال الله تعالى دينه لعباده المؤمنين وإتمام نعمته عليهم. السابع: انه موافق ليوم الجمع الأكبر والموقف الأعظم يوم القيامة؛ فان يوم القيامة تقوم يوم الجمعة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق ادم وفيه ادخل الجنة وفيه اخرج منها وفيه تقوم الساعة وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيرا إلا أعطاه إياه". الثامن: إن الطاعة الواقعة من المسلمين يوم الجمعة وليلة الجمعة اكثر منها في سائر الأيام حتى إن اكثر أهل الفجور يحترمون يوم الجمعة وليلته. التاسع: انه موافق ليوم المزيد في الجنة وهو اليوم الذي يجتمع فيه أهل الجنة في واد أفيح وينصب لهم منابر من لؤلؤ ومنابر من ذهب ومنابر من زبرجد وياقوت على كثبان المسك فينظرون إلى ربهم تبارك وتعالى ويتجلى لهم فيرونه عيانا.   العاشر: أنه يدنو الرب تبارك وتعالى عشية يوم عرفة من أهل الموقف ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء أشهدكم أني قد غفرت لهم وتحصل مع دنوه منهم تبارك وتعالى ساعة الإجابة التي لا يرد فيها سائل يسأل خيرا فيقربون منه بدعائه والتضرع إليه في تلك الساعة ويقرب منهم تعالى نوعين من القرب أحدهما قرب الإجابة المحققة في تلك الساعة والثاني قربه الخاص من أهل عرفة ومباهته بهم ملائكته"(زاد المعاد:1/60-65).   3- قال ابن القيم عن أثر ابن عباس -رضي اللهُ تعالَى عنهما-: "مَا مِنْ يَوْمٍ إِلَّا وَلَيْلَتُهُ قَبْلَهُ إِلَّا يَوْمُ عَرَفَةَ ، فَإِنَّ لَيْلَتَهُ بَعْدَهُ" قال: "هذا مما اختلف فيه. وحكي عن طائفة أن ليلة اليوم بعده ،والمعروف عند الناس أن ليلة اليوم قبله ،ومنهم من فصل بين الليلة المضافة إلى اليوم كليلة الجمعة وليلة الست والأحد وسائر الأيام و الليلة المضافة إلى مكان أوحال أو فعل كليلة عرفة وليلة النفر ونحو ذلك ، فالمضافة إلى اليوم قبله والمضافة إلى غيره بعده واحتجوا بهذا الأثر المروي عن ابن عباس ونقض عليهم بليلة العيد ، والذي فهمه الناس قديما وحديثا من قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام ولا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي" إنها الليلة التي تسفر صبيحتها عن يوم الجمعة فإن الناس يسارعون إلى تعظيمها وكثرة التعبد فيها عن سائر الليالي فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن تخصيصها بالقيام كما نهاهم صلى الله عليه وسلم عن تخصيص يومها بالصيام والله أعلم"(بدائع الفوائد:3-194).   4- قال ابن عبد البر في: "أجمع العلماء في كل عصر وبكل مصر فيما علمت أنه فرْضٌ لا ينوب عنه شيء وأنه من فاته الوقوف بعرفة في وقته الذي لا بد منه فلا حَجَّ له"(التمهيد:9-153).   5- قال الحافظ ابن حجر: "والأحمس في كلام العرب الشديد، وسموا بذلك لما شددوا على أنفسهم، وكانوا إذا أهلوا بحج أو عمرة لا يأكلون لحمًا ولا يضربون وبرًا ولا شعرًا، وإذا قدموا مكة وضعوا ثيابهم التي كانت عليهم"(فتح الباري:3-603).   6- قال ابن تيمية رحمه الله: "والاغتسال لعرفة قد روي في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وروي عن ابن عمر وغيره ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه في الحج إلا ثلاثة أغسال: غسل الإحرام والغسل عند دخول مكة والغسل يوم عرفة، وما سوى ذلك كالغسل لرمي الجمار وللطواف والمبيت بمزدلفة فلا أصل له لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ولا استحبه جمهور الأئمة: لا مالك ولا أبو حنيفة ولا أحمد وإن كان قد ذكره طائفة من متأخري أصحابه، بل هو بدعة إلا أن يكون هناك سبب يقتضي الاستحباب مثل أن يكون عليه رائحة يؤذي الناس بها فيغتسل لإزالتها"(مجموع الفتاوى:26/133-134).   7- قال ابن تيمية رحمه الله: " وأما التلبية في وقوفه بعرفة ومزدلفة فلم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد نقل عن الخلفاء الراشدين وغيرهم أنهم كانوا يلبون بعرفة"(منسك الحج:78).   8- قال العلامة ابن سعدي رحمه الله عند قوله تعالى: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ) قال: "وفي ليالي عشر رمضان ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، وفي نهارها، صيام آخر رمضان الذي هو ركن من أركان الإسلام. وفي أيام عشر ذي الحجة، الوقوف بعرفة، الذي يغفر الله فيه لعباده مغفرة يحزن لها الشيطان، فما رئي الشيطان أحقر ولا أدحر منه في يوم عرفة، لما يرى من تنزل الأملاك والرحمة من الله لعباده، ويقع فيها كثير من أفعال الحج والعمرة، وهذه أشياء معظمة، مستحقة لأن يقسم الله بها".    

الإحالات

1- جزء في فضل يوم عرفة؛ للحافظ محمد ابن ناصر الدين الدمشقي   2- قوة الحجاج في عموم المغفرة للحجاج؛ للحافظ بن حجر العسقلاني   3- فضائل الشهور والأيام؛ تأليف عبد الغني بن إسماعيل النابلسي   4- أحكام عرفة؛ للشيخ د. صالح بن مقبل العصيمي.   5- أدعية وأذكار من الكتاب والسُّنّة الصَّحيحة يدعى بها بعرفة وغيرها؛ للشيخ د. عبد المحسن بن حمد العباد.   6- يوم عرفة حكم وأحكام؛ للشيخ أ.د. فالح بن محمد بن فالح الصغير   7- 22 فضيلة لصوم يوم عرفة؛ د.أحمد مصطفى متولي.   8- فضائل يوم عرفة؛ لمحمد سعد عبدالدايم.