مجاهرة بالمعصية

2022-10-12 - 1444/03/16

التعريف

مصدر قولهم: جاهر يجاهر مجاهرة، وهو مأخوذ من مادّة (ج هـ ر) الّتي تدلّ على إعلان الشّيء وكشفه وعلوّه، يقال: جهرت بالكلام، أعلنت به، ورجل جهير الصّوت، أي عاليه، قال الشّاعر:

أخاطب جهرا إذ لهنّ تخافت *** وشتّان بين الجهر والمنطق الخفت

(مقاييس اللغة لابن فارس 1-487).

 

 

وقولهم: جهرت البئر واجتهرتها معناه نقّيتها وأخرجت ما فيها من الحمأة، وهي بئر مجهورة (أي منقّاة صافية)، وقول اللّه تعالى: (حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً)[البقرة: 55] أي عيانا يكشف ما بيننا وبينه(الصحاح 2-617)، وأصل الجهر الظّهور، ومن ذلك: الجهر بالقراءة إنّما هو إظهارها والمجاهرة بالمعاصي، المظاهرة بها، ورأيت الأمير جهارا وجهرة أي غير مستتر بشيء(تفسير القرطبي 1-404).

 

 

العصيان لغة:

 

 

العصيان اسم من عصى يعصي عصيا وعصيانا ومعصية، وتدلّ مادّته على أصلين متباينين، يدلّ أحدهما على التّجمّع، ويدلّ الآخر على الفرقة.

 

فمن الأوّل: العصا، وسمّيت بذلك لاشتمال يد ممسكها عليها، والأصل الآخر: العصيان والمعصية، يقال عصا، وهو عاص، والجمع عصاة وعاصون (المقاييس:4/334-335).

 

وجعل الرّاغب العصيان من العصا فقال: وعصا عصيانا إذا خرج عن الطّاعة، وأصله أن يمتنع بعصاه، قال تعالى: (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ)[طه: 121] وقال: (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)[النساء:14] ويقال فيمن فارق الجماعة: فلان شقّ العصا (المفردات:349).

 

 

وقال القرطبيّ: في قوله تعالى: (لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ)[التحريم:9]؛ أي لا يخالفونه في أمر من زيادة أو نقصان (القرطبى:18-196) وقال ابن كثير في قوله تعالى: (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ)[الحجرات:7] والعصيان هي جميع المعاصي (تفسير القرآن العظيم:4-211).

 

وقيل: العصيان ترك الانقياد، وهو خلاف الطّاعة. يقال: عصى العبد ربّه إذا خالف أمره، وعصى فلان أميره يعصيه عصيا وعصيانا ومعصية إذا لم يطعه، فهو عاص وعصيّ، وعاصاه أيضا: مثل عصاه. ويقال للجماعة إذا خرجت عن طاعة السّلطان: قد استعصت عليه.(الصحاح للجوهري:6-2429، التعريفات للجرجاني:151، النهاية لابن الأثير:3/ 250-251، ولسان العرب لابن منظور:15-68).

 

 

المجاهرة بالمعصية اصطلاحا:

أن يرتكب الشّخص الإثم علانية، أو يرتكبه سرّا فيستره اللّه عزّ وجلّ، ولكنّه يخبر به بعد ذلك مستهينا بستر اللّه له.

 

قال ابن حجر: والمجاهر الّذي أظهر معصيته، وكشف ما ستر اللّه عليه فيحدّث بها (فتح الباري:10-502)، أمّا المجاهرون في الحديث الشّريف "كلّ أمّتي معافى إلّا المجاهرين فيحتمل أن يكون بمعنى: من جهر بالمعصية وأظهرها، ويحتمل أن يكون المراد: الّذين يجاهر بعضهم بعضا بالتّحدّث بالمعاصي، قال ابن حجر: وبقيّة الحديث تؤكّد المعنى الأوّل. (انظر فتح الباري:10-502 ).

 

العصيان اصطلاحا:

قال الجرجانيّ: العصيان هو ترك الانقياد (التعريفات (156). (لما أمر اللّه به أو نهى عنه).

 

وقال المناويّ: هو الامتناع عن الانقياد (لما أمر اللّه به) أو نهى عنه (التوقيف (242). وانظر الكليات للكفوي (656).

 

وقال الكفويّ: العصيان بحسب أصل اللّغة هو المخالفة لمطلق الأمر، أمّا في الشّرع فيراد به المخالفة للأمر التّكليفيّ خاصّة (الكليات:41؛ بتصرف)

 

وقيل: هو ترك المأمورات، وفعل المحظورات، أو ترك ما أوجب وفرض من كتابه أو على لسان رسوله، وارتكاب ما نهى اللّه عنه أو رسوله -صلّى اللّه عليه وسلّم- من الأقوال والأعمال الظّاهرة أو الباطنة (انظر: آثار المعاصي على الفرد والمجتمع:30).

 

العناصر

1- معنى المجاهرة بالمعاصي.   2- مهانة المجاهرة بالمعصية.   3- هجر المجاهرين بالمعاصي.   4- صور من المجاهرة بالمعصية في هذا العصر.   5- مفاسد المجاهرة بالمعاصي.   6- من أحكام المجاهر بالمعصية.   7- متى يفضح الله العبد؟   8- استحباب ستر غير المجاهر.    

الايات

1- قال الله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ)[البقرة:204-206].   2- قال الله تعالى: (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً)[النساء:27].   3- قال الله تعالى: (لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً)[النساء: 148].   4- قال الله تعالى: (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ )[الأنعام:151].   5- قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ)[الأعراف:33].   6- قال الله تعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا)[الإسراء:16].   7- قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)[النور:19].    

الاحاديث

1- عن سالم بن عبد اللّه قال: سمعت أبا هريرة يقول سمعت رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- يقول: "كلّ أمّتي معافى إلّا المجاهرين، وإنّ من المجاهرة أن يعمل الرّجل باللّيل عملا، ثمّ يصبح وقد ستره اللّه فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربّه، ويصبح يكشف ستر اللّه عنه"(رواه البخاري:٦٠٦٩، ومسلم:٢٩٩٠).   2- عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- قال: نهى رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- أن تشترى الثّمرة حتّى تطعم، وقال: إذا ظهر الزّنا والرّبا في قرية فقد أحلّوا بأنفسهم عذاب اللّه" (أخرجه الطبراني:١/١٧٩، (٤٦٢)، والحاكم:٢٢٦١، وصححه الألباني في صحيح الجامع:٦٧٩).   3- عن ابن مسعود -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: "لعن اللّه آكل الرّبا وموكله وشاهديه وكاتبه"(رواه الترمذي:١٢٠٦، وصححه الألباني)،   4- عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: "ما ظهر في قوم الرّبا والزّنا إلّا أحلّوا بأنفسهم عقاب اللّه"(أخرجه أحمد:٣٨٠٩، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح).   5- عن عبد اللّه بن عمر- رضي اللّه عنهما- قال: أقبل علينا رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: فقال: يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهنّ، وأعوذ باللّه أن تدركوهنّ: لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ، حتّى يعلنوا بها، إلّا فشا فيهم الطّاعون والأوجاع الّتي لم تكن مضت في أسلافهم الّذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلّا أخذوا بالسّنين، وشدّة المئونة، وجور السّلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلّا منعوا القطر من السّماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد اللّه وعهد رسوله إلّا سلّط عليهم عدوّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمّتهم بكتاب اللّه، ويتخيّروا ممّا أنزل اللّه، إلّا جعل اللّه بأسهم بينهم" (رواه ابن ماجه:٤٠١٩، وصححه الألباني).   6- عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- قال: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: "لو كنت راجما أحدا بغير بيّنة لرجمت فلانة، فقد ظهر منها الرّيبة في منطقها وهيئتها ومن يدخل عليها" (رواه ابن ماجه: ٢٠٨٩، وصححه الألباني).   7- عن عائشة- رضي اللّه عنها- قالت: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: "يكون في آخر هذه الأمّة خسف ومسخ وقذف". قالت، قلت: يا رسول اللّه، أنهلك وفينا الصّالحون؟ قال: "نعم إذا ظهر الخبث" (رواه الترمذي:2185، وصححه الألباني).   8- عن عبد اللّه بن عمر- رضي اللّه عنهما- أنّ رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: "إنّ اللّه لا يحبّ الفحش، أو يبغض الفاحش والمتفحّش، قال: ولا تقوم السّاعة حتّى يظهر الفحش والتّفاحش، وقطيعة الرّحم، وسوء المجاورة، وحتّى يؤتمن الخائن، ويخوّن الأمين، وقال: ألا إنّ موعدكم حوضي، عرضه وطوله واحد، وهو كما بين أيلة ومكّة، وهو مسيرة شهر، فيه مثل النّجوم أباريق، شرابه أشدّ بياضا من الفضّة، من شرب منه مشربا لم يظمأ بعده أبدا" (رواه أحمد:2-162، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح).   9- عن عبد اللّه بن عمرو- رضي اللّه عنهما- قال: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: "ليأتينّ على أمّتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النّعل بالنّعل، حتّى إن كان منهم من أتى أمّه علانية لكان في أمّتي من يصنع ذلك، وإنّ بني إسرائيل تفرّقت على ثنتين وسبعين ملّة، وتفترق أمّتي على ثلاث وسبعين ملّة، كلّهم في النّار إلّا ملّة واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول اللّه قال: ما أنا عليه وأصحابي"(رواه الترمذي:٢٦٤١، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: 3-335 (1348).   10- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلمَ- قال: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثلُ أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا. ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثلُ آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا" (رواه مسلم:٢٦٧٤).   11- عن زينب بنت جحش زوج النبي -صلى الله عليه وسلمَ- قالت: استيقظ النبي -صلى الله عليه وسلمَ- من نومه وهو مُحْمَرّ وجْهُه وهو يقول: "لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب؛ فتح اليوم من رَدْمِ يأجوج ومأجوج مثل هذا"، وَحَلق، قلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم، إذا كثر الخبَث"(رواه البخاري:٧٠٥٩، واللفظ له، ومسلم:٢٨٨٠).   12- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلمَ- قال: "اجتنِبوا هذه القاذوراتِ التي نهى اللهُ تعالى عنها، فمن ألَمَّ بشيءٍ منها فلْيستَتِرْ بسِترِ اللهِ، ولْيَتُبْ إلى اللهِ، فإنه من يُبدِ لنا صفحتَه، نُقِمْ عليه كتابَ اللهِ"(صحيح الجامع:١٤٩).   13- عن عدي بن عميرة الكندي الحضرم رضي الله عنه قال: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلمَ- قال: "إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ لا يعذِّبُ العامَّةَ بعمَلِ الخاصَّةِ حتَّى يروا المُنكرَ بين ظَهرانَيهِم وهم قادرونَ على أن يُنكِروهُ فإذا فعلوا ذلك عذَّبَ اللهُ الخاصَّةَ والعامَّةَ"(فتح الباري لابن حجر:١٣-٦، وقال: إسناده حسن وله شاهد).   14- عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وآله وسلم-: "سيكون في آخر الزمان خسف وقذف ومسخ؛ إذا ظهرت المعازف والقينات واستُحلت الخمر"(صحيح الجامع:٣٦٦٥).   15- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " والذي نفسي بيده لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق فيكون خيارهم يومئذ من يقول لو واريتها وراء هذا الحائط "(رواه أبو يعلى:٦١٨٣، قال البوصيري: روي موقوفا  وله شاهد).   16- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا تبايعتُم بالعينةِ وأخذتم أذنابَ البقرِ، ورضيتُم بالزَّرعِ وترَكتمُ الجِهادَ سلَّطَ اللَّهُ عليْكم ذلاًّ لاَ ينزعُهُ حتَّى ترجعوا إلى دينِكُم"(أخرجه أبو داود:٣٤٦٢، وصححه الألباني) وهذه الأفعال لا تفعل إلا ظاهرا.   17- عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُرَّ عليه بجنازةٍ، فقال: "مُستريحٌ ومُستراحٌ منه"، قالوا: يا رسولَ اللهِ، ما المستريحُ والمستراحُ منه؟ قال: "العبدُ المؤمنُ يَستريحُ من نَصَبِ الدنيا وأذاها إلى رحمةِ اللهِ، والعبدُ الفاجرُ يَستريحُ منه العبادُ والبلادُ، والشجرُ والدَّوابُّ"(رواه البخاري:٦٥١٢، ومسلم:٩٥٠).  

الاثار

1- عن عمر بن عبد العزيز- رضي اللّه عنه- قال: كان يقال: إنّ اللّه- تبارك وتعالى- لا يعذّب العامّة بذنب الخاصّة، ولكن إذا عمل المنكر جهارا استحقّوا العقوبة كلّهم. (الموطأ:2-991).   2- عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- في قوله تعالى: (لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ)[النساء: 148] قال: "لا يحبّ اللّه أن يدعو أحد على أحد إلّا أن يكون مظلوما، فإنّه رخّص له أن يدعو على من ظلمه، وإن يصبر فهو خير له"(الدر المنثور:2-420).   3- قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "الذي يعمل الفاحشة والذي يشيعها بمنزلة واحدة"(التوبيخ والتنبيه لأبي الشيخ:ص161-162).   4- قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "قائل الفاحشة والذي يشيع بها في الإثم سواء"(التوبيخ والتنبيه:ص162).   5- قال شبيل بن عوف: "من سمع بفاحشة فأفشاها فهو فيها كالذي أبداها"(الأدب المفرد:ص120).   6- قال الفضيل بن عياض: "من سمع بفاحشة فأفشاها كان كمن أتاها، فإن الفاحشة لتشيع في الذين آمنوا حتى إذا بلغت إلى الصالحين كانوا خزَّانها"(التوبيخ والتأنيب:ص165).   7- قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا أَخَذُوا الْعِلْمَ عَنْ أَكَابِرِهِمْ وَعَنْ أُمَنَائِهِمْ وَعُلَمَائِهِمْ , فَإِذَا أَخَذُوهُ مِنْ أَصَاغِرِهِمْ وَشِرَارِهِمْ هَلَكُوا"(جامع بيان العلم وفضله:1-616).   8- قال عبدالله بن المبارك رحمه الله: "تعوذوا بالله من فتنة العالم الفاجر، وفتنة العابد الجاهل؛ فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون"(الزهد؛ لابن المبارك:18).    

الاشعار

1- قال صاحب منظومة الآداب: وهجران من أبدى المعاصي سنّة *** وقد قيل إن يردعه أوجب وأكّد وقيل على الإطلاق ما دام معلنا *** ولاقه بوجه مكفهرّ مربّد (انظر غذاء الألباب 1/ 256- 258).

متفرقات

1- قال النّوويّ- رحمه اللّه تعالى-: "إنّ من جاهر بفسقه أو بدعته جاز ذكره بما جاهر به دون ما لم يجاهر به"(الفتح:10-502).   2- وقال- أيضا- الّذي يجاهر بالمعصية يكون من جملة المجّان، والمجانة مذمومة شرعا وعرفا فيكون الّذي يظهر المعصية قد ارتكب محذورين: إظهار المعصية وتلبّسه بفعل المجّان"(الفتح:10-502).   3- قال ابن بطّال: "في الجهر بالمعصية استخفاف بحقّ اللّه ورسوله وبصالحي المؤمنين وفيه ضرب من العناد لهم، وفي السّتر بها السّلامة من الاستخفاف، لأنّ المعاصي تذلّ أهلها، ومن إقامة الحدّ عليه إن كان فيه حدّ، ومن التّعزير إن لم يوجب حدّا، وإذا تمحّض حقّ اللّه فهو أكرم الأكرمين، رحمته سبقت غضبه، فلذلك إذا ستره في الدّنيا لم يفضحه في الآخرة، والّذي يجاهر يفوته جميع ذلك"(الفتح:10-502).   4- قال ابن حجر- رحمه اللّه تعالى-: "من قصد إظهار المعصية والمجاهرة بها أغضب ربّه، فلم يستره، ومن قصد التّستّر بها حياء من ربّه، ومن النّاس منّ اللّه عليه بستره إيّاه"(الفتح:10-502).   5- قال ابن المنير: في قوله تعالى: (لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ)[النساء: 148] "معناه إلّا من أكره على أن يجهر بالسّوء كفرا ونحوه، فذلك مباح"(الفتح:3-398).   6- قال القاضي أبو حسين في التّمام: "لا تختلف الرّواية في وجوب هجر أهل البدع وفسّاق الملّة. وظاهر إطلاقه لا فرق بين المجاهر وغيره كالمبتدع والفاسق، فينبغي لك إن كنت متّبعا سنن من سلف أنّ كلّ من جاهر بمعاصي اللّه لا تعاضده ولا تساعده ولا تقاعده ولا تسلّم عليه، بل اهجره ولاقه بوجه مكفهرّ"(غذاء الألباب/ شرح منظومة الآداب للسفاريني:1/256-261).   7- قال ابن تميم: "وهجران أهل البدع كافرهم وفاسقهم، والمتظاهر بالمعاصي، وترك السّلام عليهم فرض كفاية، ومكروه لسائر النّاس"(غذاء الألباب/ شرح منظومة الآداب للسفاريني:1-269).   8- قال السّفارينيّ: "ولا فرق بين كون المعاصي فعليّة أو قوليّة أو اعتقاديّة... وهذا الهجر يثاب الإنسان عليه لأنّه هجر للّه تعالى وغضب لارتكاب معاصيه أو إهمال أوامره. قال الإمام أحمد- رحمه اللّه تعالى-: إذا علم أنّه مقيم على معصية وهو يعلم بذلك لم يأثم أن جفاه حتّى يرجع، وإلّا كيف يتبيّن للرّجل ما هو عليه، إذا لم ير منكرا ولا جفوة من صديق"(انظر غذاء الألباب 1/256-261).   9- قال شيخ الإسلام ابن تيميّة: "إنّ المظهر للمنكر يجب الإنكار عليه علانية، ولا تبقى له غيبة، ويجب أن يعاقب علانية بما يردعه عن ذلك، وينبغي لأهل الخير أن يهجروه ميّتا- إذا كان فيه ردع لأمثاله- فيتركون تشييع جنازته"(غذاء الألباب 1/ 259).   10- سئل ابن أبي زيد عمن يعمل المعاصي هل يكون إماما ؟ فأجاب: "أما المصر والمجاهر، فلا، والمستور المعترف ببعض الشيء فالصلاة خلف الكامل أولى وخلفه لا بأس بها". وسئل عمن يعرف منه الكذب العظيم أو قتات كذلك هل تجوز إمامته؟ فأجاب: "لا يصلى خلف المشهور بالكذب والقتات والمعلن بالكبائر، ولا يعيد من صلى خلفه، وأما من تكون منه الهفوة والزلة، فلا يتبع عورات المسلمين"(مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل:2-415).   12- قال شيخ  الإسلام ابن تيمية: "ينبغي لأهل الخير أن يهجروا المظهر للمنكر ميتاً إذا كان فيه كف لأمثاله، فيتركون تشييع جنازته"(مجموع الفتاوى:28-218).   13- قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: "فَإِنَّ اللهَ قَدْ تَوَعَّدَ بِالْعَذَابِ عَلَى مُجَرَّدِ مَحَبَّةِ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ بِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهَذِهِ المَحَبَّةُ قَدْ لَا يَقْتَرِنُ بِهَا قَوْلٌ وَلَا فِعْلٌ؛ فَكَيْفَ إذَا اقْتَرَنَ بِهَا قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ؟ بَلْ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُبْغِضَ مَا أَبْغَضَهُ اللهُ مِنْ فِعْلِ الْفَاحِشَةِ وَالْقَذْفِ بِهَا وَإِشَاعَتِهَا فِي الَّذِينَ آمَنُوا، وَمَنْ رَضِيَ عَمَلَ قَوْمٍ حُشِرَ مَعَهُمْ كَمَا حُشِرَتْ امْرَأَةُ لُوطٍ مَعَهُمْ وَلَمْ تَكُنْ تَعْمَلُ فَاحِشَةَ اللِّوَاطِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَقَعُ مِنَ المَرْأَةِ، لَكِنَّهَا لمَّا رَضِيَتْ فِعْلَهُمْ عَمَّهَا الْعَذَابُ مَعَهُمْ"(مجموع الفتاوى:15-200).   14- قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: "سِتْرُ اللَّـهِ مُسْتَلْزِمٌ لِسِتْرِ المُؤْمِنِ عَلَى نَفْسِهِ؛ فَمَنْ قَصَدَ إِظْهَارَ المَعْصِيَةِ وَالمُجَاهَرَةَ بِهَا أَغْضَبَ رَبَّهُ فَلَمْ يَسْتُرْهُ، وَمَنْ قَصَدَ التَّسَتُّرَ بِهَا حَيَاءً مِنْ رَبِّهِ وَمِنَ النَّاسِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِ بِسَتْرِهِ إِيَّاهُ"(فتح الباري:10-503).   15- قال ابن حجر -رحمه الله-: "فإن ستر الله مستلزم لستر المؤمن على نفسه، فمن قصد إظهار المعصية والمجاهرة بها أغضب ربه فلم يستره، ومن قصد التستر بها حياء من ربه ومن الناس مَنَّ الله عليه بستره إياه"(فتح الباري:10-503).   16- قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: "المُسْتَخْفِي بِمَا يَرْتَكِبُهُ أَقَلُّ إِثْمًا مِنَ المُجَاهِرِ المُسْتَعْلِنِ، وَالْكَاتِمُ لَهُ أَقَلُّ إِثْمًا مِنَ المُخْبِرِ المُحَدِّثِ لِلنَّاسِ بِهِ؛ فَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ عَافِيَةِ اللَّـهِ -تَعَالَى- وَعَفْوِهِ"(إغاثة اللهفان:2-147).   17- قال النووي: "يكره لمن ابتلي بمعصية أن يخبر غيره بها، بل يقلع ويندم، ويعزم أن لا يعود؛ فإن أخبر بها شيخه أو نحوه ممن يرجو بإخباره أن يعلمه مخرجاً منها أو ما يسلم به من الوقوع في مثلها، أو يعرفه السبب الذي أوقعه فيها، أو يدعو له أو نحو ذلك فهو حسن وإنما يكره لانتفاء المصلحة"(فيض القدير:5-13).   18- قال ابن بطال: "في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وبصالحي المؤمنين، وفيه ضرب من العناد لهم، وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف لأن المعاصي تذل أهلها"(فتح الباري:10/598-599).   19- قال ابن القيم -رحمه الله وهو يُعدد أضرار الذنوب-: "ومنها: أنه ينسلخ من القلب استقباحُها، فتصير له عادةً، فلا يستقبح من نفسه رؤيةَ الناس له، ولا كلامَهم فيه؛ حتى يفتخرَ أحدُهم بالمعصية، ويُحَدِّث بها مَن لم يَعْلمْ أنه عمِلها، فيقول: يا فلان! عملت كذا وكذا! وهذا الضرب من الناس لا يُعافَوْن، ويُسدُّ عليهم طريقُ التوبة، وتُغلقُ عنهم أبوابُهَا في الغالب"(الجواب الكافي:67).   20- قال بعض الوزراء الصالحين لبعض من يأمرُ بالمعروف: "اجتهد أن تستُرَ العُصَاةَ، فإنَّ ظهورَ معاصيهم عيبٌ في أهل الإسلام، وأَولى الأمور سترُ العيوب"(غذاء الألباب:1-227).   21- قال ابن عاشور: "ولِشُيُوعِ أخْبارِ الفَواحِشِ بَيْنَ المُؤْمِنِينَ بِالصِّدْقِ أوِ الكَذِبِ مَفْسَدَةٌ أخْلاقِيَّةٌ فَإنَّ مِمّا يَزَعُ النّاسَ عَنِ المَفاسِدِ تَهَيُّبُهم وُقُوعَها وتَجَهُّمُهم وكَراهَتُهم سُوءَ سُمْعَتِها وذَلِكَ مِمّا يَصْرِفُ تَفْكِيرَهم عَنْ تَذَكُّرِها بَلْهَ الإقْدامُ عَلَيْها رُوَيْدًا رُوَيْدًا حَتّى تُنْسى وتَنْمَحِيَ صُوَرُها مِنَ النُّفُوسِ، فَإذا انْتَشَرَ بَيْنَ الأُمَّةِ الحَدِيثُ بِوُقُوعِ شَيْءٍ مِنَ الفَواحِشِ تَذَكَّرَتْها الخَواطِرُ وخَفَّ وقْعُ خَبَرِها عَلى الأسْماعِ فَدَبَّ بِذَلِكَ إلى النُّفُوسِ التَّهاوُنُ بِوُقُوعِها وخِفَّةُ وقْعِها عَلى الأسْماعِ فَلا تَلْبَثُ النُّفُوسُ الخَبِيثَةُ أنْ تُقْدِمَ عَلى اقْتِرافِها، وبِمِقْدارِ تَكَرُّرِ وُقُوعِها وتَكَرُّرِ الحَدِيثِ عَنْها تَصِيرُ مُتَداوَلَةً"(التحرير والتنوير؛ سورة النور:19).   22- قال الطبري رحمه الله عند قوله تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) قال: "يقول تعالى ذكره: ولا تقربوا الظاهرَ من الأشياء المحرّمة عليكم، التي هي علانية بينكم لا تناكرون ركوبها، والباطنَ منها الذي تأتونه سرًّا في خفاء لا تجاهرون به، فإن كل ذلك حرام "(تفسير الطبري؛ سورة الأنعام: آية ١٥١).   23- قال الشوكاني عند قوله تعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) قال: "ومَعْنى فَسَقَوْا فِيها: خَرَجُوا عَنِ الطّاعَةِ وتَمَرَّدُوا في كُفْرِهِمْ لِأنَّ الفُسُوقَ الخُرُوجُ إلى ما هو أفْحَشُ (فَحَقَّ عَلَيْها القَوْلُ) أيْ ثَبَتَ وتَحَقَّقَ عَلَيْهِمُ العَذابُ بَعْدَ ظُهُورِ فِسْقِهِمْ (فَدَمَّرْناها تَدْمِيرًا) أيْ تَدْمِيرًا عَظِيمًا لا يُوقَفُ عَلى كُنْهِهِ لِشِدَّتِهِ وعِظَمِ مَوْقِعِهِ "(فتح القدير؛ سورة الإسراء: آية 16).   24- ليعلم أن من أحب ذلك فقد شارك في هذا كما شارك فيه من فعله والإشاعة: الانتشار، وشاع الحديث: إذا ظهر في الجميع ولم يكن منفصلا. وشاع الحديث: إذا ظهر في العامة. والمعنى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ) أن يظهر ويذيع الزنا (فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) يعني: عبد الله بن أبي وأصحابه المنافقين والعذاب في الدنيا: الحد. وفي الآخرة: النار. وظاهر الآية يتناول كل من كان بهذه الصفة. والآية إنما نزلت في قذفة عائشة إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ثم قال: (وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وهذا حسن الموقع في هذا الموضع، لأن محبة القلب كافية ونحن لا نعلمها إلا بالإبانة، وأما الله –سبحانه- فإنه لا يخفى عليه، وهذا نهاية في الزجر؛ لأن من أحبّ إشاعة الفاحشة وإن بالغ في إخفاء تلك المحبة فهو يعلم أن الله يعلم ذلك منه، ويعلم قدر الجزاء عليه"(مفاتيح الغيب للرازي بتصرف: ٢٣/١٨٢-184).   25- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "نهى الله عن إشاعة الفاحشة بقوله تعالى: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة)، وكذلك أمر بستر الفواحش كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله؛ فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه الكتاب"، وقال: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين، والمجاهرة أن يبيت الرجل على الذنب قد ستره الله فيصبح يتحدث به"؛ فما دام الذنب مستورا فمصيبته على صاحبه خاصة فإذا أظهر ولم ينكر كان ضرره عاما؛ فكيف إذا كان في ظهوره تحريك غيره إليه. ولهذا أنكر الإمام أحمد وغيره أشكال الشعر الغزلي الرقيق؛ لئلا تتحرك النفوس إلى الفواحش؛ فلهذا أُمر من ابتلي بالعشق أن يعف ويكتم فيكون حينئذ ممن قال الله فيه: (إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) والله أعلم"(مجموع الفتاوى:28-214).   26- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "لا يجوز إعلان البدع والمنكرات, فإذا أُعلنت: وجب إنكارها علانيّة، وعقوبة معلنها علانية"(مجموع الفتاوى:28-217).   27- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "تارك الصلاة أحيانا وأمثاله من المتظاهرين بالفسق فأهل العلم والدين إذا كان في هجر هذا وترك الصلاة عليه منفعة للمسلمين بحيث يكون ذلك باعثا لهم على المحافظة على الصلاة عليه هجروه ولم يصلوا عليه؛ كما ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- الصلاة على قاتل نفسه والغال والمدين الذي لا وفاء له وهذا شر منهم"(مجموع الفتاوى:24-288).   28- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه امتنع عن الصلاة على من عليه دين حتى يخلف وفاء قبل أن يتمكن من وفاء الدين عنه فلما تمكن صار هو يوفيه من عنده فصار المدين يخلف وفاء. هذا مع قوله فيما رواه أبو موسى عنه: "إن أعظم الذنوب عند الله أن يلقاه عبد بها بعد الكبائر التي نهى عنها أن يموت الرجل وعليه دين لا يدع قضاء"(رواه أحمد)؛ فثبت بهذا أن ترك الدين بعد الكبائر؛   فإذا كان قد ترك الصلاة على المدين الذي لا قضاء له فعلى فاعل الكبائر أولى ويدخل في ذلك قاتل نفسه والغال: لما لم يصل عليهما . ويستدل بذلك على أنه يجوز لذوي الفضل ترك الصلاة على ذوي الكبائر الظاهرة والدعاة إلى البدع وإن كانت الصلاة عليهم جائزة في الجملة"(مجموع الفتاوى:288-289).   29- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ولا يجوز لأحد أن يترحم على من مات كافرا ومن مات مظهرا للفسق مع ما فيه من الإيمان كأهل الكبائر ومن امتنع من الصلاة على أحدهم زجرا لأمثاله عن مثل فعله كان حسنا ولو امتنع في الظاهر ودعا له في الباطن ليجمع بين المصلحتين كان أولى من تفويت إحداهما"(الاختيارات:131).   30- قال ابن رجب رحمه الله عند شرحه لحديث "من ستر مسلما" قال: "واعلم أن الناس على ضربين: أحدهما: من كان مستورا لا يعرف بشيء من المعاصي، فإذا وقعت منه هفوة، أو زلة، فإنه لا يجوز كشفها، ولا هتكها، ولا التحدث بها... والثاني: من كان مشتهرا بالمعاصي، معلنا بها لا يبالي بما ارتكب منها، ولا بما قيل له فهذا هو الفاجر المعلن، وليس له غيبة، كما نص على ذلك الحسن البصري وغيره، ومثل هذا لا بأس بالبحث عن أمره لتقام عليه الحدود. صرح بذلك بعض أصحابنا، واستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: واغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت، فارجمها. ومثل هذا لا يشفع له إذا أخذ، ولو لم يبلغ السلطان، بل يترك حتى يقام عليه الحد لينكف شره، ويرتدع به أمثاله"(جامه العلوم والحكم:2/292-293).   31- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "لا يجوز أن يولى في الإمامة بالناس من يأكل الحشيشة أو يفعل من المنكرات المحرمة مع إمكان تولية من هو خير منه"(مجموع الفتاوى:23-356).   32- قال الشيرازي: "ولا يجوز أن يكون القاضى كافرا ولا فاسقا ولا عبدا ولا صغيرا ولا معتوها، لأنه إذا لم يجز أن يكون واحد من هؤلاء شاهدا فلأن لا يجوز أن يكون قاضيا أولى"(المهذب؛ للشيرازي:5-471).   33- قال العلامة ابن عثيمين: "هؤلاء الذين يحبون أن تشيع! فكيف بمن أشاع الفاحشة والعياذ بالله؟!! ولمحبة شيوع الفاحشة في الذين آمنوا معنيان: المعنى الأول: محبة شيوع الفاحشة في المجتمع المسلم ومن ذلك من يبثون الأفلام الخليعة والصحف الخبيثة الداعرة فإن هؤلاء لا شك أنهم يحبون أن تشيع الفاحشة في المجتمع المسلم ويريدون أن يفتتن المسلم في دينه بسبب ما يشاع من هذه المجلات الخليعة الفاسدة والأفلام الخليعة الفاسدة أو ما أشبه ذلك وكذلك تمكين هؤلاء مع القدرة على منعهم داخل في محبة أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، فالذي يقدر على منع هذه المجلات وهذه الأفلام الخليعة ويمكن من شيوعها في المجتمع المسلم هو ممن يحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا (لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة)؛ أي: عذاب مؤلم في الدنيا والآخرة. المعنى الثاني: محبة أن تشيع الفاحشة في شخص معين وليس في المجتمع الإسلامي كله، فهذا أيضا له عذاب أليم في الدنيا والآخرة، فمن أحب أن تشيع الفاحشة في زيد من الناس لسبب ما هذا أيضا له عذاب أليم في الدنيا والآخرة"(شرح رياض الصالحين:5/7-8).    

الإحالات

1- الزواجر عن اقتراف الكبائر؛ لابن حجر الهيتمي.   2- أحكام المجاهرين بالكبائر؛ للشيخ ذياب بن سعد آل حمدان الغامدي   3- المعاصي وأثرها في المجتمع؛ لحامد المصلح.