طمأنينة

2022-10-10 - 1444/03/14

التعريف

الطمأنينة لغة:

هي الاسم من الاطمئنان الّذي هو مصدر قولهم: اطمأنّ الشّيء يطمئنّ إذا سكن، وذلك مأخوذ من مادّة (ط م ن) بزيادة الهمزة، يقال فيه: اطمأنّ المكان إذا ثبت واستقرّ. واطمأنّ الرّجل اطمئنانا وطمأنينة أي سكن، قال أبو إسحاق في قوله تعالى: (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) [النساء: 103]: أي إذا سكنت قلوبكم، يقال: اطمأنّ الشّيء إذا سكن وطأمنته وطمأنته إذا سكّنته. وقوله- عزّ وجلّ-: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ) [الرعد: 28] معناه: إذا ذكر اللّه بوحدانيّته آمنوا به غير شاكّين.

وقيل في تفسير قوله تعالى: (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) هي الّتي قد اطمأنّت بالإيمان وأخبتت لربّها. وقال الرّاغب: معناه: هي ألّا تصير أمّارة بالسّوء، واطمأنّ وتطامن متقاربان لفظا ومعنى [الصحاح للجوهري (6/ 2158). ولسان العرب لابن منظور (13/ 268) والمفردات للراغب ص 307 ومقاييس اللغة لابن فارس 3/ 422] .

الطمأنينة اصطلاحا:

قال الرّاغب: الطّمأنينة: هي السّكون بعد الانزعاج، وقال الكفويّ: الطّمأنينة في الشّرع (أي عند الفقهاء) القرار بمقدار التّسبيحة في أركان الصّلاة [المفردات للراغب (307)، والكليات للكفوي (565) ] . وقال الحراليّ: هي الهدوء والسّكون على سواء الخلقة واعتدال الخلق [انظر التوقيف على مهمات التعاريف (228) ] . وقال صاحب المنازل (الهرويّ) الطّمأنينة: سكون يقوّيه أمن صحيح شبيه بالعيان [مدارج السالكين (2/ 536) ] .

 

العناصر

1- الفرق بين الطمأنينة والسكينة  .

 

 

2- لا أمن ولا طمأنينة للعبد ولاسعادة  إلا بالاعتصام بكتاب الله الكريم، والإيمان به وعبادته سبحانه .

 

 

3- طمأنينة القلب هي من أعظم نعم الله على المؤمن .

 

 

4- الأسباب التي تعين العبد على طمأنينة القلب .

 

 

5- مظاهر طمانينة القلب .

 

 

6- أثر الإيمان في طمأنينة القلب وراحته وقناعته بما رزقه الله، وعدم تعلقه بغيره .

 

 

7- أثر التوكل على الله في طمأنينة القلب .

 

 

8- أثر معرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله في طمأنينة القلب .

 

 

9- أمثلة على أثر بعض أسماء الله تعالى في طمأنينة القلب .

 

الايات

1- قوله تعالى: ( وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) [البقرة: 260] .

 

 

2- قوله تعالى: ( وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) [آل عمران: 126] .

 

 

3- قوله تعالى: ( فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً ) [النس‏18‏/01‏/2011اء: 103] .

 

 

4- قوله تعالى: ( إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ * قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) [المائدة: 112- 114] .

 

 

5- قوله تعالى: ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ  وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) [الأنفال: 9- 10] .

 

 

6- قوله تعالى: (ِإنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ * أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) [يونس: 7- 8] .

 

 

7- قوله تعالى: ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) [الرعد: 28] .

 

 

8- قوله تعالى: ( مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ) [النحل: 106] .

 

 

9- قوله تعالى: (  وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ ) [النحل: 112] .

 

 

10- قوله تعالى: ( قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا ) [الإسراء: 95] .

 

 

11- قوله تعالى: ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ ) [الحج: 11] .

 

 

12- قوله تعالى: ( يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ) [الفجر: 27- 30] .

 

الاحاديث

1- عن ميمونة- رضي اللّه عنها- زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قالت: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا سجد خوّى بيديه (يعني جنّح) حتّى يرى وضح إبطيه من ورائه. وإذا قعد اطمأنّ على فخذه اليسرى. [مسلم (497) واللفظ له، وأحمد (6/ 332) والنسائي (2/ 232) وصححه الألباني، صحيح النسائي (1/ 247 برقم 1099) ] .

 

 

2- عن صفيّة بنت شيبة- رضي اللّه عنها- قالت: لمّا اطمأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بمكّة عام الفتح طاف على بعير يستلم الرّكن بمحجن في يده. قالت: وأنا أنظر إليه.[ أبو داود (1878) وحسنه الألبانى فى صحيحه (1/ 352 برقم 1654) وابن ماجة (2947) وحسنه الألباني في صحيحه (2/ 162 برقم 2354) ] .

 

 

3- عن أبي ثعلبة الخشنيّ- رضي اللّه عنه- قال: «قلت يا رسول اللّه أخبرني بما يحلّ لي ويحرم عليّ قال: فصعّد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وصوّب فيّ النّظر. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم «البرّ ما سكنت إليه النّفس واطمأنّ إليه القلب، والإثم ما لم تسكن إليه النّفس. ولم يطمئنّ إليه القلب، وإن أفتاك المفتون». وقال «لا تقرب لحم الحمار الأهليّ، ولا ذا ناب من السّباع.[ أحمد (4/ 194)، قال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح] .

 

 

4- عن وابصة بن معبد- رضي اللّه عنه- قال: «أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وأنا أريد أن لا أدع شيئا من البرّ والإثم إلّا سألته عنه، وإذا عنده جمع، فذهبت أتخطّى النّاس، فقالوا: إليك وابصة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، إليك يا وابصة. فقلت: أنا وابصة، دعوني أدنو منه، فإنّه من أحبّ النّاس إليّ أن أدنو منه. فقال لي: ادن يا وابصة. ادن يا وابصة، فدنوت منه حتّى مسّت ركبتي ركبته. فقال: يا وابصة أخبرك ما جئت تسألني عنه، أو تسألني؛ فقلت: يا رسول اللّه، فأخبرني. قال جئت تسألني عن البرّ والإثم. قلت: نعم فجمع أصابعه الثّلاث. فجعل ينكت بها في صدري ويقول: يا وابصة استفت نفسك: البرّ ما اطمأنّ إليه القلب، واطمأنّت إليه النّفس. والإثم ما حاك في القلب، وتردّد في الصّدر، وإن أفتاك النّاس»[ أحمد (4/ 228) واللفظ له وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب رواه أحمد بإسناد حسن(1734) ] .

 

 

5- عن أبي الحوراء السّعديّ- رضي اللّه عنه- قال: قلت للحسن بن عليّ (رضي اللّه عنهما) ما حفظت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ قال: حفظت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. فإنّ الصّدق طمأنينة وإنّ الكذب ريبة» [الترمذي (2518) وقال: حديث حسن صحيح واللفظ له، وأحمد (1/ 200) والحاكم في المستدرك (2/ 13، 4/ 199) وصححه ووافقه الذهبي، وعبد الرزاق في مصنفه (4984) والطبراني في الكبير (2708، 2711) وصححه شعيب الأرناؤوط في المسند والألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي] .

 

 

6- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «نحن أحقّ بالشّك من إبراهيم إذ قال (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) [البقرة: 260]. [البخاري- الفتح 8 (4537) واللفظ له، ومسلم (151) ] .

 

 

7- عن أبي سعيد الخدريّ- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «يكون عليكم أمراء تطمئنّ إليهم القلوب، وتلين لهم الجلود، ثمّ يكون عليكم أمراء تشمئزّ منهم القلوب. وتقشعرّ منهم الجلود»، فقال رجل أنقاتلهم يا رسول اللّه؟ قال: «لا ما أقاموا الصّلاة»[ أحمد (3/ 28، 29) وقال شعيب الأرناؤوط صحيح لغيره] .

 

 

8- عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- قال. أقبل نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المدينة وهو مردف أبا بكر، وأبو بكر شيخ يعرف ونبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم شابّ  لا يعرف، قال: فيلقى الرّجل أبا بكر فيقول: يا أبا بكر! من هذا الرّجل الّذي بين يديك؟ فيقول: هذا الرّجل يهديناي إلى السّبيل، فيحسب الحاسب أنّه إنّما يهديه الطّريق وإنّما يعني سبيل الخير، فالتفت أبو بكر فإذا هو بفارس قد لحقهم فقال: يا نبيّ اللّه هذا فارس قد لحق بنا. قال: فالتفت نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: «اللّهمّ اصرعه» فصرعته فرسه، ثمّ قامت تحمحم قال: ثمّ قال: يا نبيّ اللّه مرني بما شئت. قال: «قف مكانك لا تتركنّ أحدا يلحق بنا» قال: فكان أول النّهار جاهدا على نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وكان آخر النّهار مسلحة  له. قال فنزل نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جانب الحرّة ثمّ بعث إلى الأنصار فجاؤا نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فسلّموا عليهما وقالوا: اركبا آمنين مطمئنّين. قال: فركب نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأبو بكر وخفروا حولهما بالسّلاح. قال فقيل بالمدينة جاء نبيّ اللّه فاستشرفوا نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ينظرون إليه ويقولون: جاء نبيّ اللّه، فأقبل يسير حتّى جاء إلى جانب دار أبي أيّوب، قالوا: فإنّه ليحدّث أهلها إذ سمع به عبد اللّه بن سلام وهو في نخل لأهله يخترف  لهم منه، فعجل أن يضع الّذي يخترف فيها، فجاء وهي معه، فسمع من نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فرجع إلى أهله، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أيّ بيوت أهلنا أقرب؟» قال: فقال أبو أيّوب أنا يا نبيّ اللّه هذه داري، وهذا بابي، قال: «فانطلق فهيّأ لنا مقيلا، ثمّ جاء. فقال: يا نبيّ اللّه قد هيّأت لكم مقيلا، فقوما على بركة اللّه فقيلا. فلمّا جاء نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جاء عبد اللّه بن سلام فقال، أشهد أنّك رسول اللّه حقّا، وأنّك جئت بحقّ، ولقد علمت اليهود أنّي سيّدهم وابن سيّدهم، وأعلمهم وابن أعلمهم، فادعهم فاسألهم فدخلوا عليه فقال لهم نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يا معشر اليهود، ويلكم اتّقوا اللّه، فو الّذي لا إله إلّا هو إنّكم لتعلمون أنّي رسول اللّه حقّا، وأنّي جئتكم بحقّ. أسلموا». قالوا ما نعلمه ثلاثا.[ البخاري- الفتح 7 (3911)، أحمد (3/ 211) واللفظ له] .

 

 

9- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم دخل المسجد، فدخل رجل فصلّى، ثمّ جاء فسلّم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فردّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم السّلام. قال: «ارجع فصلّ. فإنّك لم تصلّ». فرجع الرّجل فصلّى كما كان صلّى. ثمّ جاء إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فسلّم عليه. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «وعليك السّلام»، ثمّ قال: «ارجع فصلّ. فإنّك لم تصلّ». حتّى فعل ذلك ثلاث مرّات. فقال الرّجل: والّذي بعثك بالحقّ ما أحسن غير هذا. علّمني. قال: «إذا قمت إلى الصّلاة فكبّر. ثمّ اقرأ ما تيسّر معك من القرآن. ثمّ اركع حتّى تطمئنّ راكعا، ثمّ ارفع حتّى تعتدل قائما، ثمّ اسجد حتّى تطمئنّ ساجدا. ثمّ ارفع حتّى تطمئنّ جالسا، ثمّ افعل ذلك في صلاتك كلّها»[ البخاري- الفتح 2 (793). ومسلم (397) واللفظ له] .  

 

 

10- عن البراء- رضي اللّه عنه- قال:-  كان رجل يقرأ سورة الكهف. وعنده فرس مربوط بشطنين  فتغشّته سحابة. فجعلت تدور وتدنو. وجعل فرسه ينفر منها. فلمّا أصبح أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فذكر ذلك له، فقال: «تلك السّكينة تنزّلت للقرآن» [مسلم (795) ] .

 

 

11- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدّنيا نفّس اللّه عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر، يسّر اللّه عليه في الدّنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره اللّه في الدّنيا والآخرة. واللّه في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما، سهّل اللّه له به طريقا إلى الجنّة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت اللّه يتلون كتاب اللّه ويتدارسونه بينهم، إلّا نزلت عليهم السّكينة وغشيتهم الرّحمة وحفّتهم الملائكة، وذكرهم اللّه فيمن عنده، ومن بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه» [ مسلم (2699) ] .

 

الاثار

1- قال مالك بن أنس- رحمه اللّه-: حقّ على من طلب العلم أن يكون له وقار وسكينة وخشية. والعلم حسن لمن رزق خيره .[ حلية الأولياء لأبي نعيم (6/ 320) ] .

 

 

2- قال بشير بن كعب: مكتوب في الحكمة: إنّ من الحياء وقارا، وإنّ من الحياء سكينة . [البخاري- الفتح 10 (6117) ] .

 

 

3- عن قتادة في قوله تعالى ( وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ) [الرعد: 28]. قال: هشّت إليه واستأنست به .

وقال السّدّيّ في قوله تعالى  (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) [الرعد: 28]: تسكن القلوب .[الدر المنثور (4/ 642) ] .

 

 

4- عن مجاهد في قوله تعالى: (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) [الفجر: 27] قال: الّتي أيقنت بأنّ اللّه ربّها. [الدر المنثور (8/ 514) ] .

 

 

5- أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن- رضي اللّه عنه- في قوله تعالى ( يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) [الفجر: 27] قال: إنّ اللّه إذا أراد قبض عبده المؤمن اطمأنّت النّفس إليه، واطمأنّ إليها، ورضيت عن اللّه، ورضي اللّه عنها أمر بقبضها فأدخلها الجنّة وجعلها من عباده الصّالحين . [الدر المنثور (8/ 514) ] .

 

 

6- عن قتادة في قوله تعالى( يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) قال: هذا المؤمن اطمأنّ إلى ما وعد اللّه .[ الدر المنثور (8/ 514) ] .

 

القصص

الاشعار

1- عن البراء- رضي اللّه عنه- قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم الأحزاب ينقل التّراب- وقد وارى التّراب بياض بطنه- وهو يقول:

 

لولا أنت ما اهتدينا *** ولا تصدّقنا ولا صلّينا

 

 

فأنزل السّكينة علينا *** وثبّت الأقدام إن لاقينا

 

 

إنّ الألى قد بغوا علينا *** إذا أرادوا فتنة أبينا

 

[البخاري- الفتح 6 (2837) واللفظ له. ومسلم (1802) ] .

 

الدراسات

متفرقات

1- قال الفيروز آباديّ: الطّمأنينة والسّكينة كلّ منهما تستلزم الآخرى. لكنّ استلزام الطّمأنينة السّكينة أقوى من العكس. ثمّ إنّ الطّمأنينة أعمّ من السّكينة. وهي على درجات: طمأنينة القلب بذكر اللّه. وهي طمأنينة الخائف إلى الرّجاء، والطّمأنينة: سكون أمن فيه استراحة أنس. والسّكينة تكون: حينا بعد حين، والطّمأنينة لا تفارق صاحبها وكأنّها نهاية السّكينة [انظر بصائر ذوي التمييز (3/ 517) ] .

 

2- ذكر ابن القيّم عن صاحب المنازل أنّ بين الطّمأنينة والسّكينة فرقين: أحدهما: أنّ السّكينة صولة تورث خمود الهيبة أحيانا، والطّمأنينة: سكون أمن في استراحة أنس. والثّاني: أنّ السّكينة تكون نعتا، وتكون حينا بعد حين، والطّمأنينة لا تفارق صاحبها، ومن ثمّ تكون الطّمأنينة موجب السّكينة وأثرا من آثارها وكأنّها نهاية السّكينة [انظر شرح هذين الفرقين في مدارج السالكين لابن القيم (2/ 536) ] .

 

3- قال مالك بن أنس رحمه اللّه: حقّ على من طلب العلم أن يكون له وقار وسكينة وخشية. والعلم حسن لمن رزق خيره [حلية الأولياء لأبي نعيم (6/ 320) ] .

 

4- حقيقة الطمأنينة التي تصير بها النفس مطمئنة هي أن تطمئن في باب معرفة أسماء اللّه وصفاته ونعوت كماله إلى خبره الذي أخبر به عن نفسه وأخبرت به عنه رسله فتتلقاه بالقبول، والتسليم، والإذعان، والدعاء، وانشراح الصدر له، وفرح القلب به، فإنه معرّف من معرفات الرب سبحانه إلى عبده على لسان رسوله، فلا يزال القلب في أعظم القلق والاضطراب في هذا الباب حتى يخالط الإيمان بأسماء الرب تعالى وصفاته وتوحيده وعلوه على عرشه، وتكلمه بالوحي بشاشة قلبه، فينزل ذلك عليه نزول الماء الزلال على القلب الملتهب بالعطش، فيطمئن إليه، ويسكن إليه، ويفرح به ويلين له قلبه ومفاصله حتى كأنه شاهد الأمر كما أخبرت به الرسل، بل يصير ذلك لقلبه بمنزلة رؤية الشمس في الظهيرة لعينه، فلو خالفه في ذلك من بين شرق الأرض وغربها لم يلتفت إلى خلافهم، وقال إذا استوحش من الغربة قد كان الصّديق الأكبر - المراد به سيدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم- مطمئنا بالإيمان وحده وجميع أهل الأرض يخالفه وما نقص ذلك من طمأنينته شيئا فهذا أول درجات الطمأنينة، ثم لا يزال يقوى كلما سمع بآية متضمنة لصفة من صفات ربه، وهذا أمر لا نهاية له فهذه الطمأنينة أصل أصول الإيمان التي قام عليه بناؤه، ثم يطمئن إلى خبره عما بعد الموت من أمور البرزخ وما بعدها من أحوال القيامة حتى كأنه يشاهد ذلك كله عيانا، وهذا حقيقة اليقين الذي وصف به سبحانه وتعالى أهل الإيمان حيث قال (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) فلا يحصل الإيمان بالآخرة حتى يطمئن القلب إلى ما أخبر اللّه سبحانه به عنها طمأنينته إلى الأمور التي لا يشك فيها ولا يرتاب، فهذا هو المؤمن حقا باليوم الآخر كما في حديث حارثة: أصبحت مؤمنا فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «إن لكل حق حقيقة فما حقيقة إيمانك؟» قال: عزفت نفسي عن الدنيا وأهلها وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزا وإلى أهل الجنة يتزاورون فيها وأهل النار يعذبون فيها، فقال صلّى اللّه عليه وسلّم: «عبد نوّر اللّه قلبه». والطمأنينة إلى أسماء الرب تعالى وصفاته نوعان: طمأنينة إلى الإيمان بها وإثباتها واعتقادها، وطمأنينة إلى ما تقتضيه وتوجبه من آثار العبودية، مثاله الطمأنينة إلى القدر وإثباته، والإيمان به يقتضي الطمأنينة إلى مواضع الأقدار التي لم يؤمر العبد بدفعها ولا قدرة له على دفعها فيسلم لها ويرضى بها ولا يسخط ولا يشكو ولا يضطرب إيمانه فلا يأسى على ما فاته ولا يفرح بما أتاه لأن المصيبة فيه مقدرة قبل أن تصل إليه وقبل أن يخلق كما قال تعالى: (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) وقال تعالى: (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ)

قال غير واحد من السلف: هو العبد تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند اللّه فيرضى ويسلم، فهذه طمأنينة إلى أحكام الصفات وموجباتها وآثارها في العالم وهي قدر زائد على الطمأنينة بمجرد العلم بها واعتقادها، وكذلك سائر الصفات وآثارها ومتعلقاتها كالسمع والبصر والعلم والرضا والغضب والمحبة، فهذه طمأنينة الإيمان [نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - المقدمة] .

التحليلات

الإحالات

1- نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم المؤلف : عدد من المختصين بإشراف الشيخ/ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي الناشر : دار الوسيلة للنشر والتوزيع، جدة الطبعة : الرابعة (7/2702) .

2- الإيمان المؤلف : محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني الناشر : الدار السلفية – الكويت الطبعة الأولى ، 1407 تحقيق : حمد بن حمدي الجابري الحربي (1/97) .

3- الإسلام أصوله ومبادؤه المؤلف : محمد بن عبد الله بن صالح السحيم الطبعة : الأولى الناشر : وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية تاريخ النشر : 1421هـ (1/12) .

4- العقيدة وأثرها في بناء الجيل المؤلف : الدكتور عبد الله عزام مصدر الكتاب : موقع الإسلام http://www.al-islam.com ضمن مجموعة كتب من موقع الإسلام ، ترقيمها غير مطابق للمطبوع (1/52) .

5- كائزُ الإيمانِ تأليف: محمد قطب حققه وخرج أحاديثه ونسقه: علي بن نايف الشحود الطبعة الأولى 1430 هـ - 2009م بهانج - دار المعمور (1/58) .

6- عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم المؤلف : ناصر بن علي عائض حسن الشيخ الناشر : مكتبة الرشد، الرياض، المملكة العربية السعودية الطبعة : الثالثة، 1421هـ/2000م (1/203) .

7- ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي المؤلف : سفر بن عبد الرحمن الحوالي دكتوراة بإشراف الأستاذ : محمد قطب ، 1405 هـ - 1406 هـ الناشر : دار الكلمة الطبعة : الأولى، 1420 هـ / 1999 م (1/123) .

8- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى : 1393هـ) الناشر : دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع بيروت – لبنان عام النشر : 1415 هـ - 1995 مـ (5/259) .

9- الأنوار الساطعات لآيات جامعات تَأْلِيفُ : الفَقِير إلى عَفْوِ رَبِّهِ عَبدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ السّلمانِ المدرس في معهد إمام الدعوة بالرياض (سابقًا) (3/251) .

10- التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور المؤلف : محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى : 1393هـ) الناشر : مؤسسة التاريخ العربي، بيروت – لبنان الطبعة : الأولى، 1420هـ/2000م (13/246) .

11- الموسوعة العقدية إعداد: مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف الناشر: موقع الدرر السنية على الإنترنت

dorar.net (2/310) . 12- كتاب الحاوى الكبير ـ الماوردى المؤلف / العلامة أبو الحسن الماوردى دار النشر / دار الفكر ـ بيروت (2/270) .