رفق

2022-10-08 - 1444/03/12

التعريف

معنى الرفق لغة واصطلاحاً:

الرفق لغةً:

قال ابن منظور: الرِّفْق ضد العنْف رَفَق بالأَمر وله وعليه يَرْفُق رِفْقاً ورَفُقَ يَرْفُقُ ورَفِقَ لطف ورفَقَ بالرجل وأَرْفَقه بمعنى وكذلك تَرفَّق به [لسان العرب لابن منظور (10/ 118) ] .

 

معنى الرفق اصطلاحاً:

قال ابن حجر في تعريف الرفق: هو لين الجانب بالقول والفعل والأخذ بالأسهل وهو ضد العنف [فتح الباري لابن حجر (10/ 449) ] .

وقال القاري: هو المداراة مع الرفقاء ولين الجانب واللطف في أخذ الأمر بأحسن الوجوه وأيسرها [مرقاة المفاتيح للقاري (8/ 3170) ] .

العناصر

1- الترغيب والحث على الرفق في القرآن والسنة .

2- الرفق عنوان سعادة العبد في الدارين .

3- الرفق دليل كمال الإيمان وحسن الإسلام .

4- رفق الوالي بالرعية مدعاة لأن يرفق الله بالرعية .

5- أهمية الرفق بالنفس في أداء ما فرض عليه .

6- من صور الرفق .

7- نماذج من رفق النبي صلى الله عليه وسلم .

8- فوائد الرفق .

الايات

1- قال تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران: 159].

 

2- قوله تعالى: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الشعراء: 215] .

 

3- قوله تعالى: (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) [طه: 43 - 44] .

الاحاديث

1- عن عائشة رضي الله عنها ((أن يهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: السام عليكم. فقالت عائشة: عليكم ولعنكم الله وغضب الله عليكم. قال: «مهلا يا عائشة عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش». قالت: أو لم تسمع ما قالوا؟. قال: «أو لم تسمعي ما قلت رددت عليهم فيستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم في» [رواه البخاري (6030) ] .

2- عن جرير- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من يحرم الرفق يحرم الخير » [رواه مسلم (2592) ] .

3- عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: «سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به» [رواه مسلم (1828) ] .

4- عن عائشة- رضي الله عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه» [رواه مسلم (2594) ] .

5- عن أبي الدرداء- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من الخير، ومن حرم حظه من الرفق حرم حظه من الخير» [رواه الترمذي (2013) واللفظ له، وأحمد (6/ 451) (27593)، والبخاري في الأدب المفرد (464). قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الألباني في صحيح الجامع (6055) ] .

6- عن عائشة رضي الله عنها: أن الحولاء بنت تويت بن حبيب بن أسد بن عبد العزى مرت بها وعندها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فقلت هذه الحولاء بنت تويت وزعموا أنها لا تنام بالليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تنام بالليل خذوا من العمل ما تطيقون فو الله لا يسأم الله حتى تسأموا» [رواه مسلم (785) ] .

7- عن الحسن رضي الله عنه أن عائذ بن عمرو، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عبيد الله بن زياد، فقال: أي بني، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن شر الرعاء الحطمة، فإياك أن تكون منهم»، فقال له: اجلس فإنما أنت من نخالة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: «وهل كانت لهم نخالة؟ إنما كانت النخالة بعدهم، وفي غيرهم» [رواه مسلم (1830) ] .

8- عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بينا رجل يمشي، فاشتد عليه العطش، فنزل بئرا، فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خفه، ثم أمسكه بفيه، ثم رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرا؟ قال: «في كل كبد رطبة أجر» [رواه البخاري (2363) ] .

9- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول لله صلى الله عليه وسلم: «للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق» [رواه مسلم (1662) ] .

10- عن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينا أنا أصلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذ عطس رجل من القوم فقلت يرحمك الله. فرماني القوم بأبصارهم فقلت واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي. فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فو الله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني قال: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن» [صحيح مسلم (537) ] .

الاثار

1- روي أن عمرو بن العاص كتب إلى معاوية يعاتبه في التأني فكتب إليه معاوية أما بعد: فإن الفهم في الخير زيادة رشد وإن الرشيد من رشد عن العجلة وإن الجانب من خاب عن الأناة وإن المتثبت مصيب أو كاد أن يكون مصيبا وإن العجل مخطئ أو كاد أن يكون مخطئا وأن من لا ينفعه الرفق يضره الخرق ومن لا ينفعه التجارب لا يدرك المعالي [إحياء علوم الدين (3/ 186) ] .

 

2- قال عمرو بن العاص لابنه عبد الله ما الرفق قال: تكون ذا أناة فتلاين الولاة قال فما الخرق قال معاداة إمامك ومناوأة من يقدر على ضررك [إحياء علوم الدين (3/ 186) ] .

 

3- عن عروة بن الزبير قال: كان يقال: الرفق رأس الحكمة [رواه ابن أبي شيبة (5/ 209) (25308)، ووكيع في الزهد (ص776)، وأحمد في الزهد (ص44)، وهناد في الزهد (2/ 653) ] .

 

4- قال سفيان لأصحابه: تدرون ما الرفق قالوا قل يا أبا محمد قال أن تضع الأمور من مواضعها الشدة في موضعها واللين في موضعه والسيف في موضعه والسوط في موضعه [إحياء علوم الدين للغزالي (3/ 186) ] .

 

5- قال وهب بن منبه: الرفق ثني الحلم [إحياء علوم الدين للغزالي (3/ 186) ] .

 

6- عن قيس بن أبي حازم قال كان يقال: الرفق يمن، والخرق شؤم [الزهد لهناد بن السري (2/ 654) ] .

 

7- عن حبيب بن حجر القيسيّ قال: كان يقال: ما أحسن الإيمان يزينه العلم وما أحسن العلم يزينه العمل وما أحسن العمل يزينه الرفق [عيون الأخبار لابن قتيبة (1/ 396) ] .

 

8- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إذا رأيتم أخاكم قارف ذنباً فلا تكونوا أعواناً للشيطان عليه، تقولوا: اللهم أخزه، اللهم العنه، ولكن سلوا الله العافية، فإنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كنا نقول في أحد شيئاً حتى نعلم علام يموت؟ فإن ختم له بخير علمنا أن قد أصاب خيراً، وإن ختم بشر خفنا عليه [رواه الطبراني في المعجم الكبير (9/ 110) (8574)، وابن المبارك في الزهد (1/ 313) (896)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (4/ 205)، والبغوي في شرح السنة (13/ 137). قال الهيثمي في المجمع (6/ 250): رجاله ثقات، إلا أن عبيدة لم يسمع من أبيه] .

 

9- كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يذهب إلى العوالي كل يوم سبت فإذا وجد عبدا في عمل لا يطيقه وضع عنه [رواه مالك (2/ 980) (41) ] .

القصص

1- بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن جماعة من رعيته اشتكوا من عماله فأمرهم أن يوافوه فلما أتوه قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس أيتها الرعية إن لنا عليكم حقا النصيحة بالغيب والمعاونة على الخير أيتها الرعاة إن للرعية عليكم حقا فاعلموا أنه لا شيء أحب إلى الله ولا أعز من حلم إمام ورفقه، ليس جهل أبغض إلى الله ولا أغم من جهل إمام وخرقه واعلموا أنه من يأخذ بالعافية فيمن بين ظهريه يرزق العافية ممن هو دونه [رواه الطبري في تاريخه (4/ 224) ] .

 

2- عن الشعبي قال: غشي على مسروق في يوم صائف، وكانت عائشة قد تبنته فسمى بنته عائشة، وكان لا يعصي ابنته شيئاً، قال: فنزلت إليه فقالت: يا أبتاه أفطر واشرب، قال: ما أردت لي يا بُنية؟ قالت: الرفق، قال. يا بنية، إنما طلبت الرفق لنفسي في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، وفي رواية: إنما طلبت الرفق لتعبي [موسوعة الأخلاق الإسلامية إعداد: مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف (1/255) ] .

 

3- عن سعيد بن جبير قال: مر ابن عمر بفتيان من قريش قد نصبوا طيراً وهم يرمونه وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم فلما رأوا ابن عمر تفرقوا فقال ابن عمر من فعل هذا لعن الله من فعل هذا إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا» [رواه مسلم (1958) ] .

 

4- عن زيد بن وهب قال: خرج عمر رضي الله عنه ويداه في أذنيه وهو يقول يا لبيكاه يا لبيكاه قال الناس ماله قال جاءه بريد من بعض أمرائه أن نهرا حال بينهم وبين العبور ولم يجدوا سفنا فقال أميرهم اطلبوا لنا رجلا يعلم غور الماء فأتي بشيخ فقال إني أخاف البرد وذاك في البرد فأكرهه فأدخله فلم يلبثه البرد فجعل ينادي يا عمراه يا عمراه فغرق فكتب إليه فأقبل فمكث أياما معرضا عنه وكان إذا وجد على أحد منهم فعل به ذلك ثم قال ما فعل الرجل الذي قتلته قال يا أمير المؤمنين ما تعمدت قتله لم نجد شيئا يعبر فيه وأردنا أن نعلم غور الماء ففتحنا كذا وكذا وأصبنا كذا وكذا فقال عمر رضي الله عنه لرجل مسلم أحب إلي من كل شيء جئت به لولا أن تكون سنة لضربت عنقك اذهب فأعط أهله ديته واخرج فلا أراك [رواه البيهقي في السنن الكبرى (8/ 559) (17555) ] .

 

5- عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال خرجت مع عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، إلى السوق فلحقت عمر امرأة شابة فقالت يا أمير المؤمنين هلك زوجي وترك صبية صغارا والله ما ينضجون كراعا، ولا لهم زرع، ولا ضرع وخشيت أن تأكلهم الضبع وأنا بنت خفاف بن إيماء الغفاري وقد شهد أبي الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم فوقف معها عمر ولم يمض ثم قال مرحبا بنسب قريب ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطا في الدار فحمل عليه غرارتين ملأهما طعاما وحمل بينهما نفقة وثيابا ثم ناولها بخطامه ثم قال اقتاديه فلن يفنى حتى يأتيكم الله بخير فقال رجل يا أمير المؤمنين أكثرت لها قال عمر ثكلتك أمك والله إني لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصرا حصنا زمانا فافتتحاه ثم أصبحنا نستفيء سهمانهما فيه [رواه البخاري (4160) ] .

الاشعار

1- قال المنتصر بن بلال:

الرفق ممن سيلقى اليمن صاحبه *** والخرق منه يكون العنف والزلل

والحزم أن يتأنى المرء فرصته *** والكف عنها إذا ما أمكنت فشل

والبر لله خير الأمر عاقبة *** والله للبر عون ماله مثل

خير البرية قولا خيرهم عملا *** لا يصلح القول حتى يصلح العمل

[روضة العقلاء)) لابن حبان البستي (ص 215) ] .

 

2- قال القاضي التنوخي:

الق العدو بوجه لا قطوب به *** يكاد يقطر من ماء البشاشات

فأحزم الناس من يلقى أعاديه *** في جسم حقد وثوب من مودات

الرفق يمن وخير القول أصدقه *** وكثرة المزح مفتاح العداوات

[أدب الدنيا والدين للماوردي (ص 182) ] .

 

3- قال منصور بن محمد الكريزي:

الرفق أيمن شيء أنت تتبعه *** والخرق أشأم شيء يقدم الرجلا

وذو التثبت من حمد إلى ظفر *** من يركب الرفق لا يستحقب الزللا

[روضة العقلاء لابن حبان البستي (ص 216) ] .

 

4- قال النابغة:

الرفق يمن والأناة سلامة *** فاستأن في رفق تلاق نجاحا

[العقد الفريد لابن عبد ربه (2/ 202) ] .

 

5- قال أحمد بن موسى الأزرق:

وزن الكلام إذا نطقت، فإنما *** يبدي العقول أو العيوب المنطق

لا ألفينك ثاوياً في غربة *** إن الغريب بكل سهم يرشق

لو سار ألف مدجج في حاجة *** لم يقضها إلا الذي يترفق

[روضة العقلاء لابن حبان البستي (ص 216) ] .

 

6- قال محمد بن حبيب الواسطي:

بني إذا ما ساقك الضر فاتئد *** فللرفق أولى بالأريبوأحرز

فلا تحمين عند الأمور تعززاً *** فقد يورث الذل الطويل التعزز

[روضة العقلاء لابن حبان البستي (ص 218) ] .

 

7- قال أبو عثمان التجيبي:

خذ الأمور برفق واتئد أبدا *** إياك من عجل يدعو إلى وصب

الرفق أحسن ما تؤتى الأمور به *** يصيبه ذو الرفق أو ينجو من العطب

[مجمع الحكم والأمثال لأحمد قبش (ص 194) ] .

 

8- قال المنتصر بن بلال:

وعليك في بعض الأمور صعوبة *** والرفق للمستصعبات مدان

وبحسن عقل المرء يثبت حاله *** وعلى المغارس تثمر العيدان

[روضة العقلاء لابن حبان البستي (ص 218) ] .

 

9- قال أبو الحسن الربعي:

الرفق ألطف ما اتخذت رفيقا *** ويسوء ظنك أن تكون شفيقا

فخذ المجاز من الزمان وأهله *** ودع التعمق فيه والتحقيقا

وإذا سألت الله صحبة صاحب *** فاسأله في أن يصحب التوفيقا

وانظر بعينك حازماً متعذراً *** في حيث شئت وعاجزا مرزوقا

[مجمع الحكم والأمثال لأحمد قبش (ص 193) ] .

الدراسات

متفرقات

1- قال ابن القيم: من رَفَقَ بعبادِ الله رَفَقَ الله به، ومن رحمهم رحمه، ومن أحسن إليهم أحسن إليه، ومن جاد عليهم جاد الله عليه، ومن نفعهم نفعه، ومن سترهم ستره، ومن منعهم خيره منعه خيره، ومن عامل خلقه بصفةٍ عامله الله بتلك الصِّفة بعينها في الدنيا والآخرة، فالله تعالى لعبده حسب ما يكون العبد لخلقه [الوابل الصيب (ص35) ] .

 

2- قال ابن حجر: لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفق إلا عجز وانقطع فيغلب [فتح الباري لابن حجر (1/ 94) ] .

 

3- قال أَبُو حاتم: الواجب على العاقل لزوم الرفق في الأمور كلها وترك العجله والخفة فيها إذ اللَّه تعالى يحب الرفق في الأمور كلها ومن منع الرفق منع الخير كما أن من أعطي الرفق أعطي الخير ولا يكاد المرء يتمكن من بغيته في سلوك قصده في شيء من الأشياء على حسب الذي يحب إلا بمقارنة الرفق ومفارقة العجلة [روضة العقلاء لابن حبان البستي (ص 215) ] .

 

4- وقال أيضاً: العاقل يلزم الرفق في الأوقات والاعتدال في الحالات لأن الزيادة على المقدار في المبتغى عيب كما أن النقصان فيما يجب من المطلب عجز وما لم يصلحه الرفق لم يصلحه العنف ولا دليل أمهر من رفق كما لا ظهير أوثق من العقل ومن الرفق يكون الاحتراز وفي الاحتراز ترجى السلامة وفي ترك الرفق يكون الخرق وفي لزوم الخرق تخاف الهلكة [روضة العقلاء لابن حبان البستي (ص 216) ] .

 

5- قال ابن القيم: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التشديد في الدين بالزيادة على المشروع، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن تشديد العبد، على نفسه هو السبب لتشديد الله عليه إما بالقدر وإما بالشرع. فالتشديد بالشرع: كما يشدد على نفسه بالنذر الثقيل، فيلزمه الوفاء به، وبالقدر كفعل أهل الوسواس. فإنهم شددوا على أنفسهم فشدد عليهم القدر، حتى استحكم ذلك وصار صفة لازمة لهم [إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان لابن القيم (1/ 132) ] .

 

6- قال عبد الرحمن الميداني: وأولى الناس بالتخلق بخلق الرفق الدعاة إلى الله والمعلمون، فالدعوة إلى الله لا تؤثر ما لم تقترن بخلق الرفق في دعوة الخلق إلى الحق، وتعليم الناس لا يؤتي ثمراته الطيبات ما لم يقترن بخلق الرفق الذي يملك القلوب بالمحبة [الأخلاق الإسلامية لعبد الرحمن الميداني (2/ 340) ] .

 

7- قال الشنقيطي عند تفسير قوله تعالى: (قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا) [مريم: 47]. قال: بين الله جل وعلا في هاتين الآيتين الكريمتين أن إبراهيم لما نصح أباه النصيحة المذكورة مع ما فيها من الرفق واللين وإيضاح الحق والتحذير من عبادة ما لا يسمع ولا يبصر ومن عذاب الله تعالى وولاية الشيطان خاطبه هذا الخطاب العنيف وسماه باسمه ولم يقل له يا بني في مقابلة قوله له يا أبت وأنكر عليه أنه راغب عن عبادة الأوثان أي معرض عنها لا يريدها لأنه لا يعبد إلا الله وحده جل وعلا وهدده جل وعلا وهدده بأنه إن لم ينته عما يقوله له ليرجمنه قيل بالحجارة وقيل باللسان شتما والأول أظهر ثم أمره بهجره مليا أي زمانا طويلا ثم بين أن إبراهيم قابل أيضا جوابه العنيف بغاية الرفق واللين في قوله: قَالَ (سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ...) [مريم: 47] [أضواء البيان للشنقيطي (3/ 427) ] .

 

8- وقال أيضا عند الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: «للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق» [رواه مسلم (1662)] قال: فأوجب على مالكيهم الرفق والإحسان إليهم، وأن يطعموهم مما يطعمون، ويكسوهم مما يلبسون، ولا يكلفوهم من العمل ما لا يطيقون، وإن كلفوهم أعانوهم; كما هو معروف في السنة الواردة عنه صلى الله عليه وسلم مع الإيصاء عليهم في القرآن [أضواء البيان للشنقيطي (3/ 30) ] .

 

9- قال ابن عثيمين عند قوله صلى الله عليه وسلم « من يحرم الرفق يحرم الخير » قال: يعني أن الإنسان إذا حرم الرفق في الأمور فيما يتصرف فيه لنفسه، وفيما يتصرف فيه مع غيره، فإنه يحرم الخير كله أي فيما تصرف فيه، فإذا تصرف الإنسان بالعنف والشدة فإنه يحرم الخير فيما فعل وهذا شيء مجرب ومشاهد أن الإنسان إذا صار يتعامل بالعنف والشدة؛ فإنه يحرم الخير ولا ينال الخير، وإذا كان يتعامل بالرفق والحلم والأناة وسعة الصدر؛ حصل على خيرٍ كثير، وعلى هذا فينبغي للإنسان الذي يريد الخير أن يكون دائماً رفيقاً حتى ينال الخير [شرح رياض الصالحين لابن عثيمين (3/ 592) ] .

 

10- قال ابن عثيمين عند قوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به» قال: قد يظن بعض الناس أن معنى الرفق أن تأتي للناس على ما يشتهون ويريدون وليس الأمر كذلك بل الرفق أن تسير بالناس حسب أوامر الله ورسوله ولكن تسلك أقرب الطرق وأرفق الطرق بالناس ولا تشق عليهم في شيء ليس عليه أمر الله ورسوله فإن شققت عليهم في شيء ليس عليه أمر الله ورسوله فإنك تدخل في الطرف الثاني من الحديث وهو الدعاء عليك بأن يشق الله عليك) [شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (3/ 634) ] .

التحليلات

الإحالات

1- الآداب - البيهقي تحقيق عبد القدوس نذير ص 75 مكتبة الرياض الطبعة الأولى 1407 .

2- الأخلاق الإسلامية - عبد الرحمن الميداني 2/337 دار القلم الطبعة الأولى 1399 .

3- بدائع الفوائد - ابن القيم 1/132 دار الفكر .

4- بهجة المجالس وأنس المجالس القرطبي 1/220 دار الكتب العلمية .

5- ترتيب أحاديث صحيح الجامع الصغير وزيادته - عونى الشريف، على حسن عبد الحميد 2/411 مكتبة المعارف الطبعة الأولى 1406 .

6- تكاليف القلب السليم محمد العلي ص 228 مكتبة الصحابة الإسلامية الطبعة الأولى 1405 .

7- جامع الأصول - ابن الأثير 4/532 الرئاسة العامة 1389 .

8- الدعوة قواعد وأصول - جمعة أمين ص 51 دار الدعوة – الإسكندرية 1408 .

9- روضة العقلاء ونزهة الفضلاء - ابن حبان تحقيق محمد عبد الحميد ص 215 دار الكتب العلمية .

10- صيد الخاطر ابن الجوزي ص 445 .

11- عون المعبود - العظيم آبادى ، ابن القيم 3/204 دار الفكر الطبعة الثالثة 1399 .

12- فتح الباري - ابن حجر 10/449 دار الفكر .

13- فضل الله الصمد فى توضيح الأدب المفرد - فضل الله الجيلاني 1/550 مكتبة ابن تيمية الطبعة الثالثة 1407 .

14- فيض القدير - المناوي 6/241 .

15- كتاب الزهد - وكيع ابن الجراح تحقيق عبد الرحمن الفريوائي ص 776 مكتبة الدار الطبعة الأولى 1404 .

16- المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ عبد الرحمن السعدي الثقافة 5/429 , 215 , مركز صالح بن صالح الثقافي 1411 .

17- مختصر منهاج القاصدين - ابن قدامة المقدسي تحقيق على عبد الحميد ص 238 دار الفيحاء- دار عمار الطبعة الأولى 1406 .

18- المنهج المسلوك فى سياسة الملوك - عبد الرحمن الشيزري ص 281 مكتبة المنار الطبعة الأولى 1407 .

19- موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين – القاسمي ص 321 دار النفائس الطبعة الرابعة 1405 .