حياء

2022-10-11 - 1444/03/15

التعريف

العناصر

1- أنواع الحياء وفضله في خصال الخير والأخلاق .

 

 

2- الرسول الله أشد حياء من العذراء في خدرها .

 

 

3- بيان كون الحياء شعبة من شعب الإيمان .

 

 

4- صور و مظاهر الحياء الإيمانية .

 

 

5- مظاهر قلة الحياء في النساء والرجال .

 

 

6- حياء عثمان، وحديث عن صفة الحياء عند الإنسان .

 

 

7- الحياء صفة رجولة .

 

 

8- تربية النفس على الحياء وتعويدها عليه .

 

 

9- كيف نستجلب الحياء .

 

 

10- تذكر الموت سبب للحياء من الله .

 

 

11- منزلة الحياء في الإسلام .

 

 

12- الفرق بين الحياء والخجل .

 

الايات

1- قال الله تعالى: (فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا) [القصص:25].
2- قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ) [الأحزاب:53].

الاحاديث

1- عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأنْصَار وَهُوَ يَعِظُ أخَاهُ في الحَيَاءِ، فَقَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (دَعْهُ، فَإنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الإيمَانِ) متفقٌ عَلَيْهِ.
2- عن عمران بن حصينٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ) متفقٌ عَلَيْهِ.
وفي رواية لمسلمٍ: (الحياءُ خَيْرٌ كُلُّهُ) أَوْ قَالَ: (الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ).
3- عن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (الإيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً: فَأفْضَلُهَا قَوْلُ: لاَ إلهَ إِلاَّ الله، وَأدْنَاهَا إمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمَانِ) متفقٌ عَلَيْهِ.
(البِضْعُ) بكسر الباءِ ويجوز فتحها: وَهُوَ مِنَ الثَّلاَثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ.
وَ (الشُّعْبَةُ): القِطْعَةُ وَالْخَصْلَةُ. وَ (الإمَاطَةُ): الإزَالَةُ. وَ (الأَذَى): مَا يُؤْذِي كَحَجَرٍ وشوك وَطِينٍ ورماد وَقَذَرٍ وَنَحْو ذَلِكَ.
4- عن أَبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ في خِدْرِهَا، فَإذَا رَأَى شَيْئاً يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ في وَجْهِه. متفقٌ عَلَيْهِ.
5- عن أبي مسعودٍ الأنصاري رضي الله عنه قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: (إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأولَى: إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ) رواه البخاري.

الاثار

1- في الأثر الإلهي يقول الله عز وجل: " ابن آدم؛ إنك ما استحييت مني أنْسَيتُ الناس عيوبك، فأنْسَيتُ بقاع الأرض ذنوبك، ومحوتُ من أم الكتاب زلاتك، وإلا ناقشتك الحساب يوم القيامة " مدارج السالكين.
2- قد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: " من استحيا استخفى، ومن استخفى اتقى، ومن اتقى وقي " مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا.
3- قالت عائشة رضي الله عنها: " رأس مكارم الأخلاق الحياءُ "مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا.
4- عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: " إن الله إذا أراد بعبدٍ هلاكاً نزع منه الحياء, فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مقيتاً ممقتاً, فإذا كان مقيتاً ممقتاً نزع منه الأمانة فلم تلقه إلا خائناً مُخَوََّناً, فإذا كان خائناً مُخَوناً نزع منه الرحمة فلم تلقه إلا فظاً غليظاً, فإذا كان فظاً غليظاً نزع ربقة الإيمان من عنقه, فإذا نزع ربقة الإيمان من عنقه لم تلقه إلا شيطاناً لعيناً مُلعَّناً " جامع العلوم والحكم.
5- عن ابن عباس قال: " الحياء والإيمان في طلق؛ فإذا اُنتُزع أحدهما من العبد اتبعه الآخر " شعب الإيمان.
6- كان الفاروق عمر -رضي الله عنه- يقول: " من قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه " إحياء علوم الدين.
7- عن سفيان بن عيينة قال: قال يحيى بن جعدة: " إذا رأيت الرجل قليل الحياء فاعلم أنه مدخولٌ في نسبه " روضة العقلاء.
8- قال بلال بن سعد: " لا تنظر إلى صِغر الخطيئة , ولكن انظر إلى من عصيت " المنتظم في التاريخ لابن الجوزي.
9- قال الفضيل بن عياض: " خمس من علامات الشقوة: القسوة في القلب، وجمود العين، وقلة الحياء، والرغبة في الدنيا، وطول الأمل " مدارج السالكين.
10- قال أيضاً: " تغلق بابك، وتُرخي سترك، وتستحيي من الناس، ولا تستحيي من القرآن الذي في صدرك، ولا تستحيي من الجليل الذي لا تخفى عليه خافية ".
11- قال الجراح بن عبدالله الحكمي: " تركت الذنوب حياءاً أربعين سنة، ثم أدركني الورع " جامع العلوم والحكم.
12- قال بعض السلف لابنه: " إذا دعتك نفسك إلى كبيرة فارمِ بصرك إلى السماء، واستحِ ممن فيها، فإن لم تفعل فارمِ بصرك إلى الأرض واستحِ ممن فيها، فإن كنت لا ممن في السماء تخاف، ولا ممن في الأرض تستحيي فاعدد نفسك في عداد البهائم ".
13- قال أحمد بن عاصم الأنطاكي: " أحب أن لا أموت حتى أعرف مولاي, وليس معرفته الإقرار به، لكن المعرفة إذا عرفته استحييت منه " جامع العلوم والحكم.
14- ذكر ابن عبد البر عن سليمان - عليه السلام -: " الحياء نظام الإيمان؛ فإذا انحل النظام ذهب ما فيه " الآداب الشرعية.
15- خرج زيد بن ثابت يريد الجمعة، فاستقبل الناس راجعين، فدخل داراً، فقيل له، قال: " إنه لا يستحي من الناس من لا يستحي من الله " سير أعلام النبلاء.
16- قال الأصمعي - رحمه الله -: " سمعت أعرابياً يقول: من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه " الآداب الشرعية.
17- قال النووي: " قَالَ العلماءُ: حَقِيقَةُ الحَيَاءِ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى تَرْكِ القَبِيحِ، وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ في حَقِّ ذِي الحَقِّ. وَرَوَيْنَا عَنْ أَبي القاسم الْجُنَيْدِ رَحِمَهُ اللهُ، قَالَ: الحَيَاءُ: رُؤيَةُ الآلاءِ – أيْ النِّعَمِ – ورُؤْيَةُ التَّقْصِيرِ، فَيَتَوَلَّدُ بَيْنَهُمَا حَالَةٌ تُسَمَّى. وَالله أعلم " رياض الصالحين.
18- قال أبو حاتم: " إن المرء إذا اشتد حياؤه صان عرضه، ودفن مساويه، ونشر محاسنه، ومن ذهب حياؤه ذهب سروره، ومن ذهب سروره هان على الناس ومقت، ومن مقت أوذي، ومن أوذي حزن، ومن حزن فقد عقله، ومن أصيب في عقله كان أكثر قوله عليه لا له، ولا دواء لمن لا حياء له، ولا حياء لمن لا وفاء له، ولا وفاء لمن لا إخاء له، ومن قل حياؤه صنع ما شاء، وقال ما أَحَبّ " روضة العقلاء.
19- قال أيضاً: " فالواجب على العاقل لزوم الحياء؛ لأنه أصل العقل، وبذر الخير، وتركه أصل الجهل، وبذر الشر، يدل على العقل كما أن عدمه دال على الجهل ، ومن لم ينصف الناس منه حياؤه لم ينصفه منهم قحته " روضة العقلاء.
20- قال يحيى بن معاذ - رحمه الله -: " من استحيا من الله مطيعاً استحيا الله منه وهو مذنب " مدارج السالكين.
* قال ابن القيم - رحمه الله - معلقاً على كلام يحيى بن معاذ: " وهذا الكلام يحتاج إلى شرح ومعناه: أن من غلب عليه خلقُ الحياء من الله حتى في حال طاعته، فقلبه مطرق بين يديه إطراق مستحٍ خجلٍ فإنه إذا واقع ذنباً - استحيا الله - عز وجل - من نظره إليه في تلك الحال؛ لكرامته عليه؛ فيستحيي أن يرى من وليه ومن يَكْرُم عليه ما يشينه عنده.
وفي الشاهد شاهد بذلك؛ فإن الرجل إذا اطَّلع على أخص الناس به، وأحبهم إليه، وأقربهم منه - من صاحب، أو ولدٍ، أو من يحبه - وهو يخونه فإنه يلحقه من ذلك الاطلاع عليه حياءٌ عجيبٌ، حتى كأنه هو الجاني، وهذا غاية الكرم ".
إلى أن قال: " أما حياء الرب - تعالى - من عبده فذاك نوع آخر، لا تدركه الأفهام، ولا تُكَيِّفُه العقول؛ فإنه حياء كرم، وبرٍّ، وجود، وجلال؛ فإنه - تبارك وتعالى - حييٌّ كريم، يستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً، ويستحيي أن يعذب ذا شيبة شابت في الإسلام " مدارج السالكين.
21- قال الماوردي - رحمه الله -: " واعلم أن الحياء في الإنسان قد يكون من ثلاثة أوجه:
أحدهما: حياؤه من الله تعالى ويكون بامتثال أوامره، والكفّ عن زواجره.
والثاني: حياؤه من الناس ويكون بكفِّ الأذى، وترك المجاهرة بالقبيح.
والثالث: حياؤه من نفسه، ويكون بالعفة، وصيانة الخلوات ".
22- قال المناوي: " قال التوربشتي: وإنما كان الله يحب الحياء والستر؛ لأنهما خصلتان تفضيان به -أي بالعبد- إلى التخلق بأخلاق الله تعالى " فيض القدير للمناوي.
23- قال ابن القيم: " من وافق الله في صفة من صفاته - قادته تلك الصفة إليه بزمامها, وأدخلته على ربه, وأدْنَتْهُ وقرَّبته من رحمته, وصيرته محبوباً له؛ فإنه سبحانه رحيم يحب الرحماء, كريم يحب الكرماء, عليم يحب العلماء, قوي يحب المؤمن القوي, وهو أحب إليه من المؤمن الضعيف, حييٌ يحب أهل الحياء, جميلٌ يحب أهل الجمال, وِترٌ يحب أهل الوتر ".
24- وقال -رحمه اللَّه-: " الحياء أصل كل خير وذهابه ذهاب الخير أجمعه " الداء والدواء.
25- وقال -رحمه الله-: «خُلق الحياء من أفضل الأخلاق وأجلها وأعظمها قدرًا وأكثرها نفعًا بل هو خاصة الإنسانية، فَمَن لا حياء فيه فليس معه من الإنسانية إلا اللحم والدم وصورتهما الظاهرة كما أنه ليس معه من الخير شيء " مفتاح دار السعادة.

القصص

1- قالت عائشة رضي الله عنها: " رحم الله نساء الأنصار لم يمنعهنَّ الحياء أن يسألن عن أمر دينهن ".
2- قالت فاطمة لأسماء حين أدركتها الوفاة: إني لأستحيي أن أخرج غداً على الرجال من خلاله جسمي، قالت: أولا نصنع لك شيئا رأيته بالحبشة؟ فصنعت النعش، فقالت: سترك الله كما سترتني.
3- عن أنس: كان أبو موسى إذا نام لبس تباناً؛ مخافة أن تنكشف عورته.
4- قال أبو موسى: إني لأغتسل في البيت المظلم، فأحني ظهري حياء من ربي.
5- عن عكرمة عن ابن عباس: أنه لم يكن يدخل الحمام إلا وحده وعليه ثوب صفيق، ويقول: إني أستحيي من الله أن يراني في الحمام متجرِّداً.
6- عن علقمة بن مرثد قال: كان الأسود بن يزيد يجتهد في العبادة، ويصوم حتى يخضر ويصفر، فلما احتضر بكى، فقيل له: ما هذا الجزع ؟ فقال: مالي لا أجزع، والله لو أتيت بالمغفرة من الله لأهمني الحياء منه مما صنعت، إن الرجل ليكون بينه وبين آخر الذنب الصغير فيعفو عنه، فلا يزال مستحياً منه.
7- قيل: إن شريحاً القاضي إنما خرج من اليمن؛ لأن أمه تزوجت بعد أبيه، فاستحيا من ذلك، فخرج، وكان شاعراً فائقاً.
8- عن ابن أبي الهذيل قال: أدركنا أقواماً، وإن أحدهم يستحيي من الله في سواد الليل، قال الثوري: يعني التكشف.
9- عن أبي هلال: سمعت الحسن يقول: كان موسى نبي الله صلى الله عليه وسلم لا يغتسل إلا مستترا، فقال له ابن بريدة: ممن سمعت هذا؟ قال: من أبي هريرة.
10- قال أبو العباس الأزهري: سمعت خادمة محمد بن يحيى -وهو على السرير يغسل- تقول: خدمته ثلاثين سنة، وكنت أضع له الماء، فما رأيت ساقه قط، وأنا ملك له.
11- قال أبو جعفر: قال لي بعض أصحابي: كنت عند محمد بن سلام، فدخل عليه محمد بن إسماعيل حين قدم من العراق، فأخبره بمحنة الناس، وما صنع ابن حنبل وغيره من الأمور، فلما خرج من عنده قال محمد بن سلام لمن حضره: أترون البكر أشد حياء من هذا؟
12- حدثني الأزهري أنه يحضر مجلسه رجال ونساء، فكان يجعل على وجهه برقعاً؛ خوفا أن يفتتن به الناس من حسن وجهه.
13- قال الحسين بن محمد بن خسرو: جاء أبو بكر بن ميمون، فدق الباب على الحميدي، وظن أنه أذن له، فدخل، فوجده مكشوف الفخذ، فبكى الحميدي، وقال: والله لقد نظرت إلى موضع لم ينظره أحد منذ عقلت.

الاشعار

وَإِنَّنِـي لأَرَى مَـنْ لا حَيَـاءَ لَـهُ *** وَلا أَمَانَـةَ وَسْـطَ الْقَوْمِ عُرْيَانَا
[.........]

إِذَا لَمْ تَصُنْ عِرْضًا وَلَمْ تَخْشَ خَائِفًا *** وَتَسْتَحِي مَخْلُوقًا فَمَا شِئْتَ فَاصْنَعِ
[عبد العزيز الأَبْرَش]

يَعِيـشُ الْمَـرْءُ مَا اسْتَحْيَى بِخَيْـرٍ *** وَيَبْقَـى الْعُـودُ مَا بَقِـيَ الْلَّحَاءُ
فَلا وَاللهِ مَـا فِـي الْعَيْـشُ خَيْـرٌ *** وَلا الدُّنْيَـا إِذَا ذَهَـبَ الْحَيَـاءُ
إِذَا لَمْ تَخْـشَ عَاقِبَـةَ اللَّيَـالِـي *** وَلَمْ تَسْتَحِـي فَافْعَـلْ مَا تَشَـاءُ
[أبو تمام]

وَرُبَّ قَبِيحَـةٍ مَـا حَـالَ بَيْـنِـي *** وَبَيْـنَ رُكُوبِهَـا إِلا الْحَـيَـاءُ
فَكَانَ هُـوَ الـدَّوَاءَ لَهَـا وَلَكِـنْ *** إِذَا ذَهَـبَ الْحَـيَـاءُ فَـلا دَوَاءُ
[.......]

إِذَا قَلَّ مَاءُ الْوَجْهِ قَلَّ حَيَاؤُهُ *** وَلا خَيْرَ فِـي وَجْهٍ إِذَا قَلَّ مَاؤُهُ
حياءك فاحفظه عليك وإنما *** يدل على وجه الكريم حياؤه
[صالح بن عبد القُدُّوس]

أَأَذْكُرُ حَاجَتِـي أَمْ قَـدْ كَـفَانِي *** حَيَـاؤكَ إِنَّ شِيمَتَـكَ الْحَيَـاءُ
إِذَا أَثْـنَى عَلَيْـكَ الْمَـرءُ يَوْمًـا *** كَفَـاهُ مِـنْ تَعَـرُّضِـهِ الثَّنَـاءً
[أمية بن أبي الصلت]

وَإِذَا خَلَـوْتَ بِرِيبَـةٍ فِـي ظُلْمَـةٍ *** وَالنَّفْـسُ دَاعِيَـةٌ إِلَى الطُّغْيَـانِ
فَاسْتَحْيي مِنْ نَظَرِ الإِلَهِ وَقُـلْ لَهَـا *** إِنَّ الَّذِي خَلَـقَ الظَّـلامَ يَرَانِـي
[عبد الله بن مُحمَّد الأَنْدَلُسي]

وَإِنِّي لَتَنْهَـانِي خَـلائِـقُ أَرْبَـعٌ *** عَنِ الفُحْشِ فِيهَا لِلْكَـرِيمِ رَوَادِعُ
حَيَـاءٌ وَإِسْـلامٌ وَشَيْـبٌ وَعِفَّـةٌ *** وَمَا الْمَرْءُ إِلا مَا حَبَتْـهُ الطَّبَـائِعُ
[.......]

ولقد أصرف الفـؤاد عن الشـي *** ءِ حيـاءً وحبُّـه فـي السـواد
أمسـك النفـس بالعفاف وأمسي *** ذاكـراً في غـدٍ حديث الأعادي
[أحد الحكماء]

الدراسات

متفرقات

1- قال أبو الفدا (إسماعيل الهرويّ) في منازل السّائرين: الحياء من أوّل مدارج أهل الخصوص يتولّد من تعظيم منوط بودّ [مدارج السالكين لابن القيم (2/ 274)] .

 

2- قال ابن القيّم في شرح قول يحيى بن معاذ: من استحيا من اللّه مطيعا، استحيا اللّه منه وهو مذنب: من غلب عليه خلق الحياء من اللّه حتّى في حال طاعته فقلبه مطرق بين يدي ربّه إطراق مستحي خجل، فإذا واقع ذنبا استحيا اللّه عزّ وجلّ من أن ينظر إليه في تلك الحالة لكرامته عليه .. وفي واقع الحياة ما يشهد لذلك، فإنّ الرّجل إذا اطّلع على أخصّ النّاس به، وأحبّهم إليه وأقربهم منه، من ولد أو صاحب، أو ممّن يحبّ من غيرهم وهو يخونه- فإنّه يلحقه من ذلك الاطّلاع حياء عجيب، حتّى كأنّه هو الجاني، وذلك غاية الكرم. وقد قيل إنّ سبب هذا الحياء أنّه يمثّل نفسه - أي يتخيّلها في تلك الحالة-، في حال طاعته كأنّه يعصي اللّه عزّ وجلّ فيستحيي منه في تلك الحال ولهذا شرع الاستغفار عقب الأعمال الصّالحة، والقرب الّتي يتقرّب بها إلى اللّه عزّ وجلّ. وقيل: إنّما يمثّل نفسه خائنا، فيلحقه الحياء كما إذا شاهد رجلا مضروبا وهو صديق له أو من قد أحصر على المنبر عن الكلام، فإنّه يخجل أيضا تمثيلا لنفسه بتلك الحال، وهذا قد يقع، ولكنّ حياء من اطّلع على محبوبه وهو يخونه ليس من هذا، فإنّه لو اطّلع على غير من يحبّ، لم يلحقه هذا الحياء ولا قريب منه، وإنّما يلحقه مقته وسقوطه من عينه، وإنّما سبب الحياء- واللّه أعلم- شدّة تعلّق قلبه ونفسه به فينزّل الوهم فعل حبيبه بمنزلة فعله هو، ولا سيّما إن قدّر حصول المكاشفة بينهما، هذا في حقّ الشّاهد. وأمّا حياء الرّبّ تعالى من عبده، فذلك نوع آخر، لا تدركه الأفهام، ولا تكيّفه العقول فإنّه حياء كرم وبرّ وجود وجلال فإنّه تبارك وتعالى حييّ كريم يستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردّهما صفرا، ويستحيي أن يعذّب ذا شيبة شابت في الإسلام [مدارج السالكين (2/ 272) ] .

 

3- قال الأصمعيّ: سمعت أعرابيّا يقول: من كساه الحياء ثوبه لم ير النّاس عيبه [الآداب الشرعية (2/ 227) ] .

 

4- قال ابن جرير الطّبريّ: حيائي حافظ لي ماء وجهي *** ورفقي في مكالمتي رفيقي ولو أنّي سمحت ببذل وجهي *** لكنت إلى الغنى سهل الطّريق [طبقات الشافعية الكبرى (3/ 125). ومعجم الأدباء (6/ 2443) بتحقيق إحسان عباس] .

 

5- قال ابن القيّم: الحياء (الّذي هو الاستحياء) مشتق من الحياة، ومن ذلك أيضا: الحيا للمطر، لكنّه مقصور، وعلى حسب حياة القلب، يكون فيه قوّة خلق الحياء، وقلّة الحياء من موت القلب والرّوح فكلّما كان القلب أحيا كان الحياء أتمّ [مدارج السالكين (2/ 270) ] .

 

6- قال المناويّ: الحياء انقباض النّفس عن عادة انبساطها في ظاهر البدن لمواجهة ما تراه نقصا، حيث يتعذّر عليها الفرار بالبدن. وقيل: هو التّرقيّ عن المساوىء خوف الذّمّ. وقيل: هو انقباض النّفس من شيء حذرا من الملام [التوقيف على مهمات التعاريف (150) ] .

 

7- قال النووي: قَالَ العلماءُ: حَقِيقَةُ الحَيَاءِ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى تَرْكِ القَبِيحِ، وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ في حَقِّ ذِي الحَقِّ. وَرَوَيْنَا عَنْ أَبي القاسم الْجُنَيْدِ رَحِمَهُ اللهُ، قَالَ: الحَيَاءُ: رُؤيَةُ الآلاءِ – أيْ النِّعَمِ – ورُؤْيَةُ التَّقْصِيرِ، فَيَتَوَلَّدُ بَيْنَهُمَا حَالَةٌ تُسَمَّى. وَالله أعلم [رياض الصالحين] .

 

8- قال أبو حاتم: إن المرء إذا اشتد حياؤه صان عرضه، ودفن مساويه، ونشر محاسنه، ومن ذهب حياؤه ذهب سروره، ومن ذهب سروره هان على الناس ومقت، ومن مقت أوذي، ومن أوذي حزن، ومن حزن فقد عقله، ومن أصيب في عقله كان أكثر قوله عليه لا له، ولا دواء لمن لا حياء له، ولا حياء لمن لا وفاء له، ولا وفاء لمن لا إخاء له، ومن قل حياؤه صنع ما شاء، وقال ما أَحَبّ [روضة العقلاء] .

 

9- وقال أيضاً: فالواجب على العاقل لزوم الحياء؛ لأنه أصل العقل، وبذر الخير، وتركه أصل الجهل، وبذر الشر، يدل على العقل كما أن عدمه دال على الجهل ، ومن لم ينصف الناس منه حياؤه لم ينصفه منهم قحته [روضة العقلاء] .

 

10- قال الماوردي رحمه الله: واعلم أن الحياء في الإنسان قد يكون من ثلاثة أوجه: أحدهما: حياؤه من الله تعالى ويكون بامتثال أوامره، والكفّ عن زواجره. والثاني: حياؤه من الناس ويكون بكفِّ الأذى، وترك المجاهرة بالقبيح. والثالث: حياؤه من نفسه، ويكون بالعفة، وصيانة الخلوات .

 

11- قال المناوي: قال التوربشتي: وإنما كان الله يحب الحياء والستر؛ لأنهما خصلتان تفضيان به - أي بالعبد- إلى التخلق بأخلاق الله تعالى [فيض القدير] .

 

12- قال ابن القيم: من وافق الله في صفة من صفاته - قادته تلك الصفة إليه بزمامها, وأدخلته على ربه, وأدْنَتْهُ وقرَّبته من رحمته, وصيرته محبوباً له؛ فإنه سبحانه رحيم يحب الرحماء, كريم يحب الكرماء, عليم يحب العلماء, قوي يحب المؤمن القوي, وهو أحب إليه من المؤمن الضعيف, حييٌ يحب أهل الحياء, جميلٌ يحب أهل الجمال, وِترٌ يحب أهل الوتر . وقال رحمه اللَّه: الحياء أصل كل خير وذهابه ذهاب الخير أجمعه [الداء والدواء] .

 

13- وقال رحمه الله: خُلق الحياء من أفضل الأخلاق وأجلها وأعظمها قدرًا وأكثرها نفعًا بل هو خاصة الإنسانية، فَمَن لا حياء فيه فليس معه من الإنسانية إلا اللحم والدم وصورتهما الظاهرة كما أنه ليس معه من الخير شيء [مفتاح دار السعادة] .

التحليلات

الإحالات

1- نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم المؤلف : عدد من المختصين بإشراف الشيخ/ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي الناشر : دار الوسيلة للنشر والتوزيع، جدة الطبعة : الرابعة (5/1795) .

2- أحاديث في ذم الكلام وأهله المؤلف : أبو الفضل المقرىء الناشر : دار أطلس للنشر والتوزيع – الرياض الطبعة الأولى ، 1996 تحقيق : د.ناصر بن عبد الرحمن بن محمد الجديع (1/127) .

3- الأسماء والصفات المؤلف : البيهقي أحمد بن الحسين أبو بكر 458 هجرية المحقق : عبد الله بن محمد الحاشدي الناشر : مكتبة السوادي – جدة الطبعة : الأولى (1/396) .

4- أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب المقدس المؤلف : د. محمود عبدالرازق الرضواني أستاذ العقيدة والأديان بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الكتاب عبارة عن دراسة قام بها الدكتور لاستخراج أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب المقدس والتي تتوافق مع ما ثبت منها في القرآن والسنة الصحيحة . مكتبة سلسبيل ـ شارع العزيز بالله - حدائق الزيتون – القاهرة الطبعة : الأولى 1429 هـ / 2008 م (2/16) .

5- أصول الإيمان تأليف:محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي 1206هـ دراسة وتحقيق:إسماعيل الأنصاري وغيره الناشر:جامعة الإمام محمد بن سعود، الرياض، المملكة العربية السعودية 01/53) .

6- الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ) حققه: مُحَمَّد أجمل الإصْلاَحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري الناشر: مجمع الفقه الإسلامي بجدة، ط دار عالم الفوائد بجدة الطبعة: الأولى، 1429 (1/168) .

7- مجلة البيان أصدرها: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ)- الحياء (47/12) .

8- مجموع رسائل الحافظ ابن رجب الحنبلي المؤلف: زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن، السَلامي، البغدادي، ثم الدمشقي، الحنبلي (المتوفى: 795هـ) المحقق: أبو مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني الناشر: الفاروق الحديثة للطباعة والنشر الطبعة: جـ 1، 2/ الثانية، 1424 هـ - 2003 م جـ 3/ الأولى، 1424 هـ - 2003 م جـ 4/ الأولى، 1425 هـ - 2004 (3/373) .

9- صلاح البيوت في جهد الرسول - صلى الله عليه وسلم المؤلف: محمد علي محمد إمام الناشر: مطبعة السلام - ميت غمر، مصر الطبعة: الأولى، 2009 م (1/285) .

10- موسوعة الأخلاق الإسلامية إعداد: مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف الناشر: موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net - نماذج من حياء السلف (1/229) .

11- فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب المؤلف: محمد نصر الدين محمد عويضة - فصل في منزلة الحياء (6/264) .

12- دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ (موضوعات للخطب بأدلتها من القرآن الكريم والسنة الصحيحة) مع ما تيسر من الآثار والقصص والأشعار المؤلف: شحاتة محمد صقر الناشر: جـ1 / دَارُ الفُرْقَان للتُرَاث – البحيرة جـ 2/ دار الخلفاء الراشدين - دار الفتح الإسلامي (الإسكندرية) (1/382) .

13- موسوعة فقه القلوب المؤلف: محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري الناشر: بيت الأفكار الدولية - ومن أسمائه الحسنى عزَّ وجلَّ: الحيي (1/332) .