حلف

2022-10-11 - 1444/03/15

التعريف

تعريف الحلف:

الحلف هو اليمين وأَصلُها العَقْدُ بالعَزْمِ والنية ومعناها. اصطلاحاً: هو تأكيد الشيء بذكر معظّم بصيغة مخصوصة بالباء أو التاء أو الواو والتعظيم: حق للّه تعالى فلا يجوز الحلف بغيره ، فقد أجمع العلماء على أن اليمين لا تكون إلا باللّه أو بأسمائه وصفاته، وأجمعوا على المنع من الحلف بغيره. واليمين مؤنث، وهي لغة: الحَلف والقسم.

 

واصطلاحاً بمعناها العام هي توكيد الشيء أو الحق أو الكلام إثباتاً أو نفياً بذكر اسم الله أو صفة من صفاته [تبيين الحقائق: (107/3)، الشرح الكبير مع الدسوقي: (126/2) وما بعدها، حاشية القليوبي على شرح المحلي للمنهاج: (270/4)، كشاف القناع: (236/6) ] .

 

أما تعريف اليمين القضائية لإثبات الدعوى: فهي تأكيد ثبوت الحق أو نفيه أمام القاضي بذكر اسم الله أو بصفة من صفاته [انظر الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ الشَّامل للأدلّة الشَّرعيَّة والآراء المذهبيَّة وأهمّ النَّظريَّات الفقهيَّة وتحقيق الأحاديث النَّبويَّة وتخريجها المؤلف : أ.د. وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ (8/199)] .

العناصر

1- أقسام الأيمان .

 

 

2- ذم الإكثار من الحلف .

 

 

3- ذم الحلف الكاذب .

 

 

4- التحذير من الكذب في اليمين .

 

 

5- الترهيب من كثرة الحلف في البيع والشراء وغير ذلك .

 

 

6- النهي عن الحلف بغير الله .

 

 

7- اليمين لا تمنع من البر .

 

 

8- لغو اليمين .

 

 

9-كفارة اليمين .

 

 

10- صور لحفظ اليمين .

 

 

11- الكذب في الأيمان من خصال الكافرين .

 

 

12- التحذير من التهاون باليمين في الخصومة .

 

الايات

1- قَالَ الله تَعَالَى: (وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) [البقرة:224-225].
2- قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [آل عمران:77].
3- قال تعالى: (لاَ يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ في أَيْمَانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأيمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أيْمَانَكُمْ) [المائدة:89].
4- قال تعالى: (وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا) [النحل:91].
5- قال تعالى: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ) [النحل:92].
6- قال تعالى: (وَلاَ تَتَّخِذُواْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ الْسُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [النحل:94].
7- قال تعالى: (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ) [التحريم:2].

الاحاديث

1- عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (إنَّ الله تَعَالَى يَنْهَاكُمْ أنْ تَحْلِفُوا بِآبائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفاً، فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ، أَوْ لِيَصْمُتْ). متفق عَلَيْهِ.
وفي رواية في الصحيح: (فَمَنْ كَانَ حَالِفاً فَلاَ يَحْلِفْ إِلاَّ بِاللهِ، أَوْ لِيَسْكُتْ).
2- عن عبد الرحمن بن سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لاَ تَحْلِفُوا بِالطَّوَاغِي، وَلاَ بِآبَائِكُمْ) رواه مسلم.
(الطَّواغِي): جَمْعُ طَاغِيَةٍ، وهِيَ الأصنَامُ. وَمِنْهُ الحَدِيثُ: (هذِهِ طَاغِيَةُ دَوْسٍ) أيْ: صَنَمُهُمْ وَمَعْبُودُهُمْ. وَرُوِيَ في غير مسلم: (بِالطَّوَاغِيتِ) جَمعُ طَاغُوت، وَهُوَ الشَّيْطَانُ وَالصَّنَمُ.
3- عن بُريدَةَ رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (مَنْ حَلَفَ بِالأمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا) حديث صحيح، رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.
4- وعنه، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إنِّي بَرِيءٌ مِنَ الإسْلاَمِ، فَإنْ كَانَ كَاذِباً، فَهُوَ كمَا قَالَ، وإنْ كَانَ صَادِقاً، فَلَنْ يَرْجِعَ إِلَى الإسْلاَمِ سَالِماً) رواه أَبُو داود.
5- عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يقُولُ: لاَ وَالكَعْبَةِ، فَقَالَ ابنُ عُمَرَ: لاَ تَحْلِفْ بَغَيْرِ اللهِ، فَإنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يقولُ: (مَنْ حَلَفَ بِغَيرِ اللهِ، فقد كَفَرَ أَوْ أشْرَكَ). رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن).
وفَسَّرَ بَعْضُ العُلَمَاءِ قولَهُ: (كفَرَ أَوْ أشْرَكَ) عَلَى التَّغْلِيظِ، كما روي أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الرِّياءُ شِرْكٌ).
6- عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (مَنْ حَلَفَ عَلَى مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيرِ حَقِّهِ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ) قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، مِصْدَاقَهُ مِنْ كِتَابِ الله عز وجل: (إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً) إِلَى آخِرِ الآيَةِ [آل عمران: 77]. متفق عَلَيْهِ.
7- عن أَبي أُمَامَة إياس بن ثعلبة الحارثي رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِىءٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ، فَقَدْ أَوْجَبَ اللهُ لَهُ النَّارَ. وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الجَنَّةَ) فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإنْ كَانَ شَيْئاً يَسِيراً يَا رسولَ اللهِ؟ قَالَ: (وإنْ كَانَ قَضِيباً مِنْ أرَاكٍ) رواه مسلم.
8- عن عبد اللهِ بن عمرو بن العاصِ رضي الله عنهما، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (الكَبَائِرُ: الإشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، واليَمِينُ الغَمُوسُ). رواه البخاري.
وفي روايةٍ لَهُ: أنَّ أعْرابِياً جَاءَ إِلَى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يا رسولَ اللهِ مَا الكَبَائِرُ؟ قَالَ: (الإشْرَاكُ بِاللهِ) قَالَ: ثُمَّ مَاذا؟ قَالَ: (اليَمِينُ الغَمُوسُ) قلتُ: وَمَا اليَمِينُ الغَمُوسُ؟ قَالَ: (الَّذِي يَقْتَطِعُ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ !) يعني بِيَمِينٍ هُوَ فِيهَا كَاذِبٌ.
9- عن عبد الرحمن بن سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأيْتَ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا، فَأتِ الَّذِي هُوَ خَيرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ). متفق عَلَيْهِ.
10- عن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمينٍ، فَرَأى غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا، فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَفْعَلِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ). رواه مسلم.
11- عن أَبي موسى رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إنِّي واللهِ إنْ شاءَ اللهُ لا أحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، ثُمَّ أَرَى خَيراً مِنْهَا إِلاَّ كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي، وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ). متفق عَلَيْهِ.
12- عن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لأَنْ يَلَجَّ أَحَدُكُمْ في يَمِينِهِ في أهْلِهِ آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى مِنْ أنْ يُعْطِي كَفَّارَتَهُ الَّتي فَرَضَ اللهُ عَلَيْهِ). متفق عَلَيْهِ.
قَوْلهُ: (يَلَجّ) بفتح اللام وتشديد الجيم أيْ: يَتَمَادَى فِيهَا، وَلاَ يُكَفِّرُ، وَقَولُهُ: (آثَمُ) هُوَ بالثاء المثلثة، أيْ: أَكْثَرُ إثْماً.
13- عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: أُنْزِلَتْ هذِهِ الآية: (لاَ يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ في أَيْمَانِكُمْ) في قَوْلِ الرَّجُلِ: لا واللهِ، وَبَلَى واللهِ. رواه البخاري.
14- عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: سَمِعتُ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: (الحَلِفُ مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مَمْحَقَةٌ لِلْكَسْبِ) متفق عليه.
15- عن أبي قتادة رضي الله عنه: أنَّه سمعَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يقولُ: (إيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الحَلِفِ فِي البَيْعِ، فَإنَّهُ يُنَفِّقُ ثُمَّ يَمْحَقُ). رواه مسلم.
16- وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالفَلاَةِ يَمْنَعُهُ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلاً سِلْعَةً بَعْدَ العَصْرِ فَحَلَفَ بِاللهِ لأَخَذَهَا بِكذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذلِكَ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إمَاماً لاَ يُبَايِعُهُ إلاَّ لِدُنْيَا فَإنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى وَإنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ). متفق عليه.

الاثار

1- قال عبد الله بن مسعود: لا تحلفوا بحلف الشيطان، أن يقول أحدكم: وعزة الله؛ ولكن قولوا كما قال الله عز وجل: والله رب العزة [مجمع الزوائد للهيثمي] .

 

2- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نعد من الذنب الذي ليس له كفارة اليمين الغموس قيل: وما اليمين الغموس؟ قال: الرجل يقتطع بيمينه مال الرجل [أخرجه الحاكم وصححه والبيهقي في سننه] .

 

3- عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كنا نعد اليمين الغموس من الكبائر [أخرجه الطبراني في الكبير] .

القصص

1- عن بكار بن محمد قال: صحبت ابن عون دهراً من الدهر، حتى مات؛ وأوصى إلى أبي، فما سمعته حالفاً على يمين، برة ولا فاجرة، حتى فرق بيننا الموت.
2- عن أبي زيد قال: سألت الشعبي عن شيء، فغضب، وحلف أن لا يحدثني؛ فذهبت، فجلست على بابه؛ فقال: يا أبا زيد، إن يميني: إنما وقعت على نيتي؛ فرغ لي قلبك، واحفظ عني ثلاثاً: لا تقولن لشيء خلقه الله: لم خلق هذا، وما أراد به؟ ولا تقولن لشيء لا تعلمه: أني أعلمه؛ وإياك والمقايسة في الدين، فإذا أنت قد أحللت حراماً، أو حرمت حلالاً، وتزل قدم بعد ثبوتها؛ قم عني يا أبا زيد.
3- عن الشافعي قال: " ما حلفت بالله، صادقاً ولا كاذباً قط ".
4- عن سعد بن عبيدة قال: سمع ابن عمر رضي الله عنهما رجلاً يحلف بالكعبة فقال: " لا تحلف بالكعبة؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ".

الاشعار

واصدق ولا تحلف بربك كاذبا *** وتحر في كفارة الإيمان
وتوق أيمان الغموس فإنها *** تدع الديار بلاقع الحيطان
[القحطاني]

الدراسات

متفرقات

1- عن الشافعي رحمه الله قال: من حلف باسم من أسماء الله، فحنث: فعليه كفارة؛ لأن أسماء الله غير مخلوقة، ومن حلف بالكعبة، أو بالصفا والمروة: فليس عليه كفارة، لأنه مخلوق؛ وذلك ليس بمخلوق [حلية الأولياء] .

 

2- وقال رحمه الله: إن قال: لعمر الله؛ فإن أراد اليمين فهي يمين، فإن قال: وحق الله، وعظمة الله، وجلال الله، وقدرة الله، يريد بهذا كله اليمين أو لا نية له فهي يمين [الأم للشافعي] .

 

3- يقول كمال بن مختار بن إسماعيل: الله سبحانه وتعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته وأما المخلوق فلا يجوز له أن يقسم بغير الله ومما يجري على ألسنة كثير من الناس الحلف بغير الله والحلف نوع من التعظيم لا يليق إلا بالله عن ابن عمر مرفوعا : «ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت» [رواه البخاري انظر الفتح (11/530) ]. وعن ابن عمر مرفوعا: «من حلف بغير الله فقد أشرك» [رواه الإمام أحمد (2/125) انظر صحيح الجامع (6204) ]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «من حلف بالأمانة فليس منا» [رواه أبو داود (3253) وهو في السلسلة الصحيحة رقم (94) ] . فلا يجوز الحلف بالكعبة ولا بالأمانة ولا بالشرف ولا بالعون ولا ببركة فلان ولا بحياة فلان ولا بجاه النبي ولا بجاه الولي ولا بالآباء والأمهات ولا برأس الأولاد كل ذلك حرام ومن وقع في شيء من هذا فكفارته أن يقول لا إله إلا الله كما جاء في الحديث الصحيح : «من حلف فقال في حلفه باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله» [رواه البخاري فتح (536/11) ]، [احذر المخالفة فتهلك (1/32، 33) ] .

 

4- قال ابن قدامة: أجمع أهل العلم على أن من حلف بالله عز وجل فقال والله أو بالله أو تالله فحنث أن عليه كفارة [المغني (13/ 452)، وانظر الشرح الكبير (6/ 69) ].

 

5- قال ابن المنذر: وأجمعوا على أنه من قال والله أو بالله أو تالله فحنث أن عليه كفارة [الإجماع ص137] .

 

6- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما أنواع الأيمان الثلاثة فالأول: أن يعقد اليمين بالله ... فأما الأول فهو الحلف بالله فهذه يمين منعقدة مكفرة بالكتاب والسنة والإجماع. وأما الثالث - أي من الأيمان التي يحلف بها الناس - أن يعقدها بمخلوق أو لمخلوق مثل أن يحلف بالطواغيت أو بأبيه أو الكعبة أو غير ذلك من المخلوقات، فهذه يمين غير محترمة ولا تنعقد، ولا كفارة بالحنث فيها باتفاق العلماء [مجلة البحوث الإسلامية المؤلف: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد (81/102) ] .

 

7- الحلف بملة غير الإسلام: إذا قال هو يهودي أو نصراني أو مجوسي إن فعل كذا وكذا، أو هو بريء من الإسلام، أو من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو من القرآن إن فعل، أو قال هو يعبدك أو يعبد الصليب أو يعبد غير الله إن فعل أو نحو هذا، اختلف العلماء في ذلك على قولين: القول الأول: أنها يمين وعليه الكفارة إذا حنث، روي ذلك عن زيد بن ثابت وعطاء وطاوس والحسن والشعبي والثوري [المغني (13/ 464)، والحاوي (15/ 263)]، وبه قال أبو حنيفة [الهداية (2/ 74)، فتح القدير (5/ 77)، وبدائع الصنائع (3/ 8)] وأحمد في رواية عنه [المغني (13/ 464)، وشرح الزركشي (7/ 86)، والفروع (6/ 341)] وهي المذهب [الإنصاف (11/ 31)]، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية وقال: بأنه قول أكثر أهل العلم [مجموع الفتاوى (35/ 274)].

القول الثاني: أنها لا تعتبر يمينا فلا تجب فيها كفارة بالحنث، وهو قول مالك [الإشراف لعبد الوهاب (2/ 880)، والتفريع (1/ 382)، والذخيرة (4/ 15) ] والشافعي [نهاية المحتاج (8/ 168)، والحاوي (15/ 263)، وكفاية الأخيار (2/ 350) ] وأحمد في رواية عنه [المغني (13/ 464)، وشرح الزركشي (7/ 86)، والإنصاف (11/ 31) ].

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: لأنه إذا قال هو يهودي أو نصراني إن لم يفعل كذا بمنزلة قوله والله لأفعلن؛ لأنه ربط عدم الفعل بكفره الذي هو براءته من الله فيكون ربط الفعل بإيمانه بالله وهذا هو حقيقة الحلف بالله [مجموع الفتاوى (35/ 275) ] .

يقول ابن رشد: وسبب اختلافهم هو اختلافهم في هل يجوز اليمين بكل ما له حرمة أم ليس يجوز إلا بالله فقط، ثم إن وقعت فهل تنعقد أم لا؟ فمن رأى أن الأيمان المنعقدة أعني التي هي بصيغ القسم إنما هي الأيمان الواقعة بالله عز وجل وبأسمائه قال لا كفارة فيها إذ ليست بيمين، ومن رأى أن الأيمان تنعقد بكل ما عظم الشرع حرمته قال فيها الكفارة؛ لأن الحلف بالتعظيم كالحلف بترك التعظيم، وذلك أنه كما يجب التعظيم يجب أن لا يترك التعظيم، فكما أن من حلف بوجوب حق الله عليه لزمه، كذلك من حلف بترك وجوبه لزمه [بداية المجتهد (6/ 115) ]، [انظر مجلة البحوث الإسلامية المؤلف: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد (81/102) ] .

التحليلات

الإحالات

1- تحفة الحبيب على شرح الخطيب ( البجيرمي على الخطيب ) المؤلف : سليمان بن محمد بن عمر البجيرمي الشافعي دار النشر : دار الكتب العلمية - بيروت/ لبنان - 1417هـ -1996م الطبعة : الأولى (4/300) .

2- الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ الشَّامل للأدلّة الشَّرعيَّة والآراء المذهبيَّة وأهمّ النَّظريَّات الفقهيَّة وتحقيق الأحاديث النَّبويَّة وتخريجها المؤلف : أ.د. وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ أستاذ ورئيس قسم الفقه الإسلاميّ وأصوله بجامعة دمشق - كلّيَّة الشَّريعة الناشر : دار الفكر - سوريَّة – دمشق الطبعة : الطَّبعة الرَّابعة (4/1) .

3- أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة المؤلف : حافظ بن أحمد الحكمي ، تحقيق حازم القاضي الطبعة : الثانية الناشر : وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية تاريخ النشر : 1422هـ (1/51) .

4- التبيان شرح نواقض الإسلام للإمام المجدد: شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب. رحمه الله تأليف: سليمان ناصر بن عبد الله العلوان الطبعة السادسة (1/8) .

5- الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى اشترك في تأليف هذه السلسلة: الدكتور مُصطفى الخِنْ، الدكتور مُصطفى البُغا، علي الشّرْبجي الناشر: دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق الطبعة: الرابعة، 1413 هـ - 1992 م (8/222) .

6- موسوعة البحوث والمقالات العلمية جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة حوالي خمسة آلاف وتسعمائة مقال وبحث علي بن نايف الشحود .

7- مجلة البحوث الإسلامية - مجلة دورية تصدر عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد المؤلف: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد (81/94) .

8- بداية المجتهد ونهاية المقتصد المؤلف : أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي الاندلسي (1/336) .

9- المهذب في الآداب الإسلامية جمعه وأعده الباحث في القرآن والسنَّةِ علي بن نايف الشحود الطبعة الأولى 1430 هـ - 2009 م ماليزيا بهانج -دار المعمور (1/656) .

10- النهاية في غريب الحديث والأثر المؤلف : أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري الناشر : المكتبة العلمية - بيروت ، 1399هـ - 1979م تحقيق : طاهر أحمد الزاوى - محمود محمد الطناحي (1/474) .

11- التوصل إلى حقيقة التوسل محمد نسيب الرفاعي (1/166) .

12- تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ المؤلف: عثمان بن علي بن محجن البارعي، فخر الدين الزيلعي الحنفي (المتوفى: 743 هـ) الحاشية: شهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن يونس بن إسماعيل بن يونس الشِّلْبِيُّ (المتوفى: 1021 هـ) الناشر: المطبعة الكبرى الأميرية - بولاق، القاهرة الطبعة: الأولى، 1313 هـ (3/109) .

13- الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخاري المؤلف: محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ (3/180) .