حساب

2022-10-04 - 1444/03/08

التعريف

تعريف الحساب في اللغة:

جاءت في كتب اللغة عدة إطلاقات للفظة الحساب. ومن بين تلك الإطلاقات: أن الحساب يطلق ويراد به: العدد, والمعدود, والإحصاء بالدقة التامة دون زيادة ولا نقصان، وقد ذكر أهل اللغة في مادة حسب كثيراً من المعاني التي جاءت لهذه الكلمة. وفي هذا يقول الأزهري: وإنما سمي الحساب في المعاملات حساباً لأنه يعلم به ما فيه كفاية ليس فيه زيادة على المقدار ولا نقصان.

 

وقال الليث: والحساب والحسابة عدك الشيء، تقول: حسبت الشيء أحسب حساباً وحسابة وحسبته. ويأتي الحساب كذلك بمعنى الكثرة، قال أبو عبيد عن أبي يزيد: أحسبت الرجل أي أعطيته ما يرضى، وقال: غيره معناه أعطيته حتى قال: حسبي، قال الله عز وجل: عَطَاء حِسَابًا [النبأ: 36] أي كثيراً. ويقال: أتاني حساب من الناس أي جماعة كثيرة وهي لغة هذيل) [انظر كتب اللغة مادة حسب، تهذيب اللغة (4/ 332 - 333) وانظر تاج العروس (1/ 210 - 213)، وانظر كذلك القاموس المحيط (1/ 56) و (الصحاح) للجوهري (1/ 110)]. وتأتي لفظة حسبان مرادفة لكلمة الحساب والكل بمعنى واحد، نقل الأزهري عن أبي العباس أنه قال: حسابنا مصدر كما تقول: حسبته أحسبه حسباناً وحساباً، وقال الأخفش: إن حسبانا جمع حساب، وقال أبو الهيثم: الحسبان جمع حساب وكذلك أحسبة، مثل شهاب وأشهبة وشهبان [تهذيب اللغة (4/ 331 - 332) ] .

 

وقال أيضاً: وأخبرني المنذري عن ثعلب أنه قال: قال الأخفش في قوله عز وجل: (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا) [الأنعام: 96] فمعناه: بحساب فحذف الباء [تهذيب اللغة (4/ 331 - 332) ] . ويقول الفيروزآبادي: حسبه حسباً وحسباناً بالضم, وحسباناً وحساباً وحسبة وحسابة بكسرهن: عده، والمعدود محسوب [القاموس المحيط (1/ 56) ] . ويقول الهوريني: حسبته أحسبه بالضم حسباً وحساباً وحسباناً وحسابة إذا عددته، والمعدود محسوب [فوائد في اللغة والصحاح (ص: 42)] . وذكر أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا أن حسب لها معان فقال: الأول: العدد، تقول: حسبت الشيء أحسبة وحسباناً، قال الله تعالى: (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ) [الرحمن: 5]، [معجم مقاييس اللغة (2/ 58) ط (2) (1390هـ/1970م) مطبعة الحلبي] .

 

وقال الراغب: الحساب: استعمال العدد، يقال: حسبت أحسب حسابا وحسبانا، قال تعالى: (لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) [يونس: 5] وقال تعالى: (وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا) [الأنعام: 96]، [المفردات (ص: 166 - 117) ] . والحسبان ما يحاسب عليه فيجازى بحسبه، وكذا لفظة الحسيب والمحاسب فإنها تطلق مراداً بها الحساب قال الراغب: والحسيب والمحاسب: من يحاسبك ثم يعبر عن المكافئ بالحساب [المفردات (ص: 116 - 117) ]. وقد ورد في القرآن الكريم كذلك إطلاق لفظة الحساب مرادا بها الجزاء كما قال تعالى: (وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) [المؤمنون: 117]

قال الطبري: فإنما حساب عمله السيئ عند ربه وهو موفيه جزاءه إذا قدم عليه [جامع البيان (18/ 64) وانظر تفسير ابن كثير (3/ 259)]، قال تعالى: (قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ إِنْ حِسَابُهُمْ إِلاَّ عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ) [الشعراء: 111 - 113] قال ابن جريج: أي هو أعلم بما في أنفسهم [الدر المنثور (19/ 311) ] . قال تعالى: (إِنَّ إلينَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ) [الغاشية: 25 - 26] قال ابن كثير: أي نحن نحاسبهم على أعمالهم ونجازيهم بها، إن خيراً فخير وإن شراً فشر [تفسير ابن كثير (4/ 504) ] . ويطلق أيضاً على محاسبة النفس: قال تعالى: (كَفَى بِنَفْسِكَ اليوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) [الإسراء: 14] أي كفى بك لنفسك محاسباً، ويطلق على التوسعة في الرزق كما قال تعالى: (يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ) [آل عمران: 38]، أي بغير تقتير وتضييق، كقولك: فلان ينفق بغير حساب، أي يوسع النفقة ولا يحسبها. والحاصل أن أقوال أهل اللغة في المراد بالحساب، تشير إلى أنه يرد بمعنى الكثرة في الشيء، والزيادة فيه، والعدد، والإحصاء، والدقة في العدد دون زيادة ولا نقصان.[الحياة الآخرة لغالب عواجي (2/ 905) ].

 

تعريف الحساب في الشرع: أما المراد بالحساب في الشرع فإنه يراد به: (توقيف الله عباده قبل الانصراف من المحشر على أعمالهم، خيراً كانت أو شراً، تفصيلاً لا بالوزن، إلا من استثنى منهم) [لوامع الأنوار (2/ 165)، وانظر: الكواشف الجلية (ص: 343) ] . وقوله: (لا بالوزن) يحتمل أنه يريد أن الله يحاسبهم ثم يزن أعمالهم، لا أنه يكتفي بالمحاسبة عن الوزن (إلا من استثنى منهم) فإنه لا يحاسبهم ولا يزن أعمالهم. ويحتمل أيضا أن يكون المعنى: أن الله يوقفهم على أعمالهم تفصيلاً، ولا يكتفي بالمعرفة الإجمالية التي تتأتى من طريق الوزن. ونقل السفاريني عن الثعلبي تعريفه للحساب قائلاً: الحساب تعريف الله عزوجل الخلائق مقادير الجزاء على أعمالهم، وتذكيره إياهم ما قد نسوه من ذلك، يدل على هذا قوله تعالى: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ) [المجادلة: 6]، [لوامع الأنوار (2/ 165) ] .

 

والظاهر: أن تعريف الثعلبي أشمل من تعريف السفاريني، لأنه يتضمن تعريف الله عباده بأعمالهم تفصيلاً على مقدار ما يستحقونه من الجزاء، خيراً أو شراً، وتعريف السفاريني ينفرد بأن هذه المحاسبة لا يغني عنها الميزان، ولا تغني عن الميزان. وقال القرطبي رحمه الله في تعريف الحساب: ومعناه أن البارئ سبحانه يعدد على الخلق أعمالهم من إحسان وإساءة، يعدد عليهم نعمه ثم يقابل البعض بالبعض [التذكرة (ص: 271) ] . ومعنى هذه العبارة: أن نتيجة مقابلة بعضها ببعض أي السيئات بالحسنات - لإظهار أيهما أرجح، وعليه يحكم على الشخص، إن كان من أهل الخير أو أهل الشر. [الحياة الآخرة لغالب عواجي (2/ 908) ] .

 

ويراد بالحساب والجزاء أن يوقف الحق تبارك وتعالى عباده بين يديه ويعرفهم بأعمالهم التي عملوها وأقوالهم التي قالوها وما كانوا عليه في حياتهم الدنيا من إيمان وكفر واستقامة وانحراف وطاعة وعصيان وما يستحقونه على ما قدموه من إثابة وعقوبة، وإيتاء العباد كتبهم بأيمانهم إن كانوا صالحين وبشمالهم إن كانوا طالحين. ويشمل الحساب ما يقوله الله لعباده وما يقولونه له وما يقيمه عليهم من حجج وبراهين وشهادة الشهود ووزن للأعمال.

 

والحساب منه اليسير ومنه العسير ومنه التكريم ومنه التوبيخ والتبكيت ومنه الفضل والصفح ومتولي ذلك أكرم الأكرمين. [القيامة الكبرى لعمر بن سليمان الأشقر (ص: 193) ]، [انظر الموسوعة العقدية إعداد: مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف الناشر: موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net] .

العناصر

1- صفة الحساب ونشر الكتاب .

2- أقسام الحساب .

3- كيفية أخذ الكتب .

4- هل الحساب عام لجميع الخلق؟

5- من هو أول من يحاسب ؟

6- الحكمة من محاسبة الكفار .

الايات

1- قال الله تعالى: (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ) [الغاشية: 25، 26].

 

2- قوله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا) [الانشقاق: 7، 8].

 

3- قوله تعالى: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ) [المجادلة: 6] .

 

4- قوله تعالى: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَبيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالعِبَادِ) [آل عمران: 30].

 

5- قوله تعالى: (وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) [الكهف: 49].

 

6- قوله تعالى: (وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) [المؤمنون: 117] .

 

7- قوله تعالى: (قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ إِنْ حِسَابُهُمْ إِلاَّ عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ) [الشعراء: 111 - 113] .

 

8- قوله تعالى: (وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [المائدة:4] .

 

9- قوله تعالى: (لِيَجْزِي اللهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [إبراهيم: 51] .

 

10- قوله تعالى: (اليوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ اليوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [غافر: 17] .

 

11- قوله تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) [الأنبياء: 47] .

 

12- قوله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنقَلِبُ إلى أَهْلِهِ مَسْرُورًا) [الانشقاق: 7 - 9].

 

13- قوله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيهْ) [الحاقة: 19 - 20] .

 

14- قوله تعالى: (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ [الحاقة: 25 - 26] .

 

15- قوله تعالى: (لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) [الرعد: 18] .

 

16- قوله تعالى: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) [ص: 26] .

 

17- قوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [النور: 39] .

الاحاديث

1- عن أنس رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له: أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهباً أكنت تفتدي به؟ فيقول: نعم، فيقال له: قد كنت سئلت ما هو أيسر من ذلك » [رواه البخاري (6538)، ومسلم (2805)] .

 

2- عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك»، فقلت: يا رسول الله أليس قد قال الله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا) [الانشقاق: 7 - 9]. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما ذلك العرض، وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا عذب » [رواه البخاري (103)]. وفي بعض روايات هذا الحديث: «من حوسب عذب » إلخ الحديث [رواه البخاري (6538)، ومسلم (2805)].

 

3- عن أبي مسعود البدري أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء إلا أنه كان يخالط الناس وكان موسراً، فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر» قال: قال الله عز وجل: (نحن أحق بذلك منه، تجاوزوا عنه) [رواه مسلم (1561)].

 

4- عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته: «اللهم حاسبني حساباً يسيراً»، فلما انصرف قلت: يا نبي الله ما الحساب اليسير؟ قال: «أن ينظر الله في كتابه فيتجاوز عنه، من نوقش الحساب يومئذ يا عائشة هلك، وكل ما يصيب المؤمن يكفر الله عز وجل به عنه حتى الشوكة تشوكه» [رواه أحمد (6/ 48) (24261)، وابن خزيمة (2/ 30) (849)، وابن حبان (16/ 372) (7372)، والحاكم (1/ 385) وقال: صحيح على شرط مسلم، وقال الألباني في أصل صفة الصلاة (3/ 1007): إسناده جيد].

 

5- عن محمود بن لبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اثنان يكرههما ابن آدم: الموت، والموت خير للمؤمن من الفتنة، ويكره قلة المال، وقلة المال أقل للحساب» [رواه أحمد (5/ 427) (23674، 23675)، وأبو نعيم فى معرفة الصحابة (5/ 2525)، والمنذري (4/ 147). وقال: رواه أحمد بإسنادين، رواة أحدهما محتج بهم فى الصحيح، ومحمود له رؤية، ولم يصح له سماع فيما أرى. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 260): رواه أحمد بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح. وقال أيضاً (2/ 324): رجاله رجال الصحيح، وحسنه ابن حجر في تخريج مشكاة المصابيح (5/ 36) كما قال ذلك في المقدمة].

 

6- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثمَّ دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه» [رواه البخاري (6534)].

 

7- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخلص المؤمنون من النار، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار, فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا» [رواه البخاري (6535)] .

 

8- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أول ما يقضى بين الناس بالدماء» [رواه البخاري (6533)، ومسلم (1678)] .

 

9- عن حريث بن قبيصة قال: قدمنا المدينة فقلت: اللهم يسر لي جليساً صالحاً، قال فجلست إلى أبي هريرة فقلت: إني سألت الله أن يرزقني جليساً صالحاً، فحدثني بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لعل الله أن ينفعني به، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح, وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع، فيكمل بها ما نتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك» [رواه أبو داود (864)، والترمذي (413)، والنسائي (1/ 232)، وابن ماجه (1425)، وأحمد (2/ 425) (9490). والحديث سكت عنه أبو داود. وقال الترمذي: حديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه. وقال النووي في المجموع: إسناده صحيح بمعناه. وقال ابن الملقن في تحفة المحتاج (1/ 333): إسناده صحيح. وقال الألباني في صحيح سنن ابن ماجه: صحيح] .

 

10- عن أبى برزة الأسلمى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن علمه فيما فعل وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن جسمه فيما أبلاه» [رواه الترمذي (2417)، والدارمي (1/ 144). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وصحح إسناده الإشبيلي في الأحكام الصغرى (871) كما أشار إلى ذلك في مقدمته. وقال الألباني في صحيح سنن الترمذي: صحيح] .

الاثار

القصص

الاشعار

الدراسات

متفرقات

1- قال ابن تيمية في بيان طبيعة حساب الكفار: وفصل الخطاب أن الحساب: يراد به عرض أعمالهم عليهم وتوبيخهم عليها، ويراد بالحساب موازنة الحسنات بالسيئات، فإِن أريد بالحساب المعنى الأول فلا ريب أنهم يحاسبون بهذا الاعتبار. وإن أريد المعنى الثاني: فإن قصد بذلك أن الكفار تبقى لهم حسنات يستحقون بها الجنة فهذا خطأ ظاهر. وإِن أريد أنهم يتفاوتون في العقاب، فعقاب من كثرت سيئاته أعظم من عقاب من قلت سيئاته، ومن كان له حسنات خفف عنه العذاب، كما أن أبا طالب1 أخف عذاباً من أبي لهب [الأمثال القرآنية القياسية الجربوع (2/171) ] .

 

2- قال الطبري في معنى قوله تعالى: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ) [المجادلة: 6]: يقول تعالى ذكره أحصى الله ما عملوا، فعده عليهم, وأثبته, وحفظه, ونسيه عاملوه، والله على كل شيء شهيد [جامع البيان (28/ 12) ] .

 

3- من يشملهم الحساب: أما الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: ففي محاسبة الله تعالى لهم خلاف بين العلماء، وسبب الخلاف فيهم هو ما جاء فى قوله تعالى: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إليهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) [الأعراف:6] فإن هذه الآية تدل على أن الله يحاسب جميع البشر؛ الرسل والمرسل إليهم، وهذا هو ما يذهب إليه بعض العلماء. قال الرازي في إثبات أن السؤال يقع على الأنبياء والأمم أيضاً: المسألة الثانية: الذين أرسل إليهم هم الأمة، والمرسلون هم الرسل، فبين تعالى أنه يسأل هذين الفريقين. قال: ونظير هذه الآية قوله: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الحجر: 92, 93]، [التفسير الكبير (14 - 22)].

وقال أيضاً في معرض عده للمسائل التي اشتملت عليها الآية: المسألة الرابعة: الآية تدل على أنه تعالى يحاسب كل عباده؛ لأنهم لا يخرجون عن أن يكون رسلاً أو مرسلاً إليهم, ويبطل قول من يزعم أنه لا حساب على الأنبياء والكفار [التفسير الكبير (14 - 24)]. ويذكر ابن كثير أن الله تعالى يسأل الأنبياء عن تبيلغ أقوامهم رسالة الله تعالى فقال: فيسأل الله الأمم يوم القيامة عما أجابوا رسله فيما أرسلهم به، ويسأل الرسل أيضاً عن إبلاغ رسالاته. ثم نقل عن ابن عباس في تفسير الآية: أن الله يسأل الرسل عما بلغوا [تفسير ابن كثير (2/ 200)] .

ويذكر الشوكاني في معنى الآية: (وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) [الأعراف:6]، أن السؤال للأنبياء الذين بعثهم الله: أي نسألهم عما أجاب به أمهم عليهم، ومن أطاع منهم ومن عصى، وقيل: المعنى فلنسألن الذين أرسل إليهم يعني الأنبياء، ولنسألن المرسلين يعني الملائكة. وقال السفاريني عن مسألة حسابهم: والجواب أنه لاحساب على الأنبياء عليهم السلام على سبيل المناقشة والتقريع. ويقول النسفي فيما ينقله عنه السفاريني: الأنبياء لاحساب عليهم, وكذلك أطفال المؤمنين، وكذلك العشرة المبشرة بالجنة، هذا فى حساب المناقشة، وعموماً الآيات الكريمة مخصوص بأحاديث من يدخل الجنة بغير حساب، ولهذا قال علماؤنا في عقائدهم: ويحاسب المسلمون المكلفون، إلا من شاء الله أن يدخل الجنة بغير حساب وكل مكلف مسؤول، ويسأل من شاء من الرسل عن تبليغ الرسالة، ومن شاء من الكفار عن تكذيب الرسل. وعلى القول بأنهم يسألون - ومعلوم أنه لا ذنوب لهم ليحاسبوا عليها - فما المقصود من وقوع السؤال عليهم؟ أجاب الرازي عن ذلك بقوله: فإن قيل: فما الفائدة فى سؤال الرسل مع العلم بأنه لم يصدر عنهم تقصير ألبتة؟ قلنا لأنهم إذا أثبتوا أنه لم يصدر عنهم تقصير ألبتة؛ التحق التقصير بكليته بالأمة؛ فيضاعف إكرام الله فى حق الرسل لظهور براءتهم عن جميع موجبات التقصير, ويتضاعف أسباب الخزي والإهانة فى حق الكفار لما ثبت أن كل التقصير كان منهم . فالذي يظهر أن إطلاق القول بأن الأنبياء يسألون؛ أن المقصود به مساءلتهم عن تبليغهم الدعوة إلى أقوامهم, وهو مجرد مساءلة لزيادة إقامة الحجة على العصاة، وليس مساءلة مناقشة وتقريع، كما ظهر مما سبق. وأما إطلاق القول بأنهم لا يسألون، فالمراد به ما تقدم من أنهم لا يسألون سؤال مناقشة واستظهار. وإذا كان قد ثبت أن طائفة من أتباع الأنبياء يدخلون الجنة بغير حساب، فكيف بالأنبياء الذين لهم المزية الأولى في كل تكريم؟ قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله عن مساءلة الأنبياء: وسؤال الله للرسل (مَاذَا أُجِبْتُمْ) [المائدة: 109] لتوبيخ الذين كذبوهم، كسؤال الموءودة بأي ذنب قتلت لتوبيخ قاتلها. وأما بقية المؤمنين بصورة عامة: فلا ريب أن الله تعالى يحاسبهم محاسبة من توزن حسناته وسيئاته، وبالحساب يمتاز بعضهم على بعض بالدرجات؛ نتيجة لثقل موازينهم وخفتها (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [الزلزلة: 7 - 8] وقد قدمنا ذكر للنصوص التي تدل على محاسبة الله تعالى عباده المؤمنين. وأما أولئك السبعون الألف الذين ورد النص بأنهم لا يحاسبون، فهو إكرام من الله تعالى لنبينا محمد صلي الله عليه وسلم لأمته. قال النووي فى تعليقه على هذا الحديث: إن فيه عظم ما أكرم الله سبحانه وتعالى به النبي صلي الله عليه وسلم وأمته، زادها الله فضلاً وشرفاً وقال السفاريني: ثبت فى عدة أخبار عن النبى المختار صلى الله عليه وسلم ما كر الليل على النهار أن طائفة من هذه الأمة بلا ارتياب يدخلون الجنة بغير حساب، فيدخلون جنات النعيم قبل وضع الموازين، وأخذ الصحف بالشمال واليمين. ومصداق هذا ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلي الله عليه وسلم فى السواد الذي رفع له كما مر، وعن أبي أمامة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: «إن الله وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألف بغير حساب»، فقال يزيد الأخنس: والله ما أولئك في أمتك إلا كالذباب الأصهب في الذبان، فقال رسول الله: «فإن ربي عز وجل قد وعدني سبعين ألفاً مع كل ألف سبعين ألفاً، وزادني ثلاث حثيات»، قال فما حوضك؟ قال: «ما بين عدن إلى عمان، وأوسع وأوسع - يشير بيده - » قال: «فيه مثعبان من ذهب وفضة. قال»: فما حوضك يا نبي الله؟ قال: «أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وأطيب من رائحة المسك، من شرب منه لم يظمأ بعدها أبداً، ولم يسود وجهه أبداً». وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلي الله عليه وسلم قال: «سألت الله تعالى الشفاعة لأمتي، فقال لك سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، قلت ربي زدني، فحثا لي بيديه مرتين، وعن يمينه، وعن شماله». [الحياة الآخرة لغالب عواجي (2/ 945) ] .

التحليلات

الإحالات

1- الموسوعة العقدية إعداد: مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف الناشر: موقع الدرر السنية على الإنترنت

dorar.net (4/444) . 2- تيسير الاعتقاد شرح لمعة الاعتقاد لابن قدامة المقدسي الشيخ: سليمان بن محمد اللهيميد (1/77) .

3- جامع البيان في تأويل القرآن المؤلف : محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري، المحقق : أحمد محمد شاكر الناشر : مؤسسة الرسالة الطبعة : الأولى ، 1420 هـ - 2000 م (28/12) .

4- الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى اشترك في تأليف هذه السلسلة: الدكتور مُصطفى الخِنْ، الدكتور مُصطفى البُغا، علي الشّرْبجي الناشر: دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق الطبعة: الرابعة، 1413 هـ - 1992 م (5/138) .

5- التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور المؤلف : محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى : 1393هـ) الناشر : مؤسسة التاريخ العربي، بيروت – لبنان الطبعة : الأولى، 1420هـ/2000م (2/93) .

6- العَذْبُ النَّمِيرُ مِنْ مَجَالِسِ الشَّنْقِيطِيِّ فِي التَّفْسِيرِ المؤلف: محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى: 1393هـ) المحقق: خالد بن عثمان السبت إشراف: بكر بن عبد الله أبو زيد الناشر: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع، مكة المكرمة الطبعة: الثانية، 1426 هـ (2/587) .

7- الضياء اللامع من الخطب الجوامع المؤلف : محمد بن صالح العثيمين الطبعة : الأولى الناشر : الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد تاريخ النشر : 1408هـ - 1988م (3/257) .

8- وجوب الجمع بين الأدلة تأليف وليد بن راشد السعيدان (1/16) .

9- موسوعة البحوث والمقالات العلمية جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة حوالي خمسة آلاف وتسعمائة مقال وبحث علي بن نايف الشحود .

10- موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام إعداد: مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف الناشر: موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net (1/53) .