حدود

2022-10-04 - 1444/03/08

التعريف

الحدّ لغة: الحاجز بين الشيئين الذي يمنع اختلاط أحدهما بالآخر (المفردات، الراغب الأصفهاني ص٢٢١، بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي ٢-٤٣٧)، أو لئلا يتعدى أحدهما على الآخر، وفصل ما بين كل شيئين: حد بينهما (لسان العرب، ابن منظور ٣-١٤٠).

 

ويرد أيضًا بمعنى طرف الشيء، قال ابن فارس: “الحاء والدال أصلان: الأول المنع، والثاني طرف الشيء.

 

فالحد: الحاجز بين الشيئين. وفلان محدود، إذا كان ممنوعًا. و إنه لمحارف محدود، كأنه قد منع الرزق. ويقال للبواب حداد، لمنعه الناس من الدخول...”(مقاييس اللغة، ابن فارس: ٢-٤).

 

ومنه سمي حد الزنا والخمر ونحوها حدًّا: لأنّه يـمنع صاحبه من المعاودة (الصحاح، الجوهري ٢-٤٦٣)، ويمنع غيره من أن يسلك مسلكه(المفردات، الراغب الأصفهاني ص٢٢١، بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي ٢-٤٣٧).

 

وأما الأصل الثاني: فهو طرف الشيء: يقال: حد السيف والسكين: حرفه(مقاييس اللغة، ابن فارس ٢-٤). ومنتهى كل شيء: حده؛ ومنه: أحد حدود الأرضين وحدود الحرم(لسان العرب، ابن منظور ٣-١٤٠).

 

 

 

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

 

حدود الله: “الأشياء التي بين تحريمها وتحليلها، وأمر أن لا يتعدى شيء منها فيتجاوز إلى غير ما أمر فيها أو نهى عنه منها، ومنع من مخالفتها”(لسان العرب، ابن منظور ٣-١٤٠).

 

فهي بهذا المعنى دالة على جميع الأحكام الشرعية التي تضمنتها الشريعة الإسلامية من واجبات ومندوبات ومباحات ومكروهات ومحرمات، وسواء أوقع النص عليها صراحة في الكتاب والسنة أم استنبطت من دليل آخر يرجع إليهما كالإجماع أو القياس أو غيرهما. وقد “شبهت بالحدود التي هي الفواصل المجعولة بين أملاك الناس، لأن الأحكام الشرعية، تفصل بين الحلال والحرام، والحق والباطل، وتفصل بين ما كان عليه الناس قبل الإسلام، وما هم عليه بعده”(التحرير والتنوير، ابن عاشور ٢-٤١٣).

 

وتسمية العقوبات الشرعية المقدرة حدودًا اصطلاح الفقهاء، ولم ترد في القرآن الكريم بهذا اللفظ.

 

ورغم أن لفظ الحدود يفيد معنى ما ينتهى إليه ويمنع تجاوزه، فإنها قد صنفت إلى أنواع أربعة، منها ما يمنع تجاوزه ومنها ما لا يمنع.

 

قال الراغب: “وجميع حدود الله على أربعة أوجه:

 

إمّا شيء لا يجوز أن يتعدّى بالزيادة عليه ولا القصور عنه، كأعداد ركعات صلاة الفرض.

وإمّا شيء تجوز الزيادة عليه ولا يجوز النقصان عنه.

وإمّا شيء يجوز النقصان عنه ولا تجوز الزيادة عليه.

وإمّا شيء يجوز كلاهما”(المفردات، ص٢٢٢).

 

العناصر

1- مفهوم الحد

 

2- حق تشريع الحدود لله سبحانه وتعالى

 

3- وجوب إقامة الحدود وتحريم الشفاعة فيها 

 

4- الحكم من إقامة الحدود

 

5- أسباب الاعتداء على حدود الله 

 

6- الفرق بين قربان الحدود وتعديها 

 

7- جزاء تعدي حدود الله تعالى وعقوبته

 

الايات

1- قال الله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا)[البقرة:187].

 

2- قال تعالى: (وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)[الْبَقَرَةِ: 229-230].

 

3- قال تعالى: (وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ * تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ)[النساء: 13-14].

 

4- قال تعالى: (الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)[التوبة:97].

 

5- قال تعالى: (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)[التَّوْبَةِ: 112].

 

6- قَالَ تَعَالَى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأخُذْكُمْ بِهِمَا رَأفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ)[النور:2].

 

7- قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[المجادلة: 3-4].

 

8- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا)[الطَّلَاقِ:1].

 

9- قال تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا)[الطَّلَاقِ: 8].

 

الاحاديث

1- عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ قُرَيْشاً أهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتي سَرَقَتْ، فقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “ أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ تَعَالَى؟!” ثُمَّ قَامَ فاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ: “ إنَّمَا أهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيِهمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ، أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللهِ لَوْ أنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا”(رواه البخاري 3288، ومسلم 3-1315).

 

2- عن يحيى بن راشد قال جلسنا لعبد الله بن عمر فخرج إلينا فجلس فقال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول “من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع عنه ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال”(رواه أبو داود: 3599، وصححه الألباني).

 

3- عن هانئ بن نيار أبي بردة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرِ جَلَداتٍ إلّا في حَدٍّ مِن حُدُودِ اللهِ”(رواه البخاري:٦٨٤٨).

 

4- عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَثَلُ القائِمِ على حُدُودِ اللهِ والواقِعِ فيها، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا على سَفِينَةٍ، فأصابَ بَعْضُهُمْ أعْلاها وبَعْضُهُمْ أسْفَلَها، فَكانَ الَّذِينَ في أسْفَلِها إذا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا على مَن فَوْقَهُمْ، فقالوا: لو أنّا خَرَقْنا في نَصِيبِنا خَرْقًا ولَمْ نُؤْذِ مَن فَوْقَنا، فإنْ يَتْرُكُوهُمْ وما أرادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وإنْ أخَذُوا على أيْدِيهِمْ نَجَوْا، ونَجَوْا جَمِيعًا”(رواه البخاري:٢٤٩٣).

 

5- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ ناسًا اجْتَوَوْا في المَدِينَةِ، فأمَرَهُمُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أنْ يَلْحَقُوا براعِيهِ -يَعْنِي الإبِلَ- فَيَشْرَبُوا مِن ألْبانِها وأَبْوالِها، فَلَحِقُوا براعِيهِ، فَشَرِبُوا مِن ألْبانِها وأَبْوالِها، حتّى صَلَحَتْ أبْدانُهُمْ، فَقَتَلُوا الرّاعِيَ وساقُوا الإبِلَ، فَبَلَغَ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَبَعَثَ في طَلَبِهِمْ فَجِيءَ بهِمْ، فَقَطَعَ أيْدِيَهُمْ وأَرْجُلَهُمْ، وسَمَرَ أعْيُنَهُمْ قالَ قَتادَةُ: فَحدَّثَني مُحَمَّدُ بنُ سِيرِينَ: أنّ ذلكَ كانَ قَبْلَ أنْ تَنْزِلَ الحُدُودُ (رواه البخاري:٥٦٨٦).

 

6- عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنّ نَبِيَّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- جَلَدَ في الخَمْرِ بالجَرِيدِ، والنِّعالِ، ثُمَّ جَلَدَ أبُو بَكْرٍ أرْبَعِينَ، فَلَمّا كانَ عُمَرُ، ودَنا النّاسُ مِنَ الرِّيفِ والقُرى، قالَ: ما تَرَوْنَ في جَلْدِ الخَمْرِ؟ فَقالَ عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ: أرى أنْ تَجْعَلَها كَأَخَفِّ الحُدُودِ، قالَ: فَجَلَدَ عُمَرُ ثَمانِينَ. وفي رواية: عن أنَسٍ، أنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كانَ يَضْرِبُ في الخَمْرِ بالنِّعالِ والجَرِيدِ أرْبَعِينَ…، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَديثِهِما، ولَمْ يَذْكُرِ الرِّيفَ والقُرى (رواه مسلم:١٧٠٦).

 

7- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنِّي آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ أقُولُ: إيّاكُمْ وجهنمَ، إيّاكُمْ والحُدُودَ ! إيّاكُمْ وجهنمَ، إيّاكُمْ والحُدُودَ ! إيّاكُمْ وجهنمَ، إيّاكُمْ والحُدُودَ ثلاثَ مراتٍ، فإذا أنا مِتُّ تَرَكْتُكُمْ، وأنا فَرَطٌ لَكُمْ على الحَوْضِ، فمَن ورَدَ أفلحَ..”(قال الألباني في صحيح الترغيب (٢٣٤٤): حسن لغيره).

 

8- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أقيلوا ذوي الهيئاتِ عَثَراتِهم، إلا الحدودَ”(أخرجه أحمد:٢٥٥١٣ وصححه الألباني في صحيح الجامع (١١٨٥): صحيح).

 

9- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تقامُ الحدودُ في المساجدِ”(رواه ابن ماجه:٢١٢٢، وصححه الألباني).

 

10- عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: كُنّا عِنْدَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في مَجْلِسٍ، فَقالَ: “بايِعُونِي على أنْ لا تُشْرِكُوا باللهِ شيئًا، ولا تَسْرِقُوا، ولا تَزْنُوا -وقَرَأَ هذِه الآيَةَ كُلَّها- فمَن وفى مِنكُم فأجْرُهُ على اللهِ، ومَن أصابَ مِن ذلكَ شيئًا فَعُوقِبَ به فَهو كَفّارَتُهُ، ومَن أصابَ مِن ذلكَ شيئًا فَسَتَرَهُ اللهُ عليه، إنْ شاءَ غَفَرَ له، وإنْ شاءَ عَذَّبَهُ”(رواه البخاري:6784، ومسلم:1709).

 

11- عن صفوان بن أمية رضي الله عنه قال: كنتُ نائمًا في المسجدِ عليَّ خَميصةٌ لي ثمنَ ثلاثين درهمًا، فجاء رجلٌ فاختلسها منِّي، فأخذ الرَّجلَ، فأتى به رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فأمر به ليُقطَعَ، قال: فأتيتُه، فقلتُ: أتقطعَه من أجلِ ثلاثين دِرهمًا، أنا أبيعُه وأنسئُه ثمنَها؟ قال: “فهلّا كان هذا قبل أن تأتيَني به”(رواه أبو داود:٤٣٩٤، وصححه الألباني).

 

12- عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “واغْدُ يا أُنَيْسُ إلى امْرَأَةِ هذا، فَإنِ اعْتَرَفَتْ فارْجُمْها”(رواه البخاري:2314).

 

13- عن هزال بن يزيد الأسلمي قال: أنّ ماعزَ بنَ مالكٍ أتى النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: أقِمْ عليَّ كتابَ اللهِ، فأعرَضَ عنه، أربَعَ مَرّاتٍ، ثُمَّ أمَرَ برَجمِه، فلمّا مَسَّتْه الحِجارةُ -قال عبدُ الرَّحمنِ: وقال مَرَّةً: فلمّا عَضَّتْه- جَزِعَ،  فخَرَجَ يَشتَدُّ، وخَرَجَ عبدُ اللهِ بنُ أُنَيسٍ -أو أنَسٍ- مِن ناديهِ، فرَماه بوَظيفِ حِمارٍ، فصَرَعَه، فأتى النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فحَدَّثَه بأمْرِه، فقال: هلّا تَرَكتُموه لعلَّه أنْ يَتوبَ، فيَتوبَ اللهُ عليه! ثُمَّ قال: يا هَزّالُ، لو سَتَرتَه بثَوبِكَ، كان خيرًا لك”(أخرجه أحمد ٢١٨٩٢،  والنسائي في السنن الكبرى: ٧٢٨٠، وصححه الألباني في صحيح الجامع: ٧٩٩٠).

 

14- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد شرب فقال: “يا أيها الناسُ ! قد آنَ لكم أن تنتَهوا عن حدودِ اللهِ، فمن أصاب من هذه القاذورةِ شيئًا فلْيَسْتَتِرْ بسِترِ اللهِ، فإنه من يُبْدِ لنا صفحتَه نُقِمْ عليه كتابَ اللهِ وقرأ رسولُ اللهِ: والَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إلَهًا آخَرَ ولا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إلّا بِالحَقِّ، ولا يَزْنُونَ … ولا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمنٌ”(قال الألباني في صحيح الترغيب (٢٣٩٥): صحيح لغيره).

 

15- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: قالَ عمرُ بنُ الخطّابِ: “لقد خَشيتُ أن يطولَ بالنّاسِ زمانٌ حتّى يقولَ قائلٌ: ما أجدُ الرَّجمَ في كتابِ اللهِ، فيضلُّوا بتركِ فريضةٍ من فَرائضِ اللهِ، ألا وإنّ الرَّجمَ حقٌّ، إذا أُحْصِنَ الرَّجلُ وقامتِ البيِّنةُ، أو كانَ حَملٌ أوِ اعترافٌ، وقد قرأتُها الشَّيخُ والشَّيخةُ إذا زَنَيا فارجُموهما البتَّةَ رجمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ورجَمنا بَعدَهُ”(رواه ابن ماجه: ٢٠٨٣، وصححه الألباني)

 

16- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: قالَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ وهو جالِسٌ على مِنبَرِ رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: “إنّ اللهَ قدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- بالحَقِّ، وأَنْزَلَ عليه الكِتابَ، فَكانَ ممّا أُنْزِلَ عليه آيَةُ الرَّجْمِ، قَرَأْناها ووَعَيْناها وعَقَلْناها، فَرَجَمَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، ورَجَمْنا بَعْدَهُ، فأخْشى إنْ طالَ بالنّاسِ زَمانٌ أنْ يَقُولَ قائِلٌ: ما نَجِدُ الرَّجْمَ في كِتابِ اللهِ فَيَضِلُّوا بتَرْكِ فَرِيضَةٍ أنْزَلَها اللهُ، وإنّ الرَّجْمَ في كِتابِ اللهِ حَقٌّ على مَن زَنى إذا أحْصَنَ مِنَ الرِّجالِ والنِّساءِ، إذا قامَتِ البَيِّنَةُ، أوْ كانَ الحَبَلُ، أوِ الاعْتِرافُ”(رواه البخاري: ٦٨٢٩، ومسلم: ١٦٩١).

 

17- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وهو في المَسْجِدِ، فَناداهُ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي زَنَيْتُ، فأعْرَضَ عنْه، فَتَنَحّى تِلْقاءَ وجْهِهِ، فَقالَ له: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي زَنَيْتُ، فأعْرَضَ عنْه، حتّى ثَنى ذلكَ عليه أرْبَعَ مَرّاتٍ، فَلَمّا شَهِدَ على نَفْسِهِ أرْبَعَ شَهاداتٍ دَعاهُ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقالَ: “أبِكَ جُنُونٌ؟” قالَ: لا، قالَ: “فَهلْ أحْصَنْتَ؟” قالَ: نَعَمْ، فَقالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: “اذْهَبُوا به فارْجُمُوهُ”. قالَ ابنُ شِهابٍ: فأخْبَرَنِي مَن سَمِعَ جابِرَ بنَ عبدِ اللهِ يقولُ: فَكُنْتُ فِيمَن رَجَمَهُ، فَرَجَمْناهُ بالمُصَلّى، فَلَمّا أذْلَقَتْهُ الحِجارَةُ هَرَبَ، فأدْرَكْناهُ بالحَرَّةِ، فَرَجَمْناهُ (أخرجه البخاري: ٥٢٧١ واللفظ له، ومسلم: ١٦٩١).

 

18- عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، قدْ جَعَلَ اللهُ لهنَّ سَبِيلًا، البِكْرُ بالبِكْرِ جَلْدُ مِئَةٍ ونَفْيُ سَنَةٍ”(رواه مسلم: ١٦٩٠).

 

19- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنّ اللهَ كَتَبَ على ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنا، أدْرَكَ ذلكَ لا مَحالَةَ، فَزِنا العَيْنِ النَّظَرُ، وزِنا اللِّسانِ المَنطِقُ، والنَّفْسُ تَمَنّى وتَشْتَهِي، والفَرْجُ يُصَدِّقُ ذلكَ كُلَّهُ ويُكَذِّبُهُ”(رواه البخاري: 6243، ومسلم: 2657).

 

 

 

 

الاثار

1- قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول: “لو أخذت شارباً لأحببت أن يستره الله، ولو أخذت سارقاً لأحببت أن يستره الله”(المصنف في الأحاديث والآثار لابن أبي شيبة 5-474).

 

2- عن عثمان رضي الله عنه قال: ليس عليه -أي السارق- قطع حتى يخرج بالمتاع من البيت (المصنف في الأحاديث والآثار لابن أبي شيبة: 5-477).

 

3- قال عمر رضي الله عنه: “لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ألا وإن الرجم حق على من زنى وقد أحصن إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف”(رواه البخاري: 6829، ومسلم: 1691).

 

4- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “من كفر بالرجم فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب قوله - عز وجل- (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ) (المائدة:15] فكان الرجم مما أخفوا”(أخرجه الطبريّ في تفسيره: 10-141. والحاكم في المستدرك: 4-359، كتاب الحدود وقال صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي).

 

5- عن أبي مجلز في قوله (ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) قال: “إقامة الحدود إذا رفعت إلى السلطان”(أحكام القرآن المؤلف للقاضي أبو إسحاق 1-157).

 

 

القصص

1- عن الفرافصة الحنفي قال: “مروا على الزبير بسارق فتشفع له، قالوا: أتشفع لسارق؟ فقال: نعم، ما لم يؤت به إلى الإمام، فإذا أتي به إلى الإمام فلا عفى الله عنه إن عفى عنه”(المصنف في الأحاديث والآثار لابن أبي شيبة: 5-473).

 

2- عن عكرمة قال: سرقت عيبة لعمار بالمزدلفة فوضع في أثرها حقته ودعا القافة فقالوا: حبشي، واتبعوا أثره حتى انتهى إلى حائط وهو يقلبها، فأخذها وتركه، فقيل له فقال: أسترُ عليه؛ لعل الله أن يستر عليَّ (المصنف في الأحاديث والآثار لابن أبي شيبة: 5-474).

 

3- عن عكرمة أن ابن عباس وعمار والزبير أخذوا سارقاً فخلوا سبيله، فقلت لابن عباس: بئسما صنعتم حين خليتم سبيله، فقال: لا أم لك؛ أما لو كنت أنت لسرك أن يخلى سبيلك؟! (المصنف في الأحاديث والآثار لابن أبي شيبة، وقال ابن حجر في فتح الباري: 88-12 إسناده صحيح).

 

4- عن داود عن أبي حرب بن أبي الاسود أن لصاً نقب بيت قوم فأدركه الحراس فأخذوه، فرفع إلى أبي الاسود فقال: وجدتم معه شيئاً؟، فقالوا: لا، فقال للناس: أراد أن يسرق فأعجلتموه. فجلده خمسة وعشرين سوطاً (المصنف في الأحاديث والآثار لابن أبي شيبة: 5-477).

 

5- عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: سمع عَمْرو - يَعْنِي ابْن دِينَار - سعيد بن الْمسيب يَقُول: ذكر الزِّنَا بِالشَّام فَقَالَ رجل: قد زَنَيْت البارحة. فَقَالُوا: مَا تَقول ؟ فَقَالَ: أَو حرمه الله ! مَا علمت أنَّ اللَّه حرَّمَه. فَكتب إِلَى عمر (فَكتب): إِن كَانَ علم أَن الله حرمه فحدوه، وَإِن لم يكن علم فعلِّموه، فَإِن عَاد فحدوه (وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح إِلَيْهِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بِنَحْوِهِ من رِوَايَة بكر بن عبد الله عَن عمر بن الْخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه “أَنه كتب إِلَيْهِ فِي رجل قيل لَهُ: مَتى عَهْدك بِالنسَاء؟ فَقَالَ: البارحة. قيل: بِمن؟ قَالَ: أم مثواي. فَقيل لَهُ: قد هَلَكت. قَالَ: مَا علمت (أَن الله) حرم الزِّنَا. (فَكتب عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن يسُتحلف مَا علم أَن الله حرم الزِّنَا) ثمَّ يُخلى سَبيله». (و) قَوْله: أم مثواي يَعْنِي ربة الْمنزل (البدر المنير لابن الملقن: 8-637).

 

6- عن ربيعة بن أبى عبد الرحمن أن الزبير بن العوام لقي رجلاً قد أخذ سارقاً وهو يريد أن يذهب به إلى السلطان فشفع له الزبير؛ ليرسله، فقال: لا حتى أبلغ به السلطان، فقال الزبير: إذا بلغت به السلطان فلعن الله الشافع والمشفع (أخرجه مالك (2/835) (1525)، والطبراني في الأوسط (2/380) (2284)، وابن أبي شيبة (5/473) وقال الشيخ مقبل بن هادي الوادعي: الأثر موقوف ومعضل).

 

الاشعار

قال صفي الدين الحلي:

فَأَقِم حُدودَ اللَهِ فيهِم إِنَّهُم *** وَثَقوا بِأَنَّكَ راحِمٌ لا تَنقِمُ

إِن كُنتَ تَخشى أَن تُعَدَّ بِظالِمٍ *** لَهُم فَإِنَّكَ لِلرَعِيَّةِ أَظلَمُ

فَالحِلمُ في بَعضِ المَواطِنِ ذِلَّةٌ *** وَالبَغيُ جُرحٌ وَالسِياسَةُ مَرهَمُ

بِالبَطشِ تَمَّ المُلكُ لِاِبنِ مَراجِلٍ *** وَتَأَخَّرَ اِبنُ زُبَيدَةَ المُتَقَدِّمُ

وَعَنَت لِمُعتَصِمِ الرِقابُ بِبَأسِهِ *** وَدَهى العِبادَ بِلينِهِ المُستَعصِمُ

ما رَتَّبَ اللَهُ الحُدودَ وَقَصدُهُ *** في الناسِ أَن يَرعى المُسيءَ وَيَرحَمُ

لَو شاءَ قال دَعوا القِصاصَ وَلَم يَقُل *** بَل في القِصاصِ لَكُم حَياةٌ تَنعَمُ

إِن كانَ تَعطيلُ الحُدودِ لِرَحمَةٍ *** فَاللَهُ أَرأَفُ بِالعِبادِ وَأَرحَمُ

فَاِجزِ المُسيءَ كَما جَزاهُ بِفِعلِهِ *** وَاِحكُم بِما قَد كانَ رَبُّكَ يَحكُمُ

عَقَرَت ثَمودُ لَهُ قَديماً ناقَةً *** وَهُوَ الغَنِيُّ عَنِ الوَرى وَالمُنعِمُ

فَأَذاقَهَم سَوطَ العَذابِ وَإِنَّهُم *** بِالرَجزِ يَخسِفُ أَرضَهُم وَيُدَمدِمُ

وَكَذاكَ خَيرُ المُرسَلينَ مُحَمَّدٌ *** وَهُوَ الَّذي في حُكمِهِ لا يَظلِمُ

لَمّا أَتَوهُ بِعُصبَةٍ سَرَقوا لَهُ *** إِبِلاً مِنَ الصَدَقاتِ وَهوَ مُصَمِّمُ

لَم يَعفُ بَل قَطَعَ الأَكُفَّ وَأَرجُلاً *** مِن بَعدِ ما سَمَلَ النَواظِرَ مِنهُمُ

وَرَماهُمُ مِن بَعدِ ذاكَ بِحَرَّةٍ *** نارُ الهَواجِرِ فَوقَها تَتَضَرَّمُ

وَرَجا أُناسٌ أَن يَرِقَّ عَليهِمُ *** فَأَبى وَقالَ كَذا يُجازى المُجرِمُ

وَكَذا فَتى الخَطّابِ قادَ بِلَطمَةٍ *** مَلِكاً لِغَسّانٍ أَبوهُ الأَيهَمُ

فَشَكا وَقالَ لَهُ أَتَلطِمُ سوقَةٌ *** مَلِكاً فَقالَ أَجَل وَأَنفُكَ مُرغَمُ

هَذي حُدودُ اللَهِ مَن يَخلُل بِها *** فَجَزاؤُهُ يَومَ المَعادِ جَهَنَّمُ

وَاِنظُر لِقَولِ اِبنِ الحُسَينِ وَقَد رَأى *** حالاً يَشُقُّ عَلى الأَبيِّ وَيَعظُمُ

لا يَسلَمُ الشَرَفُ الرَفيعُ مِنَ الأَذى *** حَتّى يُراقَ عَلى جَوانِبِهِ الدَمُ

(ديوان صفي الدين الحلي)

 

قال صفي الدين الحلي:

توق حدود الله لا يأت محرما *** إذا شئت أن تحظى بجناته العليا

وإن أمكنت يوما من الدهر لذة *** فخذها ولا تنس النصيب من الدنيا

(ديوان صفي الدين الحلي)

 

متفرقات

1- قال الإمام أحمد: “لا أعلم حداً بعد القتل ذنباً أعظم من الزنا، وأجمعوا على تحريمه”(المجموع للنووي: 20-4).

 

2- قال أبو محمد ابن حزم رحمه الله: لم يصف الله تعالى حدا من العقوبة محدودا لا يتجاوز في النفس، أو الأعضاء، أو البشرة، إلا في سبعة أشياء: وهي: المحاربة، والردة، والزنى، والقذف بالزنى، والسرقة، وجحد العارية، وتناول الخمر في شرب أو أكل فقط (المحلى: 11-118).

 

3- قال الحافظ: “وهكذا إقامة الحدود يحصل بها النجاة لمن أقامها وأقيمت عليه، وإلا هلك العاصي بالمعصية والساكت بالرضا بها”(فتح الباري:5-296).

 

4- قال ابن جرير: “يقول تعالى ذكره: الأعراب أشدّ جحودًا لتوحيد الله، وأشدّ نفاقًا، من أهل الحضر في القرى والأمصار. وإنما وصفهم جل ثناؤه بذلك، لجفائهم، وقسوة قلوبهم، وقلة مشاهدتهم لأهل الخير، فهم لذلك أقسى قلوبًا، وأقلّ علمًا بحقوق الله. وقوله: (وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ)، يقول: وأخلق أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله”(تفسير الطبري).

 

5- قال ابن عاشور عند قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) قال: ”فجعل ظلمهم نساءهم ظلمًا لأنفسهم؛ لأنه يؤدي إلى اختلال المعاشرة واضطراب حال البيت، وفوات المصالح بشغب الأذهان في المخاصمات. وظلم نفسه أيضًا بتعريضها لعقاب الله في الآخرة”( التحرير والتنوير).

 

6- قال ابن عاشور عند قوله تعالى: (والحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ): “صفة جامعة للعمل بالتكاليف الشرعية عند توجهها. وحقيقة الحفظ توخي بقاء الشيء في المكان الذي يراد كونه فيه رغبة صاحبه في بقائه ورعايته عن أن يضيع. ويطلق مجازا شائعا على ملازمة العمل بما يؤمر به على نحو ما أمر به وهو المراد هنا، أي والحافظون لما عين الله لهم، أي غير المضيعين لشيء من حدود الله.

وأطلقت الحدود مجازا على الوصايا والأوامر. فالحدود تشمل العبادات والمعاملات لما تقدم في قوله - تعالى: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها)[البقرة: ٢٢٩](التحرير والتنوير).

 

قال القرطبي عند قوله تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا)[الطَّلَاقِ: 8] قال: “والعصيان إن أريد به الكفر فالخلود على بابه، وإن أريد به الكبائر وتجاوز أوامر الله تعالى فالخلود مستعار لمدة ما، كما تقول: خلد الله ملكه”(تفسير القرطبي).

 

قال السعدي: “وكما أن من اتقى الله جعل له فرجًا ومخرجًا، فمن لم يتق الله، وقع في الشدائد والآصار والأغلال، التي لا يقدر على التخلص منها والخروج من تبعتها، واعتبر ذلك بالطلاق، فإن العبد إذا لم يتق الله فيه، بل أوقعه على الوجه المحرم، كالثلاث ونحوها، فإنه لا بد أن يندم ندامة لا يتمكن من استدراكها والخروج منها”(تفسير السعدي) وهذا جزاء من انتهك حدود الله.

 

قال طنطاوي: “وهذا لون حكيم من ألوان إصلاح النفوس، لأنه إذا حصل النهي عن القرب من الشيء، فلأن ينهى عن فعله من باب أولى.

 

فكأنه سبحانه يقول: كونوا أيها المسلمون بعيدين عن كل المقدمات التي تفضي إلى فاحشة الزنا، كمخالطة النساء، والخلوة بهن، والنظر إليهن... فإن ذلك يفتح الطريق إلى الوقوع فيها”(التفسير الوسيط).

 

 

“ولا تقربوا الزنى ودواعيه؛ كي لا تقعوا فيه، إنه كان فعلًا بالغ القبح، وبئس الطريق طريقه”(التفسير الميسر، مجمع الملك فهد ص٢٨٥).

 

الإحالات

1- الحدود والتعزيرات عند ابن القيم؛ لبكر بن عبد الله أبو زيد.

 

2- الحدود والأقضية؛ لطارق بن عوض الله بن محمد أبو معاذ.

 

3- الوجيز في أحكام الحدود والقصاص والتعزير؛ لماجد أبو رخية.