بهتان

2022-10-12 - 1444/03/16

التعريف

البهتان لغة:

البهتان: هو الاسم من البهت، وهو مأخوذ من مادّة (ب هـ ت) الّتي يدور معناها حول الدّهش والحيرة، وتتّصل فروعها بهذا الأصل وتتقارب، يقول ابن فارس: «الباء والهاء والتّاء أصل واحد، وهو كالدّهش والحيرة، يقال: بهت الرّجل، يبهت بهتا، والبهتة الحيرة، فأمّا البهتان فالكذب، يقول العرب: يا للبهتة، أي ياللكذب»، قال- تعالى- (هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ) [النور: 16] أي كذب يبهت سامعه لفظاعته.

يقول الجوهريّ: وبهت الرّجل- بالكسر- إذا دهش وتحيّر، وبهت- بالضّمّ- مثله، وأفصح منهما بهت، كما قال: جلّ ثناؤه: (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) [البقرة: 258] لأنّه يقال: رجل مبهوت، ولا يقال: باهت، ولا بهيت.

والبهيتة: الباطل الّذي يتحيّر من بطلانه.

والبهتان: من بهت الرّجل يبهته بهتا، وبهتا، وبهتانا، فهو بهّات: أي قال عليه ما لم يفعله، فهو مبهوت. وبهته بهتا: أخذه بغتة، وفي التّنزيل العزيز: (بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ) [الأنبياء: 40].

والبهتان: افتراء. وفي التّنزيل العزيز: (وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ) [الممتحنة: 12].

وباهته: استقبله بأمر يقذفه به، وهو منه بريء لا يعلمه فيبهت منه، والاسم البهتان.

وبهتّ الرّجل أبهته بهتا إذا قابلته بالكذب، وقوله عزّ وجلّ: (أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) [النساء: 20] أي مباهتين آثمين. قال أبو إسحاق: البهتان: الباطل الّذي يتحيّر من بطلانه، وهو من البهت وهو التّحيّر، والألف والنّون زائدتان، وبهتانا موضع المصدر، وهو حال، والمعنى: أتأخذونه مباهتين وآثمين؟.

وبهت فلان فلانا إذا كذب عليه، وبهت وبهت إذا تحيّر، وقوله عزّ وجلّ: (وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ) [الممتحنة: 12] أي لا يأتين بولد عن معارضة من غير أزواجهنّ، فينسبنه للزّوج، فإنّ ذلك بهتان وفرية، يقال: كانت المرأة تلتقطه فتتبنّاه.والبهوت: المباهت، والجمع بهت وبهوت.

والبهت والبهيتة: الكذب، وفي حديث الغيبة: «وإن لم يكن فيه ما تقول، فقد بهتّه» أي كذبت وافتريت عليه، وفي حديث ابن سلام في ذكر اليهود: إنّهم قوم بهت، قال ابن الأثير: هو جمع بهوت، من بناء المبالغة في البهت، مثل صبور وصبر، ثمّ يسكّن تخفيفا [المقاييس (1/ 307)، والصحاح (1/ 244)، والمفردات (61)، والقاموس المحيط (1/ 144)، لسان العرب (2/ 12- 13)، نزهة الأعين النواظر (193) ] .

واصطلاحا:

البهتان: هو الكذب والافتراء الباطل الّذي يتحيّر منه.

وقال المناويّ: البهتان: كذب يبهت سامعه ويدهشه ويحيّره لفظاعته، وسمّي بذلك لأنّه يبهت أي يسكت لتخيّل صحّته، ثمّ ينكشف عند التّأمّل.

وقال الكفويّ: البهتان: هو الكذب الّذي يبهت سامعه أي يدهش له ويتحيّر. وهو أفحش من الكذب، وإذا كان بحضرة المقول فيه كان افتراء.

وقيل: كلّ ما يبهت له الإنسان من ذنب وغيره [النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 165)، والتوقيف للمناوى (84) والكليات للكفوي (154، 226) ] .

 

 

العناصر

1- الفرق بين البهتان والاغتياب والافتراء والإفك.


2- ليس كل شائعة يطعن بها في عرض وينال بها مسلم تصدق بل يلزمنا حسن الظن بإخواننا.


3- إقالة عثرة ذوي العثرات وذوي الهيئات.


4- أعداء الله حاربوا دعوة الله ببث الشائعات الملفقة ضد الإسلاميين.


5- اختلاق الأكاذيب صفة من صفات المنافقين.


6- فضل الذب عن عرض المسلم فيما يقع عليه من افتراء.


7- إتباع الهوى في التشريع حقيقته افتراء على الله.


8- كل قول بغير علم افتراء فكيف إذا كان في الدين والدعوة.


9- عاقبة من يتكلم على الله بغير علم أو يفتري في دين الله.


10- أهل الخصوص من الصُوّام صومهم صون اللسان عن البهتان والكذب.


11- واجب على المؤمنين أن تكون مجالسهم مبرأة من البهتان، مبرأة مما يكسبهم الإثم المبين والذنب العظيم بالوقيعة وباللمز لهداة الأمة من علمائها الذين هم صفوتها.
 

الايات

1- قال الله تعالى: (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) [النساء:20-21].

 

2- قوله تعالى: ( (وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً * وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) [النساء:111-112].

 

3- قوله تعالى: ( فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا * وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً) [النساء:155-156].

 

4- قول تعالى: (وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ * إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ * وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ) [النور:14-16].

 

5- قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً * وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) [الأحزاب:57-58].

 

6- قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الممتحنة:12].

الاحاديث

1- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "أتدرون ما الغيبة؟" قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: "ذكرك أخاك بما يكره" قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟. قال: "إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته. وإن لم يكن فيه، فقد بهتّه" [رواه مسلم (2589)].


2- عن عبادة بن الصّامت- رضي اللّه عنه- وكان شهد بدرا، وهو أحد النّقباء ليلة العقبة- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال وحوله عصابة من أصحابه: "بايعوني على أن لا تشركوا باللّه شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على اللّه، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدّنيا فهو كفّارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثمّ ستره اللّه فهو إلى اللّه، إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه" فبايعناه على ذلك. [رواه البخاري- الفتح 1 (18)].


3- عن أنس- رضي اللّه عنه- قال: بلغ عبد اللّه بن سلام مقدم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة، فأتاه فقال: إنّي سائلك عن ثلاث لا يعلمهنّ إلّا نبيّ، قال: ما أوّل أشراط السّاعة؟ وما أوّل طعام يأكله أهل الجنّة؟، ومن أيّ شيء ينزع الولد إلى أبيه، ومن أيّ شيء ينزع إلى أخواله؟. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "خبّرني بهنّ آنفا جبريل". قال: فقال عبد اللّه: ذاك عدوّ اليهود من الملائكة، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أمّا أوّل أشراط السّاعة فنار تحشر النّاس من المشرق إلى المغرب. وأمّا أوّل طعام يأكله أهل الجنّة فزيادة كبد حوت. وأمّا الشّبه في الولد فإنّ الرّجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشّبه له، وإذا سبق ماؤها كان الشّبه لها". قال: أشهد أنّك رسول اللّه. ثمّ قال: يا رسول اللّه، إنّ اليهود قوم بهت، إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بهتوني عندك.فجاءت اليهود، ودخل عبد اللّه البيت، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أيّ رجل فيكم عبد اللّه بن سلام؟" قالوا: أعلمنا وابن أعلمنا، وأخيرنا وابن أخيرنا. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أفرأيتم إن أسلم عبد اللّه؟" قالوا: أعاذه اللّه من ذلك. فخرج عبد اللّه إليهم فقال: أشهد أن لا إله إلّا اللّه، وأشهد أنّ محمّدا رسول اللّه. فقالوا: شرّنا وابن شرّنا، ووقعوا فيه. [رواه البخاري- الفتح 6 (3329)].


4- عن عليّ بن أبي طالب- رضي اللّه عنه- قال: دعاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: "إنّ فيك من عيسى مثلا، أبغضته يهود حتّى بهتوا أمّه، وأحبّته النّصارى حتّى أنزلوه بالمنزل الّذي ليس به" ألا وإنّه يهلك فيّ اثنان، محبّ يقرّظني بما ليس فيّ، ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني، ألا إنّي لست بنبيّ، ولا يوحى إليّ، ولكنّي أعمل بكتاب اللّه وسنّة نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما استطعت، فما أمرتكم من طاعة اللّه فحقّ عليكم طاعتي فيما أحببتم وكرهتم. [رواه أحمد (1/ 160) وقال الشيخ أحمد شاكر (2/ 356): إسناده حسن].


5- عن سعيد بن زيد، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّ من أربى الرّبا الاستطالة في عرض المسلم بغير حقّ" [رواه أحمد (1/ 190)، وأبو داود (4876) واللفظ له، وقال الألباني (3/ 923): صحيح، المشكاة (5045) التحقيق الثاني، الصحيحة (1433، 1871)].


6- عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم "لمّا عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم.فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الّذين يأكلون لحوم النّاس، ويقعون في أعراضهم" [رواه أحمد (3/ 224)، وأبو داود (4878) واللفظ له، وقال الألباني (3/ 923): صحيح].


7- عن معاذ بن أنس الجهنيّ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال- من حمى مؤمنا من منافق- أراه قال- بعث اللّه ملكا يحمي لحمه يوم القيامة من نار جهنّم، ومن رمى مسلما بشيء يريد شينه به حبسه اللّه على جسر جهنّم حتّى يخرج ممّا قال" [رواه أبو داود (4883) واللفظ له، وقال الألباني (3/ 924): حسن، المشكاة (4986/ التحقيق الثاني)].


8- عن عائشة- رضي اللّه عنها- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خطب النّاس فحمد اللّه وأثنى عليه وقال: "ما تشيرون عليّ في قوم يسبّون أهلي ما علمت عليهم من سوء قطّ"، وعن عروة قال: لمّا أخبرت عائشة بالأمر قالت: يا رسول اللّه أتأذن لي أن أنطلق إلى أهلي؟ فأذن لها وأرسل معها الغلام، وقال رجل من الأنصار: سبحانك ما يكون لنا أن نتكلّم بهذا، سبحانك هذا بهتان عظيم. [رواه البخاري- الفتح 13 (7370)].
 

الاثار

عن أسلم مولى عمر: أنّ عمر دخل يوما على أبي بكر الصّدّيق وهو يجبذ لسانه، فقال عمر:مه؟ غفر اللّه لك. فقال له أبو بكر: إنّ هذا أوردني الموارد. [رواه مالك في الموطأ (2/ 988) واللفظ له، وقال محقق جامع الأصول (11/ 728 و729): إسناده صحيح].

القصص

1- عن جابر بن سمرة، قال: (شكا أهل الكوفة سعدا إلى عمر رضي الله عنه، فعزله، واستعمل عليهم عمارا، فشكوا حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي، فأرسل إليه، فقال: يا أبا إسحاق إن هؤلاء يزعمون أنك لا تحسن تصلي، قال أبو إسحاق: أما أنا والله فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخرم عنها، أصلي صلاة العشاء، فأركد في الأوليين وأخف في الأخريين، قال: ذاك الظن بك يا أبا إسحاق، فأرسل معه رجلا أو رجالا إلى الكوفة، فسأل عنه أهل الكوفة ولم يدع مسجدا إلا سأل عنه، ويثنون معروفا، حتى دخل مسجدا لبني عبس، فقام رجل منهم يقال له أسامة بن قتادة يكنى أبا سعدة قال: أما إذ نشدتنا فإن سعدا كان لا يسير بالسرية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية، قال سعد: أما والله لأدعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذبا، قام رياء وسمعة، فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه بالفتن، وكان بعد إذا سئل يقول: شيخ كبير مفتون، أصابتني دعوة سعد، قال عبد الملك - راوي الأثر عن سمرة -: فأنا رأيته بعد، قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، وإنه ليتعرض للجواري في الطرق يغمزهن [رواه البخاري (755) واللفظ له، ومسلم (453)] .

 

2- قال الذهبي رحمه الله: قال ابن طاهر سمعت أصحابنا بهراة يقولون: لما قدم السلطان ألب أرسلان هراة في بعض قدماته اجتمع مشايخ البلد ورؤساؤه ودخلوا على أبي إسماعيل وسلموا عليه وقالوا: ورد السلطان ونحن على عزم أن نخرج ونسلم عليه فأحببنا أن نبدأ بالسلام عليك، وكانوا قد تواطئوا على أن حملوا معهم صنمًا من نحاس صغير وجعلوه في المحراب تحت سجادة الشيخ وخرجوا وقام إلى خلوته ودخلوا على السلطان واستغاثوا من الأنصاري وأنه مجسم وأنه يترك في محرابه صنما يزعم أن الله على صورته إن بعث الآن السلطان يجده فعظم ذلك على السلطان وبعث غلامًا ومعه جماعة فدخلوا الدار وقصدوا المحراب فأخذوا الصنم ورجع الغلام بالصنم فبعث السلطان من أحضر الأنصاري, فأتى فرأى الصنم والعلماء والسلطان قد اشتد غضبه؛ فقال السلطان له: ما هذا؟ قال: هذا صنم يعمل من الصفر شبه اللعبة؛ قال: لست عن ذا أسألك؟ قال: فعم يسألني السلطان؟ قال: إن هؤلاء يزعمون أنك تعبد هذا، وأنك تقول: إن الله على صورته، فقال الأنصاري بصولة وصوت جهوري: سبحانك هذا بهتان عظيم، فوقع في قلب السلطان أنهم كذبوا عليه, فأمر به فأخرج إلى داره مكرمًا، وقال لهم: اصدقوني, وهددهم فقالوا: نحن في يد هذا الرجل في بلية من استيلائه علينا بالعامة, فأردنا أن نقطع شره عنا، فأمر بهم ووكل بكل واحد منهم وصادرهم وأهانهم [تذكرة الحفاظ للذهبي (3/ 251 - 252)] .

الاشعار

قال ابن القيم رحمه الله:
لسنا نشبه وصفه بصفاتنا *** ان المشبه عابد الأوثان
كلا ولا نخليه من أوصافه *** إن المعطل عابد البهتان
من مثل الله العظيم بخلقه *** فهو النسيب لمشرك نصراني
أو عطل الرحمن من أوصافه *** فهو الكفور وليس ذا إيمان
هذا ومن توحيدهم إثبات أو صاف الكمال لربنا الرحمن
كعلوه سبحانه فوق السماوات العلى *** بل فوق كل مكان
فهو العلي بذاته سبحانه *** إذ يستحيل خلاف ذا ببيان
وهو الذي حقا على العرش استوى *** قد قام بالتدبير للأكوان
حي مريد قادر متكلم *** ذو رحمة وإرادة وحنان
هو أول هو آخر هو ظاهر *** هو باطن هي أربع بوزان
[القصيدة النونية ( الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية )لابن قيّم الجوزية(2/14)].
 

الدراسات

متفرقات

1- قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا) أي ينسبون إليهم ما هم براء منه لم يعملوه ولم يفعلوه (فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) [الأحزاب: 58]، وهذا هو البهت الكبير أن يحكي أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لم يفعلوه على سبيل العيب والتّنقّص لهم، ومن أكثر من يدخل في هذا الوعيد الكفرة باللّه ورسوله، ثمّ الرّافضة الّذين ينتقصون الصّاحبة ويعيبونهم بما قد برّأهم اللّه منه ويصفونهم بنقيض ما أخبر اللّه عنهم فإنّ اللّه- عزّ وجلّ- قد أخبر أنّه قد رضي عن المهاجرين والأنصار ومدحهم، وهؤلاء الجهلة الأغبياء يسبّونهم وينتقصونهم ويذكرون عنهم ما لم يكن ولا فعلوه أبدا، فهم في الحقيقة منكّسوا القلوب، يذمّون الممدوحين، ويمدحون المذمومين. [ تفسير ابن كثير. (3/ 517، 518)].


2- قال ابن كثير أيضاً في تفسير قوله تعالى: (سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ) [النور: 16] أي سبحان اللّه أن يقال هذا الكلام على زوجة رسوله وحليلة خليله، أي ما ينبغي لنا أن نتفوّه بهذا الكلام. [ تفسير ابن كثير. (3/ 274) بتصرف].


3- قال ابن كثير في قوله تعالى: (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً) [النساء: 156]. عن ابن عبّاس: يعني أنّهم رموها بالزّنا ورموها وابنها بالعظائم ... فعليهم لعائن اللّه المتتابعة إلى يوم القيامة. [ تفسير ابن كثير. (1/ 573) بتصرف].


4- يقال: رأس المآثم الكذب، وعموم الكذب البهتان. [ المستطرف (1/ 357)].
 

التحليلات

الإحالات

1- موسوعة الأخلاق الإسلامية إعداد: مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف الناشر: موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net عدد الأجزاء: 3 (2/131) .

2- الْمُخْتَصَرُ النَّصِيحُ فِي تَهْذِيبِ الْكِتَابِ الْجَامِعِ الْصَّحِيحِ المؤلف: المُهَلَّبُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي صُفْرَةَ أَسِيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ، المَرِيِيُّ (المتوفى: 435هـ) المحقق: أَحْمَدُ بْنُ فَارِسٍ السَّلوم الناشر: دار التوحيد، دار أهل السنة – الرياض الطبعة: الأولى، 1430هـ - 2009 م عدد الأجزاء: 4 (4/182) – باب حديث الإفك .

3- نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم المؤلف : عدد من المختصين بإشراف الشيخ/ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي الناشر : دار الوسيلة للنشر والتوزيع، جدة الطبعة : الرابعة (9/4107) .

4- موسوعة البحوث والمقالات العلمية جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة حوالي خمسة آلاف وتسعمائة مقال وبحث علي بن نايف الشحود .

5- فتاوى اللجنة الدائمة(32)جزءا الكتاب : فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء المؤلف : أحمد بن عبد الرزاق الدويش الناشر : الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء عدد الأجزاء : 32 (26/12) .

6- فيض الباري على صحيح البخاري المؤلف: (أمالي) محمد أنور شاه بن معظم شاه الكشميري الهندي ثم الديوبندي (المتوفى: 1353هـ) المحقق: محمد بدر عالم الميرتهي، أستاذ الحديث بالجامعة الإسلامية بدابهيل (جمع الأمالي وحررها ووضع حاشية البدر الساري إلى فيض الباري) الناشر: دار الكتب العلمية بيروت – لبنان الطبعة: الأولى، 1426 هـ - 2005 م (5/345) .

7- فتح الباري المؤلف : أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (المتوفى : 852هـ) المحقق : عبد العزيز بن عبد الله بن باز ومحب الدين الخطيب رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه وذكر أطرافها : محمد فؤاد عبد الباقي الناشر : دار الفكر (8/452) .

8- جامع الأصول في أحاديث الرسول المؤلف : مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير (المتوفى : 606هـ) تحقيق : عبد القادر الأرنؤوط - التتمة تحقيق بشير عيون الناشر : مكتبة الحلواني - مطبعة الملاح - مكتبة دار البيان الطبعة : الأولى (2/250) .

9- أسباب نزول القرآن المؤلف : أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي (المتوفى : 468هـ) المحقق : عصام بن عبد المحسن الحميدان قال المحقق : قمت بتوفيق الله وحده بتخريج أحاديث الكتاب تخريجا مستوفى على ما ذكر العلماء أو ما توصلت إليه من خلال نقد تلك الأسانيد الناشر : دار الإصلاح – الدمام الطبعة : الثانية ، 1412 هـ - 1992 م (1/323) .

10- الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار وشرح ذلك كله بالإيجاز والإختصار. المؤلف: أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري القرطبي 368هـ - 463هـ تحقيق: عبدالمعطي امين قلعجي. الناشر: دار قتيبة - دمشق | دار الوعي – حلب الطبعة: الأولى 1414هـ - 1993م (27/326) .

11- تاج العروس من جواهر القاموس المؤلف : محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني ، أبو الفيض ، الملقّب بمرتضى ، الزَّبيدي تحقيق مجموعة من المحققين الناشر دار الهداية 04/452) .

12- حرمة المسلم على المسلم المؤلف : الدكتور ماهر ياسين الفحل رئيس قسم الحديث - كلية العلوم الإسلامية - جامعة الأنبار 1426ه‍ / 2006م .

13- موسوعة الأخلاق الإسلامية إعداد: مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف (2/126) .