بكاء

2022-10-05 - 1444/03/09

التعريف

البكاء : مصدر بكى يبكي بكى ، وبكاء يمد ويقصر [القاموس المحيط والمصباح المنير مادة : بكى ].

قال في اللسان : البكاء يقصر ويمد . قال الفراء وغيره : إذا مددت أردت الصوت الذي يكون مع البكاء ، وإذا قصرت أردت الدموع وخروجها .

قال كعب بن مالك رضي الله عنه في رثاء حمزة

بكت عيني وحق لها بكاها *** وما يغني البكاء ولا العويل

قال الخليل : من قصر ذهب به إلى معنى الحزن ، ومن مده ذهب به إلى معنى الصوت .

والتباكي : تكلف البكاء كما في الحديث فإن لم تبكوا فتباكوا . ولا يخرج استعمال الفقهاء عن ذلك .

[انظر لسان العرب والمصباح والقاموس المحيط ، والكليات 1 / 429، و حاشية قليوبي وعميرة على شرح المحلى شرح المنهاج 1 / 343 ، وكشاف القناع 2 / 162 ، وحاشية الباجوري 1 / 259 ، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 421 ، وشرح الخرشي 1 / 133 ، ومغني المحتاج 2 / 43 ] .

العناصر

1- أسباب البكاء .

2-أنواع البكاء .

3- حكم البكاء في المصيبة .

4- حكم البكاء في الصلاة .

5- الفرق بين بكاء الحزن وبكاء الخوف .

6- ذم الله تعالى القساة قلوبهم .

7- وسائل وطرق لعلاج قسوة القلب .

8- أحوال السلف في الخوف والبكاء من خشية الله وعند قراءة القرآن .

9- مدح العين الباكية خشية لله .

10- ذم الضحك وكثرته .

الايات

1- قال الله تعالى: (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً * قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً * وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) [سورة الإسراء: 6-9] .

2- قوله تعالى: (وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ) [سورة التوبة: 92] .

3- قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) [مريم: 58] .

4- قوله تعالى (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الحَقِّ وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ) [الحديد: 16] .

5- قال تَعَالَى: (أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ) [النجم:59].

6- قوله تَعَالَى: (وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزيدُهُمْ خُشُوعاً) [الإسراء:109] .

الاحاديث

1- عن عبد الله بن مسعود قال قال لي النبي صلى الله عليه وسلم "اقرأ علي" قلت يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل قال "نعم" فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) قال: "حسبك الآن" فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان [النساء:41] [أخرجه البخاري (5050)].

 

2- عن الحَسن قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " مَا منْ قطرةٍ أحب إلى الله مِنْ قطرةِ دمٍ في سبيله وقطرةِ دمعٍ في جوف الليل من خشيته، وما من جرْعةٍ أحبُّ إلى الله من جَرْعةِ مصيبة مُوجِعة ردّها بصبرٍ وحسُن عزاؤه، وجرعةِ غيظٍ كظَم عليها " [عيون الأخبار لابن قتيبة الدينوري (ص: 319)].

 

3- عن عائشة-رضي الله عنها- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: "يا أمّة محمّد، والله لو تعلمون، ما أعلم، لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا" [البخاري- الفتح 11 (6631)].

 

4- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم" [أخرجه الترمذي (1633) وقال الألباني صحيح].

 

5- أنس بن مالك -رضي الله عنه - قال: "دخلنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أبي سيف القين -وكان ظئرا لإبراهيم- فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابنه إبراهيم، فقبله وشمه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك، وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تذرفان، فقال ابن عوف: وأنت يا رسول الله، فقال: يا ابن عوف، إنها رحمة، ثم أتبعها بأخرى، فقال: إن العين تدمع، والقلب يخشع، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم محزونون" [رواه البخاري (3/139) في الجنائز، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا بك لمحزونون، ومسلم (2315) في الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال وتواضعه، وأبو داود (3126) في الجنائز، باب في البكاء على الميت].

 

6- عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: لما حضرت بنت لرسول الله صغيرة، أخذها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وضمها إلى صدره، ثم وضع يده عليها، [فقضت] وهي بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فبكت أم أيمن، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا أم أيمن، أتبكين ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندك؟" فقالت: مالي لا أبكي ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبكي؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إني لست أبكي، ولكنها رحمة"، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المؤمن بخير على كل حال، تنزع نفسه من بين جنبيه، وهو يحمد الله عز وجل" [أخرجه النسائي (4/12) في الجنائز، باب في البكاء على الميت، وقال عبد القادر الأرناؤوط وهو حديث حسن].

 

7- عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله الإمام العادل وشاب نشأ في عبادة ربه ورجل قلبه معلق في المساجد ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ورجل تصدق أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه" [أخرجه البخاري (1/234)].

 

8- عن عبد الله بن الشِّخِّير رضي الله عنه، قَالَ: أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي ولِجَوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ المِرْجَلِ مِنَ البُكَاءِ. [مسند أحمد رقم: (16312) (16421) قال عبد الله بن أحمد: لم يقل من البكاء إلا يزيد بن هارون ورواه الحاكم رقم: (971) هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه].

 

9- عن عائشة قالت لما دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيتى قال " مروا أبا بكر فليصل بالناس ". قالت فقلت يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق إذا قرأ القرآن لا يملك دمعه فلو أمرت غير أبى بكر. قالت والله ما بى إلا كراهية أن يتشاءم الناس بأول من يقوم فى مقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالت فراجعته مرتين أو ثلاثا فقال " ليصل بالناس أبو بكر فإنكن صواحب يوسف " [صحيح مسلم رقم: (967)].

 

10- عن أَبي أُمَامَة صُدَيِّ بن عجلان الباهلي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "لَيْسَ شَيْءٌ أحَبَّ إِلى اللهِ تَعَالَى مِنْ قطْرَتَيْنِ وَأثَرَيْنِ: قَطَرَةُ دُمُوع مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَقَطَرَةُ دَمٍ تُهَرَاقُ في سَبيلِ اللهِ. وَأَمَّا الأَثَرَانِ: فَأَثَرٌ في سَبيلِ اللهِ تَعَالَى، وَأَثَرٌ في فَريضةٍ مِنْ فَرائِضِ الله تَعَالَى" [رواه الترمذي برقم: (1669) وقال: حديث حسن غريب، المشكاة (3837) وحسنه الشيخ الالباني في صحيح الترمذي].

 

11- عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لأبي: "إن الله عز وجل أمرني أن أقرأ عليك" قال: آلله سماني لك؟ قال: "الله سماك لي" قال فجعل أبي يبكي [صحيح مسلم رقم: (799)].

الاثار

1- بكى أبو هريرة رضي الله عنه عند الموت، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: لبعد سفري، وقلة حيلتي [الزهر الفائح في ذكر من تنزه عن الذنوب والقبائح ابن الجزري ص30].

 

2- بكى عمر رضي الله عنه عند الموت، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: أخاف أن أكون قد أتيت بذنب أحسبه هيناً وهو عند الله عظيم [الزهر الفائح في ذكر من تنزه عن الذنوب والقبائح ابن الجزري ص30].

 

3- قال عبد الله بن شداد رضي الله عنه: سمعت نشيج عمر وأنا في آخر الصفوف يقرأ: (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) [فتح الباري (2/206)].

 

4-كان حذيفة رضي الله عنه يبكي بكاء شديداً، فقيل له: ما بكاؤك؟ فقال: لا أدري على ما أقدم؟ على رضا أم على سخط؟ [الزهر الفائح في ذكر من تنزه عن الذنوب والقبائح ابن الجزري ص4].

 

5- بكى معاذ رضي الله عنه بكاء شديداً، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: لأن الله عز وجل قبض قبضتين، فجعل واحدة في الجنة، والأخرى في النار، فأنا لا أدري من أي الفريقين أكون [الزهر الفائح في ذكر من تنزه عن الذنوب والقبائح ابن الجزري ص4].

 

6- عن أبي إسحاق الخَمِيسيّ قال: كان يزيدُ الرقاشي يقول: ويحك يا يزيدُ! مَن يصومُ عنك! مَن يصلَي عنك! ومن ذا يترضَى لك ربك من بعدك! ثم يقول: يا معشر مَنِ الموت موعده، والقْبرُ بيتُه ألا تبكون! قال: فكان يبكي حتى تسقطَ أشفارُ عينيه [عيون الأخبار لابن قتيبة الدينوري ص 246].

 

7- قال ابن أبي الحوَارِي: رأيت أبا سليمان الدارانيّ يبكي، فقلت له: ما يُبكيك؟ فقال: إنما أبكِي لذلك الغم الذي ليس فيه فرحٌ، وذلك الأمدِ الذي ليس له انقطاعٌ [عيون الأخبار لابن قتيبة الدينوري ص 247].

 

8-كان سفيان الثوري رضي الله تعالى عنه من شدة تفكره يبول الدم، وكان إذا سمع المؤذن يتغير لونه ويبكي حتى يغمى عليه [الزهر الفائح في ذكر من تنزه عن الذنوب والقبائح ابن الجزري ص4].

 

9-كان أبو عبيدة الخواص رضي الله عنه يبكي ويقول: قد كبرت فاعتقني من النار [الزهر الفائح في ذكر من تنزه عن الذنوب والقبائح ابن الجزري ص4].

 

10-كان يزيد الرقاشي رضي الله عنه يبكي حتى أظلمت عيناه وأحرقت الدموع مجاريها [الزهر الفائح في ذكر من تنزه عن الذنوب والقبائح ابن الجزري ص4].

 

11-كان مالك بن دينار رضي الله عنه يبكي حتى سودت الدموع خده، وكان يقول: لو ملكت البكاء لبكيت أيام حياتي [الزهر الفائح في ذكر من تنزه عن الذنوب والقبائح ابن الجزري ص4].

 

12- عن أبي رزين في قوله تعالى (فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا) [التوبة: 82] قال الدنيا كلها قليل فليضحكوا فيها ما شاءوا وإذا صاروا إلى الآخرة بكوا بكاء لا ينقطع فذلك كثيرا [الزهد - هناد بن السري 469].

 

13- عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشية ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيقف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون منه وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين [صحيح البخاري (1/181)].

 

14- عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف: أنَّ عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أُتِيَ بطعام وكان صائِماً، فقال: قُتِلَ مُصْعَبُ بن عُمَيْر رضي الله عنه، وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي، فَلَمْ يوجَدْ له مَا يُكَفَّنُ فيهِ إِلاَّ بُرْدَةٌ إنْ غُطِّيَ بِهَا رَأسُهُ بَدَتْ رِجْلاهُ؛ وَإنْ غُطِّيَ بِهَا رِجْلاَهُ بَدَا رَأسُهُ، ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ -أَو قَالَ: أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا- قَدْ خَشِينا أنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا، ثُمَّ جَعَلَ يَبكِي حَتَّى تَرَكَ الطعَام. [رواه البخاري في الصحيح رقم: (1274)].

 

15- قال الفضيل بن عياض: خمس من علامات الشقوة: القسوة في القلب، وجمود العين، وقلة الحياء، والرغبة في الدنيا، وطول الأمل [مدارج السالكين (2/260)].

 

16 - عن حمزة الأعمى قال: ذهبت بي أمي إلى الحسن، فقالت: يا أبا سعيد ابني هذا قد أحببت أن يلزمك؛ فلعل الله أن ينفعه بك، قال: فكنت أختلف إليه، فقال لي يوماً: يا بني! أَدِمِ الحزن على خير الآخرة؛ لعله أن يوصلك إليه، وابك في ساعات الليل والنهار في الخلوة؛ لعل مولاك أن يطلع عليك، فيرحم عبرتك، فتكون من الفائزين [البداية والنهاية (9/269)].

 

17- قال الحسن البصري: بلغنا أن الباكي من خشية الله لا تقطر من دموعه قطره حتى تعتق رقبته من النار [البداية والنهاية (9/270)].

 

18- قال أيضاً: لو أن باكياً بكى في ملأ من خشية الله لرحموا جميعا وليس شيء من الأعمال إلا له وزن إلا البكاء من خشية الله فإنه لا يقوم الله بالدمعة منه شيء وقال: ما بكى عبد إلا شهد عليه قلبه بالصدق أو الكذب [البداية والنهاية (9/270)].

 

19- قال أبو جعفر الباقر: ما اغرورقت عين عبد بمائها إلا حرم الله وجه صاحبها على النار، فإن سالت على الخدين لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة، وما من شيء إلا وله جزاء إلا الدمعة فإن الله يكفر بها بحور الخطايا، ولو أن باكياً بكى من خشية الله في أمة رحم الله تلك الأمة [البداية والنهاية 09/312)].

 

20- عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: لأنْ أدمع دمعة من خشية الله عز وجل أحب إلي من أن أتصدق بألف دينار [شعب الإيمان المؤلف: أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة الأولى، 1410 تحقيق: محمد السعيد بسيوني زغلول رقم: (842)].

 

21 - قال كعب الأحبار: لأن أبكي من خشية الله فتسيل دموعي على وجنتي أحب إليَّ من أن أتصدق بوزني ذهباً [الحلية (تهذيبه) (2/ 246)].

 

22- يقول أبو سليمان الداراني: لو لم يبك العاقل فيما بقي من عمره إلا على فوت ما مضى منه في غير الطاعة - لكان خليقاً أن يحزنه ذلك إلى الممات؛ فكيف بمن يستقبل ما بقي من عمره بمثل ما مضي من جهله [قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف: محمد بن علي بن عطية الحارثي المشهور بأبي طالب المكي دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان - 1426 هـ -2005 م الطبعة: الثانية تحقيق: د.عاصم إبراهيم الكيالي (1/303)].

القصص

1- عن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: لما ضاقت علينا مكة فذكرت الحديث في هجرتهم إلى أرض الحبشة وما كان من بعثة قريش عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة إلى النجاشي ليخرجهم من بلاده ويردهم عليهم وما كان من دخول جعفر بن أبي طالب وأصحابه رضي الله عنهم على النجاشي، قال فقال النجاشي هل معكم شيء مما جاء به فقال له جعفر نعم فقرأ عليه صدرا من كهيعص فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مضاجعهم ثم قال إن هذا الكلام ليخرج من المشكاة التي جاء به موسى انطلقوا راشدين ثم ذكر الحديث في تصويرهما له أنهم يقولون في عيسى بن مريم عليه السلام أنه عبد فدخلوا عليه وعنده بطارقته فقال ما تقولون في عيسى بن مريم عليه السلام فقال له جعفر نقول هو عبد الله ورسوله وكلمته وروحه ألقاها إلى مريم العذراء البتول فدلى النجاشي يده إلى الأرض فأخذ عويدا بين أصبعيه فقال ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العويد ثم ذكر الحديث قالت فلم ينشب أن خرج عليه رجل من الحبشة ينازعه في ملكه فوالله ما علمتنا حزنا حزنا قط كان أشد منه فرقا من أن يظهر ذلك الملك عليه فيأتي ملك لا يعرف من حقنا ما كان يعرف فجعلنا ندعو الله ونستنصره للنجاشي فخرج إليه سائرا فقال أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم - بعضهم لبعض من رجل يخرج فيحضر الوقعة حتى ينظر على من تكون فقال الزبير رضي الله عنه وكان من أحدثهم سنا أنا فنفخوا له قربة فجعلها في صدره ثم خرج يسبح عليها في النيل حتى خرج من الشقة الأخرى إلى حيث التقى الناس فحضر الوقعة وهزم الله ذلك الملك وقتله وظهر النجاشي عليه فجاءنا الزبير رضي الله عنه فجعل يليح إلينا بردائه ويقول ألا أبشروا فقد أظهر الله النجاشي فوالله ما فرحنا بشيء فرحنا بظهور النجاشي [أخرجه أحمد في المسند ( 18192) وقال أحمد شاكر إسناده صحيح].

 

2- عن بشير قال: بتُّ عند الربيع ذات ليلة فقام يصلي فمر بهذه الآية (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) [الجاثية: 21] قال فمكث ليلته حتى أصبح ما يجوز هذه الآية إلى غيرها ببكاء شديد [فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب - محمد نصر الدين محمد عويضة (2/147)].

 

3- عن القاسم بن محمد قال: كنا نسافر مع ابن المبارك فكثيراً ما كان يخطر ببالي فأقول في نفسي: بأي شيء فُضِّل هذا الرجل علينا حتى اشتهر في الناس هذه الشهرة؛ إنكان يصلي إنا نصلي، وإن كان يصوم إنا نصوم، وإن كان يغزو فإنا نغزو، وإن كان يحج إنا لنحج، قال: فكنا في بعض مسيرتا في طريق الشام ليلة نتعشى في بيت انطفئ السراج، فقام بعضنا فأخذ السراج، وخرج استصبح، فمكث هنيهة، ثم جاء بالسراج، فنظرت إلى وجه ابن المبارك ولحيته قد ابتلت من الدموع، فقلت في نفسي: بهذه الخشية فُضِّلَ هذا الرجل علينا، ولعله حين فقد السراج فصار إلى ظلمةٍ ذكر القيامة [صفة الصفوة (4/ 121)].

 

4- كان محمد بن المنكدر ذات ليلة قائم يصلي؛ إذ استبكى فكثر بكاؤه، حتى فزع له أهله، فسألوه ما الذي أبكاك؟ فاستعجم عليهم، فتمادى في البكاء، فأرسلوا إلى أبي حازم، وأخبروه بأمره، فجاء أبو حازم إليه فإذا هو يبكي، فقال: يا أخي ما الذي أبكاك؟ قد رعت أهلك، فقال له: إني مرَّت بي آية من كتاب الله عز وجل قال: ما هي؟ قال: قول الله تعالى: (وَبَدَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) قال: فبكى أبو حازم معه، واشتد بكاؤهما، فقال بعض أهله لأبي حازم: جئناك لتفرج عنه فزدته، فأخبرهم ما الذي أبكاهما [صفة الصفوة (2 / 303) سير أعلام النبلاء (5 / 355)].

 

5- عن إبراهيم بن الأشعث قال: كنا إذا خرجنا مع الفضيل في جنازة لا يزال يعظ، ويذكر، ويبكي، حتى لكأنه يودع أصحابه ذاهب إلى الآخرة حتى يبلغ المقابر، فيجلس؛ فكأنه بين الموتى جلس من الحزن والبكاء حتى يقوم وكأنه رجع من الآخرة يخبر عنها [حلية الأولياء وطبقات الأصفياء - أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني الناشر: دار الكتاب العربي – بيروت الطبعة الرابعة، 1405 (8/84)].

 

6- قال خالد بن عبد الله الحمودي: قبل وفات الشيخ ابن عثيمين رحمه الله حضرنا مجلساً، وكنت معه، فتليت قصيدةً عن الموت، فبكى الشيخ بكاءً شديداً وهو يسأل الله قائلاً: اللهم أعنا على الموت. وكان ذلك قبل وفاته بأشهر قليلة [قصص عجيبة للعلماء (1/2)].

 

7- قال ضرار بن ضمرة: دخلت على معاوية بعد قتل أمير المؤمنين عليّ، فقال: صف لي عليًّا. فقلت: أعفني. فقال: لا بد من ذلك. فقلت: أما إذ لا بد، فإنه كان والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا، ويحكم عدلاً، يتفجّر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزينتها، ويستأنس بالليل ووحشته. وكان والله غزير العبرة، طويل الفكرة، يعجبه من اللباس ما خشن، ومن الطعام ما قشب، وكان فينا كأحدنا: يجيبنا إذا سألناه، ويأتينا إذا دعوناه، ونحن - والله - مع تقريبه لنا وقربه منا لا نكلّمه هيبة له، يعظّم أهل الدين، ويقرّب المساكين، لا يطمع القويّ في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله. فأشهد بالله لقد رَأَيْتُه وهو يقول: يا دنيا غرِّي غيري. أَلِيَ تعرضت؟ أم إليّ تشوفت؟ هيهات ! قد أبنتك ثلاثا، لا رجعة فيك، عمرك قصير، وخطرك كثير، وعيشك حقير آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق ! فبكى معاوية، وقال: رحم الله أبا الحسن كان والله كذلك، فما حزنك عليه يا ضرار؟ قال: حزن من ذُبح ولدها في حجرها، فلا ترقأ عبرتها، ولا يسكن حزنها [مختصر منهاج السنة اختصره الشيخ عبد الله الغنيمان المدرس بقسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة (2/190، 191)].

 

8- هذا شيخ الإسلام محمد بن أسلم الطوسي يقول عنه خادمه أبو عبد الله كان محمد يدخل بيتاً، ويغلق بابه، ويدخل معه كوزاً من ماء؛ فلم أدرِ ما يصنع حتى سمعت ابناً صغيراً له يبكي بكاءه، فنهته أمه، فقلت لها: ما هذا البكاء؟ فقالت: إن أبا الحسن يدخل هذا البيت فيقرأ القرآن، ويبكي فيسمعه الصبي فيحاكيه، فكان إذا أراد أن يخرج غسل وجهه، فلا يرى عليه أثر البكاء [موسوعة البحوث والمقالات العلمية جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة حوالي خمسة آلاف وتسعمائة مقال وبحث علي بن نايف الشحود (1/3)].

 

9- قال الشيخ علي عبد الخالق القرني: أحد الشباب يأتيني في يوم من الأيام، في يوم جمعة، ويأتي إليَّ ويقول: يا شيخ رأيت أخي الذي مات قبل فترة في المنام، وأحببت أن أذكِّرك بهذا لتذكِّر الناس بمثل هذه الرؤيا، قال: فقلت لأخي لما رأيته في المنام: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي ورحمني فله الحمد والمنَّة أولا وأخرًا، وظاهرًا وباطنًا، قال: فبم توصينا؟ قال: أوصيكم بتقوى الله، وألا تناموا ليلة من الليالي إلا وقد تعبت أقدامكم من الوقوف بين يدي الله، واحمرَّت أعينكم بكاءً من خشية الله؛ فو الله ما نفعنا هنا بعد رحمة الله إلا تلك الأعمال [دروس للشيخ علي القرني المؤلف: علي بن عبد الخالق القرني مصدر الكتاب: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية http://www.islamweb.net (43/17)].

الاشعار

1- قال حكيم:

إذا اشتبكت دموع في خدود *** تبين من بكى ممن تباكى

[تفسير القرطبي (9/145)].

 

2- قال الشاعر:

بكت عيني وحق لها بكاها *** وما يغني البكاء ولا العويل

[زاد المعاد في هدي خير العباد (1/175)].

 

3- قال أبو جعفر الضرير قال قال لي صالح بن عبد الكريم:

بَكَى البَاكُونَ لِلرَّحمنِ لَيلاً *** وبَاتُوا دَمعُهُم ما يَسأَمُونَا

بِقَاعُ الأَرضِ من شوقي إِليهم *** تَحُنُّ متى عَليها يَسجُدونا

[الرقة والبكاء - أبي بكر بن عبدالله بن محمد بن أبي الدنيا المتوفى سنة 281هـ تحقيق محمد خير رمضان يوسف مكتبة العبيكان الطبعة الأولى 1415هـ - 1994م الرياض (1/24)].

الدراسات

متفرقات

1- قال ابن القيم: أما بكاؤه صلى الله عليه وسلم فكان من جنس ضحكه لم يكن بشهيق ورفع صوت كما لم يكن ضحكه بقهقهة ولكن كانت تدمع عيناه حتى تهملا ويسمع لصدره أزيز. وكان بكاؤه تارة رحمة للميت وتارة خوفا على أمته وشفقة عليها وتارة من خشية الله وتارة عند سماع القرآن وهو بكاء اشتياق ومحبة وإجلال مصاحب للخوف والخشية. ولما مات ابنه إبراهيم دمعت عيناه وبكى رحمة له وقال تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون وبكى لما شاهد إحدى بناته ونفسها تفيض وبكى لما قرأ عليه ابن مسعود سورة النساء وانتهى فيها إلى قوله تعالى: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً) [ النساء: 41] وبكى لما مات عثمان بن مظعون وبكى لما كسفت الشمس وصلى صلاة الكسوف وجعل يبكي في صلاته وجعل ينفخ ويقول رب ألم تعدني ألا تعذبهم وأنا فيهم وهم يستغفرون ونحن نستغفرك [ ص 177] وكان يبكي أحيانا في صلاة الليل [ زاد المعاد في هَدْي خير العباد (1/175)].

 

2- قال ابن الجوزي رحمه الله: يا طالب الجنة! بذنب واحد أُخرج أبوك منها؛ أتطمع في دخولها بذنوب لم تتب عنها! إن امرأً تنقضي بالجهل ساعاته، وتذهب بالمعاصي أوقات - لخليق أن تجري دائماً دموعه، وحقيق أن يقل في الدجى هجوعه [التبصرة أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي تحقيق د.مصطفى عبد الواحد الناشر دار الكتاب المصري - دار الكتاب اللبناني سنة النشر 1390هـ - 1970م مكان النشر مصر – لبنان (1/363)].

التحليلات

الإحالات

1- التذكار في أفضل الأذكار – القرطبي ص 129 المكتبة العلمية .

2- الترغيب والترهيب من الحديث الشريف – المنذري – تحقيق مصطفى عمارة 4/228 دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1406 .

3- جامع الأصول – ابن الأثير 11/88 الرئاسة العامة 1389 .

4- رهبان الليل – سيد العفاني 644 مكتبة ابن تيمية الطبعة الأولى 1410 .

5- زاد المعاد في هدي خير العباد – ابن القيم تحقيق الأرناؤوط 1/182 مؤسسة الرسالة الطبعة الأولى 1399 .

6- الزهد – هناد بن السري – تحقيق عبد الرحمن الفريوائي 1/248 دار الخلفاء الكويت الطبعة الأولى 1406 .

7- الزهر الفائح في ذكر من تنزه عن الذنوب والقبائح – الجزري – تحقيق محمد عبد القادر عطا .ص 90 دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1406 .

8- عيون الأخبار – ابن قتيبة – تحقيق يوسف طويل 2/317 دار الكتب العلمية الطبعة الولى 1406 .

9- فتح الباري – ابن حجر 9/98،11/312 دار الفكر .

10- كتاب الزهد – ابن المبارك تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي ص 40 دار الكتب العلمية .

11- كتاب الزهد – وكيع بن الجراح تحقيق عبد الرحمن الفريوائي ص 248 مكتبة الدار الطبعة الأولى 1404 .

12- مختصر الشمائل المحمدية الألباني ص 169 المكتبة الإسلامية الطبعة الأولى 1405 .

13- الموسوعة الفقهية 8/167 وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت الطبعة الثانية 1404 .

14- نزهة الفضلاء – محمد حسن موسى 3/1742 دار الأندلس الطبعة الأولى 1411 .