انتعال

2022-10-11 - 1444/03/15

التعريف

انتعلَ ينتعل، انتِعالاً، فهو مُنتعِل انتعل الشَّخصُ: احْتَذَى، لبس الحذاءَ "انتعَل جزمتَه/ خفَّه/ حذاءَه" انتعَل الأرضَ: سافر فيها راجِلاً بدون دابّة. انتعَل الرَّمضاءَ: سافر فيها حافيًا. انتعل كلّ شيء ظلَّه: دلالة على انتصاف النّهار حيث ينكمش الظلّ تحت الجسم [معجم اللغة العربية المعاصرة - د أحمد مختار عبد الحميد عمر (المتوفى: 1424هـ) بمساعدة فريق عمل الناشر: عالم الكتب الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م (3/2240) ].

 

قال ابن الأثير: النعال جمع نعل وهو ما غلظ من الأرض في صلابة وإنما خصها بالذكر لأن أدنى بلل ينديها بخلاف الرخوة فإنها تنشف الماء؛ قال الأزهري: يقول إذا مطرت الأرضون الصلاب فزلقت بمن يمشي فيها فصلوا في منازلكم، ولا عليكم أن لا تشهدوا الصلاة في مساجد الجماعات. والمنعل والمنعلة: الأرض الغليظة اسم وصفة. والنعل من جفن السيف: الحديدة التي في أسفل قرابه. ونعل السيف: حديدة في أسفل غمده، مؤنثة؛ قال ذو الرمة:

إلى ملك لا تنصف الساق نعله *** أجل لا، وإن كانت طوالا محامله

 

[لسان العرب - محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (المتوفى: 711هـ) الناشر: دار صادر – بيروت الطبعة: الثالثة - 1414 هـ (11/669) ].

العناصر

1- لبس النعال عبادة من العبادات .

2- الانتعال حال القيام .

3- حكم المشي بالنعلين بين القبور .

4- استحباب الدعاء عند لبس الجديد من النعال .

5- استحباب البدء باليمين عند لبس النعال والخلع بالشمال .

6- استحباب الصلاة في النعال .

7- مشروعية المسح على النعال .

8- كيفية تطهير النعلين لمن أراد الصلاة فيهما

9- موضع النعلين إذا لم يصل فيهما .

10- النهي عن المشي في نعل واحدة إذا انقطعت إحداهما .

11- النعال المحرمة والتي لا يجوز لبسها .

12- أخطاء شائعة لدى بعض الناس .

الايات

الاحاديث

1- عن جابر رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينتعل الرجل قائما» [رواه أبو داود (4137) وصححه الألباني] .

 

2- عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول في غزوة غزوناها « استكثروا من النعال فإن الرجل لا يزال راكبا ما انتعل » [أخرجه مسلم في صحيحه (2096)] .

 

3- عن أبى سعيد الخدري قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا استجد ثوبا سماه باسمه إما قميصا أو عمامة ثم يقول « اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك من خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له » [رواه أبو داود (4022) وصححه الألباني] .

 

4- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين وإذا نزع فليبدأ بالشمال ليكن اليمنى أولهما تنعل وآخرهما تنزع» [أخرجه البخاري في الصحيح (5856) ] .

 

5- عن يعلى بن شداد بن أوس عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون فى نعالهم ولا خفافهم » [رواه أبو داود (652) وصححه الألباني] .

 

6- عن أبى سعيد الخدري قال: بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم يصلى بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: « ما حملكم على إلقائكم نعالكم ». قالوا رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن جبريل -صلى الله عليه وسلم أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا ». وقال: « إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما » [رواه أبو داود (650) وصححه الألباني] .

 

7- عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « إذا صلى أحدكم فلا يضع نعليه عن يمينه ولا عن يساره فتكون عن يمين غيره إلا أن لا يكون عن يساره أحد وليضعهما بين رجليه » [رواه أبوداود (654) وصححه الألباني] .

 

8- عن بشير بن نهيك عن بشير مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان اسمه في الجاهلية زحم بن معبد فهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال « ما اسمك ». قال زحم. قال « بل أنت بشير ». قال بينما أنا أماشى رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبور المشركين فقال « لقد سبق هؤلاء خيرا كثيرا ». ثلاثا ثم مر بقبور المسلمين فقال « لقد أدرك هؤلاء خيرا كثيرا ». وحانت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نظرة فإذا رجل يمشى في القبور عليه نعلان فقال « يا صاحب السبتيتين ويحك ألق سبتيتيك ». فنظر الرجل فلما عرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خلعهما فرمى بهما [رواه أبو داود (3232) وصححه الألباني] .

 

9- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمش في الأخرى حتى يصلحها »[ أخرجه مسلم في الصحيح (5618) ] .

 

10- عن عبد الله بن مسعود عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال « لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ». قال رجل إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة. قال « إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس » [صحيح مسلم (275) ] . 11- عن أبى هريرة قال لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل [رواه أبو داود (4100) وصححه الألباني] .

الاثار

1- عن ابن أبي مليكة قال قيل لعائشة هل تلبس المرأة نعل الرجل فقالت قد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المترجلة من النساء [أخرجه أبو داود] .

 

2- معاذ عن ابن عون قال: ذكر عند محمد انتعال الرجل قائما، قال: لا أعلم به بأسا [مصنف ابن أبي شيبة (24932) ] .

 

3- عن عمرو، قال: رأيت الحسن ينتعل قائما[مصنف ابن أبي شيبة (24934) ] .

 

4- عن أبي صالح، عن أبي هريرة: أنه كره أن ينتعل الرجل قائما[مصنف ابن أبي شيبة (24936) ] .

 

5- عن ابن سيرين: أن نعل النبي صلى الله عليه وسلم كان لها قبالان، ونعل أبي بكر، وعمر [مصنف ابن أبي شيبة (24937) ] .

 

6- عن عبيد بن جريج أنه قال لابن عمر: رأيتك تلبس النعال السبتية قال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها فأنا أحب أن ألبسها [مختصر الشمائل المحمدية (63) ] .

 

7- عن نافع: أن ابن عمر كان يتوضأ ونعلاه في رجليه، ويمسح عليهما، ويقول: كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل [رواه أبو داود (1/285) وصححه ابن القطان وقال الألباني: وهو صحيح على شرط مسلم] .

 

8- وفد المقدام بن معدي كرب على معاوية فقال له أنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن لبوس جلود السباع والركوب عليها قال نعم [رواه النسائي (4255) وصححه الألباني] .

القصص

1- يحكى أن ملكا كان يحكم دولة واسعة جدا. قام يوما برحلة برية طويلة. وخلال عودته وجد أن أقدامه تورمت لكثرة ما مشى في الطرق الوعرة، فأصدر مرسوما يقضي بتغطية كل شوارع المملكة بالجلد. ولكن أحد مستشاريه أشار عليه برأي أفضل، وهو عمل قطعة جلد صغيرة تحت قدمي الملك فقط. فكانت هذه بداية انتعال الأحذية [يبدأ التغيير من النفس دكتور عثمان قدري مكانسي https://saaid.net/Minute/173.htm].

الاشعار

1- قال ابن عبد القوي في منظومة الآداب:

 

ولا تكرهن الشرب من قائم ولا *** انتعال الفتى في الأظهر المتأكد

[غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب لمحمد بن أحمد بن سالم السفاريني (2/141) ] .

الدراسات

متفرقات

1- قال أبو بكر الخلال : كتب إلي يوسف بن عبد الله حدثنا الحسين بن علي بن الحسين أنه سأل أبا عبد الله عن الانتعال قائما قال لا يثبت فيه شيء [غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب لمحمد بن أحمد بن سالم السفاريني (2/145) ] .

 

2- قال الإمام أحمد رحمه الله: لا ينتعل قائما [غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب لمحمد بن أحمد بن سالم السفاريني (2/145) ] .

 

3- قال ابن العربي - رحمه الله - : النعال لباس الأنبياء

 

4- قال النووي رحمه الله : يستحب البداءة باليمنى في كل ما كان من باب التكريم والزينة والنظافة ونحو ذلك،كلبس النعل والخف والمداس والسراويل والكم وحلق الرأس وترجيله،وقص الشارب ونتف الإبط والسواك والاكتحال وتقليم الأظافر،والوضوء والغسل والتيمم ودخول المسجد،والخروج من الخلاء،ودفع الصدقة وغيرها من أنواع الدفع الحسنة وتناول الأشياء الحسنة ونحو ذلك،ويستحب البداءة باليسار في كل ما ضد السابق،فمن خلع النعل والخف والمداس والسراويل والكم،والخروج من المسجد والاستنجاء،وتناول أحجار الاستنجاء،ومس الذكر،والامتخاط والاستنثار،وتعاطي المستقذرات وأشباهها

 

5- قال الشيخ الألباني رحمه الله : وقد نصحت إخواننا السلفيين بالمدينة الذين يعرفون بسكان الحرة أن لا يتشددوا في هذه المسألة - أي الصلاة بالنعال في المساجد - لما هناك من فارق بين المساجد اليوم المفروشة بالسجاد الفاخر،وبين ما كان عليه المسجد النبوي في زمنه الأول،وقد قرنت لهم ذلك بمثل من السنة في قصة أخرى ذكرتهم بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمر من بادره بالبصاق أو المخاط وهو يصلي أن يبصق عن يساره أو تحت قدميه،وهذا أمر واضح أن هذا يتماشى مع كون الأرض أرض المسجد التي سيضطر للبصاق فيها من الرمل أو الحصباء،فاليوم المصلى مسجد مفروش بالسجاد فهل يقولون أنه يجوز أن يبصق على السجاد فهذه كتلك

 

6- قال الألباني رحمه الله : أما المسح على النعلين،فقد اشتهر بين العلماء المتأخرين أنه لا يجوز المسح على النعلين،ولا نعلم لهم دليلاً

 

7- قال الخطابي: إنما نهى عن لبس النعل قائماً لأن لبسها قاعداً أسهل عليه وأمكن له،وربما كان ذلك سبباً لانقلابه إذا لبسها قائماً،فأمر بالقعود له والاستعانة باليد فيه ليأمن غائلته

 

8- قال المناوي: والأمر للإرشاد لأن لبسها قاعداً أسهل وأمكن،ومنه أخذ الطيبي وغيره تخصيص النهي بما في لبسه قائماً تعب

 

9- قال أبو عبد العزيز سعود الزمانان: اعتقاد بعض الناس بأن قلب النعل وجعل عاليها سافلها أمر محرم ولا يجوز،وهذا اعتقاد خاطئ وقول على الله بغير علم،فمن قال بالكراهة أو التحريم فعليه بالدليل من كتاب الله أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -،أو مما قاله سلف هذه الأئمة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وتابعيهم بإحسان ، والعلم الشرعي لا يأتي بالظن والوساوس ، والقول على الله بغير علم كبيرة من الكبائر،وقد قرنه الله تعالى بالشرك به،قال عز من قائل(قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) [الأحكام الشرعية للنعل والانتعال ] .

 

10- سئل الدكتور أحمد بن عبد الكريم نجيب عن حكم لبس النعال أو خلعه أثناء زيارة المقابر ، و المشي بين القبور ؟ و هل يؤذي ذلك أهلها ؟ فقال: أقول مستعيناً بالله تعالى: اختلف العلماء في حكم لبس النعلين أثناء زيارة المقابر على أقوال: أولها : النهي مطلقاً ، لحديث بشير بن الحصاصية رضي الله عنه قال : بينما أنا أُماشي النبيَّ صلى اللّه عليه و سلم نظرَ فإذا رجلٌ يمشي بين القبور عليه نعلان فقال : ( يا صَاحبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ ! وَيْحَكَ أَلْقِ سِبْتِيَّتَيْكَ ) [رواه أبو داود و ابن ماجة و النسائي و أحمد و الحاكم ، و قال : هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه، و حسَّنه الألباني] .

والنعال السبتية بكسر السين المهملة هي التي لا شعر فيها ، و غالباً ما تتخذ من جلود البقر المدبوغة بالقرظ ، و سميت النعال بذلك لأن شعرها سَبَتَ عنها ؛ أي حُلِق و أزيل ، كما قرَّر أهل اللغة . وليست السبتية من النعال مقصودة بالتحريم بذاتها لعدم الفارق بين نعل و آخر في العلة – و إن لم تذكر – كما قال الشوكاني في نيل الأوطار ، و ربما ذكرت النعلان السبتيتان دون غيرهما هنا لتنبيه صاحبهما بما يستدعي انتباهه ، أو لبيان واقع الحال عند ورود النهي .

و هذا الحديث نص في النهي ، و النهي مفيد للتحريم بظاهره ، ما لم يصرفه عنه صارف . القول الثاني : استحباب خلع النعال عند زيارة القبور ، و هو اختيار ابن قدامة في المغني حيث قال رحمه الله : لذلك قال الإمام أحمد رحمه الله : إسناد حديث بشير بن الخصاصية جيد ، أذهب إليه إلا من علة . اهـ .

قلت : ولعل العلة المقصودة ما يبلغ ضرره ، و يصعب تجنبه بغير الانتعال كالشوك ، و النجاسة ، و هوامِّ الأرض ، ونحو ذلك مما يوجد أو يكثر وجوده في المقابر ، و غير المعمور من الأرض .

وثالث أقوال أهل العلم هو الإباحة مطلقاً ، و دليلهم على ذلك ما رواه أصحاب الكتب الستة و غيرهم عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَالَ : ( الْعَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَ تُوُلِّيَ وَ ذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ ) . قلت : قوله : ( تُوُلِّيَ ) بالمبني للمجهول لفظ البخاري ، و معناه أن الملائكة تولت أمر سؤاله و حسابه كما قال الحافظ في الفتح ، و رواه مسلم و غيره بلفظ : ( تَوَلَّى عنه أصحابه ) بالمبني للمعلوم ، و معناه على هذه الرواية ظاهر جلي ؛ أي تركوه و أسلموه لما يستقبل و قفلوا عنه راجعين . و وجه استدلالهم بحديث أنس على جواز المشي بالنعال بين القبور أن النبي صلى الله عليه و سلم ذكره و أقرَّه ، و لو كان مما ينهى عنه لنهى عنه عند ذكره ، إذ إنَّ تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ، كما هو مقرر عند الأصوليين . وإلى هذا القول ذهب الإمام النسائي و الطحاوي و غيرهما .

وقال ابن قدامة المقدسي رحمه الله : ( أكثر أهل العلم لا يرون بذلك بأسا ، قال جرير بن حازم ‏:‏ رأيت الحسن‏ ،‏ و ابن سيرين يمشيان بين القبور في نعالهما ) . والقول الرابع : هو التفريق بين النعال السبتية و غيرها ، و قصر التحريم على السبتية ، و هذا مذهب الإمام المحقق أبي محمد بن حزم الظاهري رحمه الله ، فقد قال في المحلى : ( وَ لاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَمْشِيَ بَيْنَ الْقُبُورِ بِنَعْلَيْنِ سِبْتِيَّتَيْنِ ؛ وَهُمَا اللَّتَانِ لاَ شَعْرَ فِيهِمَا‏ ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا شَعْرٌ ‏:‏ جَازَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا بِشَعْرٍ‏ ، ‏ وَ الأُخْرَى بِلاَ شَعْرٍ جَازَ الْمَشْيُ فِيهِمَا ) .

ثمَّ ذكر حديث أنس رضي الله عنه في سماع الميت قرع نعال أصحابه إذا تولَّوا عنه ، و عقَّبَ عليه بقوله : ( فَهَذَا إخْبَارٌ مِنْهُ عليه السلام بِمَا يَكُونُ بَعْدَهُ‏ ، وَ أَنَّ النَّاسَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ سَيَلْبَسُونَ النِّعَالَ فِي مَدَافِنِ الْمَوْتَى إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ،‏ عَلَى عُمُومِ إنْذَارِهِ عليه السلام بِذَلِكَ‏ ،‏ وَ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ ،‏ وَ الأَخْبَارُ لاَ تُنْسَخُ أَصْلاً‏ ) .‏ قال أبو الخطاب‏:‏ يشبه أن يكون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنما كره للرجل المشي في نعليه لما فيهما من الخيلاء فإن نعال السبت من لباس أهل النعيم ، فقد قال عنترة‏ في ميميته مفاخراً بما صنع و هو يصف الفارس الذي أرداه بأبيات منها :‏

بطلٌ كأن ثيابه في سرحةٍ *** يحذي نعال السبت ليس بتوأم

الترجيح : قال الإمام المحقق ابن قدامة المقدسي: ( ولنا أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الخبر الذي تقدم‏ ،‏ و أقل أحواله الندب، و لأن خلع النعلين أقرب إلى الخشوع وزي أهل التواضع‏ ،‏ و احترام أموات المسلمين و إخبار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأن الميت يسمع قرع نعالهم لا ينفي الكراهة ، فإنه يدل على وقوع هذا منهم‏ ،‏ و لا نزاع في وقوعه وفعلهم إياه مع كراهيته فأما إن كان للماشي عذر يمنعه من خلع نعليه مثل الشوك يخافه على قدميه‏،‏ أو نجاسة تمسهما لم يكره المشي في النعلين. قال أحمد في الرجل يدخل المقابر و فيها شوك يخلع نعليه ؟ ‏:‏ هذا يضيق على الناس حتى يمشي الرجل في الشوك‏ ،‏ و إن فعله فحسن هو أحوط وإن لم يفعله رجل يعني لا بأس ، و ذلك لأن العذر يمنع الوجوب في بعض الأحوال‏ ،‏ و الاستحباب أولى ، و لا يدخل في الاستحباب نزع الخفاف ؛ لأن نزعها يشق، و قد روي عن أحمد أنه كان إذا أراد أن يخرج إلى الجنازة لبس خفيه، مع أمره بخلع النعال ، و ذَكر القاضي أن الكراهة لا تتعدى النعال إلى الشمشكات ، و لا غيرها لأن النهي غير معلل‏ ،‏ فلا يتعدى محله‏ ) .

قلتُ : و ما ذهب إليه ابن قدامة رحمه الله بيِّنُ الرجحان لأن فيه إعمال للنصوص ، حيث إن نهي النبي صلى الله عليه وسلم ثابت ، و هو في أقل حالاته يفيد كراهة المنهي عنه ، و أمره يفيد الندب في أقل أحواله ، و نظراً لوجود المعارض ( في حديث أنس المتقدم ) لحمل الأمر على الوجوب و النهي على التحريم ، لزم أن يصار إلى الجمع بين الأدلة ، و مقتضاه الندب إلى خلع النعال في المقابر ، و النهي عن ذلك كراهةً لا تحريماً كما قرره ابن قدامة و اختاره الإمام أحمد رحمهما الله . كما إن في هذا القول رفع للحرج الواقع بغلبة الظن حال وجود المشقة في خلع النعال بسبب الأشواك و نحوها ، لذلك روعي رفع الحرج في الترجيح ، و الله تعالى أجل و أعلى و أعلم و أحكم . هذا و الله الهادي إلى سواء السبيل، و بالله التوفيق .

التحليلات

الإحالات

1- الآداب الشرعية – ابن مفلح الحنبلي 3/159 مؤسسة قرطبة .

2- تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي – المباركفوري 5/468 دار الفكر .

3- صحيح مسلم بشرح النووي – النووي 14/73 دار الفكر .

4- عون المعبود شرح سنن أبي داود – العظيم أبادي 11/195 دار الفكر .

5- فتح الباري – ابن حجر 10/308 دار الفكر .

6- اللباس والزينة من السنة المطهرة – محمد عبد الحكيم القاضي ص 173 دار الحديث الطبعة الأولى 1409 .