أذى

2022-10-11 - 1444/03/15

التعريف

أولًا: المعنى اللغوي:

 

الأذى: كل ما تأذيت به، ورجل أذيٌ، أي: شديد التأذي، وآذى الرجل فعل الأذى، والأذي كغني؛ الشديد التأذي، ومصدره؛ أذىً، وكذلك أذاةً، وأذيةً (انظر: العين، الفراهيدي، ٨-٢٠٦، مختار الصحاح، الرازي، ص١٦، لسان العرب، ابن منظور، ١٤-٢٧).

 

و"منه الأذى؛ وهو الموج المؤذي لركاب البحر"(المفردات، الراغب الأصفهاني:١-٢٧).

 

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

 

قال الراغب الأصفهاني: "الأذى ما يصل إلى الحيوان من الضرر؛ إما في نفسه، أو جسمه، أو تبعاته؛ دنيويًا كان أو أخرويًا"(المفردات، الراغب الأصفهاني:١-٢٧).

 

وذكر المناوي قريبًا من ذلك؛ فقال في التوقيف: "الأذى ما يصل إلى الحيوان من ضرر، أو مكروه في نفسه، أو بدنه، أو فئته؛ دنيويًا أو أخرويًا"(التوقيف، المناوي:١-٤٦).

 

وعرفه الدكتور أحمد مختار في المعجم الموسوعي لألفاظ القرآن وقراءته؛ بأنه الضرر (انظر: المعجم الموسوعي لألفاظ القرآن وقراءاته، د. أحمد مختار، ص٦٧). 

 

ويظهر من تعريف الأصفهاني والمناوي أنهما قصراه على الحيوان، ولعلهما يقصدان بالحيوان كل ما كان حيًا؛ وخاصة الإنسان، في حين أن الآيات التي ذكرت الأذى، تحدثت عن الأذى الذي يقع على الإنسان، وعليه فإن الأذى هو الضرر الذي يلحق بالإنسان في نفسه، أو جسمه، أو تبعاته.

 

فالعلاقة بين المعنيين للفظ: أنه خص في الاصطلاح بالضرر الذي يقع على الإنسان أو الحيوان، بخلاف المعنى اللغوي فإنه يعم كل ضرر.

 

العناصر

1- المسلم الحق هين لين

 

2- مفهوم كف الأذى 

 

3- حرمة إيذاء المؤمن 

 

4- أعظم الأذية أذية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم 

 

5- بعض صنوف الأذى التي واجهها النبي في سبيل الدعوة إلى الله 

 

6- من صور أذية الناس

 

الايات

1- قال الله تعالى: (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[البقرة: 137]

 

2- قال تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)[البقرة:196] 

 

3- قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ)[البقرة: 222].

 

4- قال تعالى: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى  لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيْمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)[البقرة: 262-264].

 

5- قال تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الغَيْظَ والْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ واللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ)[آل عمران:134].

 

6- قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)[النساء:97]. 

 

7- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)[المائدة: 67].

 

8- قال تعالى: (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله)[يوسف: 86].

 

9- قال تعالى: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ)[الحجر: 94].

 

10- قال تَعَالَى: (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا)[الفرقان:63].

 

11- قال تَعَالَى: (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ)[الشورى:43].

 

12- قال تَعَالَى: (أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ * قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ)[الطور: 30-31].

 

13- قال تَعَالَى: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)[العصر:1-3]

 

 

الاحاديث

1- عن أَبي هريرة رضي الله تَعَالَى عنه: أنَّ رَجُلاً، قَالَ: يَا رسول الله، إنّ لي قَرَابةً أصِلُهم وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إلَيَّ، وَأحْلُمُ عَنهم وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ! فَقَالَ: "لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكأنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ، وَلاَ يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ تَعَالَى ظَهيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ"(رواه مسلم:2558).

 

2- عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط"(رواه ابن ماجه:4031، وحسنه الألباني).

 

3- عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بعمار وأهله وهم يعذبون، فقال : "أبشروا آل عمار وآل ياسر فإن موعدكم الجنة"(رواه الحاكم وقال : صحيح على شرط مسلم، وأقره الذهبي، وقال الهيثمي في المجمع (9-293) : رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن عبد العزيز المقوم وهو ثقة).

 

4- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما أحَدٌ أصْبَرُ على أذًى سَمِعَهُ مِنَ اللهِ، يَدَّعُونَ له الوَلَدَ، ثُمَّ يُعافيهم ويَرْزُقُهُمْ"(أخرجه البخاري:٧٣٧٨، ومسلم:٢٨٠٤).

 

5- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِن نَصَبٍ ولا وصَبٍ، ولا هَمٍّ ولا حُزْنٍ ولا أذًى ولا غَمٍّ، حتّى الشَّوْكَةِ يُشاكُها، إلّا كَفَّرَ اللهُ بها مِن خَطاياهُ"(رواه البخاري:٥٦٤١).

 

6- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: أتَيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في مَرَضِهِ فَمَسِسْتُهُ، وهو يُوعَكُ وعْكًا شَدِيدًا، فَقُلتُ: إنّكَ لَتُوعَكُ وعْكًا شَدِيدًا، وذلكَ أنّ لكَ أجْرَيْنِ؟ قالَ: "أجَلْ، وما مِن مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أذًى، إلّا حاتَّتْ عنْه خَطاياهُ، كما تَحاتُّ ورَقُ الشَّجَرِ"(أخرجه البخاري:٥٦٦١، ومسلم:٢٥٧١).

 

7- عن حذيفة بن أسيد الغفاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن آذى المسلمينَ في طُرُقِهِمْ، وجَبَتْ عليهِ لَعْنَتُهُمْ"(حسنه الألباني في صحيح الترغيب ١٤٨).

 

8- عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا تَعْجَبُونَ كيفَ يَصْرِفُ اللهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ ولَعْنَهُمْ، يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا، ويَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا وأنا مُحَمَّدٌ"(رواه البخاري:٣٥٣٣).

 

9- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنّها قالَتْ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: هلْ أتى عَلَيْكَ يَوْمٌ كانَ أشَدَّ مِن يَومِ أُحُدٍ، قالَ: "لقَدْ لَقِيتُ مِن قَوْمِكِ ما لَقِيتُ، وكانَ أشَدَّ ما لَقِيتُ منهمْ يَومَ العَقَبَةِ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي على ابْنِ عبدِ يالِيلَ بنِ عبدِ كُلالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إلى ما أرَدْتُ، فانْطَلَقْتُ وأنا مَهْمُومٌ على وجْهِي، فَلَمْ أسْتَفِقْ إلّا وأنا بقَرْنِ الثَّعالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فإذا أنا بسَحابَةٍ قدْ أظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فإذا فيها جِبْرِيلُ، فَنادانِي فقالَ: إنّ اللهَ قدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وما رَدُّوا عَلَيْكَ، وقدْ بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبالِ لِتَأْمُرَهُ بما شِئْتَ فيهم، فَنادانِي مَلَكُ الجِبالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ، فقالَ، ذلكَ فِيما شِئْتَ، إنْ شِئْتَ أنْ أُطْبِقَ عليهمُ الأخْشَبَيْنِ؟ فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللهُ مِن أصْلابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللهَ وحْدَهُ، لا يُشْرِكُ به شيئًا"(رواه البخاري:٣٢٣١).

 

10- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن قَتَلَ نَفْسَهُ بحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ في يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بها في بَطْنِهِ في نارِ جَهَنَّمَ خالِدًا مُخَلَّدًا فيها أبَدًا، ومَن شَرِبَ سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهو يَتَحَسّاهُ في نارِ جَهَنَّمَ خالِدًا مُخَلَّدًا فيها أبَدًا، ومَن تَرَدّى مِن جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهو يَتَرَدّى في نارِ جَهَنَّمَ خالِدًا مُخَلَّدًا فيها أبَدًا"(أخرجه البخاري:٥٧٧٨، ومسلم:١٠٩).

 

الاثار

1- عن وهب قال: "احتمال الذل خير من انتصارٍ يزيد صاحبه قمأة"(سير أعلام النبلاء (8/125).

 

2- لما قدم حاتم الأصم إلى أحمد بن حنبل قال له أحمد بعد بشاشته به: أخبرني كيف التخلص إلى السلامة؟ فقال له حاتم: بثلاثة أشياء. فقال أحمد: ما هي؟ قال: تعطيهم مالك ولا تأخذ مالهم، وتقضي حقوقهم ولا تطالبهم بقضاء حقوقك، وتصبر على أذاهم ولا تؤذهم. فقال أحمد: إنها لصعبة. قال حاتم: وليتك تسلم (سوء الخلق لمحمد بن إبراهيم الحمد:1-13).

 

3- قال هشام بن عروة: قال أبي: "رُب كلمة ذُل احتملتها أورثتني عزًّا طويلاً"(البداية والنهاية:9-103).

 

4- قال علي بن الحسين: "ما يسرني أن لي بنصيبي من الذل حمر النعم"(تاريخ ابن أبي خيثمة التاريخ الكبير - أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حربٍ:4-175).

 

القصص

1- يروى أن رجلاً شتم المهلب بن أبي صفرة فلم يجبه فقيل له: لم حلمت عنه؟ قال المهلب: لا أعرف مساوئه، وكرهت أن أبهته بما ليس فيه.

 

2- قال عبد الرحمن بن عبد القاري لسعيد بن المسيب حين قدمت البيعة للوليد وسليمان المدينة من بعد أبيهما إني مشير عليك بخصال ثلاث قال وما هي قال تعتزل مقامك فإنك تقوم حيث يراك هشام بن إسماعيل أو تخرج معتمرا قال وما كنت لأنفق مالي واجهد بدني في شيء ليس لي فيه نية قال فما الثالثة قال تبايع قال أرأيت إن كان الله عز وجل أعمى قلبك كما أعمى بصرك فما على قال وكان أعمى قال رجاء فدعاه هشام إلى البيعة فأبى فكتب فيها إلى عبد الملك فكتب إليه عبد الملك مالك ولسعيد ما كان علينا منه شيء نكرهه فإما إذا فعلت فاضربه ثلاثين سوطا وألبسه تبان شعر وأوقفه للناس لئلا يقتدي به الناس فدعاه هشام فأبى فقال لا أبايع لاثنتين قال فضربه ثلاثين سوطا وألبسه تبانا من شعر وأوقفه للناس قال رجاء حدثني الأيليون الذين كانوا في الشرط بالمدينة قالوا علمنا أنه لا يلبس تبانا طائعا فقلنا له يا أبا محمد إنه القتل فاستر عورتك قال فلبسه قال فلما ضرب فتبين له أنا خدعناه فقال يا معجلة أهل ايل لولا ظننت أنه القتل ما لبسته (الزهد أحمد حنبل الشيباني الناشر دار الريان للتراث سنة النشر 1408 (1/389، 390).

 

3- عن أبي حصين قال أتيت سعيد بن جبير بمكة فقلت ان هذا الرجل قادم يعني خالد بن عبدالله ولا آمنه عليك فأطعي وأخرج فقال والله لقد فررت حتى استحييت من الله قلت والله إني لأراك كما سمتك أمك سعيدا قال فقدم مكة فأرسل اليه فأخذه (حلية الأولياء وطبقات الأصفياء - أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني الناشر : دار الكتاب العربي – بيروت الطبعة الرابعة، 1405 (4/275).

 

4- عن عثمان بن بزدوية قال كنت مع وهب بن منبه وسعيد بن جبير يوم عرفة تحت نخيل ابن عامر فقال وهب لسعيد يا أبا عبدالله كم لك منذ خفت من الحجاج قال خرجت عن امرأتي وهي حامل فجائني الذي في بطنها وقد خرج وجهه فقال له وهب: ان من كان قبلكم إذا أصاب أحدهم بلاء عده رخاء وإذا أصابه رخاء عده بلاء (حلية الأولياء وطبقات الأصفياء - أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني الناشر : دار الكتاب العربي – بيروت الطبعة الرابعة، 1405 (4/55، 56).

 

5- عن عتبة مولى الحجاج، قال: حضرت سعيدا حين أتى به الحجاج بواسط، فجعل الحجاج يقول: ألم أفعل بك؟! ألم أفعل بك؟! فيقول: بلى. قال: فما حملك على ما صنعت من خروجك علينا؟ قال: بيعة كانت علي -يعني لابن الاشعث- فغضب الحجاج وصفق بيديه، وقال: فبيعة أمير المؤمنين كانت أسبق وأولى. وأمر به، فضربت عنقه. وقيل: لو لم يواجهه سعيد بن جبير بهذا - لاستحياه كما عفا عن الشعبي لما لاطفه في الاعتذار (سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذَهَبي المحقق : مجموعة محققين بإشراف شعيب الأرناؤوط الناشر : مؤسسة الرسالة (7/361، 362).

 

6- قدم عروة بن الزبير على الوليد حين شئفت رجله، فقيل: اقطعها، قال: أكره أن أقطع مني طائفا، فارتفعت إلى الركبة، فقيل له: إنها إن وقعت في ركبتك قتلتك. فقطعها، فلم يقبض وجهه. وقيل له قبل أن يقطعها: نسقيك دواء لا تجد لها ألما؟ فقال: ما يسرني أن هذا الحائط وقاني أذاها (سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذَهَبي المحقق : مجموعة محققين بإشراف شعيب الأرناؤوط الناشر : مؤسسة الرسالة (7/483).

 

الاشعار

1- قال أبو الطيب المتنبي:

لا يسلم الشرف الرفيع من الاذى *** حتى يراق على جوانبه الدم

 

2- قال أحمد شوقي:

إنّ الشجاع هو الجبان عن الأذى *** وأرى الجريء على الشرور جبانا

 

3- صفي الدين الحلي:

إنا لقوم أبت أخلاقنا شرفا*** أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا

بيضٌ صَنائِعُنا سودٌ وَقائِعُنا *** خُضرٌ مَرابِعُنا حُمرٌ مَواضينا

 

4- قال أحدهم:

احرص على حفظ القلوب من الأذى *** فرجوعها بعد تنافر يصعب

إن القلوب إذا تنافر ودها *** شبه الزجاجة كسرها لا يشغب

 

5- قال أحدهم:

ولربما ابتسمَ الوقورُ من الأذى *** وفؤادُه من حَرَّه يتأوهُ

 

متفرقات

1- قال أبو حامد الغزالي رحمه الله: ومن آداب المعاشرة حسن الخلق معهن ، واحتمال الأذى منهن ، ترحما عليهن ، لقصور عقلهن. قال - تعالى - : (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ). وقال في تعظيم حقهن : (وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً). ثم قال : واعلم أنه ليس حسن الخلق معها كف الأذى عنها ، بل احتمال الأذى منها ، والحلم عن طيشها وغضبها ، اقتداء برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. فقد كانت أزواجه تراجعنه الكلام. ومن آداب المعاشرة - أيضا - أن يزيد على احتمال الأذى منها بالمداعبة والمزح والملاعبة ، فهي التي تطيب قلوب النساء. وقد كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يمزح معهن وينزل إلى درجات عقولهن في الأعمال.

 

2- يقول الشيخ المنجد: وكذلك من حقوق الجار: ليس كف الأذى، وإنما احتمال الأذى، فأنت تكف أذاك وتحتمل أذاه، وأن تبتدئ معه بالخير، وأن تحذر من إتباع النظر إليه فيما يحمله إلى داره، وتحذر من الاستماع إلى كلامه.

 

3- وأما احتمال الأذى فهو الصبر ولكنه أشق ، وهو بضاعة الصديقين، وشعار الصالحين ، وحقيقة أن يؤذى المسلم في ذات الله سبحانه وتعالى فيصبر ويتحمل ، فلا يرد السيئة بغير الحسنة ، ولا ينتقم لذاته ، ولا يتأثر لشخصيته ؛ ما دام ذلك في سبيل الله ، ومؤدياً إلى مرضات الله ، ولم يبتل في طريقه إلى الوصول إلى الله ..( منهاج المسلم /139) .

 

4- ويتعين على ذوي المروءات احتمال الأذى والضرر في تصديق أمل الآمل ، وتحقيق رجائه ، وإيصاله إلى مآربه ، وتبليغه مقاصده ، فإنه: (من البسيط) ... ... لَولا المَشَقَّةُ سادَ الناسُ كُلُّهُمُ الجودُ يُفقِرُ وَالإِقدامُ قَتّالُ (للمتنبي ، ديوانه 2/254) .

 

5- قال أبو حامد الغزالي: اعلم أنّه ليس حقّ الجوار كفّ الأذى فقط بل احتمال الأذى، ولا يكفي احتمال الأذى بل لا بدّ من الرّفق وإسداء الخير والمعروف، إذ يقال: إنّ الجار الفقير يتعلّق بجاره الغنيّ يوم القيامة فيقول: يا ربّ سل هذا لم منعني معروفه وسدّ بابه دوني (إحياء علوم الدين (2/ 213).

 

6- يقول أنور بن أهل الله بن أنوار الله: ولابد أن نعلم أن حسن الخلق يقوم علي أربعة أركان: الصبر والعفة والشجاعة والعدل. فالصبر يحمل علي احتمال الأذي وكظم الغيظ وكف الأذي، والعفة تجنب الإنسان الرذائل والقبائح، والشجاعة تحمل علي عزة النفس والتحلي بمعالي الأخلاق، والعدل يحمل علي الاعتدال والوسطية (مكارم الأخلاق لمن أراد الخلاق (1/4).

 

7- قال الغزالي رحمه الله: واعلم أنه ليس حسن الخلق معها كف الأذى عنها بل احتمال الأذى منها والحلم عند طيشها وغضبها .... قال : ويزيد على احتمال الأذى بالمداعبة والمزح والملاعبة وهي التي تطيب قلوب النساء وقد كان رسول الله ( يمزح معهن وينزل إلى درجات عقولهن في الأعمال والأخلاق (إحياء علوم الدين) .

 

8- قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله: الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لا بد له من الصبر؛ لأن الأمر بالمعروف وظيفة الرسل وأتباعهم وهو مستلزم للأذى من الناس؛ لأنهم مجبولون بالطبع على معاداة من يخالفهم في أهوائهم وشهواتهم وأغراضهم فيعادونه ويؤذونه، ولهذا لما قال النبي لورقة بن نوفل في أول البعثة حين أخبره أن قومه سيخرجونه: «أومخرجيّ هم» ؟ أخبره أن هذا الدين الذي جاء به لم يأت به أحد إلا عودي، وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال: ما ترك الحق لعمر صديقًا. فإذا لم يصبر على الأذى لزم من ذلك، إما تعطيل هذا الواجب العظيم - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- وإما حصول فتنة وفساد بسبب عدم احتمال الأذى من تعدٍّ على المأمور أو المنهي بالقول أو بالفعل، وقد يؤدي عدم الصبر على الأذى إلى الانتصار للنفس، فيخرج بذلك عن كونه منتصرًا لله ولرسوله ولدينه، وعن الغيرة لله ولحرماته إلى الانتصار لنفسه والحمية لها، وذلك معصية وفساد (انظر القول البين الأظهر في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:1-41).

 

9- قال ابن تيمية رحمه الله: "إن الله أمر نبيه بالهجر الجميل، والصفح الجميل، والصبر الجميل، فالهجر الجميل هجر بلا أذى، والصفح الجميل صفح بلا عتاب، والصبر الجميل صبر بلا شكوى"(كتاب مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية؛ رشيد رضا:1-2).

 

10- قال رفاعي سرور: "دائما مع شدة البلاء والأذى تظهر الآيات التي تعين على الصبر وتطمئن النفوس"().

 

11- قال الغزالي "الأدب الثاني: حسن الخلق معهن واحتمال الأذى منهن، ترحماً عليهن، لقصور عقلهن، قال الله تعالى : (وَعَاشِرُوهُنّ بِالمعْرُوفِ) : وقال في تعظيم حقهن : (وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ ميثَاقاً غَلِيظاً )[النساء: 21]، وقال تعالى: ( وَالصّاحِبِ بِالْجَنْبِ)[النساء: 36]، قيل: هي المرأة. ثم قال: واعلم أنه ليس حسن الخلق معها كف الأذى عنها بل احتمال الأذى منها، والحلم عند طيشها وغضبها، اقتداء برسول الله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم، فقد كانت أزواجه تراجعنه الكلام، وتهجره الواحدة منهن يوماً إلى الليل، وراجعت امرأةُ عمرَ عُمَر - رَضِي اللّهُ عَنْهُ - فقال : أتراجعيني ؟ فقالت : إن أزواج رسول الله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم يراجعنه، وهو خير منك"(انظر محاسن التأويل المؤلف : محمد جمال الدين القاسمي الباب التاسع عشر).

 

الإحالات

1- أصول الدعوة وطرقها المؤلف: مناهج جامعة المدينة العالمية الناشر: جامعة المدينة العالمية (1/300) .

2- مكارم الأخلاق لمن أراد الخلاق المؤلف: أنور بن أهل الله بن أنوار الله عدد الأجزاء: 1(1/38) .

3- رياض الصالحين المؤلف: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ) تعليق وتحقيق: الدكتور ماهر ياسين الفحل رئيس قسم الحديث - كلية العلوم الإسلامية - جامعة الأنبار الناشر: دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق – بيروت الطبعة: الأولى، 1428 هـ - 2007 م- باب احتمال الأذى .

4- نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم المؤلف : عدد من المختصين بإشراف الشيخ/ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي الناشر : دار الوسيلة للنشر والتوزيع، جدة الطبعة : الرابعة (5/1675) .

5- الأخوة أيها الإخوة المؤلف : فضيلة الشيخ محمد حسين يعقوب (1/139) .

6- فتح الباري المؤلف : أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (المتوفى : 852هـ) المحقق : عبد العزيز بن عبد الله بن باز ومحب الدين الخطيب رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه وذكر أطرافها : محمد فؤاد عبد الباقي الناشر : دار الفكر - باب احتمال الأذى للأنبياء .

7- جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم تأليف الإمام الحافظ الفقيه زين الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين البغدادي ثم الدمشقي الشهير بابن رجب المتوفى سنة ( 795 ) ه‍ حقق نصوصه وخرّج أحاديثه وعلّق عليه الدكتور ماهر ياسين الفحل – الحديث الخامس عشر .

8- ففروا إلى الله المؤلف: أبو ذر القلموني، عبد المنعم بن حسين بن حنفي بن حسن بن الشاهد الناشر: مكتبة الصفا، القاهرة الطبعة: الخامسة، 1424 هـ (1/305) .

9- الضياء اللامع من صحيح الكتب الستة وصحيح الجامع المؤلف: محمد نصر الدين محمد عويضة (1/475)

10- المسلم وحقوق الآخرين المؤلف: أبو فيصل البدراني .

11- القول البين الأظهر في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي .