التكفير .. جهل البداية وسوء النهاية- ملف علمي

رئيس التحرير

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: ملفات النوازل

اقتباس

ففي سنوات قليلة تحولوا من قتل الأجانب، إلى قتل رجال الأمن، ثم إلى قتل المدنيين، ثم إلى الغدر في الشهر الفضيل واستهداف المسئولين، وقتل أنفسهم والمؤمنين، فآلت بهم الأمور لما خالفوا النصوص ولم يسمعوا كلام الناصحين إلى مشابهة الخوارج عندما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم (يقتلون أهل الإسلام، ويتركون أهل الأوثان)

الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه والصلاة والسلام على رسوله ومصطفاه.

 

لقد بدأت الفتنُ في هذه البلادِ منذُ سنواتٍ باجتهادٍ من بعض الشبابِ الذين رأوا في غيرهم مثالاً للتخاذل والاستكانة عما يجب عليهم من رفعِ السيوفِ وإشهارِ الأسلحةِ على حكَّامِ هذه البلادِ وغيرها، واختطوا طريقاً دفعتهم إليه حماستهم، أو أهواؤهم، أو حقد بعضهم على البلاد، ثم حاولوا أن يجدوا في النصوص ما يُعضِّد قولهم ويؤيد فعلهم، لكنَّ العلماء الذين شابت لحاهم في الإسلام، وقرأوا تاريخ الأمة، وما فيه من العواصم والقواصم كانوا لهم بالمرصاد، فتساقطت شبههم واحدة تلوا الأخرى، وتهافتت عند أصحاب البصائر، وقُتل هؤلاء جميعاًَ، كما هو مصير السابقين لهم ممن رأى أن الحكام لا يعاملون إلا بطريقة الخروج عليهم.

 

 

 

ومع بالغ الأسف فإننا في الوقت الذي كنا نظن أن الشباب قد اعتبروا واستفادوا من التجربة السابقة وعواقبها الوبيلة، نجد أن القوائم تتابع، والمبايعين للخارجين على الحكام يكثرون، فما اعتبروا بحال إخوانهم الذين مضوا ولا قرأوا تاريخ الإسلام، ولا حكموا شريعة الإسلام في أنفسهم.
 

وهكذا نجد أن التاريخ يعيد نفسَه، فهذه البليَّة هي التي دهت أهل الإسلام في أَواخِر عهدِ الصَّحابة رِضوان الله عليهم، وأزهقت بسببها أرواح العلماء والصالحين من بعض الصحابة والتابعين.
 

وهي تحصل اليوم في هذه البلاد منذ سنوات فماذا كانتِ النتيجة ؟ إن النتيجة المشاهدة ضعفٌ في الدين وانحسارٌ في الدعوة وتجفِيف لمنابعِ الخير وتسلّط من الأعداء وفشوٌّ للتحزّب والتعصّب، فخسر أهل الحقّ، وكسب أهل الباطل، واتَّخَذ الأعداءُ هذه الأحوالَ والشتات سُلَّمًا وذراعاً للنيل من الدين وأهله ودِيارِه، ولا حول ولا قوّةَ إلاّ بالله العليِّ العظيم.
 

وهنا ننصح إخواننا من الشباب الذين يعتنقون هذا الفكر أو يتعاطفون معه ونخبرهم بأن الهدمَ سهل، وأن سَفكَ الدماء إذا فتِح صعُب إيقافه، وإذا استُرخِصَت النفوسُ عمَّت الفوضى، والبِناءُ هو الصَّعب، وتربيةُ النفوس وإِصلاحها أصعَب، وهذا هو طريقُ المرسلين. 
 

 

إن حُسنَ النية وصلاحَ القصد إذا وجِد فإنّه لا يكفي في الإصلاح بل لا بدَّ أن يقتَرنَ ببحسن النية صحّة المنهج وحسنُ العمل، وبخاصّة الأعمال المتعدّية التي تمسّ الأمّةَ والديار.
 

إننا لا ندعي العصمة لأحد مِن البَشر سوى أنبياء الله تعالى فيما يبلِّغون عن الله سبحانه، والحقُّ ضالّة المؤمن، ومن ابتغى في الناس الكمال فقد طلب المحالَ، والخطأُ من ولاةِ الأمورِ وأهل العلم واردٌ وواقِع، ومَن أراد الحقَّ وتصويبَ الخطأ فليَبحَث عن ذلك بطريقِه، وليصَحِّح ولينصَح بأسلوبِ الحكمة، مَع حسن القصدِ وحِفظ بيضةِ المسلمين وهَيبةِ الأئمّة وأهلِ العلم.
 

ولا يقدر الله تعالى شراً محضاً فلربما كانت هذه المحن تحمل في ثناياها منحاً فهذه الحادثة الإجرامية (محاولة الاغتيال) بالرغم من شناعتها وفضاعتها وخطورتها فإنها تحمل دلالات واسعة، وفيها عبر عظيمة، فلو استمرت هذه الفئة على نهجها وتسويغها السابق فلربما استمر التعاطف معها، وزاد عدد المنضمين إليها، ولكنها وصلت إلى النهاية في وقت قصير وهذا يمنع التعاطف معها، ويحول دون تغريرها بمزيد من الشباب المتحمس، ففي سنوات قليلة تحولوا من قتل الأجانب، إلى قتل رجال الأمن، ثم إلى قتل المدنيين، ثم إلى الغدر في الشهر الفضيل واستهداف المسئولين، وقتل أنفسهم والمؤمنين، فآلت بهم الأمور لما خالفوا النصوص ولم يسمعوا كلام الناصحين إلى مشابهة الخوارج عندما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم (يقتلون أهل الإسلام، ويتركون أهل الأوثان)، وهذه عقوبة من الله لما ضيعوا حدوده، وتأولوها بأدنى الحيل، وقد نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل المعاهدين والمستأمنين فاستهدفوهم، ونهاهم الله عن قتل أنفسهم والنفوس المؤمنة فأزهقوها معرضين عن قاعدة الشريعة، وجادة النصوص، حاملين سلاحهم على إخوانهم المسلمين، سافكين دماءهم مستبيحين لها بالحيل الباردة والتأويلات الضعيفة، ويدعون أنهم يجاهدون في سبيل الله تعالى، وأنهم يحسنون صنعاً.
 

لقد سُلبوا فهم النصوص الشرعية على وجهها، وآلت بهم الأمور مرة ثانية إلى مشابهة الخوارج فهم (يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم) وإلا كيفَ يفجرِ هذا الرجلُ نفسه ويستهدفُ رجلاً يقول ربي الله، ويقول له في مكالمته : (نحن نطبق الشريعة وما كان من قصور فهو غير مقصود) كيف يفعل ذلك رجلٌ يقرأ قوله تعالى: (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً) ، هذا والله هو الهلاك قال صلى الله عليه وسلم: (إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين) أخرجه أحمد والنسائي بإسناد صحيح، وقال صلى الله عليه وسلم (هلك المتنطعون) قالها ثلاثاً قال النووي (هلك المتنطعون أي المتعمقون المغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم)، وهنا يعرف الناس قيمة العلماء فو الله الذي لا إله غيره ولا معبود بحق سواه لو رجع هؤلاء إلى العلماء الذين عرفوا الإسلام بكماله وجماله لما وقعوا في هذه الجرائم البشعة، والكبائر العظيمة، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

ونحن كما ندين هذا الحادث الإجرامي في استهداف مساعد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز نحزن حزنا عميقاً على وقوعه، فمن هو المستفيد منه؟ إلا أعداء الإسلام والأيادي الخارجية التي يحلب هؤلاء الأغرار في آنيتهم، ويخدمون مصالحهم، بحجة الجهاد في سبيل الله تعالى .

 

وبين يدي قرائنا هذا الملف العلمي الذي جمعنا فيه أبرز  النتاج الخطابي لثلة من خطبائنا الكرام، وفيه خطب حصرية كثيرة تنشر لأول مرة في الشبكة العالمية.

 

نسأل الله  تعالى أن يصلح الأعمال، ويصوب الأفهام، ويرد الضال إلى الهدى، ويبصر المؤمنين في دينهم، ومصالحهم.

 

وصلى الله على رسوله ومن اتبع هداه.

 

 

 التكفير ... جهل البداية ... وسوء النهاية

 

العنوان

العنوان

العنوان

العنوان

العنوان

العنوان

العنوان

العنوان

العنوان

العنوان

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات