وفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجه خديجة

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات:

بقلم نعيمة بوخيمة

 

 

 

قال رسول الله ﷺ:”خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي“.

كان ﷺ يضرب لنا أروع الأمثلة قولا وعملا طبق على أرض الواقع وفاء ممتدا في الزمان، إذ قال فيه ربنا الكريم وإنك لعلى خلق عظيم.

نقف مع ما تحلى به ﷺ من وفاء لأمنا خديجة رضي الله عنها. نأخذ عنه، نتعلم من سيرته ونتأسى به عسى نظفر بالقرب منه. قال ﷺ: “أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا“.

وقد تجلت خيريته ﷺ في قمة وفائه لأمنا خديجة حتى بعد موتها. فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي ﷺ إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء. قالت، فغرت يوما فقلت ما أكثر ما تذكرها؛ حمراء الشدق، قد أبدلك الله خيرا منها. قال ما أبدلني الله خيرا منها؛ قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء رواه أحمد.

كيف تُنسى من كانت السندَ للزوج والدعوة؛ حين أخبرها رسول الله ﷺ بما لاقاه في غار حِراء أجابت: (كلا والله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكَلَّ وتَكسب المعدوم وتصدُق الحديث وتُقري الضيف وتُعين على نوائب الدهر ).

رغم تأييد الله له في دعوته ما فتئ يذكر أفضال أمنا خديجة على الدعوة وعليه كزوج إذ ذكر ذلك في الحديث رزقني الله عز وجل ولدها.

وأجاب أمنا عائشة ما أبدلني الله خيرا منها، ليبين أن الأفضلية والخيرية إنما هي مواقف إحسانية استحقت بها حسن الثناء والوفاء.

كانت سندا بمالها ونفسها وصبرها، تشهد لها بذلك السيرة النبوية حتى توفيت على عهدها. همة عالية وعزيمة ماضية وسند عظيم للدعوة ولحاملها؛ بذل للجهد والمال والنفس والنفيس في سبيل إعلاء كلمة الله. هكذا كانت أمنا خديجة؛ وبهذا استحقت تكريم الله سبحانه وتعالى لها أن خصها من بين نساء العالمين برسالة مع أمين الوحي فما أكرمها من منزلة. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ متفق عليه.

لم يتوقف ثناء رسول الله ﷺ على الذكر فقط بل كان ﷺ يصل صديقاتها إحياء لذكراها؛ فعن عائشة -رضي الله عنها (ما غِرتُ على نساءِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- إلّا على خديجةَ، وإنّي لم أُدركها، قالت: وكان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- إذا ذبح الشّاةَ فيقول: أرسلوا بها إلى أصدقاءِ خديجةَ، قالت: فأغضبتُه يوماً فقلتُ: خديجةُ؟ فقال رسولُ اللهِ ﷺ: إنّي قد رُزِقْتُ حُبَّها).

يوم فتح مكة حين جاءت إحدى صديقاتها للسلام على رسول الله ﷺ أجلسها على ردائه وجلس معها يتذكرون أيام خديجة.

من المواقف أيضا التي تشهد على هذا الحب والوفاء حين أرسلت زينب بنت رسول الله ﷺ تفتدي زوجها أبا العاص بن الربيع بالقلادة التي أهدتها إياها أمنا خديجة في زواجها؛ فلما رأى رسول الله القلادة، بكى وقال لأصحابه. إن شئتم أطلقتم أسيرها وأعدتم لها قلادتها.

هذه بعض من أحداث كثيرة يعلمنا من خلالها الحبيب المصطفى ﷺ كيف الوفاء لمن أحببناهم وأحسنوا إلينا وأن القلوب حين تجمعها المحبة ويسود الإحسان علاقاتها تظل وفية لبعضها في الحياة وبعد الموت.

يقول الإمام عبد السلام ياسين رحمة الله عليه:

إن لم يُذكر في القرآن من الكاملات غير مريم وآسية، فقد ذَكَر الوحي على لسان محمد صلى الله عليه وسلم نماذج كاملة ليعلم الكل أن الاصطفاء الإلهي متصل. بل بلغ الاصطفاء قمته مع قمة الرسل عليهم السلام: يُمسك بيده الشريفة المصطفاة خديجة فيقول: «خير نسائها مريم بنتُ عمران وخير نسائها خديجة بنت خويلد». رواه الشيخان والترمذي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.1

 

 

1.تنوير المومنات للإمام عبد السلام ياسين

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات