واجبات المعلم تجاه مهنته في التعليم والتأليف

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات:

 

د. طه فارس

 

 

أولاً: إعطاءُ المِهنَةِ حقَّهَا:

 

معرفة قيمة ما يقوم به المُعلِّم ومحبتُه له، هما اللذان يعطيانِهِ تحفيزاً ودفعاً مُستمرِّاً ليبذلَ قُصَارى جهده في أداء دوره الفاعل، ولذلك لا ينبغي له أن يشغل نفسه بأمور وأعمال أخرى تقلِّلُ من جَودةِ أدائه، وتوقفُ مسيرةَ تطويرِه لذاته، فالإنسان لا يستطيع أن يُبدِع في مجال إن وزَّع جهودَه وبعثرها في مجالات متعددة[1].

 

 

 

كما لا ينبغي للمُعلِّم أن يجعل مِهنَة التعلِيم طريقاً للحصول على المال والجَاه والشهرة فَحْسب، بل رسالة يبتغي بها وجه الله تعالى أولاً، ونفع أبناء المسلمين ثانياً[2].

 

 

 

ثانياً: تطويرُ الذَّاتِ في مجال التَّخصُّصِ:

 

لا ينبغي للمُعلِّم أن يقتصر على ما عندَه من معلومات، ويكتفي بما تلقَّاه أثناء دراسته الأكاديميَّة، بل الواجبُ عليه أن يُطوِّرَ ذاته بالقراءة والمطالعة والتَّعلُّم المستمر؛ لأنَّ العلم لا نهايةَ له[3]، ومهما أُوتي الإنسان من العلم فما أُوتي منه إلا قليلاً[4]، والمعلم الذي لا ينمو في مهنته باستمرار يصدأ[5].

 

 

 

"وغزارَة المادَّة العلميَّة هي أحد عناصر الكفاية الخاصَّة للمُعلِّم، وتظهر أهميَّة ذلك من خلال مَيلِ المُتَعلِّمين وحُبِّهم وإعجابهم وإقبالهم على مُعلِّمهم؛ لِمَا يجدونه عنده من حُسن تصرُّفٍ في أطراف البحث، وغزارة في المادَّة التي يدرِّسها"[6]، فلذلك ينبغي على المُعلِّم أن يتطلَّع دائماً للأفضل، وأن يستزيد من العلم والخبرة في مجال تخصُّصِه، جاعلاً قولَ الله تعالى: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114] دليلاً له ودافعاً للاستزادة من العلم والمعرفة، وقد رُوي عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "منهومان لا يَشْبعان: طالبُ علم، وطالب دنيا"[7].

 

 

 

ثالثاً: تطويُر المَهَارَاتِ بحضُورِ الدَّورَات:

 

لا شَكَّ أنَّ حضور الدورات في المَعَارِف الرَّافدة لاختصاص المُعلِّم تُطَوِر من مهاراته، وتجعلُه أكثرَ فاعليَّة وأداءً، فلذلك لا بدَّ للمُعلِّم في هذا العصر مع توسُّعِ المعارف، والانفجار المعلوماتيِّ الذي يشهدُه العالم، من أن يُطوِّر من مهاراته بحضور الدورات التي تساعده على تحسين أدائه، كأن يحضر دورة في الحاسب الآلي[8]؛ ليتقن استخدامَ جهازِ الحاسب الآلي والبرامج المساعدة في التعليم، أو يحضر دورة في مهارات الإلقاء، أو دورةً لإتقان اللغة الإنكليزية إن لم يكن يتقنها، أو دورةً في التَّخطيط ورسم الاستراتيجيات، أو غيرَ ذلك..، مما يُعتبر رافداً إيجابياً له في مجال تخصُّصِه.

 

 

 

رابعاً: متابعةُ المُسْتَجِدَّاتِ في مجال التَّخَصُّصِ:

 

تتبُّعُ المُستَجدَّاتِ، والاطِّلاعُ على آخر الأبحاث والدِّرَاسات، في ميدان التَّخصُّصِ، هو في غاية الأهميَّة للمُعلِّم، لتكون معلوماتُه ومعارفُه في حالة تَجديد مُستمر، ويتحقق له ذلك من خلال ما يلي:

 

1- حضور المؤتمرات والندوات التي تتعلق بمجال تخصُّصِه، أو المشاركةُ فيها، أو متابعةُ أخبارها ما لم يستطع حضورَها.

 

 

 

2- الاشتراك في المجلاَّت العلميَّة والدَّورِيَّات التي تَرفُد تخصُّصه وتُنمِّيه.

 

 

 

3- التَّعرُّف على المواقع الإلكترونية العلميَّة والتَّعليميَّة في مجال تخصُّصِه، والتَّواصل معها.

 

 

 

خامساً: الابتعادُ عن كلِّ ما يُخِلُّ بقدسية مِهنَة التَّعلِيم:

 

ينبغي على المُعلِّم أن يَصُون نفسَه حقَّ صيانتها، فيبتعدَ عن كلِّ سلوك يُخِلُّ بقدسيَّة مهنة التَّعليم، ويترفَّعَ عن دَنِيءِ المَكاسِب ورذيلِها طَبعَاً، وعن مكروهها عادَة وشرعاً، ويتجنَّبَ مواضعَ التُّهَمِ وإن بَعُدَت، ولا يفعلَ شيئاً يتعينُ نقصَ مروءةٍ، أو ما يستنكر ظاهراً، وإن كان جائزاً باطناً، فإنه يعرِّضُ نفسَه للتُّهْمَة...، ويوقعُ النَّاس في الظُّنُون المَكروهة....[9].

 

 

 

سادساً: المشاركةُ العلميَّة بكتابةِ المقالات والنَّشرات والكتب في ميدان تخصصه:

 

المُعلِّم المُتَميِّز لا يتوقَّف عند حَدِّ التَّعليم للطلبة بين جُدْرَان الفُصول فحسب، بل ينتقل إلى ميدانٍ أوسع وعالم أرحب، وذلك لِيَستفيدَ من علمه وتجربته كلُّ أفرادِ المجتمعِ، فليجأ إلى كتابة المقالات في الصحف والمجلات والدَّوريَّات، مما يعود على أفراد المجتمع بالنَّفع والإفادة.

 

 

 

فإذا ما اتَّسَع أُفُقُهُ واطلاعُه في مجال تخصُّصِه، وآنسّ من نفسه قدرةً وتمكُّنَاً على أن يُقدِّم لزُملائه ومجتمعه بحثاً لم يُسبق إليه، يُثرِي ثقافَتهم، ويُصحِّح مسيرتهم، فعند ذلك يَشتَغِل بالتَّصنيف والجمع والتَّأليف، ممَّا يُثَبِّتُ عِلمَه، ويُوقِفُه على حقائقِ الفنون ودقائق العُلوم، ولينتقلَ بعد ذلك في مجال تخصُّصِه من التَّبعيَّة والتَّقليد، إلى الإبداع والتَّجديد [10].

 

 

 

 

 

[1] وكما قال الله تعالى: ﴿ مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ﴾ [الأحزاب: 4].

 

[2] انظر: تذكرة السامع والمتكلم لابن جماعة ص19 - 20.

 

[3] فالمعلم الذي يريد أن يحقق ذاته ويُحْتَرم من قِبَل تلاميذه فعليه أن يطالب نفسه في كل يوم باستفادة علم جديد، ويحاسبها على ما حصَّله..، وتكون ملازمة الاشتغال بالعلم مطلوبه ورأس ماله. انظر: دراسات في تاريخ التربية عند المسلمين للدكتور محمد منير سعد الدين ص113.

 

[4] كما قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85].

 

[5] انظر: دراسات في تاريخ التربية عند المسلمين للدكتور محمد منير سعد الدين ص113.

 

[6] المصدر السابق ص112.

 

[7] أخرجه الطبراني والبزار عن ابن مسعود وابن عباس وأنس بن مالك رضي الله عنهم، وهو في مجمع الزوائد 1 /135، وذكره العجلوني في كشف الخفاء 2 /380 وبين بأنه يتقوى بمجموع طرقه.

 

[8] أو ما يسمى اليوم بـ: الرخصة الدولية لقيادة الحاسب الآلي ( ICDL).

 

[9] انظر: تذكرة السامع لابن جماعة ص19 - 20.

 

[10] انظر: المصدر السابق ص29 - 30.

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات