الغضب وأثره مع الوالدين

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2022-10-05 - 1444/03/09
التصنيفات:

 

الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي

 

 

السؤال

 

السلام عليكم،،،

أطلب منكم - جزاكم الله خيرًا - أن نستفيد من علمكم، وجعله الله في ميزان حسناتكم:

أنا إنسان سريع الغضب؛ حيث إنه يصعب عليَّ التحكم في أقوالي؛ فقد يصل بي الحال إلى السب والشتم.

ومشكلتي مع أمي؛ حيث إني أحاول جاهدًا أن أطيعها، وأن أبر بها؛ لكي أنال رضاها، ورضا الله - عز وجل - ولكن في كثير من الأحيان أعود بخفي حنين، وينقلب كل شيء ضدي.

أمي إنسانة عصبية، وكثيرًا ما تهينني أمام إخواني بكلام يستفزني، ويثير غضبي؛ لأني بقيت عاطلًا عن العمل، وكثيرًا ما تثير إخوتي الصغار عليَّ؛ حيث إنها تبدأ بالسب والشتم في أبسط الأشياء.

في بعض الأحيان يثور غضبي؛ فلا أتحكم في أقوالي؛ فأسب وأشتم - إنا لله وإنا إليه راجعون - اللهم اغفر لي ذنوبي.

لكنني أحاول جاهدًا أن لا أقع في نفس المعصية مرة أخرى، ولكنني أفشل أمام استفزازها لي، أشعر بالذنب، لكنني أشعر في بعض الأحيان بالظلم.

 

أفيدوني ما الحل؟ ماذا عساني أفعل؟ و ادعوا لي؛ لكي أوفق في طاعة أبَوَيَّ.

والسلام عليكم ورحمة الله،،

 

 

 

الجواب

 

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

 

فالظاهر أنك تعلم - يقينًا - قبح صنيعك مع أمك، وأنه من كبائر الذنوب، بل إن سب المسلم الغريب عنكَ بغير حق، حرام بإجماع الأمة، وفاعله فاسق؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: ((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر))؛ متفق عليه؛ أي: شتمه، والتكلم في عرضه بما يعيبه ويؤذيه، من الفسوق الفجور، والخروج عن الحق.

 

 

 

فلا عذر لك - البتة - فيما تفعله مع والدتك، وإن سبتك وأهانتك، وفعلت وفعلت؛ قال – تعالى -: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ ﴾ [الإسراء: 23]، وقال – تعالى -: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾ [لقمان: 15]. فقرن بين عبادة الله وحده، وبر الوالدين؛ فلا يسقط حق الوالدين في المعاملة الطيبة، والصحبة الكريمة أبدًا، وتحت أي ظروف؛ وراجع على موقعنا استشارة: "أكره أهلي!!".

 

 

 

وما دام الأمر كما ذكرنا، أن بر الأم واجب في جميع الأحوال؛ فالواجب عليك الصبر الجميل، وهو خير كله: الصبر على الطاعات، والصبر عن المعاصي، والصبر على جهاد النفس، وحملها على الحق، والصبر على التواء النفوس، وضلال القلوب، وثقلة العناد، الصبر على عصبية أمكَ، وإهانتها استفزازها لك أمام إخوانك، ولتحتسب الأجر من الله.

 

 

 

ولْتتعرف على وسائل وأسباب ضبط النفس، وأن تُعود نفسك على مِلك غضبك، وتتيح لها شيئًا من سَعة الصدر، وتحمُّل الضغوط.

 

 

 

وهذا الأمر يكون شاقًّا في البداية، ولكن مع المجاهدة يكون سهلًا؛ كما ذكرنا، وبذلك تستحق الأجر من الله، ما دمت على ذلك، وتسلم من مغبة الاسترسال في الغضب، الذي لا تقتصر نتيجته على الآثار السلبية المتعدية بسبب الاسترسال فيه.

 

 

 

كما ننصحك بمناقشة والدتك بهدوء ولطف، ولْتُحسِنْ تخيُّر الوقت المناسب لذلك، فتتوافقا، وتتفاهما في أسلوب للتعامل بينكما ببر وحب، وأعلمها أن بعض أسلوبها معك يفتح عليك باب الشيطان؛ ليزين لك عصيانها، وعقوقها، واطلب منها أن تعينك هي على برها والإحسان إليها، بأن تتعامل معك بأسلوب أفضل.

 

 

 

وأخيرًا: أذكرك أن بر الوالدين من أعظم القربات إلى الله - عز وجل - ومن أعظم الأسباب لدخول الجنة؛ كما في الحديث الصحيح: أن جبرائيل قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((رغم أنف عبد أدرك أبويه، أو أحدهما، فلم يُدخِلاه الجنة))؛ أخرجه مسلم (2551)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه – يعني: أنه لو برهما دخل الجنة.

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات