الساحرة والسكارى!

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2022-10-05 - 1444/03/09
التصنيفات:

حسني المصري

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

 

فهكذا يسمونها: "الساحرة المستديرة!"، ولأن السحر يخطف الأبصار، ويخيل للمسحور خلاف الحقيقة، فكانت تسميتها بذلك عين الحقيقة.

 

كرة القدم "أو الساحرة المستديرة" خطفت الأبصار ومعها العقول، وصار أغلب الناس -شبابًا وشيوخًا ونساءً ورجالًا- يتابعونها ويتابعون أخبارها وأخبار لاعبيها؛ ليس فقط على المستوى المحلي، ولكن على المستوى العالمي كذلك، ولم يعد شيئًا غريبًا أن تجد المقاهي في شوارع وربوع مصر قد اكتظت بروادها.

 

طالما كانت هناك مباراة تُلعب يَنسى الناس همومهم ومشاكلهم الحياتية اليومية، وغلاء الأسعار الذي يشكون منه ليل نهار، وظروف المعيشة الصعبة، وينفقون بعض المال -ولو يسيرًا- لأجل مشاهدة المباراة على إحدى المقاهي، وقد يصل ثمن المقعد على المقهى لخمسين جنيهًا مع المشروب في بعضها.

 

والأدهى مِن ذلك والأمر: أن التناحر وتبادل السباب، بل والخصام وربما العراك والاحتكاك أصبح سمة غالبة لدى مشجعي هذا الفريق ضد هذا الفريق، يتبادلون الشتائم والألفاظ النابية بينهم، وعلى وسائل التواصل ويصل الأمر إلى حدِّ القطيعة والخصام.

 

فماذا فعلت بنا الساحرة؟!

 

إنها لم تخطف الأبصار وحسب، بل خطفت العقول وأوغرت الصدور، واستطاعت أن تُقسم المنقسم؛ فهذا ألتراس فريق كذا، وذاك ألتراس فريق كذا، ولم يبقَ على إشعال فتيل المعركة إلا أن تسحب الساحرة عود الثقاب!

 

لقد نجح اليهود -أعداء الأمة- في إشغالنا بالكثير والكثير مِن المعارك الجانبية، وأبعدوا أبصارنا وحولوا أفكارنا ووجهوا قلوبنا لأمورٍ دنيويةٍ تافهةٍ، بل هي لعب ولهو حتى انشغل بذلك ووقع في الفخ نفر ممَن انتسبوا للاستقامة.

 

وقد يقول قائل: إن الموضوع ليس بهذا الحجم، وإن هذا مبالغة في التخوفات، لكني أقول: إن حجم الموضوع يكبر ويتضخم ليصبح مشكلة كبرى تهدد جيلًا، بل أجيالًا مِن الأمة لتغرقهم في السفاسف والتفاهات بعيدًا عن بناء أنفسهم ونهضة أمتهم، وإبعادًا لهم عن العمل الجاد والمثمر الذى يرتقي بالإنسان والأوطان.

 

فهل يستفيق السكارى في ملاعب الساحرة أو هل يستفيق مَن يقدِّم لهم كؤوس السحر؟!

 

المصدر: الفتح

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات