الجهل التربوي.. واختراع الطرق.. ومشكلات الأبناء !

خالد رُوشه

2022-10-08 - 1444/03/12
التصنيفات:

نتيجة بعدنا كثيرا عن التثقيف التربوي المنهجي، واعتمادنا على العادات والتقاليد والأمثال الشعبية والآراء الخاصة وغيرها كمنبع ومصدر لطرق التربية فقد صار بنا الحال هكذا !

 

صرنا نخترع طرقا نربي بها أبناءنا، وطرقا نعالج بها مشكاتنا التربوية، واخرى نتعامل بها مع المعضلات، كل ذلك بلا اساس ولا تثقيف تربوي ولا علم !

 

حتى اساليب التعامل داخل الاسرة تركناها يضبطها عاداتنا وتقاليدنا التي منها ماهو سلبي سىء الأثر على ابنائنا وعلى زوجاتنا وعلى علاقاتنا أذ إنها حتى بعيدة عن هدي النبوة..

 

ومع وجود المنهج الربوي الإسلامي العظيم بين ايدينا صرنا نلتفت عنه ونخترع وسائل ومناهج واساليب !

 

إن هناك مشكلة أخرى يغفل عنها الكثيرون، فقد يقول قائل إن كل منا يعرف بعض الامور التربوية في الاسلام وبعض التوجيهات وبالتالي يطبقها كما يعرفها، كيف يكون ذلك سلبيا ؟

 

واقول إن المنهج التربوي الإسلامي كل متوازن يكافئ بين أطرافه ويناسب بين اساليبه بين الرفق والحزم وبين الراحة والجد وبين الدنيا والآخرة وهكذا، فلئن اخذ البعض جزءا منه واغفل الباقي خرج التطبيق منتقصا كما الاخذ كان منقصا !

ولذلك شاهدنا كل احد وكأن له منهج مختص به !

 

فصار كل والد او مرب يخترع لنفسه طريقة تربوية بحسب هواه وبحسب ما يرى ويستحسن، فترى هذا يستخدم منهاجا قاسيا غليظا، وآخر يعتمد الطرائق اللينة الرقيقة، وثالث يعتمد طريقة ترك الحبل على غاربه، وغيرها

 

بل إن البعض يستحسن أن يربي ابناءه كما رباه أبوه، فيقلدهم تقليدا، وإذا سئل عن دليلة ومستنده فيما يفعل فجوابه أن ذلك فعل الآباء " هكذا علمنا آباؤنا " !

المربون في مجتمعاتنا يحلون المشكلات التربوية حلا عجيبا بعيدا عن اي منهجية او دراسة ،  بعضهم يحل مشكلة كمشكلة الإعراض عن المدرسة بفعل واحد سريع هو ضرب الابناء ضربا قاسيا مع الصراخ في وجوههم.

 

وآخر يرى أن حل مشكلة خوف ابنه الصغير من النوم وحده بالضغط عليه ليستجيب !

 

وغيره يرى أن حل مشكلة كذب ابنه عليه هي التأديب بالعصا !

 

أو يرى أن حل مشكلة ضعف الشخصية هو الغضب والقسوة معه لتتقوى شخصيته !

 

وخامس قد أوكل العملية التربوية برمتها لزوجته، وصار دوره هو رؤية أبنائه بعد عودته بالمساء عابسا في وجوههم، منتقدا لكثير من أفعالهم وأفعال أمهم على السواء !

 

وآخر جعل كل علاقته ببناته أنه يعطيهن بعض المصروف وأموال المشتريات، وكل حواراته معهن بطريقة التحقيق الشرطي، السؤال والجواب !

 

وغيره قد ترك العملية التربوية التثقيفية للتلفاز والفضائيات !

 

وثامن يرى أن دوره التربوي هو دوره في مراقبة التزام ابنائه ببعض الأمور الدينية التي يراها دليلا على الالتزام.

 

وتاسع قد جعل طريقته التربوية هي إخفاء مشاعره عن أبنائه، فلا يريهم منه إلا الوجه العملي التنفيذي، وربما لا يقول طوال حياته معهم كلمة رقيقة لهم !

 

وعاشر يتخذ أسلوب عد الأخطاء وتتبع العثرات والزلات، والانزعاج لكل خطأ، حتى إنه ليقلب رحلة سفر في عطلة إلى نكد وغضب وهم لمجرد بعض أخطاء الصغار !

 

الآثار السلبية لتلك الطرائق البائسة والخاطئة لا يحصدها الشخص وحده ولا الوالد وحده بل يحصدها مجتمع بأكمله، لنرى أجيالا ضعيفة هشة وأجيالا يغزوها المرض النفسي والتربوي.

 

السبب الأول في تلك الظاهرة هو الجهل، نعم الجهل المطبق بما يخص التربية، جهل بمنهج التربية العام، وجهل خاص بالمنهج الإسلامي التربوي.

 

إن هناك أسبابا وراء حالة الجهل التي يعاني منها المربون عندنا من أهمها الاعتقاد السائد بسهولة العملية التربوية ويسرها، وبأن كل أحد قادر أن يقوم بها، واعتقاد انها عملية توارثية منقولة من الآباء والأجداد، وان كل ما على الوالد هو تقليد الجد في فعله.

 

كذلك ذلك الإهمال المؤسسي لتعليم المناهج التربوية للقائمين بالعملية التربوية، فلا تكاد ترى مؤسسة تقوم بهذا الدور التوجيهي التعليمي للمربين والآباء والأسر.

 

كذلك الظن السائد من أن الوحيد الذي يحتاج دراسة التربية وممارستها هو المدرس والمعلم في الفصل والمدرسة، وكأن الطبيب والمهندس والموظف والعامل بعيدين عن العملية التربوية ولا يمارسونها ولا يحتاجونها !

 

إننا بحاجة إلى إيلاء الاهتمام بإزالة الجهل التربوي عند المربين والآباء والأمهات القائمين بالعملية التربوية، وبحاجة ماسة لمحاربة الطرق الجاهلة في التربية، التي تخرج لنا السلبيات وتضخم المثالب

 

المصدر: المسلم

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات