ثمرات الطهارة  

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2022-10-05 - 1444/03/09
التصنيفات:

أ. عادل حسن المرزوقي

 

إن للطهارة في الإسلام مكانة كبيرة، وفوائد عظيمة وثمرات جلية، وفيها الكثير من الحِكَم والمنافع للقلوب والأبدان، فليس الأمر فقط هو غسل هذه الأطراف للنظافة والطهارة، بل إن هناك حِكماً وفوائد عظيمة في الوضوء ومصالح لا تخطر على بال كثير من الناس، من أجل هذا وغيره من الأسباب إليك أيها القارئ الكريم عشر فوائد في ثمرات وفوائد الطهارة:

1- الطهارة مكفرة للذنوب كلها، فلما كانت هذه الجوارح والأطراف هي محل الكسب والعمل، وكانت هي أبواب المعاصي والذنوب كلها، منها ما يكون في الوجه كالسمع والبصر، واللسان والشم والذوق، وكذا في سائر الأعضاء، شرع تطهيرها لتكفير ما اقترفته من الذنوب والمعاصي، أخرج الإمام أحمد والنسائي أن النبي صلى الله عيه وسلم قال: (إذا توضّأ العبد المؤمن خرجت خطاياه من فيهِ، وإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه.

 

وإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه، وإذا غسل يديه خرجت الخطايا حتى تخرج من تحت أظفار يديه، فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من أظافر رجليه). وعند الترمذي: (خرجت ذنوبه مع الماء أو مع آخر قطر الماء).

 

فلذلك كره بعض العلماء مسح فضل الوضوء من أجل أن تطول مدة خروج الذنوب، ولأنه فضلة عبادة، وقد جاءت إحدى زوجات النبي عليه الصلاة والسلام بمنديل لمّا انتهى من وضوئه فرده وأخذ ينفض بيديه.

 

فالطهارة إذاً مكفّرة للذنوب إذا كانت مكتملة الأركان والشروط، وقد استنبط بعض العلماء من قوله تعالى: (وليتم نعمته عليكم) في آخر آية الوضوء في سورة المائدة، النعمة منها تكفير السيئات.

 

2- ومن ثمار الوضوء، أنه سيما هذه الأمة وعلامتهم في وجوههم وأطرافهم يوم القيامة بين الأمم، وليست لأحد غيرهم. أخرج الإمام البخاري عن أبي هريرة أنه قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن أمتي يأتون يوم القيامة غرلاً محجلين من أثر الوضوء ) وفي رواية لأحمد: كيف تعرف أمتك يا رسول الله من بين الأمم فيما بين نوح إلى امتك... فذكر الحديث. وروى مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء). والمراد بالحلية الإكثار من الوضوء وليس الزيادة على أعضاء الوضوء.

 

3- ومن ثمرات وفوائد الطهارة تنشيط للجوارح، وإذهاب الأدران والأوساخ التي على البدن، فيقف العبد يناجي ربه في طهارة ونشاط، وهذا يلمسه كل مسلم، لأن الماء يعيد للجسم نشاطه وقوته وحيويته، فيستحب للمسلم أن يتوضأ لكل صلاة، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمن أتى أهله ثم أراد أن يعود أنه يتوضأ.

 

وبيّن في رواية للحاكم، أنه أنشط للعود، ومن هنا من أسباب انتشار الأمراض عدم الطهارة والاغتسال. وإذا بات العبد جُنباً لم يؤذن لروحه بالسجود تحت العرش كما في الحديث الذي رواه البيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه موقوفا عليه أنه قال: (إن الأرواح تعرج بها في منامها، وتؤمر بالسجود عند العرش، فمن كان طاهرا سجد عند العرش ، ومن كان ليس بطاهر سجد بعيدا من العرش).

 

4- ومن ثمرات الطهارة أن الوضوء سلاح المؤمن، ولذا استحب العلماء لمن شرع في علاج من مسّه الجن أن يتوضأ قبل العلاج لأنه حصن من الشيطان، قال عمر رضي الله عنه: إن الوضوء الصالح يطرد عنك الشيطان، ولذا استحب النوم على طهارة، فإن العبد إذا نام على طهارة بات الملك في شعاره يحرسه من الشيطان كما في الحديث.

 

5- ومن ثمرات الوضوء أنه من خصال الإيمان الخفية التي لا يحافظ عليها إلا المؤمن كما أخرج الإمام أحمد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا يحافظ على الوضوء إلا المؤمن) فمن ثمرات المحافظة على الطهارة الشهادة له بالإيمان.

 

6- ومن ثمرات الطهارة أنه إذا انتهى العبد من الوضوء وختمه بالشهادتين كان موجباً لفتح أبواب الجنة، أخرج الإمام مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو يسبغ ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء) وفي رواية الترمذي: زاد فيها بعد الشهادتين قوله: (اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين).

 

7- ومن ثمرات الطهارة وخصوصاً إذا نام العبد وهو طاهر دعا الملك له بالمغفرة كلماً انقلب في أي ساعة، فقد ثبت عند الإمام البزار أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من بات طاهراً بات في شعاره ملك ـ وهو الملاصق للجسم من الملابس ـ فلا يستيقظ من الليل إلا قال الملك: اللهم اغفر لعبدك كما بات طاهراً )، فهذا الحديث يدل أن العبد إذا نام على طهارة فإنه يحصل على ثلاث خصال، أولها: أن الملك يبيت في شعاره، وثانيها: دعاء الملك له بالمغفرة، وثالثها: أنه إذا مات مات على طهارة وخير، حيث ان النوم هو الموتة الصغرى.

 

8- ومن ثمرات الطهارة أن الله يرفع صاحبها بها الدرجات، فقد روى مسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات، قالوا: بلى، قال: إسباغ الوضوء على المكاره)، فإسباغ الوضوء خصوصا في أوقات البرد ولاسيما في الليالي الباردة رفعة في الدرجات، وزيادة في الحسنات.

 

9- ومن ثمرات الطهارة أن الوضوء في البيت ثم الخروج إلى المسجد على الطهارة فهو سبب إكرام الله له ويكون ممشاه نافلة، حيث إن الله كفر ذنوبه بالوضوء، ويكون صاحبه زائراً لله، أخرج الإمام الطبراني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من توضأ في بيته فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد فهو زائر لله وحقاً على المزور أن يكرم الزائر). وجاء في صحيح الإمام مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من توضأ هكذا، غفر له ما تقدم من ذنبه وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة).

 

10- ومن ثمرات الطهارة العظيمة حب الله للمتطهرين، قال تعالى: (إنَّ اللّهَ يُحب التوابين ويُحب المتطهرين)، فالطهارة طهارة الظاهر والباطن، طهارة الباطن بالتوبة من الشرك والمعاصي وطهارة الظاهر بالماء من الحدث.

 

وهذا كله يدلنا كم للطهارة من ثمار، وكم تيسر للعبد من أسباب تكفير الخطايا، لعلّه يتطهر قبل الموت فيلقى ربه طاهراً، ليجاور ربّه في دار السلام.

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات