الجرأة على الفتيا أمر خطير

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2022-10-05 - 1444/03/09
التصنيفات:

 

شبكة الرد الإلكترونية

 

تشكل الفتوى أساساً مهما في مجتمعنا السعودي، ذلك أننا بفضل الله تعالى نعتز بمرجعيتنا إلى الكتاب والسنة في كل أمور حياتنا، ومع ذلك يلاحظ أن هناك مصادر متعددة للفتوى في المسائل المتخصصة والمصيرية كقضايا الاقتصاد والطب والعلاقات الدولية والجهاد، فهل يرى سماحتكم أن هذا من باب الاجتهاد؟ أم إنه فوضى علمية يجب الحد منها وتقييدها لا سيما في المسائل المتخصصة والمصيرية للأمة؟.

 

(*) الفتوى أمرها عظيم وخطرها جسيم ، يقول الله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً}، ويقول سبحانه: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون}، ويقول عز وجل: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم تنزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}.

 

فالجرأة على الفتيا أمر خطير جداً على دين ذلك الذي تجرأ على الله وتلكم بغير علم أو بهوى، وهي خطيرة أيضاً على المجتمع المسلم إذ تكون سبباً في تفككه وبعده عن الدين.

 

وقد أخرج الدارمي في سننه بسنده عن عبيدالله بن أبي جعفر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار).

 

وكان السلف ـ رضي الله عنهم ـ أخوف على دينهم من أن يتجرؤوا بالكلام في دين الله أو التعجل في الفتوى، فعن عبدالرحمن بن أبي ليلى ـ وهو من التابعين الثقات ـ قال: " لقد أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُسأل عن فتيا إلا ودَّ أخا كفاه الفتيا".

 

ولما سئل الشعبي ـ رحمه الله ـ كيف كنتم تصنعون إذ سُئلتم؟ قال: على الخبير وقعتَ، كان إذا سُئل الرجل قال لصاحبه أفتهم، فلا يزال حتى يرجع إلى الأول.

 

فالواجب التحفظ والتحرز من التسرع في الفتوى، وأما المسائل الكبيرة التي تتعلق بمصالح الأمة عامة دينياً أو سياسياً أو اقتصادياً أو عسكرياً أو غير ذلك مما يكون تأثيره عاماً فغن الواجب ألا ينفرد بالحديث عنه طالب علم، بل يجتمع له جمع من العلماء كهيئة كبار العلماء أو المجامع الفقهية ويُطرح الموضوع على مائدة البحث ويأخذ حقه في البحث والمشاورة ثم يصدر القرار بناءُ على دراسة فاحصة متأنية يراعي فيها جوانب الموضوع ومُتعلقاته التي قد لا يدركها الفرد الواحد.

 

وهذا ما كان يفعله عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ حيث كان له مجلس مشورة ورأي يجتمع فيه الفقهاء الكبار، وكان إذا عرضت له مسألة كبيرة جمع لها أهل بدر الذي هم قدماء الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وفقهاؤهم، وهكذا يجب على طلاب العلم أن يكونوا.

 

فأولاً: الواجب عدم التسرع في الفتيا وأن يكلوا الأمر إلى أهله.

 

وثانياً: في المسائل العامة ينبغي ألا ينفرد الواحد بالكلام فيها بل يطرح الأمر على المجامع العلمية.

 

 

[*] تعلمون أن الكثير ممن انحرفوا في تفكيرهم ومارسوا الأعمال الإرهابية يحتجون بفتاوى لأناس يعتمدون عليهم في الفتوى، في نظركم ما أثر تعدد مصادر الفتوى في انتشار الفكر المتطرف؟

 

(*) ذكرنا سابقاً ما ينبغي أن تكون عليه الفتوى، والمُستفتي أيضاً ينبغي له ألا يسأل كل أحد أو من يتوسم فيه الخير فيكون فتنة له، الواجب ألا يسأل إلا أهل العلم الذي عُرفوا بذلك، فإن الله تعالى أمر بذلك حيث قال: { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} .

 

 

[*] تعكس الفتوى في المسائل العامة صورة عن الإسلام، فمن المسؤول عن تحديد هذه الصورة وكيفيتها في نظركم؟

 

(*) ذكرها سابقاً أن المسائل العامة ينبغي أن تُترك للهيئات والمجامع العلمية.

 

 

[*] دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ـ رحمه الله ـ من الدعوات التي عانت كثيراً بعد الأحداث المتفرقة باسم الإسلام، وكثيراً ما توصف بالشدة والتكفير ما تعليقكم؟.

 

 

(*) هذه اتهامات باطلة صادرة من أحد رجلين: إما جاهل بحقيقة دعوة الشيخ رحمه الله، أو حاقد وصاحب هوى وله مآرب من وراء هذه الافتراءات.

 

وإلا فإن الشيخ رحمه الله إنما كانت دعوته إلى تخليص الدين من شوائب البدع والشركيات وعبادة الله وحدة لا شريك له وفق ما شرعه رسوله صلى الله عليه وسلمن ولم يأت بجديد في دعوته ، وكتبه ورسائله موجودة، فالمنصف يقرأ ويعرف الحق من الباطل، وقد وقفنا على كتابات كثير من الرحالة الأجانب وكذلك بعض المنصفين من الغربين الذين قرؤوا كتب الشيخ ورأينا أنهم حكوا واقع الدعوة وأنها دعوة إلى العودة إلى ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم من صفاء العقيدة ونقاء الشريعة، أما الجاهل فعدو نفسه وأما صاحب الهوى فلا حيلة فيه.

 

 

[*] إعصار كاترينا أعاد ذكريات تسونامي الأليمة، هل من منهج الإسلام التشفي بما يصيب غير المسلمين من مصائب وآفات والفرح بموتهم على غير الإسلام؟

 

(*) ما يجري من الحوادث في هذه الدنيا لا بد أن تكون لنا فيه عبرة، وأن يعلم جميع الخلق أنه لا ملجأ من الله إلا إليه، وأن لا عاصم من أمر الله إلا من رحم، وأنه لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، وأن سبحانه شديد العقاب، شديد الانتقام، فالعبرة في ذلك لنا جميعاً حتى نتوب ونستوعب ، وما أصاب غيرنا ليس ببعيد إذا ما خالفنا أمر عز وجل.

 

 

[*] مع شهر رمضان وصلاة التراويح ودعاء القنوت يرى البعض أن منع الدعاء على إبادة النصارى واليهود هو قرار سياسي لا يمت إلى الشريعة بصلة، هل لكم أن تفصلوا لنا هذه المسألة؟

 

(*) الدعاء في الشرع له ضوابط من أهمها عدم الاعتداء ، يقول الله عز وجل: {ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين} ومن الاعتداء في الدعاء أن يسأل العبد ربه ما لا يكون مما ينافي حكمة الرب سبحانه وإرادته الكونية النافذة ، ومما قضى الله وأراد أن الكفر والكافرين باقون إلى قيام الساعة يقول سبحانه: {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم الله ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين}.

 

وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الساعة إنما تقوم على شرار الخلق، وأخبر أن الدجال في آخر الزمان يخرج ويتبعه سبعون ألفا من يهود أصفهان.

 

والذي ينبغي أن ندعوا لأنفسنا وأخواننا المسلمين بالنصر والظهور، وندعو الله عز وجل أن يذل أعداء الدين ، وأيضاً لا بأس بأن ندعو على من ظلمنا  منهم بأن يعذبهم الله كما كان عمر رضي الله عنه يدعو فكان مما يقول: الله عليك بكفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك ويعادون أولياءك الله أنزل رجزك وبأسك وعذابك إله الحق.

 

سماحة الشيخ/ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخمفتي عام المملكة العربية السعودية

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات