ضوابط الفتيا في النوازل المعاصرة

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2022-10-05 - 1444/03/09
التصنيفات:

 

د. مسفر بن علي القحطاني

 

المطلب الثاني : الضوابط التي ينبغي أن يراعيها المجتهد قبل الحكم في النازلة

يتعلق بالنظر في النوازل شروط جمة منها العلم والعدالة ؛ فشرط العلم يدخل فيه الإخبار بالحكم الشرعي على الوجه الأكمل بعد معرفة الواقعة من جميع جوانبها .

وشرط العدالة يدخل فيه عدم التساهل في الفتوى بالشرع والمحاباة فيها ، مع مراعاة وجه الحق في كل ذلك والنظر إلى مشكلات الناس برحمة ويسر الشرع ، وحمل أفعالهم على الوسط في أحكامه .

إلى غيرها من الشروط التي ذكرها أهل العلم فيمن يتصدى للنظر والإفتاء ، وهي كالتكملة والتتمة لما ينبغي أن يكون عليه الناظر من العدالة والعلم (1).

إلا أن خطة النظر والاجتهاد والإفتاء في النوازل والواقعات قد أصابتها عوارض أخرجتها عن النهج الذي قرره أهل العلم من مبادئ وأسس للنظر ، وهذا النوع من الخلل إما أن يكون من جهة الزيغ في إصدار الأحكام ، أو في كيفية النظر في تناول هذه المستجدات ، وإما من جهة انحراف الناظر وعدم إخلاصه وتقواه في فتواه واجتهاده ؛ مما جعل بعض الأئمة والعلماء يتذمرون ويشتكون من ذلك في كل عصر يخرج فيه أهل النظر والاجتهاد عن الطريق السوي .

وقد حصل ما يدل على ذلك في عهد مبكر يشهد عليه الإمام مالك ـ رحمه الله ـ حيث قال : (( ما شيء أشد عليّ من أن أُسأل عن مسألة من الحلال والحرام لأن هذا هو القطع في حكم الله ، ولقد أدركت أهل العلم والفقه في بلدنا وإن أحدهم إذا سئل عن مسألة كأن الموت أشرف عليه ، ورأيت أهل زماننا هذا يشتهون الكلام فيه والفتيا ، ولو وقفوا على ما يصيرون إليه غداً لقللوا من هذا ، وإن عمر بن الخطاب وعلياً وعلقمة:(2) خيار الصحابة كانت ترد عليهم المسائل وهم خير القرون الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يجمعون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويسألون ،ثم حينئذٍ يفتون فيها وأهل زماننا هذا قد صار فخرهم الفتيا ، فبقدر ذلك يُفتح لهم من العلم ))(3).

ويتضح لنا من كلام الإمام مالك ـ رحمه الله ـ المنهجية المثلى التي كان السلف رحمهم الله يتبعونها عند نظرهم واجتهادهم في الأحكام والواقعات من عدم التسرع في الفتوى أو التقصير في بحثها ، والنظر فيها ، أو قلة التحري والتشاور في أمرها ، مما يؤدي إلى انخرامٍ ظاهرٍ في نظام النظر والاجتهاد و الفتيا أو تسيبٍ واعتسافٍ في احترام هذا المقام العالي من الشريعة (4). ومن أجل هذه الأهمية في المحافظة على هذا المقام والتأكيد على ما يحتاجه الفقيه من ضوابط وشروط للنظر لا سيما في النوازل المعاصرة التي يكثر فيها زلل الأقدام وانحراف الأفهام وذلك بما تميز به عصرنا من صراعات ثقافية وتيارات فكرية بالإضافة إلى كثرة المؤثرات النفسية والاجتماعية والسياسية مما يجعلها في عصرنا أشد من أي عصر مضى ، ويزداد أمر الانحراف في الاجتهاد والنظر خطراً تبعاً لاتساع دائرة انتشار هذه الاجتهادات والفتاوى بواسطة وسائل الإعلام الحديثة من طبع ونشر وإذاعة وتلفزة .

إن الضوابط والآداب التي ينبغي أن يراعيها الناظر في النوازل وخصوصاً ما كان منها معاصراً ، منها ما يحتاجه قبل الحكم في النازلة وهذا النوع من الضوابط يكون ضرورياً لإعطاء المجتهد أهلية كاملة وعدة كافية يتسنى بها الخوض للنظر والاجتهاد في حكمها ، وهناك ضوابط أخرى يحتاجها الناظر أثناء البحث والاجتهاد في حكم النازلة ، ينتج من خلال هذه الضوابط أقرب الأحكام للصواب وأوفقها للحق ؛ بإذن الله :

وسيكون البحث في هذا المطلب حول أهم الضوابط التي يحتاجها الناظر في النوازل قبل الحكم في النازلة ؛ على النحو التالي :

أولاً : التأكد من وقوعها

الأصل في المسائل النازلة وقوعها وحدوثها في واقع الأمر ، وعندها ينبغي أن ينظر المجتهد في التحقق من وقوعها والتأكد من حدوثها ، ومن ثمَّ استنباط حكمها الشرعي ، وقد يحصل أن يُسأل الفقيه المجتهد عن مسألة لم تقع تكلفاً من السائل وتعمقاً منه في تخيلات وتوقعات لا تفيد صاحبها ولا تنفع عالماً أو متعلماً ، وذلك لبعد وقوعها واستحالة حدوثها .

ولا يخفى أن التوغل في باب الاجتهاد إنما هو للحاجة التي تنزل بالمكلف يحتاج فيها إلى معرفة حكم الشرع وإلا وقع في الحرج والعنت أو الخوض في مسائل الشريعة بغير علم أو هدى ، أما إذا كان باب الاجتهاد مفتوحاً من غير حاجة وقعت ودون حادثة نزلت،فلا شك في كراهية النظر في مسائل لم تنزل أو يستبعد وقوعها(5).ويؤيد ذلك ما جاء عن سلفنا الصالح من كراهية السؤال عمَّا لم يقع وامتناعهم عن الإفتاء ، فيها وبعضهم ذهب إلى التشديد في ذلك والنهي عنه (6).

ويروى عن الصحابة في ذلك آثار كثيرة منها :-

- أن رجلاً جاء إلى ابن عمر رضي الله عنهما فسأله عن شيء ؛ فقال له ابن عمر رضي الله عنهما : (( لا تسأل عما لم يكن فإني سمعت عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يلعن من سأل عما لم يكن ))(7).

- وكان زيد بن ثابت رضي الله عنه إذا سأله إنسان عن شيء قال : (( آلله ! أكان هذا ؟ فإن قال : نعم ، نظر وإلا لم يتكلم ))(8).

- وعن مسروق قال : كنت أمشي مع أبي بن كعب رضي الله عنه فقال : فتىً : ما تقول يا عماه في كذا وكذا ؛ قال : يا بن أخي ! أكان هذا ؟ قال : لا ، قال : فاعفنا حتى يكون ))(9).

- ويروى عن عبد المـلك بن مروان ـ رحمه الله ـ أنه سأل ابن شهـاب ـ رحمـه الله ـ، فقال له ابن شهاب : أكان هذا بأمير المؤمنين ؟ قال : لا ، قال : فدعه ، فإنه إذا كان ، أتى الله عز وجل له بفرج ))(10).

فهذه الآثار وغيرها كثير ؛ تبين حرص الصحابة والتابعين على عدم الخوض في مسائل لم تقع سواءً بالسؤال عنها أو بالجـواب فيها ؛ لأن النظر فيها لا ينفع كـما

هو معلوم عن الصحابة رضي الله عنهم مع النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال فيهم ابن عباس رضي الله عنهما : (( ما رأيت قوماً كانوا خيراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وما سألوا إلا عن ثلاث عشرة مسألة حتى قبض كلهن في القرآن ، وما كانوا يسألون إلا عما ينفعهم ))(11).

ويوضح ابن القيم ـ رحمه الله ـ مقصد ابن عباس بقوله : ( ما سألوه إلا عن ثلاث عشرة مسألة ) (( المسائل التي حكاها الله في القرآن عنهم، وإلا فالمسائل التي سألوه عنها وبين لهم أحكامها في السنة لا تكاد تحصى ولكن إنما كانوا يسألونه عما ينفعهم من الواقعات ولم يكونوا يسألونه عن المقدرات والأغلوطات وعضل المسائل ، ولم يكونوا يشتغلون بتفريع المسائل وتوليدها ، بل كانت هممهم مقصورة على تنفيذ ما أمرهم به ، فإذا وقع بهم أمر سألوا عنه ، فأجابهم ، وقد قال الله تعالى :[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ *قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ ](12) ))(13).

فعلى المجتهد أو المفتي في النوازل أن يتأكد من وقوع النازلة ولا ينظر في المسائل الغريبة والنادرة أو المستبعدة الحصول ، ولكن إذا كانت المسألة ولو لم تقع منصوصاً عليها ، أو كان حصولها متوقعاً عقلاً فتستحب الإجابة عنها ، والبحث فيها ؛ من أجل البيان والتوضيح ومعرفة حكمها إذا نزلت .

وفي هذا يقول الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ بعد أن حكى امتناع السلف عن الإجابة في ما لم يقع : (( والحق التفصيل ، فإذا كان في المسألة نص من كتاب الله أو سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أثر عن الصحابة لم يكره الكلام فيها وإن لم يكن فيها نص ولا أثر ؛ فإن كانت بعيدة الوقوع أو مقدرة لا تقع لم يستحب له الكلام فيها .

وإن كان وقوعها غير نادر ولا مستبعد ، وغرض السائل الإحاطة بعلمها ليكون منها على بصيرة إذا وقعت استحب له الجواب بما يعلم ولا سيما إن كان السائل يتفقه بذلك ، ويعتبر بها نظائرها ويفرع عليها فحيث كانت مصلحة الجواب راجحة كان هو الأولى والله أعلم ))(14).

ثانياً : أن تكون النازلة من المسائل التي يسوغ النظر فيها

بينا فيما سبق أهمية مراعاة المجتهد وتأكده من وقوع النازلة وترك النظر عما لم يقع أو يستبعد وقوعه عقلاً وذلك حتى لا ينشغل أهل الاجتهاد عما هو واقع فعلاً أو ما لا نفع فيه ولا فائدة .

وإذا قررنا مبدأ النظر في الوقائع الحادثة للناس والمجتمعات ؛ فللمجتهد بعد ذلك أن يعرف ما يسوغ النظر فيه من المسائل وما لا يسوغ ؛ وهذا الضابط لا ينفك عن الذي قبله ، وذلك لان المجتهد قد يترك الاجتهاد في بعض المسائل التي لا يسوغ فيها النظر لأن حكمها كحكم ما لم يقع من المسائل لعدم الفائدة والنفع من ورائها فالضابط الذي ينبغي أن يراعيه المجتهد الناظر ألا يشغل نفسه وغيره من أهل العلم إلا بما ينفع الناس ويحتاجون إليه في واقع دينهم ودنياهم .

أما الأسئلة التي يريد بها أصحابها المراء والجدال أو التعالم والتفاصح أو امتحان المفتي وتعجيزه أو الخوض فيما لا يحسنه أهل العلم والنظر ، أو نحو ذلك فهذه مما ينبغي للناظر أن لا يلقي لها بالاً ؛ لأنها تضر ولا تنفع وتهدم ولا تبني وقد تفرق ولا تجمع .

وقد ورد النهي عن ذلك كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه : (( نهى عن الغلوطات ))(15).

وجاء عن معاوية رضي الله عنه : أنهم ذكروا المسائل عنده ، فقال : (( أما تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن عضل المسائل ))(16).

قال الخطابي ـ رحمه الله ـ في هذا المعني : (( أنه نهي أن يُعترض العلماء بصعاب المسائل التي يكثر فيها الغلط ليستزلوا و يسقط رأيهم فيها ، وفيه كراهية التعمق والتكلف فيما لا حاجة للإنسان إليه من المسألة ووجوب التوقف عما لا علم للمسؤول به ))(17).

فشداد المسائل وصعابها مما لا نفع فيه ولا فائدة إلا إعنات المسئول لاشك أنه مذموم شرعاً ينبغي أن يحذر الفقيه أو الناظر من الانسياق الملهي خلف هذه المسائل والانشغال بها عما هو أهم وأعظم ، كذلك ينبغي للناظر أن لا يقحم نفسه ويجتهد في المسائل التي ورد بها النص إذ القاعدة فيها : (( لا مساغ للاجتهاد في مورد النص ))(18).

والمقصود بهذه القاعدة – على وجه الإجمال – ما قاله الإمام الزركشي ـ رحمه الله ـ أن (( المجتهد فيه وهو كل حكم شرعي عملي أو علمي(19) يقصد به العلم ليس فيه دليل قطعي ))(20).

ويمكن من خلال النقاط التالية إبراز ما يسـوغ للمجتهد أن ينظر فيه من النوازل بإجـمـالٍ :-

1-أن تكون هذه المسألة المجتهد فيها غير منصوصٍ عليها بنصٍ قاطعٍ أو مجمع عليها .

2-    أن يكون النص الوارد في هذه المسألة – إن ورد فيها نصٌ – محتملاً قابلاً للتأويل .

3-    أن تكون المسألة مترددة بين طرفين وضح في كل واحدٍ منهما مقصد الشارع في الإثبات في أحدهما والنفي في الآخر(21).

4-    أن لا تكون المسألة المجتهد فيها من مسائل أصول العقيدة والتوحيد أو في المتشابه من القرآن والسنة .

5-    أن تكون المسألة المجتهد فيها من النوازل والوقائع أو مما يمكن وقوعها في الغالب والحاجة إليها ماسة(22).

ثالثاً : فهم النازلة فهماً دقيقاً :

إن فقه النوازل المعاصرة من أدق مسالك الفقه وأعوصها حيث إن الناظر فيها يطرق موضوعات لم تطرق من قبل ولم يرد فيها عن السلف قول ، بل هي قضايا مستجدة، يغلب على معظمها طابع العصر الحديث المتميز بابتكار حلولٍ علمية لمشكلات متنوعة قديمة وحديثة واستحداث وسائل جديدة لم تكن تخطر ببال البشر يوماً من الدهر والله أعلم .

من هذا المنطلق كان لا بد للفقيه المجتهد من فهم النازلة فهماً دقيقاً وتصورها تصوراً صحيحاً قبل البدء في بحث حكمها ، والحكم على الشيء فرع عن تصوره، وكم أُتِي الباحث أو العالم من جهة جهله بحقيقة الأمر الذي يتحدث فيه ؟ فالناس في واقعهم يعيشون أمراً ، والباحث يتصور أمراً آخر ويحكم عليه .

فلابد حينئذ من تفهم المسألة من جميع جوانبها والتعرف على جميع أبعادها وظروفها وأصولها وفروعها ومصطلحاتها وغير ذلك مما له تأثير في الحكم فيها(23).

ولأهمية هذا الضابط جاء في كتاب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما ما يؤكد ضرورة الفهم الدقيق للواقعة حيث جاء فيه : (( أما بعد، فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة ، فافهم إذا أُدليَ إليك ؛ فإنه لا ينفع تكلم بالحق لا نفاذ له…ثم الفهم الفهم فيما أدلي إليك مما ورد عليك مما ليس في قرآن ولا سنة ثم قايس الأمور عند ذلك ، واعرف الأمثال ثم اعمد فيما ترى إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق ))(24).

يقول الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ معلقاً وشارحاً هذا الكتاب بقوله : (( ولا يتمكن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم :

أحدهما : فهم الواقع والفقه فيه واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط به علماً .

والنوع الثاني : فهم الواجب في الواقع وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله في هذا الواقع ثم يطبق أحدهما على الآخر ؛ فمن بذل جهده واستفرغ وسعه في ذلك لم يعدم أجرين أو أجراً … ومن تأمل الشريعة وقضايا الصحابة وجدها طافحةً بهذا ، ومن سلك غير هذا أضاع على الناس حقوقهم ، ونسبه إلى الشريعة التي بعث الله بها رسوله ))(25).

ومما ينبغي أن يتفطن له المفتي أو الناظر التبيّن من مقصود السائل أو المستفتي وطلب المزيد من الإيضاح والاستفصال منه ؛ وذلك حين لا يفهم المفتي صورة النازلة كما يجب ، من أجل التعرف السليم على الحكم الشرعي الذي تندرج تحته تلك النازلة أو حين يكون الأمر يدعو إلى التفصيل والإيضاح .

وقد ضرب ابن القيم ـ رحمه الله ـ عدَّة أمثلةٍ في هذا المجال فمن ذلك :

(( - إذا سُئِلَ عن رجل حلف لا يفعل كذا وكذا ، ففعله ؛ لم يجز له أن يفتي بحنثه حتى يستفصله ؛ هل كان ثابت العقل وقت فعله أم لا ؟ وإذا كان ثابت العقل فهل كان مختاراً في يمينه أم لا ؟ وإذا كان مختاراً فهل استثنى عقيب يمينه أم لا ؟ وإذا لم يستثن فهل فعل المحلوف عليه عالماً ذاكراً مختاراً أم كان ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً؟ وإذا كان عالماً مختاراً فهل كان المحلوف عليه داخلاً في قصده ونيته أو قصد عدم دخوله مخصصه بنيته أو لم يقصد دخوله ولا نوى تخصيصه ؟ فإن الحنث يختلف باختلاف ذلك كله ))(26).

فالمقصود أن يتنبه المفتي والناظر على وجوب الفهم الكامل للنازلة والاستفصال عند وجود الاحتمال لأن المسائل النازلة ترد في قوالب متنوعة وكثيرة فإن لم يتفطن لذلك المجتهد أو المفتي هلك وأهلك(27).

والمتأمل في بعض فقهاء العصر يجد بعضهم يجازف بالفتوى في أمور المعاملات الحديثة مثل التأمين بأنواعه وأعمال البنوك والأسهم والسندات وأصناف الشركات ، فيحرم ويحلل ، دون أن يحيط بهذه الأشياء خبراً ويدرسها جيداً ومهما يكن علمه بالنصوص عظيماً ومعرفته بالأدلة واسعة ، فإن هذا لا يغني ما لم يؤيد ذلك معرفة تامة بالواقعة المسئول عنها وفهمه لحقيقتها الراهنة (28).

رابعاً : التثبت والتحري واستشارة أهل الاختصاص :

بيّنا في الضابط السابق أهمية فهم النازلة فهماً دقيقاً واضحاً كافياً يجعل الناظر متصوراً حقيقة المسألة تصوراً صحيحاً يحسن بعدها أن يحكم بما يراه الحق فيها وقد يحتاج الفقيه أن يستفصل من السائل عند ورود الاحتمال إذا دعى إلى ذلك المقام .

ومما ينبغي أيضاً للناظر أن يراعيه هنا زيادة التثبت والتحري للمسألة وعدم الاستعجال في الحكم عليها والتأني في نظره لها فقد يطرأ ما يغير واقع المسألة أو يصل إليه علم ينافي حقيقتها وما يلزم منها ، فإذا أفتى أو حكم من خلال نظرٍ قاصرٍ أو قلة بحثٍ وتثبتٍ وتروٍ فقد يخطئ الصواب ويقع في محذور يزل فيه خلق

كثير((29).

وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يؤيد التثبت والتحري في الفتيا والاجتهاد ؛ ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : (( من أفتى بفتيا غير ثبت ، فإنما إثمه على من أفتاه ))(30).وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام : (( أجرأكم على الفتيا أجرأكم على النار )) (31)

، و يروى عن ابن مسعود رضي الله عنه قوله : (( من أجاب الناس في كل ما يسألونه عنه فهو مجنون ))(32).

وكان ابن مسعود رضي الله عنه يُسأَل عن المسألة فيتفكر فيها شهراً ، ثم يقول: (( اللهم إن كان صواباً فمن عندك ، وإن كان خطأ فمن ابن مسعود ))(33).

وجاء عن الإمام مالك ـ رحمه الله ـ أنه قال : (( إني لأفكر في مسألة منذ بضع عشرة سنة ، فما اتفق لي فيها رأي إلى الآن ))(34) . وقال أيضاً : (( ربما وردت عليَّ المسألة فأفكر فيها ليالي ))(35).

ولاشك في دلالة هذه الأحاديث والآثار على أهمية التثبت في الفتوى وعدم الاستعجال في إجابة كل أحدٍ دون تروٍ ونظرٍ ، فالمفتي في النوازل إذا وضع نصب عينيه أهمية خطته وشرفها اتخذ الإخلاص والتثبت شعاره ضمن النجاح في القيام بمسئوليته الجسيمة (36).

يقول الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ في ذلك : (( حقيق بمن أقيم في هذا المنصب أن يعدّ له عدّته وأن يتأهب له أهبته وأن يعلم قدر المقام الذي أقيم فيه , ولا يكون في صدره حرج من قول الحق والصدع به ، فإن الله ناصره وهاديه ، وكيف وهو المنصب الذي تولاه بنفسه رب الأرباب ))(37).

ومما ينبغي أن يراعيه الناظر في النوازل من التثبت والتحري استشارة أهل الاختصاص ، وخصوصاً في النوازل المعاصرة المتعلقة بأبواب الطب والاقتصاد والفلك وغير ذلك ، والرجوع إلى علمهم في مثل تلك التخصصات عملاً بقوله تعالى :[ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ](38).

فإن كانت النازلة متعلقة بالطب مثلاً ، وجب الرجوع إلى أهل الطب وسؤالهم والاستيضاح منهم ، وإن كانت النازلة متعلقة بالاقتصاد والمال فيُرجَعُ حينئذٍ لأصحاب الاختصاص في الاقتصاد أو للمراجع المختصة في ذلك الشأن ، فالذي لا يعرف حقيقة النقود الورقية المعاصرة أفتى بأنها لا زكاة فيها ، أو أن الربا لا يجري فيها اعتماداً على أنها ليست ذهباً أو فضة(39).

كما أن الذي لا يعرف مجريات ما يسمى ( بأطفال الأنابيب ) لا يستطيع أن يعطي فتوى صحيحة فيها بالحِلِّ أو الحرمة إلا إذا وضحت له حالات هذه العملية

وفروضها ، فيستطيع حينئذٍ أن يعطي الحكم المناسب لكل حالة (40).

ولعل في اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الاستشارة ضمانٌ للمفتي من القول بلا علم وخصوصاً فيما ينزل من مسائل معاصرة ، والاجتهاد الجماعي في وقتنا الحاضر المتمثل بالمجامع الفقهية وهيئات الإفتاء ومراكز البحث العلمي تحقق الدور المنشود الذي ينبغي للمفتي أو المجتهد مراعاته والالتزام به لتتسع دائرة العلم وتزداد حلقة المشورة من أجل الحيطة والكفاية في البحث والنظر .

يقول الخطيب البغدادي ـ رحمه الله ـ معلقاً على أهمية ذلك : (( ثم يذكر المسألة ـ أي المفتي ـ لمن بحضرته ممن يصلح لذلك من أهل العلم ويشاورهم في الجواب ، ويسأل كل واحد منهم عما عنده ، فإن في ذلك بركة واقتداء بالسلف الصالح ، وقد قال الله تبارك وتعالى : [وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ ](41) ، وشاور النبي صلى الله عليه وسلم في مواضع وأشياء وأمر بالمشاورة ، وكانت الصحابة تشاور في الفتاوى والأحكام ))(42).

خامساً : الالتجاء إلى الله عز وجل وسؤاله الإعانة والتوفيق

وهذا الضابط من أهم الآداب التي ينبغي أن يراعيها الناظر في النوازل ليوفق للصواب ويفتح عليه بالجواب ، وما ذلك إلا من عند الله العليم الحكيم ، القائل في كتابه الكريم ؛ يحكي عن الملائكة : [ سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ](43).

وقد استحب بعض العلماء للمفتي أن يقرأ هذه الآية وكذلك قوله تعالى : [ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي*وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي *وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي](44)وغيرها من الأدعية والأوراد لأن من ثابر على تحقيق هذه الصلة الملتجئة بالله كان حرياً بالتوفيق في نظره وفتواه (45).

وما أروع ما قاله الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ مؤكداً هذا النوع من الأدب للمفتي : (( ينبغي للمفتي الموفق إذا نزلت به المسألة أن ينبعث من قلبه الافتقار الحقيقي الحالي لا العلمي المجرد إلى ملهم الصواب ومعلم الخير وهادي القلوب أن يلهمه الصواب ويفتح له طريق السداد ويدله على حكمه الذي شرعه لعباده في هذه المسألة ، فمتى قرع هذا الباب فقد قرع باب التوفيق ، وما أجدر من أمّل فضل ربه أن لا يحرمه إياه ، فإذا وجد في قلبه هذه الهمة فهي طلائع بشرى التوفيق، فعليه أن يوجه وجهه ويحدق نظره إلى منبع الهدى ومعدن الصواب ومطلع الرشد وهو النصوص من القرآن والسنة وآثار الصحابة ، فيستفرغ وسعه في تعرف حكم تلك النازلة منها ، فإن ظفر بذلك أخبر به وإن اشتبه عليه بادر إلى التوبة والاستغفار والإكثار من ذكر الله ، فإن العلم نور الله يقذفه في قلب عبده ، والهوى والمعصية رياح عاصفة تطفئ لك النور أو تكاد ولا بد أن تضعفه ، وشهدتُ شيخ الإسلام ـ ابن تيمية ـ قدس الله روحه إذا أعيته المسائل واستصعب عليه ، فرّ منها إلى التوبة والاستغفار و الاستغاثة بالله واللجوء إليه ، واستنزال الصواب من عنده والاستفتاح من خزائن رحمته ، فقلما يلبث المدد الإلهي أن يتتابع عليه مداً ، وتزدلف الفتوحات الإلهية إليه بأيتهن يبدأ .. ))(46)

ولعل من أشد المزالق التي يقع بها بعض المفتين ضعف الصلة بالله عز وجل وقلة الورع ، مما قد يؤدي إلى سلوك هذا الصنف من المفتين إلى إرضاء أهوائهم أو أهواء غيرهم ممن ترجى عطاياه وتخشى رزاياه ، أو قد يكون باتباع أهواء العامة والجري وراء إرضائهم بالتساهل أو بالتشديد ، وكله من اتباع الهوى المضل عن الحق .

والله عز وجل قد حذر من ذلك حيث قال : [ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ الأمْرِ فَاتَّبِعْهَا ولا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُون*إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ](47).

وكذلك قوله تعالى يخاطب رسوله صلى الله عليه وسلم أيضاً بقوله : [وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَ احْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ](48) ، إلى غيرها من الآيات والأحاديث .

وصدق الإمام سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ حيث قال : (( ما من الناس أعز من فقيه ورع)) (49) . ويعلل الإمام الشاطبي عزّة وندرة هذا النوع من الفقهاء ؛ بأن أفعاله قد طابقت أقواله فيقول ـ رحمه الله ـ : (( فوعظه أبلغ وقوله أنفع وفتواه أوقع في القلوب ممن ليس كذلك ، لأنه الذي ظهرت ينابيع العلم عليه واستنارت كليته به، وصار كلامه خارجاً من صميم القلب ، والكلام إذا خرج من القلب وقع في القلب ،ومن كان بهذه الصفة فهو من الذين قال الله فيهم : [ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ] (50) ، بخلاف من لم يكن كذلك،فإنه وإن كان عدلاً وصادقاً وفاضلاً لا يبلغ كلامه من القلوب هذا المبلغ،حسبما حققته التجربة العادية))(51).

فما أحوج الفقيه المفتي في عصرنا الحاضر إلى تقوية الصلة بالله والافتقار إليه حتى يكون في حمى الإيمان بالله مستعلياً وعن الخلق مستغنياً وبالحق والصواب موفقاً ـ بإذن الله ـ (52).

فهذه بعض الضوابط التي ينبغي للناظر والمجتهد في النوازل مراعاتها قبل البحث في حكم النازلة .

والحقيقة أن هناك ضوابط وآداب أخرى كثيرة ذكرها أهل العلم ـ ربما يندرج بعضها فيما ذكرنا ـ لعل من أهمها مناسبة للمقام في هذا المطلب ما قاله الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ : (( لا ينبغي للرجل أن ينصب نفسه للفتيا حتى يكون فيه خمس خصال

1-أن تكون له نية ، فإن لم يكن له نية ؛ لم يكن عليه نور ولا على كلامه نور .

2-أن يكون له علم وحلم ووقار وسكينة .

3-أن يكون قوياً على ما هو فيه وعلى معرفته .

4-الكفاية وإلا مضغه الناس .

5-معرفة الناس )) (53) ، وقد وفّى وكفى الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ في بيانها وشرحها بالدليل والبرهان في كتابه القيم إعلام الموقعين (54).

 

(1) انظر : التفصيل في شروط الاجتهاد في النوازل في كتب الأصول .

(2) يحتمل أن يكون علقمة بن وقاص الليثي المدني ، وذكر مسلم وابن عبد البر أنه ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وذكره ابن منده في عداد الصحابة وقال الحافظ ابن حجر في التقريب : " ثقة ثبت ، أخطأ من زعم أن له صحبه " التقريب ( 4701 ) ، انظر : تهذيب التهذيب 7 / 240 .

ويحتمل أن يكون علقمة بن قيس النخعي صاحب ابن مسعود رضي الله عنه وكان أشبه الناس به سمتاً وهدياً .وكان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسألونه ويستفتونه ، توفي عام 62 هـ . وذكر مالكٍ له في الصحابة تجوّز .

انظر ترجمته : تهذيب التهذيب 7 / 237 ، صفة الصفوة 3 / 27 .

(3) ترتيب المدارك 1 / 179 .

(4) انظر : الفقيه والمتفقه 2 / 386-428 ؛ جامع بيان العلم وفضله 1 / 501- 529،559 ؛ الآداب الشرعية لابن مفلح 2 / 44-55 ؛ تغليظ الملام على المتسرعين إلى الفتيا الشيخ حمود التويجري ص 6-47 ؛ أصول الفتوى والقضاء د . محمد رياض ص 218و219 .

(5) انظر : المحصول للرازي 2 / 493 ؛ نهاية السول ( الحاشية ) 4 / 579 ؛ البحر المحيط 6 / 198 ؛ شرح تنقيح الفصول ص 430 ؛ تقريب الوصول لابن جزي ص 422 ؛ كشف الأسرار للبخاري 4 / 26 .

(6) انظر : جامع بيان العلم وفضله 2 / 1065-1069؛ أدب المفتي والمستفتي ص 109؛ إعلام الموقعين 4 / 170 ؛ جامع العلوم والحكم لابن رجب 1 / 241 ؛ الآداب الشرعية لابن مفلح 2 / 52-54 ؛ تغليظ الملام للشيخ حمود التويجري ص 23-25 .

(7) أخرجه الدارمي في سننه 1 / 50 ؛ الفقيه والمتفقه 2 / 12 ؛ جامع بيان العلم وفضله 2 / 1067 .

(8) أخرجه الدارمي في سننه 1 / 50 ؛ الفقيه والمتفقه 2 / 13 ؛ جامع بيان العلم وفضله 2 / 1068 .

(9) أخرجه الدارمي في سننه 1 / 56، الفقيه والمتفقه 2 / 14 ، جامع بيان العلم وفضله 2 / 1065

(10) جامع بيان العلم وفضله 2 / 1067 .

(11) أخرجه الدارمي في سننه في المقدمة ، باب كراهية الفتيا رقمه ( 125 ) 1 / 51 .

وأخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2 / 1062 .

(12) سورة المائدة : الآيتان : 101 , 102 .

(13) إعلام الموقعين 1 / 56 و 57 .

(14) المرجع السابق 4 / 170 .

(15) رواه أبو داود في سننه كتاب العلم ، باب التوقي في الفتيا ، رقمه ( 3656 ) 4 / 243 ؛ والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه 2 / 20 رقم 635 . والغلوطات أو الأغلوطات هي : شداد المسائل وفيل : دقيقها ، وقيل ما لا يحتاج إليه من كيف وكيف . انظر : الفقيه والمتفقه 2 / 20 و 21 .

(16) أخرجه الطبراني في الكبير 19 / 368 رقمه ( 865 ) .

(17) معالم السنن للخطابي .

(18) انظر : شرح القواعد الفقهية للشيخ أحمد الزرقا ص 147 ، دار القلم ، الطبعة الثانية 1409 هـ ؛ المدخل الفقهي العام مصطفى الزرقا 2 / 1008 ؛ الوجيز في إيضاح القواعد الفقهية الكلية د . البورنو ص 328 .

(19) المقصود بالعلمي : " ما تضمنه علم الأصول من المظنونات التي يستند العمل إليها " البحر المحيط 6 / 227 .

(20) البحر المحيط 6 / 227 .

(21) انظر : الموافقات 5 / 114 – 118 .

(22) انظر : الرسالة ص 560 ، الفصول في الأصول للجصاص 4 / 13 ؛ جامع بيان العلم وفضله 2 / 844-891 ؛ الفقيه والمتفقه 1 / 504 ؛ الموافقات 5 / 114-118 ؛ إعلام الموقعين 1 / 54-56 ، 2 / 199 ؛ شرح الكوكب المنير 4 / 584-588 ؛ جامع العلوم والحكم 1/ 241 – 252 ؛ البحر المحيط 6/227 ؛ الأحكام في تميز الفتاوى عن الأحكام ص 192 ؛ الآداب الشرعية لابن مفلح 2 / 55 ؛ إرشاد الفحول ص 253 ؛ الاجتهاد فيما لا نص فيه 1 / 16 , 17 ؛ تغليظ الملام للشيخ التويجري ص 28 , 29 ؛ الفتوى بين الانضباط والتسيب ص 120 .

(23) انظر : جامع بيان العلم وفضله 2 / 848 ؛ الفتوى بين الانضباط والتسيب ص 72 ,73 ؛ ضوابط الدراسات الفقهية للعودة 89-92 .

(24) أخرجـه البيهقي في السنن الكبرى رقم ( 20324 ) 10 / 15 طبعة الباز ، وذكره ابن القيم في إعلام الموقعين 1 / 67 وقال : " هذا كتاب جليل تلقاه العلماء بالقبول ".

(25) إعلام الموقعين 1 / 69 .

(26) المرجع السابق 4 / 146 .

(27) انظر : الفقيه والمتفقه 2 / 387 , 388 ؛ الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام ص 236 , 237 ؛ إعلام الموقعين 4 / 143-149 ؛ أصول الفتوى والقضاء د . محمد رياض ص 223 ؛ مجموع الفوائد واقتناص الأوابد تأليف : الشيخ ابن سعدي ص 128 , 129 ، دار ابن الجوزي ، الطبعة الأولى 1418هـ .

(28) انظر : الفتوى بين الانضباط والتسيب ص 74 .

(29) انظر : الفقيه والمتفقه 2 / 390 ؛ الموافقات 5 / 323 ,324 ؛ الأحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام ص 236 ,237 ؛ المفتي في الشريعة الإسلامية د . الربيعة ص 31 .

(30) رواه الإمام أحمد في مستده 1 / 321 ، والبيهقي في سننه 10 / 112 – 116 ، والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه 2 / 328 قال محققه وإسناده حسن لغيره ، وصححه الحكام في المستدرك 1 / 183 رقم ( 61 ) ووافقه الذهبي ، وبنحوه أخرجه أبو داود في سننه كتاب العلم ، باب التوقي في الفتيا رقمه ( 3649 ) 4 / 243 .

(31) أخرجه الدارمي في سننه ، المقدمة ، باب الفتيا وما فيه من الشدة 1 / 69 .

(32) أخرجه الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه 2 / 416 ، وأخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2 / 1124 .

(33) إعلام الموقعين 1 / 64 .

(34) ترتيب المدارك 1 / 178 .

(35) المرجع السابق .

(36) انظر : فتاوى الإمام الشاطبي د . أبو الأجفان ص 83 .

(37) إعلام الموقعين 1 / 9 .

(38) سورة الأنبياء ، آية : 7 .

(39) انظر : الاجتهاد في الشريعة الإسلامية د . القرضاوي ص 176 .

(40) انظر : بحث المدخل إلى فقه النوازل د . ابو البصل ص 130 ضمن مجلة أبحاث اليرموك العدد (1) عام 1997م .

(41) سورة آل عمران : آية : 159 .

(42) الفقيه والمتفقه 2 / 390 ، انظر أيضاً : إعلام الموقعين 4 / 197 ؛ أدب المفتي والمستفتي ص 138 .

(43) سورة البقرة ، آية 32 .

(44) سورة طه ، الآيات : 25 – 28 .

(45) انظر : أدب المفتي والمستفتي ص 140 , 141 ؛ المجموع 1 / 86 .

(46) إعلام الموقعين 4 / 131 , 132 .

(47) سورة الجاثية ، الآيات : 18 , 19 .

(48) سورة المائدة ، آية : 49 .

(49) أخرجه الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه 2 / 340 .

(50) سورة فاطر ، آية 28 .

(51) الموافقات 5 / 299 .

(52)انظر : الفتوى بين الانضباط والتسيب ص 75-77 ؛ المفتي في الشريعة الإسلامية د . الربيعة ص 27 ؛ أصول الفتوى والقضاء د . محمد رياض ص 220 – 222 ؛ أصول الفتوى د . الحكمي ص 48 ’ 49 .

(53) إعلام الموقعين 4 / 152 .

(54) المرجع السابق 4 / 152 , 160 .

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات