فضل اللغة العربية الفصحي ووجوب تعلمها

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا

من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله

 

أخواني وأخواتي الكرام طهر الله قلوبكم وغفر ذنوبكم وطيب بذكره أسماعكم

 

أقدم لكم هذا البحث المتواضع اللذي جمعته من أقوال أئمة الهدي ومصابيح الدجي

 

حول فضل اللغة العربية الفصحي ووجوب تعلمها

 

العربية لُغة النبوة الخاتمة

 

قال: أبو منصور الثعالبي النيسابوري رحمه الله-:

من أحب الله تعالى أحب رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، ومن أحبَّ الرسول العربي أحبَّ العرب، ومن أحبَّ العرب أحبَّ العربية التي بها نزل أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب، ومن أحبَّ العربية عُنيَ بها، وثابر عليها، وصرف همَّته إليها، ومن هداه الله للإسلام وشرح صدره للإيمان وآتاه حسن سريرة فيه، اعتقد أن محمداً صلى الله عليه وسلم خير الرسل، والإسلام خير الملل، والعرب خير الأمم، والعربية خير اللغات والألسنة، والإقبال على تفهمها من الديانة، إذ هي أداة العلم ومفتاح التفقه في الدين وسبب إصلاح المعاش والمعاد، ثم هي لإحراز الفضائل، والاحتواء على المروءة وسائر أنواع المناقب، كالينبوع للماء والزند للنار. ولو لم يكن في الإحاطة بخصائصها والوقوف على مجاريها ومصارفها والتبحر في جلائها ودقائقها، إلا قوة اليقين في معرفة إعجاز القرآن، وزيادة البصيرة في إثبات النبوة، لبتي هي عمدة الإيمان، لكفى بهما فضلا يَحْسُنُ فيهما أثره، ويطيب في الدارين ثمره، فكيف وأيسر ما خصَّها الله عزَّ وجلَّ به من ضروب الممادح يُكِلُّ أقلام الكتبة ويتعب أنامل الحسبة.

ولِما شرفها الله تعالى عزَّ اسمه وعظَّمها، ورفع خطرها وكرَّمها، وأوحى بها إلى خير خلقه، وجعل لسانَ أمينه على وحيه، وخلفائه في أرضه، وأراد بقضائها ودوامها حتى تكون في هذه العاجلة لخيار عباده، وفي تلك الآجلة لساكني جنانه ودار ثوابه، قيَّض لها حفظة وخزنة من خواصه من خيار الناس وأعيان الفضل وأنجم الأرض، تركوا في خدمتها الشهوات وجابوا الفلوات ونادموا لاقتنائها الدفاتر وسامروا القماطر والمحابر، وكدّوا في حصر لغاتها طباعهم، وأشهروا في تقييد شواردها أجفانهم وأجالوا في نظم قلائدها أفكارهم، وأنفقوا على تخليد كتبها أعمارهم، فعظمت الفائدة وعمَّت المصلحة وتوفّرت العائدة، وكلما بدأت معارفها تتنكَّر أو كادت معالمها تتستّر أو عَرَض لها ما يشبه الفترة ردَّ الله تعالى لها الكرَّة فأهبَّ ريحها ونفق سوقها بفرد من أفراد الدهر أديب ذي صدر رحيب وقريحة ثاقبة ودراية صائبة ونفس سامية ةهمَّة عالية، يحبُّ الأدب ويتعصَّب للعربية، فيجمع شملها ويكرم أهلها ويحرِّك الخواطر الساكنة لإعادة رونقها ويستثير المحاسن الكامنة في صدور المتحلين بها ويستدعي التأليفات البارعة في تجديد ما عفا من رسوم طرائفها ولطائفها مثل الأمير السيد الأوحد

أبي الفضل عبيد الله بن أحمد الميكالي أدام الله تعالى بهجته، وأين مثله وأصله أصله، وفضله فضله؟

 

وقال الخوارزمي وهو فارسي الأصل ( والله لأن أهجى بالعربية خير لي من أن أمدح بالفارسية )

 

و قال: عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: تعلموا العربية فإنها تزيد في المروءة

 

وروى أبو بكر الأنباري في (إيضاح الوقف والابتداء) أن عمر كتب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهماأن مر من قبلك بتعلم العربية فإنها تدل على صواب الكلام

 

و قال: الشافعي -رحمه الله-: فمن جهل هذا من لسانها وبلسانها نزل الكتاب وجاءت السنة فتكلف القول في علمها، تكلف ما يجهل بعضه، ومن تكلف ما جهل وما لم تثبت معرفته كانت موافقته للصواب -إن وافقه - غير محمودة والله أعلم، وكان بخطئه غير معذور إذ نطق فيما لا يحيط علمه بالفرق بين الخطأ والصواب فيها

 

و قال: شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله-:اللسان العربي شعار الإسلام وأهله، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميّزون

 

و قال: اللغة العربية هي شعار الإسلام ولغة القرآن

 

و قال: نفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب

 

و قال: الشاطبي -رحمه الله-: وعلى الناظر في الشريعة والمتكلم فيها أصولاً وفروعاً ألا يتكلم في شيء من ذلك حتى يكون عربياً أو كالعربي في كونه عارفاً باللسان العربي، بالغاً فيه مبلغ العرب

 

لماذا نهتم بتعلم العربية الفصحي

 

قال: ابو حاتم الرازي رحمه الله-: ولولا ما بالناس من الحاجة الي معرفة لغة العرب والا ستعانة بالشعر

علي العلم بغريب القرآن وأحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم والصحابة والتابعين والأئمة الماضين لبطل الشعر وانقرض ذكر الشعراء

ولعفي الدهر علي آثارهم ونسي الناس أيامهم

 

وقال: شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله-: لا بُدّ في تفسير القرآن والحديث من أن يُعرَف ما يدلّ على مراد الله ورسوله من الألفاظ، وكيف يُفهَم كلامُه، فمعرفة العربية التي خُوطبنا بها ممّا يُعين على أن نفقه مرادَ اللهِ ورسولِه بكلامِه، وكذلك معرفة دلالة الألفاظ على المعاني، فإنّ عامّة ضلال أهل البدع كان بهذا السبب، فإنّهم صاروا يحملون كلامَ اللهِ ورسولِه على ما يَدّعون أنّه دالٌّ عليه ، ولا يكون الأمر كذلك.

 

وقال: إن اللغة هي التي تبعث قوي الخواطر والأفكار وبمقدار تمكنك من اللغة تكون قوة خاطرك وقوة افكارك وهذا معناه أن قوةالفكر وضعفه في اللغة

 

وقال: الأديب الرافعي رحمه الله-: "نزل القرآن الكريم بهذه اللغة على نمط يعجز قليله وكثيره معاً، فكان أشبه شيء بالنور في جملة نسقه إذ النور جملة واحدة، وإنما يتجزأ باعتبار لا يخرجه من طبيعته، وهو في كل جزء من أجزائه جملة لا يعارض بشيء إلا إذا خلقت سماء غير السماء، وبدلت الأرض غير الأرض، وإنما كان ذلك، لأنه صفى اللغة من أكدارها، وأجراها في ظاهره على بواطن أسرارها، فجاء بها في ماء الجمال أملأ من السحاب، وفي طراءة الخلق أجمل من الشباب، ثم هو بما تناول بها من المعاني الدقيقة التي أبرزها في جلال الإعجاز، وصورها بالحقيقة وأنطقها بالمجاز، وما ركبها به من المطاوعة في تقلب الأساليب، وتحويل التركيب إلى التراكيب، قد أظهرها مظهراً لا يقضى العجب منه لأنه جلاها على التاريخ كله لا على جيل العرب بخاصته، ولهذا بهتوا لها حتى لم يتبينوا أكانوا يسمعون بها صوت الحاضر أم صوت المستقبل أم صوت الخلود لأنها هي لغتهم التي يعرفونها ولكن في جزالة لم يمضغ لها شيح ولا قيصوم

 

وقال: وما فرط المسلمون في آداب هذا القرءان الكريم إلا منذ فرطوا في لغته ؛ فأصبحوا لا يفقهون كلِمَه ، ولا يدركون حِكَمَه ، ولا ينتزعون أخلاقه وشيَمه ، وصاروا إلى ما هم عليه من عربية كانت شرا من العُجمة الخالصة ، واللكنة الممزوجة ؛ فلا يقرؤون من هذا الكتاب إلا أحرفا ، ولا ينطقون إلا أصواتا ، وتراهم يُرعونه آذانهم ، ولا يُحضرونه أذهانهم ، وهم بعدُ لا يتناولون معاني كلام الله إلا من كلام الناس

 

وقال: الشافعي رحمه الله-: لا نحب ألا ينطق بالعربية فيسمي شيئا بالعجمية ، وذلك أن اللسان الذي اختاره الله عز وجل لسان العرب ، فأنزل به كتابه العزيز ، وجعله لسان خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم ، ولهذا نقول : ينبغي لكل أحد يَقدِرُ على تعلم العربية أن يتعلمها ؛ لأنها اللسان الأَوْلَى بأن يكون مرغوبا فيه ، من غير أن يحرم على أحد أن ينطق بالعجمية

 

وقال: يجب علي كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما يبلغه جهده في أداء فرضه

 

وقال: ابن قيّم الجوزيّة رحمه الله-: وإنّما يعرف فضل القرآن مَنْ عرف كلام العرب، فعرف علم اللغة وعلم العربية، وعلم

البيان، ونظر في أشعار العرب وخطبها ومقاولاتها في مواطن افتخارها، ورسائلها

 

وقال: الماوردي رحمه الله-: ومعرفة لسان العرب فرض علي كل مسلم من مجتهد وغيره

 

وقال: الشيرازي رحمه الله-: علي المجتهد أن يعرف اللغة العربية علي وجه يتمكن به من فهم خطاب العرب ومعاني مفردات كلامهم

وأساليبهم في التعبير إما بالسليقة وإما بالتعلم بأن يتعلم علوم اللغة العربية من نحو وصرف وبلاغة وأدب ومعان وبيان

وإنما كان تعلم اللغة العربية علي هذا الوجه ضروريا للمجتهد لأن نصوص الشريعة وردت بلسان العرب فلا يمكن فهمها واستفادة الأحكام منها

إلا بمعرفة اللسان العربي علي نحو جيد لا سيما وأن نصوص الكتاب والسنة وردت في غاية البلاغة والفصاحة والبيان

 

وقد ذكر الآ مدي رحمه الله-: شرط المجتهد المطلق فقال: وذلك كله إنما يشترط في حق المجتهد المطلق المتصدي للحكم والفتوي في جميع مسائل الفقه

 

وقال: الشوكاني رحمه الله-: الشرط الثالث أي من شروط المجتهد: أن يكون عالما بلسان العرب بحيث يمكنه تفسير ما ورد

في الكتاب والسنة من الغريب ونحوه ولا يشترط أن يكون حافظا لها عن كذا- ظهر قلب

بل المعتبر أن يكون متمكنا من استخراجها من مؤلفات الأئمةالمشتغلين بذلك وقد قربوها أحسن تقريب وهذبوها أبلغ تهذيب ورتبوها

علي حروف المعجم ترتيبا لا يصعب الكشف عنه ولا يبعد الا طلاع عليه وإنما يتمكن من معرفة معانيها وخواص تراكيبها وما اشتملت عليه من لطائف المزايا

من كان عالما بعلم النحو والصرف والمعاني والبيان حتي يثبت له في كل فن من هذه ملكة يستحضر بها

كل ما يحتاج إليه عند وروده فإنه عند ذلك ينظر في الدليل نظرا صحيحا ويستخرج منه الأحكام استخراجا قويا

 

وقال: الشاطبي رحمه الله-:على الناظر فى الشريعة والمتكلم فيها أصولا وفروعا امران أحدهما

أن لا يتكلم في شئ من ذلك حتى يكون عربيا ، أو كعربي في كونه عارف بلسان العرب ، بالغا فيه مبالغ العرب ، أو

مبالغ الأئمة المتقدمين كالخليل وسيبويه والكسائي والفراء ومن أشباههم وداناهم ، وليس المراد أن يكون حافظا كحفظهم و جامعا كجمعهم، وإنما المراد أن يصير فهمه عربيا في الجملة

 

ونقل السيوطي رحمه الله-: عن الأمام الشافعي قوله ما جهل الناس وما اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب وميلهم إلي لسان أرسطاطاليس

 

وقال السيوطي: وقد وجدت السلف قبل الشافعي أشاروا إلي ما أشار إليه من أن سبب الا بتداع الجهل بلسان العرب

 

وروى الخطيب البغدادي أن علياً وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم كانوا يضربون أبناءهم على اللحن

 

وروى أبو بكر بن أبي شيبة في "المصنف" حدثنا وكيع عن أبي هلال عن أبي بريدة قال : قال عمر : ما تعلم الرجل الفارسية إلا خَبَّ ( صار خَدَّاعًا ) ، ولا خَبَّ رجل إلا نقصت مروءته .

 

وقال حدثنا وكيع عن ثور عن عطاء قال : لا تعلموا رطانة الأعاجم ، ولا تدخلوا عليهم كنائسهم ، فإن السخط ينزل عليهم

 

وقال حدثنا إسماعيل بن علية عن داود بن أبي هند أن محمد بن سعد بن أبي وقاص سمع قوما يتكلمون بالفارسية فقال : ما بال المجوسية بعد الحنيفية .

 

ورُوِيَ عَن الأصمَعي قال: اجتَزتُ بِبَعضِ أحياءِ العربِ، فرأيتُ صَبِيَّةً مَعَها قِربةٌ فيها ماءٌ وقد انحَلَّ وِكاءُ فَمِها.

فقالت: يا عَمّ، أدرِكْ فاها ، قَد غَلبَني فوها، لا طاقَةَ لي بِفيها فأعنتُها، وقُلت: يا جارية، ما أفصحكَ! فقالت يا عمّ، وهل

تَركَ القرآنُ لأحدٍ فصاحةً ؟ وفيه آيةٌ فيها خَبران وأمران ونَهيان وبِشارَتان ! قلت: وما هي ؟ قالت: قوله تبارك وتعالى:

{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ } [ القصص 7 ]

قال: فَرَجَعتُ بِفائدةٍ، وكأنّ تلك الآية ما مرّت بِمسامِعي مِن قبل!

 

وكما تعلمون العربية بحر لا ساحل له

 

لذا ساكتفي بهذا القدر

 

حتي لا أطيل ولا يمل القارئ

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات