لماذا يحاربون اللغة العربية ؟

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2022-10-05 - 1444/03/09
التصنيفات:

 

حسن باكة

 

في عام 1990 صدر للكاتب الفرنسي-الوطني التقدمي- جان ماري دوميناش كتاب بعنوان : أروبا والتحدي الثقافي خصصه لمناقشة  -المسالة الثقافية – كما تطرح نفسها على أروبا الساعية إلى الوحدة . والإشكالية الأساسية المطروحة في هذا الصدد تتلخص في السؤال التالي : إذا كانت أروبا قابلة لان تتوحد اقتصاديا والى حد ما سياسيا فهل يمكن آن تتوحد ثقافيا ؟ يجيب السيد دوميناش ان المسالة الأولى والأساسية في هذا الشأن هي مسالة اللغات, فتعددها في أروبا يقف عائقا أمام جميع محاولات التعاون تقريبا .

 

إن ما يجمع بين الأقطار العربية بصورة متواصلة,في الماضي كما في الحاضر ليس السياسة ولا الاقتصاد ولا برامج التربية والتعليم …بل إن الارتباط بين الدول العربية,كل على حدة وبين بعض الدول الأجنبية في مجالات الاقتصاد والسياسة والتعليم أقوى وامتن في الوقت الحاضر من الارتباط القائم بين أية دولة عربية وأخرى في هذه المجالات.

 

وإذن فلا الاقتصاد ولا السياسة ولا برامج التعليم توحد حاليا الأقطار , وإنما يوحد بينها الثقافة العربية التي هي في آن واحد لغة ودين , ومن هنا كانت وظيفتها التاريخية وظيفة التوحيد المعنوي , الروحي والعقلي ووظيفة الارتفاع بالوطن العربي من مجرد رقعة جغرافية إلى وعاء ثقافي للأمة العربية.

 

بناءًَا على ذلك, عمدت الدول الغربية إلى نهج سياسة ثقافية ماكرة ترمي وبإصرار إلى إحداث شروخ في الثقافة المغربية وذلك من خلال نهج أطروحة الاعتراف بالدارجة المغربية كلغة أم بدل اللغة العربية الفصحى.

 

أما مستندات هذه الأطروحة التي يدعي هؤلاء أنها علمية – والعلم براء منها – إن الدارجة المغربية لم تشتق من اللغة العربية الفصحى, بل هي جزء منها, أليس كون الشيء جزءا من شيء أخر ابلغ وأعمق من كونه مشتقا منه.

 

إن هؤلاء يسعون إلى أن يحصل الاعتراف بالدارجة المغربية لغة أم لا لشيء إلا ليجهزوا على ما تبقى من حضور للغة العربية الفصحى في حياة المغاربة. وإذا أصبحت الدارجة هي اللغة الوطنية المعترف بها في التعليم والإدارة والاقتصاد والثقافة والمجتمع والخدمات فهل سيتقدم المجتمع المغربي حقا بلهجات الشارع وأسلوب الأسواق وسفاهات الأزقة ؟

 

نعم إن الدارجة المغربية اقرب اللهجات إلى اللغة العربية الفصحى وهي غنية بتراثها الفني والأدبي, لكن لا تستطيع أن تتحول إلى لغة علمية تطال اللغة العربية, هذا فضلا عن انتشار هذه الأخيرة واحتلالها مكانة مرموقة بين اللغات الحية في العالم, فالتعددية في هذا المجال كما يقول محمد عابد الجابري رحمة الله عليه تنفي نفسها بنفسها وان اللغة العربية وحدها هي القادرة على الاحتفاظ بالتعددية وتجاوزها .

 

ويكفي أن يتساءل المرء : ماذا سيبقى من عروبة العرب أو دعائم شخصيته أو من مقومات وحدته إذا نحن سحبنا منها اللغة العربية ؟.

 

قال الشاعر حافظ إبراهيم رحمه الله في حق اللغة العربية:

 

وسعت كتاب الله لفظا وغاية       وما ضقت عن أي به ولحظات

 

أنا البحر في أحشاءه الدر كامن     فهل سآلوا الغواص عن صدفاتي

 

أيهجرني قومي عفا الله عنهم       إلى لغة لم تتصل برواة

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات