الحقد الشعوبي والكيد لأمة العرب (1)

عمران الكبيسي

2022-10-05 - 1444/03/09
التصنيفات:

 

 

 

الشعوبية: لفظة مشتقة من الشعب (الجيل) أوسع طبقات المجتمع تسلسلا وهي: الشعب، فالقبيلة، فالعمارة، فالبطن، فالفخذ، فالفصيلة. والشعوبية اصطلاحا: حركة مضادة للعرب باتجاهاتها، ذات نعرة عنصرية طائفية وليدة الكره المتأصل في نفوس الفرس المجوس، ظهرت بوادرها أواخر العصر الأموي وبدايات العصر العباسي. واستقطبت من يرون ألا فضل للعرب على العجم. وصارت تكشف وجهها القبيح تدريجيا فوصلت إلى حد الانتقاص من العرب وتفضيل العجم. والشعوبي في القاموس المحيط:»من احتقر أمر العرب»، ولدى القرطبي:»حركة تبغض العرب وتفضل العجم»، وعند الزمخشري:»من يصغرون شأن العرب ولا يرون لهم فضلاً على غيرهم»، وتعرفها الموسوعة البريطانية:»اتجاه مناوئ للعروبة»، وأول من تطرق لها بكتب التراث البيان والتبيين للجاحظ.

 

 

سلكت الدعوة الشعوبية بدءا اتجاه التسوية تذرعا بأن العرب ليسوا أفضل من غيرهم، فالجميع في الإسلام سواء، أما الأخيار والأشرار فموجودون في كل الأمم، ويستشهدون بقوله تعالى:*يَا أيُّهَا النَّاسُ إنّا خَلَقْنَاكُم من ذَكَرٍ وأُنثَى وجَعَلْنَاكُمْ شَعَوبَاً وقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكٌمْ(* الحجرات31، وبقول الرسول الكريم بخطبة الوداع: «أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى» ووحدة المسلمين قائمة التناصر والتعارف لا التناكر والتمايز، ومن الصحابة الأجلاء: بلال الحبشي، وسلمان الفارسي، وصهيب الرومي، وهذا الاعتقاد من صلب عقيدة الإسلام، وعليه سار الخلفاء الراشدون ولا يحيد عنه المسلمون.

 

 

ولكن العجم ممن لم يحسن إسلامهم اتهموا العرب بالتميز واحتكار السيادة في العصر الأموي فمنهم الخلفاء القادة والولاة، ولم يعترفوا أن العرب في العصر الأموي هم من نشر الإسلام بأرواحهم ودمائهم وأوصلوه إلى الشعوب الأخرى، فشعر من دخل الإسلام من العجم بأنهم مدينون لهم بالسبق وبفضيلة الإيمان والتوحيد، فاعترفوا لهم بالتقدم والفضل والتقوى، لكن المغرضين حملوها خبثا شبهة عنصرية ربطوها بعنجهية البداوة واتخذوها مبررا لمهاجمة العرب، وأضمروها باطنيا ولم يجهروا بها أول الأمر لقوة الخلافة الأموية وهيمنتها، ولكن النزعة اتسعت وطفت على السطح واشتدت في العصر العباسي لكثرة الشعوب التي أسلمت ولاسيما الفرس، الذين كان لهم دور الحسم بإزاحة الخلافة العربية الأموية واستبدالها بالخلافة العباسية فانتابهم الغرور وجهروا بعنصريتهم فتجاوزوا المساواة بين العرب وغيرهم إلى تقديم الموالي عليهم، ثم الحط من شأنهم والسخرية منهم جهرا للكيد والمكر بالدين، وصارت الدعوة إلى المساواة ستارا يخفي وراءه كراهية العرب، وأول الشعراء شعوبية إسماعيل بن يسار، كان يتستر بالتقرب للعرب تقية، وممن يعتقد بشعوبيته حمّاد الراوية، وحماد عجرد، وحماد بن الزبرقان والشعوبي الزنديق ابن المقفع، لكونه أعمقهم غورا وأشدهم تسترا.

 

 

هاجمت الشعوبية العرب حملة لواء الإسلام وأسلوب حياتهم، والتاريخ العربي واللغة العربية، بهدف النيل من الإسلام. وجاهرت بالمجون والشراب والمجاهدة بالخلاعة والانحراف الجنسي، واعتبرتها طقوس ظرف وتحرر.

 

 

انتشرت الشعوبية بين الفرس المجوس لأنهم أول من دخل الإسلام من غير العرب بأعداد كبيرة، ثم تلاهم الهنود والأتراك ومستعربو الأندلس، فالفرس يرون حضارتهم سبقت العرب فتولد لديهم شعور قوي بالاستعلاء والكراهية، فكيف يسيطر العرب على بلادهم ويسقطوا دولتهم؟ انتشرت الشعوبية بأطراف إيران، خرسان وأذربيجان لبعدها عن مركز الخلافة، وسعى الشعوبيون لهدم أصول العقيدة، فخاضوا في الإلوهية والتوحيد والبعث والحساب. وأشاعوا الزندقة بالعقائد المثنوية الزرادشتية والمرقونية والديناصية والمانوية والمزدكية. وفسروا القرآن الكريم على غير وجوه معانية الربانية، وافتروا على السنة النبوية بأحاديث موضوعة وأسندوها إلى كبار الصحابة، ركز الشعوبيون هجومهم أولا على العرب قبل الإسلام، فهاجموا أسلوب حياتهم وفصاحتهم وأساليب قتالهم وأنسابهم وعلاقاتهم الاجتماعية وكرمهم ومروءتهم ومقاييسهم الخلقية، ولم يتعففوا عن ذكرهم بالسوء في ظل الإسلام ومن صمت تقية من سطوة السلطان.

 

 

اتخذ الشعوبيون من الآداب وسيلة لغرس بذور الكراهية العنصرية في نفوس العجم اتجاه العرب، وعبروا عن أنفسهم شعرا كونه الأكثر التصاقا بالنفوس والذاكرة. ومن شعراء الشعوبيين الفرس الفردوسي والخيام ومحمود الغزنوي الذي كلف الفردوسي بكتابة ديوان يمجد تاريخ فارس وحضارتها، فكتب ملحمته الشهنامة (سير الملوك) وخصص جلها لشتم العرب وتحقيرهم، فيعيب شرب لبن الإبل وأكل الضب؟ وطموحهم بقيادة العالم، ويلعن الزمان الذي مكنهم، فكوفئ بوزن الديوان ذهبا على شتم العرب وتمجيد الفرس، وهناك من يرى جذور الحركة الشعوبية من تخطيط اليهود. وقد احتضنوا الساسانيين الهاربين من جيوش المسلمين إلى خراسان، حيث تجمع أنصار بني العباس لمحاربة بني أمية. وكثرت القرى اليهودية في المنطقة، وكان نفوذهم قويا أسهم في تحريض الفرس ضد العرب، ولكن الله حافظ لدينه*إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون*الحجر9، فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات
عضو نشط
زائر
15-01-2022

جزاك الله خير والله ينور عليك