أثر الإسلام في اللغة والأدب

محمد عبد المنعم خفاجي

2022-10-09 - 1444/03/13
التصنيفات:

جاء الإسلام يخاطب الكيان الإنساني كله ، عقلاً ، وقلباً ، وضميراً ، ووجداناً ، وبالتالي فهو لم يقدم الحقائق الموضوعية الصادقة كما يقدم القانون الذي يعتمد على مجرد الأمر والنهي ، بل قدم الحقائق في وعاء أسلوبي كريم ، يعتمد الحق والبلاغة معه ، والموضوعية والبيان المشرق معهما . وبينما يعتمد يجد العقل ما يريد من حقائق موضوعية ، يجد القلب ما يلينه ويجعله يقبل الحقائق بخشوع وحب متعاوناً مع صدقية العقل ، فيكون العقل فقيهاً ويكون القلب فقيهاً أيضاً ؟؟! وعندما ظهر الإسلام لم يقف تأثيره عند الحياة العلمية المتصلة بالعقل ، بل امتد تأثيره إلى الحياة الأدبية المتصلة بالقلب والوجدان ؟؟!!! لقد أثر الإسلام في الحياة الأدبية تأثيراً كبيراً سواء في ألفاظ اللغة أم في أسلوبها أم في فنون الأدب المختلفة من شعر ونثر وخطابة وكتابة؟!!

 

لقد غير الإسلام من مجرى الحياة الأدبية تغييراً كبيراً وواسعاً؟ ولا يرجع ذلك إلى ما اقتبسه المسلمون من البلاد المفتوحة من ثقافة وعلم وأدب وفن ، ولا إلى آثار المدنية والحضارة ، لأن العرب كانوا قبل الإسلام ما يزالون يؤثرون البداوة والخشونة ولم يكونوا قد فرغوا بعد من قراع أعداء الدعوة ، ونضال خصوم الإسلام .

 

وإنما يرجع ذلك كله إلى المصدر الأول لثقافة المسلمين الدينية والعقلية والاجتماعية والأدبية ، وهو القرآن الكريم الكتاب المعجز، الذي أحال خشونة الطباع عذوبة وسلاسة وقوة وبدّل حوشية الألسنة سهولة ووضوحاً وبلاغة ، وأورث العرب وضوحاً في التفكير ودقة في التعبير والتصوير وروعة في الحجة ، ودقة في الأسلوب وشرفاً في الغرض ، ونبلاً في المقصد ؟

 

إن أثر الإسلام في اللغة جد خطير ، فقد جاء الإسلام وللعرب لهجات مختلفة ، ولهجة قريش لها منزلة بين هذه اللهجات بتأثير الأسواق ومواسم الحج ، ولنفوذ قريش الروحي والاقتصادي بين العرب ، وقد نزل القرآن الكريم بلغة قريش فايد هذه اللغة وأصبح لها السيادة والغلبة ؟ ثم جاءت الفتوحات الإسلامية الباهرة فأدت إلى نشر اللغة العربية في شتى البلاد المفتوحة وصارت هي اللغة الرسمية فيها ، وصارت لغة الدين والسياسة والثقافة في هذه البلاد ؟

 

وزادت أغراض اللغة بتأثير الإسلام ، وما نشأ عنه من نظام ومدنية وعمران وثقافة، فقد استعملت في شرح العقيدة الإسلامية والدعوة إليها وحجاج خصومها وتبين مراميها واستنباط أحكامها ، كما استعملت في حفظ نظام الحكم ونشر الأمن والعدل بين الناس ، وفيما استدعته حياة الحضر الجديدة وشئون الثقافة والمعرفة ، وفي إرشاد الناس إلى إحكام دينهم وتذكيرهم بأوامره ونواهيه ؟ وبعد أن كانت اللغة في الجاهلية عن عقول محدودة صارت تنطق عن عقول استضاءت بهدى القرآن وتأدبت بأدب الإسلام العظيم؟

 

وقد ظهرت في معاني اللغة الدقة والتفكير والفهم والعمق ، بما أفاده المسلمون من ثقافة القرآن والإسلام ومن خبرة وتجربة وإدراك صحيح للحياة ، كما اتسعت مادة المعاني باتساع المشاهدات والمناظر والمقولات والمعنويات ، وتعددت صور الخيال وفي روعة وجمال التعبير ، بتجدد وتعدد صور المشاهدات التي ينتزع منها ، والتي كانت مادة له؟؟؟؟!!!! أما أسلوب اللغة فقد شاعت فيه العذوبة والسلاسة في جزالة ، وأخذت بأطرافه القوة والجمال والوضوح ، وروعة التأثير وقوة الحجة وتأجيج العاطفة والتهاب الشعور ودقة الإحساس الأدبي ، وذلك لتأثرهم بالقرآن وبلاغته مما رقق من نفوسهم القاسية فسلمت طباعهم وألسنتهم وملكاتهم ، ولم تقبل إلا السمع المهذب من الأساليب؟ وبتأثير الإسلام بطل سجع الكهان وأضرابهم ممن يستنبئون الحصى ويزجرون الطير، وبطل الفجر في الأسلوب فصار عفا كريما ينطق عن عاطفة دينية قوية ، ويصور حياة روحية واسعة، وينم عن تأدب بأدب الإسلام وتأثر ببلاغة القرآن؟

 

وقد كانت هناك ألفاظ كره الإسلام مدلولها وأحبط آثارها فبطلت مهمتها ، وانقضى عملها ، وأصبحت لا تلائم الحياة الجديدة ، ولم تلبث سنة الوجود أن لفتها في الأكفان ، ومن تلك الألفاظ عم صباحاً، أو عم مساءً ، فقد أبدلها الإسلام بلفظ السلام ؟

 

وهناك ألفاظ أخرى أحبها الإسلام وأوجد لها معاني بجانب ما تحمله من معنى وتدل عليه من مرمى كالصلاة والصيام والزكاة والركوع والسجود والمؤمن والكافر والفاسق؟ وهكذا من الألفاظ الكثيرة التي تزخر بها قواميس اللغة ومعاجمها ؟ وهذا جانب من الآثار الرائعة التي أحدثها الإسلام في لغة العرب: معانيها وألفاظها وأساليبها ؟ وآثار الإسلام في اللغة أكبر من أن تحصر !!!

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات
عضو نشط
زائر
07-02-2022

القبعة  

 

عضو نشط
زائر
07-02-2022

من فضلكم تعمقوا في  مجال الأدب     في  الشعر والنثر 

 

 

عضو نشط
زائر
22-02-2023

شكرا على المعلومات

عضو نشط
زائر
21-02-2024

شكرا على المعلومات