الصراع والتدافع في بحر الحياة

ابولجين إبراهيم

2022-10-08 - 1444/03/12
التصنيفات:

أسست آيات قُرْآنية عِدَّة، لمفهوم التدافع والصراع الحضاري، فقد نَصّ عليها الكتاب صراحة كما جاء في قول الله تعالى: “وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ” (البقرة:251)… كما نجدها في قول الله تعالي: “وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ”(الحج:4).

 

وهي سنة اجْتِمَاعِيّة تحكم سائر المجتمعات البشرية، وتصطبغ بها كل مظاهر الحياة الإِنْسَانية, بغض النظر، عن أية اعتبارات أُخْرَى، فالنص بين أيدينا يحكم حياة (الناس)، كل الناس عامة، ولم يخصه بالمسلمين والكافرين فقط؛ إِظْهَاراً لعموم هذه السنة الاجْتِمَاعِيّة، حيث لا استثناء لأحد.

 

والتاريخ البشري، لمن يتأمل، عبارة عن حركة دائبة، وتفاعل مستمر، بين جبهتين متضادتين.. بين الإيمان والكفر.. بين الحق والباطل.. بين الخبيث والطيب.. بين الظلم والعدل.. ولن يكون لإحدى الجبهتين الغلبة المطلقة على مدار التاريخ كله، فيخفت الكفر حيناً ويعلو الإيمان.. ويذهب الظلم ساعة ويسود العدل.. وقد يأخذ الخبيث جولة، ثم مَا يلبث الطيب أن يعود ويسود.

 

ومن وراء كشف القُرْآن الكريم عن هذه السنة، فتح المجال أمام اصطراع القوى وتنافس الطاقات وانطلاق السعي في تيار الحياة المتدفق، وفسح المجال للطاقات كلها تتزاحم وتتدافع فتنفض عنها الكسل والخمول وتستجيش مَا فيها من مكنونات.

 

فالتدافع يحدث حينما يتدافع الحق والباطل، فيميز الله الخبيث من الطيب، ويظهر الحق ناصعاً قوياً، ويعلم أهل الحق أن إِظْهَاره لم يكن سَهْلاً يسيراً، بل كان شاقاً عسيراً، فيحافظون عليه؛ خَشْيَة عودة الباطل، الذي يغتاظ أهله من علو الحق، فيعدون العدة لتكون لهم الكرة، فيكون صراعاً جديداً يميز به الله من جديد بين الخبيث والباطل، وهكذا تكون مقاومة الشر ومدافعة الباطل إلى يوم الدين.

 

وغياب هذا المعنى الاجْتِمَاعِيّ، وتلك السنة عن أذهان البشر، تحدث في النفس البشرية من الاعتقاد بالجبر والإرجاء؛ مَا يقود إلى تَعْطِيل الطاقات، فيركن الجميع إلى القدرة الخفية في تسيير أمور الكون، فيأسن بحر الحياة، وتتعطل مظاهر الكون، فلا يعرف الحق من الباطل.

 

فأين موقعنا نحن العرب والمسلمين في هذه اللحظة من عمر الزمن بالنسبة للتدافع والصراع الحضاري؟!

 

وللحديث بقية.

 

المصدر: تواصل

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات