إن لي حاجة عند سيدي

خالد رُوشه

2022-10-05 - 1444/03/09
التصنيفات:

هذا العنوان هو جملة كان يقولها بعض الصالحين إذا ضاقت عليه الظروف، وضايقته الأحوال، واكتنفته العقبات، وأحاطت به المشكلات، وجاءه بعض الناس يسألونه عن معاناته، ويعرضون عليه العون.

 

وإذا به يشكرهم، ويستغني عن معونتهم، ثم يستسمحهم في تركهم لانشغاله بما سيحقق مطالبه ويزيل آلامه قائلا لهم، دعوني، فإن لي حاجة عند سيدي.

 

ثم يذهب إلى محرابه، ويكون قد توضأ فأحسن الوضوء، وتصدق فأحسن الصدقة فأخفاها وبحث عن مستحقها، ثم يقف بين يدي ربه متبتلا فقيرا راغبا خاشعا مخلصا، فيسجد بين يديه سبحانه، فيشكو شكواه، ويبث آلامه في مناجاته، ويسأل مسألته ويتضرع إليه باكيا، ثم يخرج إلى الناس، فمن سأله منهم: اين كنت؟ يقول: كان لي حاجة عند سيدي الكريم وسيقضيها لي على أحسن حال..

 

إنه حال القلب الصادق الواثق المخلص المتوكل على ربه، الموقن في قدرته وقيوميته ورحمته، المعترف بفقره وحاجته وضعفه، يلجا إلى ربه الرحيم..

 

فيطرح نفسه بين يديه سائلا راجيا داعيا أن: جئت إليك، ولجات إليك، ووقفت على بابك

 

والقيت بنفسي الى السجود بين يديك يارب، فلكأن المخاوف كلها أمن وسكينة، ولكأن الآلام تذوب جزءأ جزءا، ولكأن الهموم تحزم حقائبها للرحيل، والأحزان تختفي خلف الغيوم.

 

فألجأ إليك يارب، حيث لا ملجأ يؤويني سواك، ولا منجى سوى حماك، ولا سبيل إلا رضاك.

 

وإلجأ إليك آمنا، إذ الخلق خلقك، والأمر أمرك، والعبد عبدك، والأرض أرضك، وكل شيء يحصل بمشيئتك، لا مشيئة للعباد إلا ما شئت لهم، فكيف أخاف عدوا، وكيف أرهب كائنا، وأنا ألجأ إليك، وكل الخلق لا يملكون حولا ولا قوة إلا ما قضيت لهم، فالحول والقوة بك وحدك.

 

وألجأ إليك راغبا، إذ القرب إليك سبحانك هو خير الخطى، فكيف لا اشتاق إليه وأسعى مجتهدا اليه؟ فكل الرغبات فانية، وكل الآمال منتهية، وكل الزينات غائبة.

 

وألجأ إليك مطمئنا، إذ الرحمة صفتك، والرزق بيدك، والقضاء قضاؤك، والأجل بتقديرك ومشيئتك.

 

وألجأ إليك مستشفيا، فالشفاء شفاؤك، فأنت الشافي، وأنت الذي تعافي، وعافيتك هي أوسع لي، فلئن شفيتني فلا سقم، ولئن عافيتني فلا ألم.

 

وألجأ إليك مسترزقا، فالمال مالك، وخزائن السماوات والأرض بأمرك، والفضل بيدك، وأنت الرزاق لا إله إلا أنت.

 

وألجأ إليك مستهديا، فالهداية بأمرك، والاستقامة في طاعتك، والتوفيق في التوكل عليك.

 

وألجا إليك راهبا، إذ النجاة كلها في جنتك، والخسارة الكبرى هي الخزي في نارك، فأعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك... سبحانك

..............

 

** دعاء الله سبحانه ومناجاته بـ"يا سيدي"، جائز لا حرج فيه عند جمهور الفقهاء، لثبوت حديث النبي صلى الله عليه وسلم:" السيد هو الله " أخرجه أحمد وابو داود، وصححه الحافظ في الفتح وصححه الألباني في الصحيحة.

وكره الدعاء به الإمام مالك، وقال: إن الأحسن من ذلك الدعاء ب " يا رب " أو "اللهم"، أو يتوسل إلى ربه بما يناسب حاجته من أسمائه الحسنى وصفاته العليا، وقال الداودي: لعل مالكا لم يبلغه الحديث.

 

المصدر: المسلم

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات