عاجزون أمام الزلازل!

خالد رُوشه

2022-10-05 - 1444/03/09
التصنيفات:

دهشة لابد أن تأخذك عندما ترى المنشآت العملاقة وناطحات السحاب الراسخات، تتهاوى كأنها علب من ورق بينما الأرض تهتز في زلزال عبر ثوان معدوات .

 

أو عندما ترى السيارات تتطاير والاشجار تنكسر بفعل عاصفة رياح قاسية..

 

او عندما تفاجئنا الامواج العاتية عبر تسونامي قاهر، يدمر الأخضر واليابس.

 

كل هذا يستوي أمامه اقوى دول العالم مع اضعفها، وارقى التكنولوجيات العالمية مع أكثرها تأخرا، الكل عاجز أمام هذه الكوارث القاهرة.

 

إنها دهشة تردنا إلى الحقيقة التي كثيرا ما تغيب عنا أو نغفل عنها، أننا كبشر، في منتهى الضعف والعجز، ومنتهى الجهل بما سيحصل لنا بعد ثوان معدودات، واننا في أمس الحاجة لرعاية الله سبحانه وحفظه.

 

فلا أمن إلا لمن أمنه الله، ولا سلامة إلا لمن سلمه الله، ولا طمانينة إلا لمن طمأنه الله، مهما سكن في البروج، او احتمى بالصخور..

 

المؤمن الصالح يعلم أن ربه سبحانه مالك الملك، وخالق الأكون، الحي القيوم، إليه يرجع الأمر في السموات والأرض، فما يحصل شىء فيهما ولا يثبت ولا يتحرك إلا بعلمه وامره، وان كانت ورقة ساقطة أو حبة نابتة، أو ذرة متحركة..

 

هذا المؤمن قلبه معلق بربه، ويقينه به سبحانه، يعلم أنه ما من نعمة إلا منه سبحانه، وما من مصيبة إلا بما كسب يداه.

 

وهذا العبد المؤمن يرى الكون كله من آثار رحمة الله سبحانه، كل آثاره تذكره بربه، وكل تجلياته توقظ قلبه، فيلجأ إليه في السراء والضراء، رغبا ورهبا.

 

ومنهاجه ذلك ولاشك يخالف المناهج الأرضية، التي ترد الأمر للطبيعة وتقلبات الجمادات، وكأن الطبيعة تخلق وتأمر، وكانها تدرك وتعقل، وكأنها تقدر وتدبر..!

 

فالآيات من حولنا تحصل كل يوم، ولا تقتصر على غير المعتاد منها، من زلازل وبراكين وفيضانات وإعاصير وغيره

 

إننا نتداول النظرة العلمية البحثية لاسباب تلك الكوارث من الجهة المادية وكون ذلك تغيرات طبقات أرضية وتغيرات مناخية، وضغوط هوائية، وتجمعات كهربية،،،الخ، لكن علماء الجيولوجيا أنفسهم يكشفون عن أنماط غير منتظمة من التغيرات الكونية من أعاصير وزلازل وبراكين وغيرها، ما يجعل العالم المتقدم كله لايستطيع أن يتنبأ بها قبل وقوعها ولو بدقائق كما لايستطيع أن يتصدى لها!

 

هذا ولاشك يدل على أن النظرة المادية قاصرة، وأن النظرة الإيمانية هي الصواب والحق لأنها تجيب على مالا تجيبه النظرات المادية وهي اسئلة من قبيل: متى يحدث؟ ولماذا يحدث؟

 

والعلم المادي قد يكشف شيئاً من أسباب الكوارث لكنه يبقى عاجزاً عن الإجابة عن كثير من الاسئلة، كما يبقى العالم بكل ما أوتي من قوة عاجزا عن تلافيها ودفع أضرارها (والله يحكم لا معقب لحكمه).

 

أما أهل الايمان فهم يرون الكوارث من آيات الله، يخوف الله بها عباده، وكونها تحصل من اسباب معروف بعضها، لا يؤثر في صوابية رؤيتهم الإيمانية، بل يزيدها رسوخا وثباتا وبصيرة، فهي مقدرة من القدير الحي القيوم سبحانه، وحاصلة بأمره.

 

فيحيي الله بها قلوب الطيبين ويعيدهم إليه، وينذر بها الغالين والغارقين، والمتطاولين، فأهل الإيمان تنقلب عندهم المحن منحا، وغيرهم تزيد المحنة قلوبهم إعراضا وغفلة.

 

ذكر الإمام أحمد عن صفية قالت: زلزلت المدينة على عهد عمر فقال: أيها الناس، ما هذا؟ ما أسرع ما أحدثتم. لئن عادت لا تجدوني فيها.

 

قال تعالى: " وما نرسل بالآيات إلا تخويفا"، وقال تعالى: " قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون "

 

قال مجاهد: والعذاب الذي يكون من فوق هو الصيحة أو الحجارة والذي من تحت هو الرجفة والخسف

 

إن عقوبة الله إذا نزلت شملت الطيب والشرير، والتقي والعاصي، والصالح والطالح، والصغير والكبير سواء بسواء.

 

يقول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله بعذاب من عنده، فقلت يا رسول الله، أما فيهم يومئذ أناس صالحون؟ قال: بلى، قلت: كيف يصنع بأولئك؟ قال: يصيبهم ما أصاب الناس، ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان) اخرجه احمد

 

إننا بحاجة لتدبر ما يحصل من حولنا كل يوم، بحاجة أن نعرف مدى ضعفنا وجهلنا وقصر معرفتنا وهوان أمرنا تجاه هذه العظائم من الكوارث التي يمكن أن تحصل من حولنا في لحظة واحدة، فيموت الأحبة وتتهدم البيوت، وتغرق الأموال، وتفسد الآلات والمؤسسات، وتتعطل الحياة، وتصبح المدن قبورا كبيرة.

 

وأن نقارن ما يحصل جراء تلك الكوارث بما سيحصل للعالم يوم القيامة، يوم تتزلزل الأرض بزلزالها الأعظم.. فيصير كل شىء ركاما، وليس ثم منجى ولا ملجأ إلا إلى الله سبحانه، وأن نطرح الأسئلة حول الإعداد لذلك اليوم!

 

نتدبر كلام الله سبحانه، وتحذيرات القرآن الكريم، قراءة بتدبر إذ قال سبحانه: " أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ "

 

المصدر: المسلم

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات